■ تأكيدات بوجود طلب مرتفع بحاجة إلى «خفض الفائدة»
■ حازم بدران: وجود مستهلكين حقيقيين يمنع اهتزاز السوق
■ سهر الدماطى: القطاع المصرفى يُخصص %5 من محفظته للقطاع
■ محمد ماهر: الطلب على إسكان محدودى ومتوسطى الدخل و «B-Class» أعلى من الفاخر
■ وائل يوسف: مجرد حالة ركود.. وخفض الفائدة السبيل لخلق سوق جديدة
■ هاشم السيد: الصناديق العقارية حل لزيادة التعاملات وأطالب بقانون لتنظيم التطوير العقارى
«فقاعة أم أزمة تمويل».. يعيش القطاع العقارى حالة ضبابية بشأن مستقبله، بين متفائل ينفى ويستبعد بشدة دخول القطاع العقارى لمرحلة «الفقاعة» التى على وشك الانفجار، وبين محذر من معايشة القطاع لكل عوامل تلك «الفقاعة» و»متنبئ» بانفجار وشيك سيطيح بقاطرة نمو الاقتصاد المصرى.
وتؤكد الدولة من خلال وزير الإسكان ، الدكتور عاصم الجزار، على إيجابية مستقبل القطاع وسط وجود طلب حقيقى على الوحدات، مستبعدا حدوث فقاعة عقارية، لأكثر من سبب، منها وجود ما يقرب من مليون حالة زواج سنويا، وبالتالى فهناك طلب حقيقى لتوفير وحدات لهذه الشرائح المختلفة، وثانيها: ثقافة المصريين فى اقتناء العقار، كمخزن للثروة، وثالثها: أن نسبة التمويل العقارى للوحدات لاتزال ضعيفة.
وشهد القطاع العقارى خلال الفترة الماضية، دخول عدد كبير من اللاعبين لسوق التطوير العقارى، والإعلان عن مشروعات عقارية ضخمة بمناطق متفرقة منها العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، وسط تخوفات من الآثار السلبية لكثرة المعروض من وحدات الإسكان الفاخر وعدم قدرة الشركات على استكمال تلك المشروعات ومن ثم حدوث أزمات عنيفة تهز القطاع بأكمله.
إلا أن تلك التخوفات يبددها كبار المستثمرين فى سوق التطوير العقارى من خلال رصد استثمارات ضخمة لإقامة مشروعات عملاقة خلال السنوات المقبلة، فعلى سبيل المثال تستهدف شركة طلعت مصطفى تحقيق مبيعات بقيمة 24 مليار جنيه فى عام 2019 ، بالإضافة إلى سعى رجل الأعمال، نجيب ساويرس، الدخول فى مشروعات عقارية سياحية وسكنية خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى عشرات الكومباوندات السكنية الجديدة بمناطق العاصمة الإدارية الجديدة.
«المال» ترصد أراء خبراء الاستثمارات المالية، ومسئولى شركات عقارية من أجل الوقوف على حقيقة كون أزمة القطاع العقارى تتمثل فى نقص التمويل، وسبل حل تلك الأزمة، وأسباب استبعاد مسئولى وزارة الإسكان لدخول القطاع فى مرحلة الفقاعة.
وقد اتخذ البنك المركزى قرارا من شأنه تعزيز السيولة التى تتيحها البنوك للشركات العقارية عبر تيسير عمليات التقسيط للعملاء، إذ وافق على استثناء أوراق الدين المسحوبة على عملاء شركات التنمية العقارية عند الخصم من الحد الأقصى لنسبة أقساط القروض الاستهلاكية والإسكان الشخصى المقررة بنحو %35 و%40 على التوالى من إجمالى الدخل الشهرى والأفراد الطبيعيين.
وأشاد خبراء الاستثمار العقاري، بمبادرات البنك المركزي المتواصلة لتنشيط السوق العقارية، سواء كانت مبادرة تمويل وحدات الاسكان المحدود و متوسط الدخل، أو المبادرة الأخيرة للتطوير العقاري بـ 50 مليار جنيه، مشيرين الى انها ستكون بمثابة حل جزئي الا ان توفير منظومة لتمويل المطوريين العقاريين والعملاء المستهدفين يجب أن يكون هدف للمسئولين عن الصناعة.
من جانبه، قال حازم بدران، الرئيس التنفيذى المشارك لشركة «سى آى كابيتال» القابضة للاستثمارات المالية، إن الحديث عن فقاعة عقارية لا ينطبق على السوق المصرية نظرا لعدة عوامل فى مقدمتها وجود عدد كبير من المستهلكين الحقيقيين.
وأوضح أن أهم ما يميز السوق العقارية المحلية هو أن المستهلكين حقيقيين ودائمى التواجد وليسوا زائرين مثل بعض الدول الأخرى، مما قد يترتب عليه تذبذب قوى فى معدلات الطلب على العقارات.
وأكد «بدران» وجود طلب مستمر على العقارات فى السوق المحلية إلا أنه قد يهدأ أحيانا، وقد يضعف على بعض الوحدات التى تم بناؤها فى أماكن خاطئة لا يوجد إقبال عليها.
وأشار إلى أن وضع العقارات مرتبط بشكل كبير بأسعار الفائدة، لافتا إلى أنه حتى المستهلكين الذين يتوافر لديهم تكلفة شراء الوحدات العقارية غالبا ما يفضلون الاعتماد على التمويل العقارى فى ظل انخفاض الفائدة وسداد التكلفة على فترات زمنية طويلة تصل إلى 20 عاما.
وقال إن الفترة الماضية شهدت ارتفاعات كبيرة فى أسعار مواد البناء والأراضى الأمر الذى يحول دون انخفاض أسعار العقارات بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن الحديث عن الفقاعة العقارية وانخفاض الأسعار قد ينتج أحيانا عن هدوء نسبى فى معدلات الطلب.
وحول شركة التمويل العقارى التى تعتزم «سى آى كابيتال» إطلاقها خلال الفترة المقبلة أوضح «بدران» أنه منتظر تفعيلها خلال شهرين، مؤكدا أنها تستهدف تمويل عمليات كبيرة نسبيا مثل بناء مولات أو فنادق أو مراكز إدارية، وذلك فى ضوء الملاءة المالية الكبيرة التى تمتلكها مجموعة «سى آى كابيتال» القابضة للاستثمارات المالية.
وقالت الدكتورة سهر الدماطى، العضو المنتدب بشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، إن سوق العقارات بمصر لا تعانى من فقاعة عقارية، مؤكدة وجود معدل طلب جيد على كل أنواع المنتجات العقارية.
وأضافت أن الأزمة التى تواجه القطاع العقارى فى الوقت الراهن، تتمثل فى التمويل، سواء على مستوى المطور العقارى أو العميل النهائى، مشيرة إلى أن السوق العقارية تمثل نحو %20 من الناتج المحلى الإجمالى.
وأوضحت أن القطاع المصرفى يُخصص نحو %5 من محفظته المالية لتمويل المشروعات العقارية، مؤكدة أن تلك النسبة لا توفر غطاء تمويليا كبيرا للمطورين العقاريين، الأمر الذى يؤدى إلى تحمل المطورين العقاريين عبئا ماليا كبيرا.
وأشارت إلى أن المطور العقارى لكى يوفر تمويل لمشروعه يستخدم حصيلة حجوزات ما قبل التنفيذ، لتمويل المراحل الأولى من المشروع مع تحمله جزءا كبيرا من باقى التكاليف، الأمر الذى يعرضه لضغط مالى يمنعه من تمويل المشروعات الأخرى، فى ظل اتساع المدة الزمنية الخاصة بنظام التقسيط إلى 5 و7 و10 سنوات.
وأوضحت أن معدل الطلب على وحدات الإسكان المحدود والمتوسط مرتفع للغاية، مشيرة إلى حاجة مصر إلى 350 ألف وحدة سنويًا من ذلك النوع، فيما تقدر حاجة السوق إلى 150 ألف وحدة من وحدات الإسكان الفاخر.
ولفتت إلى أن غياب المطورين العقاريين عن مشروعات الإسكان المحدود والمتوسط يعود إلى انخفاض ربحيته وطول أمد السداد الزمنى لذلك النوع الذى يمتد لـ 20 عاما، مشيرة إلى أن الدولة تقوم بتوفير تلك الوحدات بشكل جيد من خلال مشروعات إسكان الشباب فى الفترة الراهنة.
وأكدت أن حل أزمة التمويل التى تواجه القطاع العقارى يكمن فى إنشاء صناديق خاصة تقوم بمهمة توفير التمويلات اللازمة لشركات التطوير العقارى، مشيرة إلى إمكانية التوسع فى إنشاء شركات التمويل العقارى.
وأشارت إلى أن السوق الثانوية أو ما يطلق عليه سوق «إعادة البيع» تواجه مشكلة فى قدرة ملاك الوحدات السكنية فى بيعها بسهولة ويسر، مؤكدة أن السوق الأولية لا تعانى من أى مشكلات فى تسويق الوحدات، خاصة فى ظل نظم السداد بالتقسيط طويل ومتوسط الأجل.
وأكدت أن البنوك لا تستطيع زيادة النسبة المخصصة من محفظتها للتمويل العقارى، مشيرة إلى أن المعروض من المشروعات الجديدة يقع حول العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، وجبل الجلالة.
وقالت الدماطي، ان البنك المركزي يدعم بقوة القطاع العقاري من خلال المبادرات الأخيرة التي يطلقها البنك بإستمرار، وأخرها مبادرة الـ 50 مليار جنيه لتنشيط السوق العقارية، مؤكدة عدم منطقية القاء العبء على البنك المركزي وحده في توفير التمويل اللازم للسوق، مطالبة بضرورة وجود أليات أخرى لتمويل المطورين العقاريين والعملاء.
وأكد محمد ماهر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة برايم القابصة للاستثمارات المالية، أن الأزمة التى تواجه القطاع العقارى فى الوقت الراهن تتمثل فى غياب آليات التمويل، التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات العقارية.
وأضاف أن طول أمد نظم التقسيط فى القطاع العقارى، والتى تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات، تؤدى إلى قيام المطور العقارى باحتساب تكلفة تلك المدة ضمن ثمن الوحدة المطروحة للبيع، مما يساهم فى ارتفاع التكلفة النهائية على العميل.
وأوضح أن قيام الحكومة بطرح الأراضى بأسعار مرتفعة بعد تعويم الجنيه، كان من عوامل زيادة التكلفة على المطورين العقاريين، ومن ثم ثمن الوحدة على العميل المستهدف، وسط غياب آليات التمويل، فتشكلت الأزمة التى يعانى منها القطاع.
وأشار إلى أن معدل الطلب على العقارات بمصر أكبر من العرض وذلك فى كل أنواع العقارات، وتحديدًا وحدات إسكان محدودى ومتوسطى الدخل، بالإضافة إلى الطلب على مستوى «B-Class»، موضحا أن الطلب على المستوى الفاخر سواء الفيلات أو الوحدات الأعلى تصنيفًا، يعد أقل نسبيًا بسبب كثرة عدد المطورين العقاريين.
وتابع أنه رغم كثرة عدد شركات التطوير العقارى فإن مبيعات تلك الشركات فى العام الماضى، والربع الأول من العام الجارى، تؤكد أن القطاع العقارى لا يواجه ما يسمى بـ «الفقاعة العقارية».
وشدد على أن حل أزمة تمويل القطاع العقارى مرتبط ارتباطا كليا بخفض سعر الفائدة، مع استمرار مبادرة البنك المركزى لتمويل وحدات الإسكان المتوسط، التى وصفها بالإيجابية للقطاع.
من جانبه، قال هاشم السيد، رئيس مجلس إدارة صندوق المصريين العقارى- الوحيد من نوعه بمصر- إن السوق العقارية لا تعيش حالة «الفقاعة» مؤكدًا وجود طلب مرتفع على كل أنواع العقارات بمصر سواء الفندقى، السياحى، السكنى، الطبى والتعليمى.
وأضاف أن العدد السكانى لمصر يعد أبرز العوامل الإيجابية للقطاع العقارى، مؤكدًا أن التقديرات تشير إلى ارتفاع عدد سكان مصر بنحو 30 – 40 مليون نسمة خلال 10 أعوام، الأمر الذى سيؤمن استمرار الطلب على العقارات لأعوام عديدة.
وأكد أن المشكلة الرئيسية التى تواجه القطاع هى التمويل، مشيرًا إلى أن التدفقات النقدية للمطورين العقاريين غير مستقرة، لافتًا إلى العشوائية التى تسيطر على سوق التطوير العقارى بمصر.
وشدد على أن السوق فى حاجة إلى توصيف دقيق لماهية المطور العقارى، مؤكدًا ضرورة إصدار قانون لتنظيم سوق التطوير العقارى، حتى تنتهى حالة العشوائية التى تسيطر على السوق، وتتسبب فى نتائج سلبية، بالإضافة إلى عدم القدرة على رسم صورة حقيقية عن مستقبل القطاع.
وأوضح أن حل أزمة التمويل يُكمن فى إطلاق العنان لصناعة صناديق الاستثمار العقارية، مشيرًا إلى أن الصناديق العقارية تستطيع استخدام آليات التمويل غير المصرفية، لحل أزمة التمويل التى يعانى منها القطاع.
وأشار هاشم السيد، الى ان مبادرات البنك المركزي لتطوير وتنشيط السوق العقارية، أمر جيد يجب الاشادة به، ولكنه لن يكون حل شاملًا لأزمة التمويل التي تسيطر على القطاع، مؤكدًا ان الصناديق العقارية قد تكون مفتاحًا لإستغلال الأليات والأدوات المالية غير المصرفية.وقال وائل يوسف، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب بشركة «ميتالكو»، ونائب رئيس شركة مصر الجديدة للإسكان السابق، إن القطاع العقارى فى حاجة إلى آليات لتمويل المستهلك النهائى، مشيرًا إلى أن الأمر مشابه لما حدث فى سوق السلع المعمرة والمنزلية، عندما أتيحت آليات تمويلية مختلفة بأسعار فائدة متوسطة شهد السوق ارتفاعًا فى قيم تعاملاته عقب مروره بمرحلة ركود.
وأضاف أن سوق العقارات وصل إلى مرحلة من التشبع فى ظل ارتفاع أسعار الوحدات ذات نظام السداد النقدى، مشيرًا إلى ضرورة العمل على خلق سوق للجديد وذلك من خلال تمويل المستهلك النهائى وتخفيض سعر الفائدة.
وأوضح أن سوق الإسكان الفاخر وصل إلى مرحلة من التشبع، لكن الإسكان المتوسط والمحدود، لايزال يتمتع بطلب مرتفع ومستمر.
وأشار إلى ضرورة تقليل المخاطر فى تمويل الإسكان المتوسط وتخفيض سعر الفائدة، مشيدًا بمبادرة البنك المركزى، ولافتًا إلى أن %80 من وحدات الإسكان المتوسط تباع من أجل السكن وليس الاستثمار، على عكس نسبة الاستثمار التى تبلغ %50 من الإسكان الفاخر.
وأكد أن القطاع العقارى يمر بمرحلة ركود فى المبيعات لكنها لا تصل إلى ما يسمى الفقاعة العقارية.