يتوقع عدد من مسئولى التأجير التمويلى أن تشهد الشركات العاملة فى المجال سلسلة من الاندماجات والاستحواذات خلال الفترة المقبلة بدعم من النظرة المتفائلة للقطاع مستقبلا، والرغبة فى خلق كيانات أكبر.
وشهدت السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة استحواذ مؤسسات أجنبية على حصة أغلبية من شركة «جلوبال كورب» بقيمة قاربت المليار جنيه، فيما ترددت أنباء مؤخرًا عن رغبة بنك أبو ظبى الأول فى الاستحواذ على كامل أسهم شركة «جى بى للتأجير التمويلي» التابعة لشركة «غبور أوتو».
وعلى جانب آخر، تم الاستحواذ على حصة من جانب مستثمر محلى بشركة «الدولية للتأجير التمويلى – إنكوليس» مقابل تخارج مجموعة من المساهمين بها.
وتبنى مسئولو الشركات نظرة متفائلة للنشاط مستقبلا، رغم الضغوط الحالية التى تواجهه جراء معدلات التضخم المرتفعة وتريث الشركات قليلاً فى تنفيذ توسعاتها وشراء آلات ومعدات جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن التمويلات الممنوحة من قبل شركات التأجير التمويلى سجلت حوالى 80 مليار جنيه خلال عام 2021، مقارنة مع 28.6 مليار جنيه فى 2017 بمعدل نمو %180 خلال السنوات الـ4 الماضية، رغم تداعيات جائحة فيروس كورونا، وتتوقع الهيئة العامة للرقابة المالية أن يُسجل النشاط أداء متميزا خلال الأعوام المقبلة، خاصة فى ظل إنشاء الرقابة المالية للسجل الإلكترونى للضمانات المنقولة واستحداث خدمات التأجير التمويلى متناهى الصغر.
بداية قال طلال العياط الرئيس التنفيذى بشركة «هيرميس للحلول التمويلية»، إن نشاط الخدمات المالية غير المصرفية يُعد مجالا واعدا، وبه فرصة كبيرة للنمو خلال الفترات المقبلة، فى مختلف الأنشطة التابعة لهُ، خاصة فى ظل معدل النمو المتزايد للمتعاملين فى السوق المحلية.
وأضاف أن نشاط التأجير التمويلى يُعد واحدًا من أهم الأنشطة التابعة لقطاع الخدمات المالية غير المصرفية بالمجموعة المالية هيرميس القابضة، ومن المرجح لهُ أن يشهد أداء متميزا خلال الفترات المقبلة.
وأوضح أن تلك النظرة المتفائلة للمجال قد تُزيد من حالات الاندماج والاستحواذ فيما بين الكيانات العاملة وبعضها البعض بدعم من الرغبة فى خلق كيانات أكبر وتحقيق أقوى استفادة، لافتا إلى أن صفقات الاستحواذ عادة ما تكون حالات فردية وفقًا لكل رغبة كيان على حدة، وتطلعاته للتواجد فى السوق.
وأشار العياط إلى أن توجهات الشركات الاستراتيجية فى مجال التأجير التمويلى، تختلف وفقًا لكل كيان، ما بين الرغبة فى الاندماج للاستفادة بشكل أكبر من النمو المتوقع للنشاط خلال الفترات المقبلة، أو العمل بشكل فردى.
وقال العياط إن السوق المصرية لا تزال متعطشة لوجود المزيد من الكيانات العاملة بالمجال المالى غير المصرفى، فى ظل زيادة معدلات الحاجة للتمويل خلال الفترات المقبلة سواء كانت مؤسسات أو أفراد .
وتوقع أن يشهد نشاط التأجير التمويلى نوعا من الانكماش خلال الـ6 شهور المتبقية من العام الجارى، مقارنة مع الفترة المقارنة من العام السابق لهُ، بضغط معدلات التضخم الحالية وغيرها من الضغوط فى السوق وما فرضتهُ الساحة العالمية، مؤكدا أن هذا التوقع لا يتنافى مطلقًا مع النظرة المتفائلة القطاع على المدى البعيد خلال الفترات المقبلة، وإنما ستكون فترة مؤقتة.
يُذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية، كانت قد أعلنت مؤخرًا عن ارتفاع إجمالى قيمة عقود التأجير التمويلى بنحو %28.9 خلال الـ 4 أشهر الأولى من 2022، لتصل إلى 26.412 مليار جنيه، مقابل 20.489 مليار جنيه خلال الفترة المقارنة من 2021.
وقد أشارت بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية الصادرة عن النشاط أول 4 شهور من العام إلى ارتفاع إجمالى عدد عقود التأجير التمويلى بنحو %6.4 لتصل إلى 1220 عقدا، مقابل 1147 عقد خلال الفترة المقارنة من العام الماضى 2021.
من جانبه، قال طارق فهمى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب بشركة «التوفيق للتأجير التمويلي»، إن وجود عمليات الاستحواذ بمجال التأجير التمويلى بشكل عام هو توجه صحى جدًا، سيكون لهُ دور كبير فى تعزيز هياكل ملكية الشركات.
ولفت إلى أن دخول وخروج المستثمرين من وإلى هياكل ملكية الشركات العاملة فى المجال، سيساهم فى رفع قدرة الشركات على المنافسة لزيادة كفاية رأس المال، بما يؤهلها للاستحواذ على أكبر حجم من العقود.
واقترح فهمى، أن تُقبل شركات التأجير التمويلى العاملة فى المجال على الاندماج فيما بين بعضها البعض حتى ترتقى لطموح المستثمرين وجذبهم للدخول والاستثمار بها، بما يدعم معدلات السيولة لديها.
وأضاف أن السوق المصرية لم تصل إلى مرحلة التشبع حتى الوقت الحالى، فيما يتعلق بكافة الأنشطة المدرجة تحت مظلة القطاع المالى غير المصرفى، إذ أن السوق بحاجة لمزيد من الكيانات الجديدة بمختلف المجالات.
ولفت طارق فهمى إلى أنه رغم الضغوط التى تشهدها الكيانات العاملة بمجال التأجير التمويلى بضغط البيئة الحاكمة وسلسة التأثيرات المتتالية التى تشهدها الأسواق على الصعيدين العالمى والمحلى، إلا أن ذلك لا يقلل من جاذبية النشاط.
وقال إنهُ متفائل بوضع نشاط التأجير التمويلى حتى نهاية العام الجارى، رغم كثرة الضغوط الحالية، معتبرًا أنهُ وسط الأزمات عادة ما يكون هناك العديد من الفرص.
وأوضح أنهُ منذ بداية العام الجارى ويضغط حالات الزيادة فى الأسعار ومعدلات التضخم المرتفعة، تعطل أداء العديد من القطاعات.
ونوه إلى أن القطاع العقارى كان واحدًا من القطاعات التى تضرر أداؤها خلال الفترات الماضية، خاصة على صعيد إنشاءات الشق الإدارى والتجارى نتيجة عمليات زيادة التكلفة.
تجدر الإشارة إلى شركة التوفيق للتأجير التمويلى كانت قد سجلت خلال الربع الأول من 2022، تراجع فى أرباحها بنسبة %64.5 على أساس سنوى، وسجلت أرباحاً بلغت 26.1 مليون جنيه مقابل أرباح بلغت 73.7 مليون جنيه فى الفترة المقارنة من 2021، وبلغ إجمالى إيرادات النشاط 165.68 مليون جنيه، مقابل 129.6 مليون جنيه فى الربع المقارنة من 2021.
وقال طارق عفت رئيس مجلس الإدارة بشركة «كاتليست للتأجير التمويلي»، إن نشاط التأجير التمويلى يُعد أحد أهم الأنشطة الواعدة فى السوق المحلية خلال الفترة الحالية، رغم الضغوط التى تشهدها الشركات العاملة بالمجال حاليًا.
ولفت إلى أن أداء شركات التأجير التمويلى، عادة ما يتأثر سلبًا جراء معدلات التضخم المرتفعة فى الأسواق، والتى تؤدى بدورها لحالة من الهدوء فى تحركات الشركات على تنفيذ خططها التوسعية وشراء معدات وهكذا.
وتجدر الإشارة إلى أن جزءا كبيرا من أداء شركات التأجير التمويلى مرتبط بتوجه الشركات لتمويل عمليات شراء خطوط إنتاج ومعدات، وأضاف طارق عفت أنهُ بعيدًا عن الضغوط الحالية التى يشهدها النشاط، إلا أن النظرة متفائلة له هو ونظيرهُ التخصيم على المدى البعيد .
وفى سياق متصل، قال محمد نادر العضو المنتدب بشركة «ارشر» للتأجير التمويلى، إن صفقات الاستحواذ التى قد تكون حالات فردية، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة أظهرت رغبات من جانب صناديق استثمار للدخول فى هياكل ملكية شركات التأجير التمويلى، فى ظل النظرة المتفائلة للقطاع.
وتوقع أن تستمر عمليات الاستحواذ تلك خلال الفترات المقبلة، بناء على الفرص التى ستكون متاحة حينها، وأيضا وفقا لرغبات الشركات .
يُذكر أنهُ على صعيد الحصص السوقية خلال الـ 4 أشهر الأولى من 2022، جاءت كوربليس للتأجير التمويلى – مصر «كورب ليس»، فى صدارة شركات القطاع بقيمة عقود بلغت 4.898 مليار جنيه وحصة سوقية %18.55، كما حلت المجموعة المالية هيرميس للحلول التمويلية فى المركز الثانى بقيمة عقود بلغت 3.789 مليار جنيه وحصة سوقية %14.35، بينما جاءت جلوبال كورب للخدمات المالية بالمركز الثالث بقيمة عقود بلغت 2.516 مليار جنيه وحصة سوقية %9.53.
واستحوذت العقارات والأراضى على %77.55 من قيمة عقود التأجير التمويلى خلال الفترة، فيما استحوذت سيارات النقل على %4.99 من قيمة العقود، والآلات والمعدات على %3.48، والمعدات الثقيلة على %3.64، وخطوط الإنتاج على %2.67، والبواخر على %2.2.
وارتفع إجمالى قيمة عقود التأجير التمويلى بنحو %14.8 خلال أبريل 2022، لتصل إلى 4.642 مليار جنيه، مقابل 4.044 مليار جنيه خلال أبريل 2021، فيما تراجع إجمالى عدد عقود التأجير التمويلى بنحو %12.5 لتصل إلى 225 عقدًا خلال أبريل الماضى، مقابل 257 عقدًا خلال أبريل 2021.
وفيما يخص الحصص السوقية خلال شهر أبريل لعام 2022 فقط، جاءت المجموعة المالية هيرميس للحلول التمويلية فى صدارة شركات القطاع خلال الفترة، بقيمة عقود بلغت 1.168 مليار جنيه وحصة سوقية %25.18، كما حلت جى بى للتأجير التمويلى فى المركز الثانى بقيمة عقود بلغت 652.4 مليون جنيه وحصة سوقية %14.05، بينما جاءت كوربليس للتأجير التمويلى – مصر «كورب ليس» بالمركز الثالث بقيمة عقود بلغت 624.5 مليون جنيه وحصة سوقية %13.45.
وأشار طارق عفت إلى أن شركات التأجير التمويلى عانت بشكل كبير خلال الفترات الماضية مع زيادة سعر الدولار، خاصة فى ظل اعتماد النشاط على تمويل عمليات شراء آلات ومعدات للشركات الصناعية يتم استيرادها من الأسواق الخارجية.
وأوضح أن زيادة سعر الدولار سيكون التأثير الواقع على الشركات من جانبين أولهما ضعف إقبال الشركات على شراء الآلات ومعدات جديدة، هذا إلى جانب الضغط على حجم السيولة لدى الكيانات .
وأضاف أنهُ فى ظل استمرار تضرر أداء الشركات العاملة بالقطاع الصناعى، فإن ذلك سيدفع الشركات لزيادة الاعتماد على التمويلات للكيانات العاملة بمجال التطوير العقارى.
تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية قالت ضمن استراتيجيتها لقطاع الخدمات المالية غير المصرفية 2022 / 2026 إن نشاط التأجير التمويلى يساهم فى توفير التمويل اللازم لاقتناء الأصول الرأسمالية للمشروعات الإنتاجية.
وأوضحت أن التمويل فى هذا المجال يتميز بإتاحة تملك الأصول عند انتهاء فترة العقد، كما يسهم بدور بارز فى دعم الصناعات المتوسطة والصغيرة الراغبة فى شراء الآلات والمعدات ومستلزمات الإنتاج.