قال خبراء ومحللو بنوك استثمار إن قرار البنك المركزى برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس قرار سليم %100 لأربعة أسباب رئيسية وهى استعادة التوازن بين عوائد الخصوم والأصول لضمان استمرار المؤشرات المالية فى القطاع المصرفى، وتحجيم مستوى الطلب الحالى منعا لانفلات الأسعار ، وارتفاع العوائد على أذون الخزانة مما سيشجع على عودة الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين، واستقرار سعر الصرف وتوافر العملة الأجنبية يفوق فى الأهمية انخفاض أو ارتفاع سعر الفائدة من حيث التأثير على نتائج الأعمال.
وأضافوا – فى تصريحات لـ« المال» – أن قرار البنك المركزى جاء متوافقا إلى حد كبير مع جميع التوقعات وانحياز «المركزى» إلى سياسة التشديد النقدى للسيطرة على معدلات التضخم والتوافق مع التطورات العالمية.
وأشاروا إلى أن مبادرات البنك المركزى المصرى تدعم الفائدة لمختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما يساعد على خفض تكلفة الإقراض خاصة لشركات القطاع الخاص بغض النظر عن رفع «المركزى» لأسعار الفائدة.
وقرر البنك المركزى المصرى يوم الخميس الماضى رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية لليلة واحدة بالبنك المركزى إلى مستوى %11.25 و%12.25 و%11.75 كما وصل سعر فائدة الائتمان والخصم إلى %11.75.
وأكد محمد بدير الرئيس التنفيذى لبنك« QNB الأهلى» أن قرار البنك المركزى المصرى برفع أسعار الفائدة %2 ، جاء فى توقيت مناسب ليتواكب مع الأحداث والأزمات التى تمر بها الاقتصادات فى العالم والتى شهدت ارتفاعا كبيرا فى معدلات التضخم نتيجة العديد من الأزمات المتشابكة مثل الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة سلاسل الإمدادات والتوريد وارتفاع أسعار الطاقة وما خلفته تداعيات جائحة كورونا التى كبدت الاقتصاد العالمى خسائر كبيرة.
وأضاف أن البنك المركزى المصرى يستخدم ما يراه مناسبا من أدوات السياسة النقدية بعد دراسة متأنية وتحليل عميق للسيطرة على معدلات التضخم واحتواء ارتفاع الأسعار وتعزيز قوة العملة المصرية.
وأشاد بالسياسات النقدية التى يتبعها البنك المركزى وحرصه الدائم على دعم أموال المودعين، بالإضافة إلى اهتمامه أيضا بأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وتدشين مبادرات خاصة تدعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية بفائدة %5 و%8 للمساهمة فى النهوض بالاقتصاد القومى، مؤكدا على قوة وصلابة القطاع المصرفى المصرى فى الصمود أمام الأزمات وقدرته على تخطيها والحد من آثارها السلبية على الاقتصاد.
وقال عمرو الألفى رئيس قسم البحوث فى شركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن رفع أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس يتماشى مع توقعات السوق وتوقعاتنا بأن هناك اتجاها من قبل «المركزى» صوب رفع أسعار الفائدة ولكن كان الاختلاف بين المحللين حول مستوى نسبة الزيادة حيث كانت توقعاتنا هى أن يقوم «المركزى» برفع الفائدة فى حدود من 1إلى %1.5.
وأضاف أن البنك المركزى أراد أن يكون أكثر تحفظا من أجل مواجهة والسيطرة على مستويات التضخم والتى جاءت معدلاتها أكثر من توقعاتنا إذ سجلت %13.1 بنهاية أبريل الماضى.
وأشار إلى أن الزيادة فى أسعار الفائدة قد يراها البعض على أنها تسير عكس الاستثمار نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض لكن من الممكن أن يتم مواجهة هذا الأمر من خلال مبادرات البنك المركزى التى تدعم أسعار الفائدة لبعض القطاعات سواء الصغيرة والمتوسطة والقطاعات الصناعية والزراعية، لاسيما وأن اتجاه الدولة التركيز على دعم موجه لصناعات معينة عن طريق توفير تمويل ميسر وليس بالضرورة أن يكون رفع أسعار الفائدة سلبى لكل القطاعات.
وأوضح أن الجنيه خلال الفترة الأخيرة يتحرك فى نطاق ضيق ومن المتوقع أن يكون أكثر قوة أمام الدولار فى الوقت الذى يشهد فيه الدولار ارتفاعا فى الأسواق العالمية، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن رفع أسعار الفائدة أرى أن حركة الجنيه ستكون مرنة ما بين مستويات ضيقة حتى نرى خلال الشهور المقبلة حجم التمويل من صندوق النقد الدولى.
وأكد أن رفع أسعار الفائدة ليس بالضرورة أن يقوم بجذب المستثمرين الأجانب فى أذون الخزانة وأدوات الدين الحكومية، إذ من المتوقع أن عودتها سيحتاج إلى بعض الوقت لأن العائد مازال سلبيا بالرغم من أن «المركزى» رفع الفائدة %2 ولكن كان لدينا عائد سلبى %5.
ويرى أنه وفقا لتصريحات محافظ البنك المركزى بأن التضخم مستورد ستكون اتجاهاته السياسية هى الحرص على عدم زيادة التضخم المستورد عن طريق تخفيض قيمة الجنيه وفى نفس الوقت إذا رفعنا قيمة الجنيه يعنى ذلك رفع قيمة الجنيه بنسبة أعلى بكثير أمام العملات الأخرى مثل اليورو واليوان الصينى وهم يمثلون أهم شركاء تجاريين وهذا سيزيد من تكلفة الصادرات وزيادة أسعار المنتجات والسلع التى نصدرها لهذه الأسواق وهو أمر غير إيجابى بالنسبة للميزان التجارى .
وأكد هانى جنينه المحاضر فى الجامعة الأمريكية أن قرار البنك المركزى برفع أسعار الفائدة هو قرار سليم %100 نظرا لأربعة أسباب رئيسية ؛ أولها: أنه بالرغم من أن صدمة التضخم الحالية هى صدمة عرض وليس صدمة طلب، فإن صدمات العرض التى تستمر لفترة طويلة من الزمن تعنى أن الطلب الكلى سيظل أعلى من المعروض من السلع والخدمات لفترة طويلة أيضا وهو ما يستدعى تحجيم مستوى الطلب الحالى منعا لانفلات الأسعار وعودة توقعات التضخم المرتفعة التى نجح البنك المركزى فى السيطرة عليها خلال الأعوام الخمسة الماضية.
ثانيها : أنه خلال الشهرين الماضيين، تحمل بنكا الأهلى ومصر تكلفة الحفاظ على جاذبية الجنيه المصرى من خلال طرح شهادة الـ %18 والتى تخطت حصيلتها الـ600 مليار جنيه بالرغم من عدم ارتفاع العائد على الأصول بنفس المعدل نظرا لعدم رفع «المركزى» الفائدة الرئيسية بأكثر من %1 فى مارس، ولذا، كان من الحتمى استعادة التوازن بين عوائد الخصوم والأصول لضمان استمرار المؤشرات المالية فى القطاع المصرفى، لذلك أتوقع أن تصدر البنوك الخاصة الكبرى شهادات 2 أو 3 سنوات بعوائد 14أو %15 خلال الأسبوع المقبل للمنافسة مع بنكى الأهلى ومصر.
ثالثها : أنه بعد رفع الفائدة الرئيسية بنسبة %2 فمن المتوقع أن ترتفع العوائد على أذون الخزانة بنفس النسبة بدءا من اليوم الأحد لتصل إلى حوالى %12.5 إلى %13 بعد الضريبة، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن معدلات التضخم المتوقعة فى 2023 سوف تنخفض تدريجيا إلى مستوى الـ%10 أو أدنى، فإن العائد الحقيقى على هذه الأذون سيشجع المستثمر الأجنبى على العودة إلى مصر خاصة فى ظل ترقب انتهاء مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولى.
و رابعها : إن ارتفاع سعر الإقراض للقطاع الخاص قد يكون أحد الأعراض الجانبية للقرار ولكن لابد من الأخذ فى الاعتبار أن وجود العديد من المبادرات التى تتيح تمويل بأسعار فائدة مخفضة، انخفاض مديونية القطاع الخاص المصرى ككل نظرا لضعف استثماراته، و تفهم القطاع الخاص أن استقرار سعر الصرف وتوافر العملة الأجنبية يفوق فى الأهمية انخفاض أو ارتفاع سعر الفائدة من حيث التأثير على نتائج الأعمال.
وقال «جنينه» إنه قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بأيام قليلة، تم إرسال العديد من الرسائل المباشرة من خلال رئيس الوزراء، محافظ البنك المركزى ورؤساء البنوك الكبرى إلى أسواق المال والمجتمع ككل بانحياز المركزى المصرى إلى تشديد السياسة النقدية.
وأضاف أن سياسة التواصل بين صانع القرار وبين من يتأثر به معمول بها فى معظم الدول المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وتعرف بالـ «forward guidance» وهدفها تعظيم فاعلية القرار، ونرجو أن يكون اجتماع 19 مايو هو بداية تفعيل هذه السياسة فى مصر أسوة بالاقتصادات المتقدمة.
وقال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة بنك المصرف المتحد تعليقا على رفع أسعار الفائدة %2 إن البنك المركزى يستخدم أدواته لتحجيم التضخم والعودة إلى المستويات المقبولة والتى ارتفعت نتيجة المؤثرات العالمية بداية من تأثير جائحة كورونا وتباطؤ سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف أن الزيادة فى أسعار الفائدة سوف تؤثر على معدل دوران الاقتصاد ولكن سيظل فى مستوى دوران جيد لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن المصرى.
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى أن البنوك الكبرى لن تقوم بإصدار شهادات أعلى من %18 لأنها تؤدى الغرض منها من سحب السيولة من السوق وأن هذه الإجراءات تتماشى مع قوى السوق والتى سوف تتوازن فى وقت قريب.