قال خبراء مصرفيون إنه على الرغم من التراجع فى نسب توظيف القروض إلى الودائع خلال الربع الثالث من العام الجارى إلا أن المستويات الحالية تظل جيدة إلى حد كبير إذا ما وضعنا فى الاعتبار الأزمات الاقتصادية التى يشهدها العالم منذ الفترات الماضية.
وتراجع معدل توظيف القروض إلى الودائع إلى %48.4 بنهاية سبتمبر الماضى، وفقا لتقرير السلامة المالية للبنك المركزى، مقارنة بنحو %50.8 بنهاية يونيو السابق له.
وأشار التقرير إلى أن تراجع نسبة توظيف القروض إلى الودائع إلى %48.8 بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل %50.8 بنهاية يونيو 2021، جاء نتيجة تراجع إجمالى القروض إلى الودائع بالعملة المحلية إلى %45.3 بنهاية سبتمبر، مقابل %47.9 بنهاية يونيو.
وأضاف الخبراء فى تصريحات صحفية لـ«المال»، أن تراجع معدلات توظيف القروض إلى الودائع جاء مدفوعًا بزيادة النمو فى أرصدة ودائع القطاع العائلى فى الفترة الأخيرة وهو ما أسهم فى زيادة الفجوة بين حجم الودائع ونسب التشغيل خلال الربع الثالث من العام الجارى.
وتوقعوا أن مبادرات البنك المركزى وعلى رأسها مبادرات القطاع الصناعى والتمويل العقارى والسياحة ستؤثر بشكل إيجابى فى ارتفاع معدل تشغيل القروض للودائع بالبنوك خلال الفترة المقبلة.
قال محمد عبدالمنعم، مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة، إن ودائع القطاع العائلى شهدت زيادة كبيرة خلال الفترة الماضية، فى الوقت نفسه لم تقابلها زيادة فى حجم الائتمان المصرفى، مما أدى إلى تراجع معدلات التوظيف خلال الربع الثالث من العام.
وأوضح أنه على الرغم من التطورات الاقتصادية الحالية التى يشهدها العالم، الناجمة عن استمرار تداعيات كورونا وظهور المتحور الجديد أوميكرون، إلى جانب أزمة سلاسل الإمداد والتوريد، إلا أن القطاع المصرفى حقق معدلات نمو جيدة فى توظيف القروض للودائع خلال الربع الثالث من 2021، مقارنة بالدول الأخرى.
وأضاف أن مبادرات البنك المركزى ما زالت تلعب دورا محوريا فى دعم التمويل المصرفى، خاصة مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات توظيف القروض للودائع داخل القطاع المصرفى بنسبة تتجاوز 60% بنهاية العام المقبل 2022.
ويرى محمد العال، الخبير المصرفى أن زيادة معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، كان لها تأثير سلبى على معدلات توظيف الأقراض داخل القطاع المصرفى المصرى، خلال الربع الثالث من 2021.
وأعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع التضخم الأساسى فى شهر نوفمبر الماضى على أساس سنوى إلى %5.8 من %5.2 فى أكتوبر 2021.
وقال المركزى إن المعدل السنوى للتضخم العام سجل %5.6 فى نوفمبر 2021، مقارنة مع %6.3 فى أكتوبر الماضى.
ويستهدف البنك المركزى، تحقيق معدل تضخم عند %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022، واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
ولفت عبد العال إلى أن البنك المركزى وضع استراتيجيات محددة لتوجيه القطاع المصرفى نحو زيادة معدلات الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وكذلك وضع حدود قصوى للمبالغ المتاح توظيفها فى أدوات الدين الحكومية، هو ما يساعد البنوك فى زيادة نسبة القروض للودائع بنهاية العام المقبل 2022.
وأصدر البنك المركزى قرارا فى مطلع العام الجارى يلزم البنوك بزيادة نسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى %25 من إجمالى محافظها، وتخصيص %10 كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، خلال عامين تنتهى فى ديسمبر 2022.
وقال «المركزي» إن هذا القرار يأتى بهدف تحفيز البنوك على الاستمرار فى تمويل هذا القطاع لما له من أهمية إستراتيجية ودور رئيسى فى النمو الاقتصادى.
قال طارق متولى نائب بنك بلوم سابقًا، أن معدلات توظيف القروض إلى الودائع بالقطاع المصرفى المصرى، تظل منخفضة مقارنة بالمستويات العالمية والتى تتراوح بين 60 و%70.
وأضاف أن بعضا من البنوك المصرية كان لديها شيء من التحفظ فى منح تسهيلات ائتمانية جديدة، حيث فرضت الفترة السابقة على القطاع المصرفى التحوط بشكل أكبر ضد مخاطر الائتمان، لاسيما بعد أن تعرضت بعض القطاعات الاقتصادية إلى أضرار نتيجة تداعيات «كورونا».
وأشار متولى إلى أن زيادة معدلات تشغيل القروض إلى الودائع بالبنوك المصرية، تعتمد على العودة الكاملة النشاط الاقتصادى وانتعاش الاستثمار والأسواق بجانب استمرار انخفاض أسعار الفائدة ما يدعم زيادة معدلات الطلب على الائتمان.
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفى، إن مبادرات «المركزى» لعبت دورًا كبيرا فى دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة وهذا الدعم مستمر، خاصة أن القطاع المصرفى مطالب بتحقيق المستهدف من تلك المبادرات وبالتالى سينعكس إيجابيا على محافظ البنوك وزيادة نسب التشغيل خلال العام المقبل 2022.
وأطلق البنك المركزى المصرى فى ديسمبر 2019، مبادرة تمويل مشروعات القطاع الصناعى الخاص بفائدة 10% متناقصة، قبل أن يدخل عليها تعديلات فى مارس 2020، لتشمل أيضًا مشروعات المقاولات، والمشروعات الزراعية، مع تخفيض الفائدة إلى %8 متناقصة.
ولفت بدرة إلى أن هذه المبادرات ساعدت على توسيع قاعدة العملاء من الشركات خاصة القطاع الخاص وهو ما سيسهم فى تنشيط عجلة الإنتاج وتعزيز الاقتصاد المصرى وبالتالى سيزداد حجم القرض لمقابلة التوسعات المسقبلية لتلك الشركات.