مصر «العربية» بين الكاوبوى الأميركي.. وتصنُّعه الديمقراطي

مصر «العربية» بين الكاوبوى الأميركي.. وتصنُّعه الديمقراطي
شريف عطية

شريف عطية

6:16 ص, الثلاثاء, 10 نوفمبر 20

مصر «العربية» بين الكاوبوى الأميركي.. وتصنُّعه الديمقراطي من المفارقات المثيرة ، بادئ ذى بدء، ذلك التباين بين اللامبالاة المصرية بالانتخابات التشريعية الجارية.. مقارنة فيما بين الاهتمام البالغ للمصريين بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وما تسفر عنها من استمرار القبول بالعجرفة أو المصانعة الأميركيتين، وإلى استخفافهما من ثم بالأمن القومى المصرى المرتبط وثيقاً بدورها العربى والإقليمى، إذ من الجائز أن تكون مصر بصدد مراجعة واسعة النطاق فى علاقتها مع الولايات المتحدة.. من بعد أن أدى عدم التوازن عند استئنافها نوفمبر 1973فى ظل تعقيدات حالة السلم والحرب آنئذ.. إلى الخلل الناشئ فى علاقاتهما على النحو المشهود فى العقدين الأخيرين، بدءًا من الشكوك العربية إزاء المشروع الأميركى لبناء الشرق الأوسط «الموسع»، إلى الدور الذى مارسته الإدارة الديمقراطية «أوباما» فى صنع وتفعيل ثورات الربيع العربى 2011، وليس انتهاءً باحتمال استئنافها فى ظل الإدارة الأميركية المقبلة «بايدن» للمرحلة الثانية من «الربيع العربي» التى تلوح نذرها فى الأفق وفقاً لسابق النواهى الأميركية أو من فى معيتها من المشروعات التوسعية للجارات غير العربيات فى الشرق الأوسط الجديد، إذ منح «ترامب»، الرئيس المنتهية ولايته يناير المقبل.. المشروع الصهيونى ما لم يسبق لرئيس أميركى غيره- إن أعطيناه- خصماً من الحقوق العربية التاريخية، كما يتباهى «بايدن» فى تصريحاته رغم كونه «غير يهودي»- «بصهيونيته».. ذلك فيما لم يختلفا- السلف عن الخلف- فى غض الطرف عن مغامرات جيوسياسية وأيديولوجية لتركيا «الأطلسية» داخل الإقليم، وفى صمتهما عن تبنيها تنظيمات العنف من جماعات الإسلام السياسى، ثم تأتى عودة الولايات المتحدة- وفقاً لتوجيهات «بايدن»- إلى الاتفاق النووى مع إيران، ما قد يمنح طهران فرصة إضافية لتوسيع نفوذها بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية، وإنهاء الحرب اليمنية لصالح الحوثيين المتحالفين مع إيران، ذلك كله دون أن تلتفت مصر والعرب حتى الآن إلى نتيجة حتمية أنه لا بديل عن القياصرة الأميركيين مهما تباينت توجهاتهم من بعد الحرب العالمية الثانية.. إلا بتعظيم نزعات الدولة الوطنية.. وبالاصطفاف فى إطار منظومة الأمن القومى العربي.. الذى شهد فى خمسينيات القرن الماضى تلاحماً غير مسبوق فى رفض سياسة الأحلاف الأجنبية، وفى التصدى لعدوانيات إمبريالية من داخل الإقليم وخارجه أو فى تصفية رجالات وأعوان الغرب الاستعمارى، ربما لاتقاء مغبة القفز- بمعاونته- على عروشهم، ذلك قبل تفكك هذا الالتحام فى أعقاب زيارة أول حاكم عربى «سعود» للبيت الأبيض مطلع 1957، إيذاناً بتفعيل عوامل الغيرة الدبلوماسية العربية، حيث جرت فى غمارها مياه كثيرة تحت الجسور لستة عقود ونيف.. قبل أن تفاجئ الإدارة الأميركية «أوباما» عرب الخليج بالمطالبة – على لسانه – فى العام 2016 بـ«اقتسام النفوذ» مع إيران، لتتلوها إدارة «ترامب» بتصدير صفقة القرن 2017 مع إسرائيل التى يجرى تطبيقها منذئذ بالتدريج من خلال ورشة البحرين عن السلام الاقتصادى إلى مسيرة التطبيع بين الجانبين العربى والإسرائيلى، ذلك بالتوازى فيما بعد لما ينتويه «بايدن» من توظيف مسائل حقوق الإنسان (العربية)- وما إليها- للضغط على أنظمة عربية تعطى الأولوية للاحتياجات الأمنية، بما فى ذلك السعودية التى حددها «بايدن» بالاسم، ما قد يهدد بتفجر الانفلاتات الأمنية مجدداً.. فى ربوع العالم العربى، وبدعم إمبريالى من داخل الإقليم، وخارجه، فيما قد يصبح العالم العربى وحيداً على مائدة اللئام، إلا أن يأتى الانفتاح على الشرق مع روسيا والصين والهند- بثماره- من بعد الاستياء من السياسة الخارجية الأميركية السابقة واللاحقة، التى سوف ترسم صورة مغايرة من المرجح أن تلقى بتبعاتها على العلاقات العربية الأميركية، إذ سوف يتحرك بناءً عليها ساكن البيت الأبيض الجديد الذى من المتوقع أن تعترف حقبته بنهاية «الأحادية الأميركية».. خاصة مع حالة الانقسام التى تعترى النسيج الأميركى، إذ كشفت عن تمزقه الصراعات العرقية والطائفية والدينية والتوترات الاجتماعية.. إلخ، المصاحبة للمعارك الانتخابية الجارية فى السنوات الأخيرة، حيث تقف مصر ما بين صلف «الكاوبوى» الجمهوري.. وبين التجُّمل الديمقراطى الاصطناعى