حالة عدم اليقين توقف المنحني الصعودي لإرتفاعات الاسعار عالمياً
يُشكل ارتفاع معدلات التضخم عبئًا على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، خاصة أنها مشكلة عالمية، وتعتبر تلك الزيادات الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، كما أن توقيت استمرارها غير معلوم، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على الاقتصاديات.
وحسبما أكدت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية «OECD»، فإن الأسعار ترتفع بمعدلات مختلفة عبر 38 دولة، والتى تمثل كلها حوالى %60 من الاقتصاد العالمي.
«المال» رصدت بناءً على تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولى معدلات التضخم فى 10 دول بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى منذ العام الماضي، مرورًا بالعام الحالى وحتى العام المقبل، وتصدرت المغرب القائمة بمعدل %1.4 مقابل %0.6 العام الماضي، ليتراجع العام المقبل الى %1.2، بينما جاءت مصر ثامنًا.
وجاءت الأردن ثانيًا؛ حيث سجل معدل التضخم بها نحو %1.6 العام الحالى مقابل %0.4 العام الماضي، ليرتفع إلى %2 العام المقبل، تلتها الإمارات بنحو %2 العام الحالي، مقابل انكماش بنسبة %2.1 العام الماضي؛ ليرتفع التضخم إلى %2.2 العام المقبل.
وجاءت قطر فى الترتيب الرابع بالقائمة، بمعدل التضخم نحو %2.5 فى عام 2021، مقارنة مع انكماش قدره %2,7 العام الماضى لكن التضخم سيرتفع إلى %3.2 العام المقبل، وقفز فى عمان إلى %3 العام الحالى مقابل انكماش بنسبة %0.9 العام الماضي، على أن يسجل العام المقبل نحو %2.7.
وحلت السعودية والكويت على المركز السادس بالقائمة، بمعدل تضخم نحو %3.2 فى عام 2021؛ لكنه كان متراجعًا العام الحالي، مقابل %3.4 العام الماضي، ليستكمل انخفاضه إلي %2.2 العام المقبل، وبالعكس كان فى الكويت مرتفعًا، وسجل %2.1 العام الماضى لكن من المتوقع أن يتراجع إلى %3 العام المقبل.
وارتفع معدل التضخم فى أذربيجان إلى نحو %4.4 العام الحالى مقابل %2.8 العام الماضى لكنه سيتراجع العام المقبل إلى %3.2.
وجاءت مصر فى الترتيب الثامن بالقائمة، بمعدل %4.5 العام الحالي، متراجعًا عن العام الماضى الذى سجل فيه نحو %5.7، لكنه سيرتفع العام المقبل الى %6.3.
واحتلت تونس المركز التاسع بمعدل %5.7 بارتفاع طفيف عن معدل العام الماضي، الذى كان %5.6 لكنه سيقفز العام المقبل إلى %6.5.
وفى المرتبة العاشرة، جاءت العراق التى قفز معدل التضخم بها إلى %6.4 مقابل %0.6 العام الماضي، ومن المرجح أن ينخفض إلى %4.5 العام المقبل.
عبدالعال: الموجة الدولية بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة وأسعار الأغذية والشحن
أرجع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، فى تصريحاته لـ«المال»، سبب الارتفاعات العالمية التى تشهدها الأسعار حاليًا؛ نتيجة أن معظم الدول الصناعية تستورد المواد الخام من الخارج، وفى ضوء بدء التعافى من تداعيات وباء كورونا وزيادة الطلب على عناصر الطاقة المختلفة لأسباب سياسية ولوجسيتية وارتفاع أسعار الطاقة بصورة ملحوظة، وأهمها النفط الأمر الذى انعكس بدوره على أسعار السلع المشتقة مثل الأمونيا، وبالتالى على الأسمدة وأدى إلى زيادة أسعار الأغذية.
وتابع أن أسعار الشحن قفزت أيضًا عن مستوياتها السابقة، ولفت إلى التقرير الذى أصدرته منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» مؤخرًا بشأن ارتفاع أسعار الأغذية .
وأفادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة مؤخرًا بارتفاع مقياس أسعار السلع الغذائية فى الأسواق الدولية للشهر الرابع على التوالى فى نوفمبر الماضي، مدفوعًا بالطلب القوى على القمح ومنتجات الألبان، وبلغ مؤشر المنظمة لأسعار الغذاء 134.4 نقاط فى المتوسط خلال الشهر، أى أعلى مستوى له منذ يونيو 2011، وبارتفاع نسبته %1.2 عن مستواه فى شهر أكتوبر الماضي، وبلغ هذا المؤشر، الذى يتتبع التغيرات الشهرية فى الأسعار الدولية للسلع الغذائية الأكثر تداولًا، نسبة 27.3 % أعلى من مستواه فى نوفمبر 2020.
وتوقع «عبد العال» أن تتأثر الدول الناشئة، ومنها مصر حتمًا بهذه الموجه التضخمية، مضيفًا أننا نصدر الغاز الطبيعي، ونستورد المشتقات البترولية وخامات مهمة للأنشطة الصناعية .
لكن معدل التضخم بالسوق المحلية انخفض فى نوفمبر الماضى إلى %6.2 مقابل %7.3 أكتوبر الماضي، فى انخفاض هو الثانى على التوالى بعد ارتفاعات سابقة سجلها لمدة 5 شهور متتالية .
وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المصري، قد أعلن الخميس الماضي، عن تراجع معدلات التضخم فى شهر نوفمبر الماضي، حيث بلغ على أساس سنوى لإجمالى الجمهورية %6.2 لشهر نوفمبر 2021 مقابل %7.3 عن شهر أكتوبر الماضي، ومقابل %6.3 لنفس الشهـر من العام السابق.
وقال «عبد العال»، إن هناك أسبابًا متعددة لذلك التراجع؛ إذ إن الموجه التضخمية المستوردة فى حاجة لوقت كى تظهر آثارها محليًا ، لاسيما أن فتح اعتمادات مستندية للمنتجات يأخذ وقتا.
ونوه بأن الموجة التضخمية محليًا لم تظهر بعد، مشيرًا إلى أن الحكومة أصدرت قرارات وقائية لتقليل انتقال حدة الموجات السعرية العالمية للسوق المحلية كتلك المتعلقة بمنتجات الأسمدة، كما أن المخزون القائم من السلع حاليًا -وهو بالأسعار القديمة- يكفى لشهور عديدة.
ورجح عند استيراد منتجات جديدة أن تزيد أسعارها تبعًا للأسعار العالمية، واستطرد: بأن الجهات الحكومية والشركات العامة والخاصة تتجه عند استيرادها لإبرام عقود آجلة كى تتجنب مخاطر تقلبات الأسعار العالمية، ما أدى إلى عدم حدوث أى ارتفاعات سعرية إلى الآن.
وتوقع ألا تشهد معدلات التضخم ارتفاعات كبيرة فى الفترات القادمة حتى الربع الأول من العام المقبل.
ونوه بأن الدول المنتجة للنفط اتفقت مع تلك المستهلكة له، وظهرت ملامح الاتفاق عقب اجتماع «أوبك+» الذى توصل إلى أنه ستتم زيادة إنتاج البترول تدريجيًا، ومن المتوقع أن يستقر سعر البرميل الواحد من النفط عند 70 دولارا.
وقال إن تراجع أسعار برميل النفط سينعكس بالتدريج على انخفاض أسعار الطاقة، وبالتالى سيقل أثر الموجة التضخمية العالمية وانحسارها .
وأكد أن هناك استقرارًا فى سعر الصرف وزيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى محليًا، وتوقع أن يستقر معدل التضخم عند النطاق المستهدف للبنك المركزى المصرى وهو %7 بزيادة أو نقصان %2.
وكانت أحدث المؤشرات الأولية لأداء الاقتصاد المصرى قد أظهرت بلوغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى نحو %9.8 فى الربع الأول من العام المالى الحالى 2021/ 2022.
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، إن ذلك يُعد أعلى معدل نمو ربع سنوى على امتداد العقدين الماضيين، مقارنة بنحو %0.7 خلال الربع الأول من العام المالى 2021/2020، ما يؤكد تحسن أداء الاقتصاد والاتجاه نحو التعافى من جائحة كورونا.
ونوه بأن معدلات التضخم فى اقتصاديات العالم كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والصين مرتفعة، وتعتبر معدلاتها غير مسبوقة وتجاوزت %5.5 فى الولايات المتحدة، وبالتالى هناك اتجاهات باتباع سياسات غير تقليدية تقشفية هناك ورفع سعر الفائدة، ولكن متحور «أميكرون» سيؤدى إلى احتمالية تأجيل تلك الخطوة الى الربع الأول من العام المقبل والاكتفاء بالسياسة النقدية التقييدية، فى محاولة لرفع عمليات النمو وتحفيز النشاط الاقتصادى لمواجهة تداعيات المتحور الجديد، وبالتالى ستظل معدلات التضخم الحالية هناك ثابتة.
أبو هند: أزمة سلاسل التوريد أثرت بشكل مباشر على قفزات تكاليف السلع
وقال أيمن أبو هند، الشريك المؤسس، مدير الاستثمار لشركة «Advisable» الأمريكية، إن الارتفاع الذى سجله معدل التضخم محليًا الفترة الماضية – قبل التراجع فى شهر نوفمبر الماضي- يرجع إلى أنها نستورد الكثير من المنتجات من الخارج .
وحسبما أفادت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تراجع حجم التبادل التجارى بين مصر وشركائها التجاريين العام الماضى إلى نحو 97.203 مليار، مقابل 106.895 مليار دولار فى العام السابق عليه، وسجلت حجم الصادرات المصرية فى عام 2020 نحو 27.579 مليار مقابل 30.505 مليار فى 2019.
وتراجعت الواردات المحلية العام الماضى إلى نحو 69.624 مليار، مقابل 76.390 مليار دولار فى 2019.
ووفقًا لبيانات الإحصاء، سجلت الصادرات غير البترولية المصرية العام الماضى نحو 25.266 مليار دولار، بينما سجلت وارداتنا نحو 63.162 مليار .
وأضاف «أبو هند» لـ«المال»، أن أزمة سلاسل التوريد العالمية أثرت بشكل مباشر على ارتفاع معدلات تكاليف السلع، وهو ما انعكس بصورة مباشرة على زيادة معدلات التضخم.
وتابع بأن بعد عملية الفتح التى أعقبت الإغلاق لمواجهة كورونا اتجه المواطنون المصريون للاستهلاك، فارتفعت معدلات الإنفاق، ويأتى هذا فى ضوء خفض أسعار الفائدة، بجانب تنفيذ الحكومة الكثير من المشروعات العملاقة الكبرى الأمر الذى يعنى أن الاقتصاد ينمو، لكن ذلك يؤدى ذلك إلى زيادة معدل التضخم.
وقال إنه مع ارتفاع أعداد السكان تزداد معدلات التضخم، وهذا يتضح فى معدلات التضخم المتوقع أن ترتفع فى مصر العام المقبل.
وأشار أنه فى حال زيادة أسعار الفائدة فسيؤثر ذلك على القطاع الخاص، لكن لو اتجهت معدلات التضخم للزيادة عن المعدلات الحالية، فمن المتوقع أن يتجه البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة.
وتعليقًا على معدلات التضخم بعدد من دول المنطقة، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، والتى شهد بعضًا منها انكماشات العام الماضي، قال إن معدلات التضخم السالبة يعنى أن الأسعار تنخفض عن الفترة نفسها من أعوام سابقة، وهذا فى بعض الأحيان يعتبر علامة مقلقلة، لأنها قد تعنى عدم شراء تلك السلع من المستهلكين.
وذكر أن فترات الإغلاق التى طبقت فى دول الخليج العربى خلال العام الماضى لمواجهة تفشى وباء كورونا كانت أكثر مقارنة بتلك التى طبقتها مصر، وهو ما أدى إلى تراجع معدلات الإنفاق هناك، وبالتالى كانت معدلات التضخم كانت منخفضة مقارنة بالسوق المصري.
وأشار إلى أن البنوك المركزية حول العالم مترددة فى الوقت الحالى لرفع أسعار الفائدة أم لا؛ لأنه فى حال تنفيذ ذلك الإجراء فسيكون الاقتصاد تقشفيًا، بالرغم من الاتجاههم لرفع الفائدة تدريجيًا .
وكان صندوق النقد قد قال فى تقرير أصدره أكتوبر الماضي، إنه إذا استمر معدل التضخم بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى ارتفاعه فقد يتعين على بنوك البلدان المركزية رفع أسعار الفائدة كإجراء وقائى لمنع انفلات التوقعات التضخمية.
وأضاف الصندوق فى نسخة أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمى لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن تكثيف فرص الحصول على لقاحات كورونا وتوزيعها لا يزال يمثل الأولوية القصوى لاقتصادات المنطقة على المدى القصير من أجل إنقاذ الأرواح، ودعم التعافي، وتضييق فجوة التباعد.
وقال البنك الدولى فى تقرير أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الصادر أكتوبر الماضي، إن المنطقة تشهد تعافيًا متفاوتًا وضعيفًا من أزمة جائحة كورونا.
وأضاف البنك أن الزيادات فى أسعار النفط تشكل عبئًا على اقتصادات البلدان المستوردة للوقود، مشيرًا إلى أنه بالمثل تعتبر عدة اقتصادات بالمنطقة منكشفة للزيادة فى أسعار السلع الأولية، ويعد اليمن -وهو أكبر مستورد للنفط والغذاء فى المنطقة- الأكثر تعرضًا للسوق العالمية بالمنطقة.
وقال كل من توبياس أدريان، المستشار المالى ومدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية فى صندوق النقد الدولى وغيتا غوبيناث، المستشار الاقتصادى ومدير إدارة البحوث بالصندوق، فى تدوينة نشراها على موقع الصندوق، مؤخرًا، إنه مع ازدياد كثافة الضغوط التضخمية، وأوجه عدم اليقين المتولدة عن السلالة المتحورة «أوميكرون»، يواجه صناع السياسات النقدية عالميًا اختيارات جديدة وصعبة يتعين المفاضلة بينها.
وأضافا أن الموجة الجديدة من الجائحة وظهور «أوميكرون» – آخر سلالة متحورة من الفيروس– أسفرت عن حدوث زيادة حادة فى عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى أنه من الواضح أن قوة التعافى الاقتصادى وحجم ضغوط التضخم الأساسى يتفاوتان تفاوتًا كبيرًا عبر البلدان، وبالتالي، يتعين معايرة استجابات السياسات تجاه تصاعد الأسعار وفقًا للظروف التى ينفرد بها كل اقتصاد.
وقالا إن السياسة النقدية فى الولايات المتحدة –مع اقتراب إجمالى الناتج المحلى من اتجاهاته السابقة على الجائحة، وافتقار سوق العمل إلى العمالة الكافية، والاتساع الحالى لنطاق الضغوط التضخمية– لديها مبررات وجيهة لكى يكون تركيزها على مخاطر التضخم أكبر من تركيز بعض الاقتصادات المتقدمة الأخرى، بما فى ذلك اقتصادات منطقة اليورو.
وتابعا أنه سيكون من الملائم أن يعجل الاحتياطى الفيدرالى بتخفيض مشتريات الأصول والبدء مبكرًا فى إدخال زيادات على سعر الفائدة الأساسي.
ومع مرور الوقت، إذا اتسع نطاق الضغوط التضخمية فى البلدان الأخرى، قد يستدعى الأمر قيام المزيد من البلدان بتشديد السياسة النقدية فى وقت أقرب من المتوقع حاليًا.
وأضافا أنه فى هذه البيئة، من الضرورى أن تراعى البنوك المركزية الرئيسية الإفصاح بعناية عن إجراءات سياساتها، حتى لا تتسبب فى إحداث ذعر سوقى من شأنه إلحاق أضرار لا تقتصر على المستوى المحلي، بل تمتد إلى الخارج، خاصةً فى الاقتصادات الصاعدة والنامية التى تعتمد على درجة كبيرة من الرفع المالي.
وأشارا إلى أنه نظرًا لمستوى عدم اليقين بالغ الارتفاع، بما فى ذلك عدم اليقين الناشئ عن ظهور متحورة «أوميكرون»، ينبغى أن يستمر صناع السياسات عالميًا فى توخى اليقظة، والاعتماد على البيانات، والتأهب لتعديل المسار حسب الحاجة.
وقالا إن تصاعد أسعار الطاقة والغذاء تسبب فى رفع معدلات التضخم فى كثير من البلدان، وقد تستمر هذه العوامل العالمية لتُفاقِم وضع التضخم فى عام 2022، خاصة أسعار المواد الغذائية الأساسية المرتفعة، ويؤدى هذا إلى عواقب سلبية، لا سيما على الأسر فى البلدان ذات الدخل المنخفض التى يستحوذ فيها الغذاء على نحو %40 من الإنفاق الاستهلاكي.
ونوها بأن هناك دلائل تشير إلى ثبات التوقعات فى عدة أسواق صاعدة، منها الهند وإندونيسيا وروسيا وجنوب إفريقيا، وتمثل تركيا استثناءً فى هذا الصدد، إذ تظهر فيها مخاطر انفلات توقعات التضخم عن النطاق المستهدف فى ظل تيسير السياسة النقدية رغم تصاعد التضخم.
وتابعا أنه يعكس ارتفاع التضخم الجوهرى عدة عوامل، فهو يعكس انتعاش الطلب بقوة مدعومًا بالتدابير المالية والنقدية الاستثنائية، وخاصة فى الاقتصادات المتقدمة.
وإضافة إلى ذلك، فإن فترات تعطل الإمدادات من جراء الجائحة وتغير المناخ، وتحول الإنفاق نحو السلع أكثر من الخدمات، أديا إلى زيادة الضغوط السعرية.
وكذلك فإن ضغوط الأجور تبدو واضحة فى بعض قطاعات سوق العمل، وقد مرت الولايات المتحدة بفترة أطول من الانخفاض فى مشاركة القوى العاملة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، مما زاد من ضغوط الأجور والتضخم.
وأكدا أنه لا يزال هناك قدر هائل من عدم اليقين بشأن ما ستؤول إليه الجائحة وعواقبها الاقتصادية، مضيفين أنه من الممكن أن يؤدى ظهور سلالة متحورة تحد من فعالية اللقاحات إلى زيادة تعطل سلاسل الإمداد وانكماش عرض العمالة، بما يزيد من الضغوط التضخمية، بينما يمكن أن يؤدى انخفاض الطلب إلى آثار عكسية.
ومن دلائل التقلب القادم ما حدث من هبوط حاد فى أسعار النفط عقب اكتشاف أوميكرون وسرعة قيام البلدان بفرض قيود على السفر.
وأكدا أن صناع السياسات عالميًا عليهم القيام بمعايرة دقيقة لكيفية الاستجابة لما يستجد من بيانات؛ ذلك أن التفاوت عبر البلدان من حيث أوضاع التضخم ومدى قوة التعافى يوضح سبب الحاجة إلى تحديد استجابة السياسات تبعًا لظروف كل بلد؛ نظرًا للارتفاع الحاد فى مستوى عدم اليقين المرتبط بظهور أوميكرون.
ويمثل الإفصاح الواضح من جانب البنوك المركزية عاملًا أساسيًا أيضًا فى تشجيع التعافى العالمى الدائم.