رجح خبراء ومحللون مصرفيون أن تسهم صفقة رأس الحكمة فى حلحلة معضلة التمويل الخارجى التى تعانى منها مصر منذ عدة سنوات، إضافة إلى تحرير الحكومة من الوقوع تحت وطأة الاضطرار إلى طرح سندات دولارية قد تكون عالية التكلفة.
وأضافوا -فى تصريحات لـ«المال» أن هذه التدفقات من الاستثمار الأجنبى المباشر ستدفع باتجاه تحسين التصنيف الائتمانى لمصر، مرجحين أن يتم تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وأشاروا إلى أن قرار تحرير سعر الصرف بات قاب قوسين أو أدنى، على أن يتراوح السعر الرسمى ما بين 40 إلى 45 جنيهًا، موضحين أن اختفاء السوق الموازية ووجود سعر واحد للعملة سيظل مرتهنًا بقدرة القطاع على تدبير الاحتياجات الدولارية للمستوردين.
التصنيف الائتمانى
قال هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى ورئيس مجلس إدارة شركة الراية للاستشارات المالية، إنه من المرجح أن تؤدى صفقة رأس الحكمة التى أعلنت الحكومة عنها مؤخرًا، عن تحسين التصنيف الائتمانى لمصر، خاصة أن هناك إشادات من قبل المؤسسات الدولية بهذه الصفقة، وما يمكن أن ينجم عنها من تدفقات استثمارية جديدة.
وأضاف أنه من المتوقع أن يتم تعديل التصنيف الائتمانى لمصر لتتحول النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وكانت الحكومة المصرية، قد وقعت، نهاية فبراير الماضي، عقدًا لتطوير مشروع رأس الحكمة بشراكة إماراتية، متوخية أن يستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها على 150 مليار دولار خلال مدة تطويره، تتضمن 35 مليارًا استثمارًا أجنبيًا مباشرًا للدولة خلال شهرين.
وأشار «أبو الفتوح» إلى أن هذه الصفقة، وما يمكن أن يتبعها من صفقات أخرى، ستؤدى إلى حل مشكلة التمويل الخارجي، خاصة إذا ما اقترنت بهذه التدفقات الاستثمارية العوائد من الموارد الدولارية الأخرى المتاحة للدولة، وعلى رأسها السياحة، وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.
وتوقع أن تُؤدى صفقة «رأس الحكمة» إلى ضخ كميات كبيرة من العملات الأجنبية فى السوق المصرية، ما سيسهم فى زيادة المعروض من الدولار وخفض سعره فى «الموازية».
وقال: «تُعد هذه الصفقة، التى تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، علامة فارقة فى مسار الاقتصاد المصري، خاصة فى ظل ما يُواجهه من تحديات، أهمها تذبذب سعر صرف الجنيه فى السوق الموازية».
وأكدت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، أن صفقة رأس الحكمة، بما ينجم عنها من تدفقات دولارية، ستقضى على مشكلة الفجوة التمويلية لأربع سنوات قادمة.
من جانبه، أشار محمد بدرة، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة أحد البنوك الخليجية، إلى أن الأثر النفسى لصفقة رأس الحكمة كان جيدًا للغاية، فقد انخفض سعر الدولار فى السوق الموازية، ما فوق السبعين جنيها إلى ما دون الخمسين، مؤكدًا أن الأثر الحقيقى لهذه الصفقة سيكون أفضل بكثير.
وفى السياق ذاته، أوضح أن هذه التحركات الأخيرة من قبل الحكومة قد تدفع ليس إلى تحسن العوائد على السندات الدولارية فحسب، وإنما قد لا تكون هناك حاجة إلى مثل هذه السندات.
ولفت إلى أن طرح السندات من هذا النوع يهدف إلى الحصول على موارد من النقد الأجنبي، فى حين أن هناك تدفقات نقدية دولارية يفترض أنها وصلت بالفعل إلى خزائن البنك المركزي، بحسب ما أعلنت القيادة السياسة، أو ستصل عما قريب.
وأيده فى ذلك الرأى محمد بدرة، الخبير المصرفي، مستبعدًا وجود حاجة ماسة إلى طرح سندات دولارية، خاصة أن هناك تدفقات بالنقد الأجنبى قد تحصلت عليها الدولة بالفعل، إضافة إلى أن هناك بعض التدفقات الأخرى المحتمل الحصول عليها عما قريب، خاصة فى ظل الحديث عن صفقة رأس جميلة المحتملة، وغيرها من الصفقات المحتملة الأخرى.
خفض العملة المحلية
وتوقع «أبو الفتوح» أن يتم تخفيض قيمة العملة المحلية عما قريب، على أن يتراوح السعر الرسمى للدولار الواحد من 40 إلى 45 جنيهًا.
وفيما يتعلق بمستقبل السوق الموازية، أوضح أن غيابها بالكلية مرتهن بتوفير العملة الصعبة للمستوردين، وتمكن القطاع المصرفى من توفيرها لهم.
واستطرد قائلًا: «مع ضخ كميات كبيرة من العملات الأجنبية، ستقلّ جاذبية المضاربة على الدولار فى السوق الموازية، ما سيُؤدى إلى تراجع سعره بشكل أكبر، غير أن هناك تحديات أمام تحقيق التأثير فى سوق الصرف، حيث يمكن أن لا يكون فوريًا، وأن هناك تحديات أخرى تواجه الجنيه، مثل ارتفاع معدلات التضخم، واختلالات الميزان التجاري».
وقريبًا من هذه الرؤية، يذهب محمد بدرة الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة أحد البنوك الخليجية، إلى أن السعر الرسمى للدولار الواحد سيكون دون الأربعين جنيهًا، لافتًا إلى أن أغلب المؤسسات الدولية تتوقع أن يتراوح السعر الرسمى بين 38 إلى 42 جنيهًا للدولار الواحد.
وذكر «بدرة» أن قرار خفض قيمة العملة المحلية أمسى قريبًا جدًا، وربما يكون الأسبوع المقبل، خاصة أن هناك الكثير من البنوك والمؤسسات الدولية ترجح أن يتم إجراء هذه الخطوة قبيل شهر رمضان.
الدماطي: الصفقة كافية لسد الفجوة لأربع سنوات مقبلة
بدرة: تخفيض «العملة المحلية» قاب قوسين أو أدنى
أبو الفتوح: تغيير النظرة المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة