تقوم مصر وسويسرا حاليًا بمراجعة استراتيجية التعاون الجديدة للسنوات الأربع المقبلة (2024-2021)، وتتركز على الجهود التعاونية للبلدين على العديد من المجالات التى تعطيها الحكومة المصرية الأولوية مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والتحول الرقمى والتدريب الفنى والنوع والاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وفق ما صرح به سفير سويسرا بالقاهرة «بول جارنييه» فى حوار مع «المال» عبر البريد الالكترونى، مضيفًا أن مصر تعد أهم أسواق بلاده التصديرية فى إفريقيا، ورابع أهم شريك تجارى ثنائى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بداية، قال سفير سويسرا بالقاهرة «بول جارنييه»، إن العلاقات الثنائية بين مصر وسويسرا تُغطى مجموعة واسعة من الموضوعات التى يتم تناولها بانتظام فى المشاورات السياسية، وأثناء الزيارات على المستويين الوزارى أو الفنى.
وتابع أنه يأمل أن يستمر التعاون فى الازدهار، ما يؤدى إلى إدارة شاملة ومتجاوبة ونمو اقتصادى مستدام، إضافة إلى زيادة الحماية فى مجال الهجرة.
وقال إنه يود أن يشير إلى مصلحة البلدين المشتركة فى تعزيز السلام، ومنع الصراع وتحويله فى أفريقيا، لافتًا إلى أن مصر لاعب رئيسى فى المنطقة وفى المنتديات متعددة الأطراف، بما فى ذلك الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة.
ونوه بأنه تم البدء فى محادثات الهجرة فى عام 2019 التى حددها الجانبان كمجال مشترك للاهتمام.
وأكد «بول جارنييه» أن التبادل المنتظم بين السلطات المختصة على مختلف المستويات (رؤساء ووزراء والمستويات الفنية) مهم لشرح مواقف الجانبين وإيجاد المصالح المشتركة وسبل التعاون.
وتابع أن هذه العلاقات القوية توفر أرضية لمعالجة القضايا التى تهم البلدين، وبالتالى فإن زيادة عدد الزيارات وحجم الوفود واللقاءات على مختلف المستويات بين البلدين خلال السنوات الثلاث الماضية علامة جيدة لعلاقات البلدين الثنائية.
وقال «بول جارنييه» إنه على الصعيد الاقتصادى، تعد العلاقات بين البلدين جيدة جدًا، وقد سمحت زيارة وفد من رجال الأعمال، برئاسة وزير الاقتصاد والتعليم والبحوث السويسرى للقاهرة فى فبراير الماضى، بتبادل الآراء مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ووزراء التجارة والصناعة نيفين جامع والتعاون الدولى الدكتورة رانيا المشاط، ما أعطى لأعمالنا التجارية انطباعًا مباشرًا ممتازًا عن الاقتصاد المصرى وفرص الاستثمار.
ووفق بيان صحفى وزعته السفارة السويسرية فى وقت سابق، زار جى بارميلان، وزير الشئون الاقتصادية والتعليم والبحث السويسرى، القاهرة أوائل فبراير الماضى، ورافقه فى الزيارة وفد كبير يضم أعضاء من البرلمان السويسرى ومسئولين حكوميين، والعديد من قادة الأعمال.
وشارك الوفد فى منتدى الاستثمار السويسرى المصرى الذى نظمته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة فى مصر، وتضمن برنامج الوزير بارميلان أيضًا زيارات إلى شركات سويسرية ومشروعات برنامج التعاون السويسرى ومواقع أثرية.
وأكد السفيرسفير سويسرا بالقاهرة «بول جارنييه»، أن مصر تعد أهم الأسواق التصديرية فى إفريقيا، ورابع أهم شريك تجارى ثنائى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقال إن لدى الجانبين تبادلات ثقافية قوية تغطى مجالات الموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية والسينما والآثار، مضيفاً أنه بالطبع مع الوضع الحالى المتعلق بـفيروس كورونا، تم تكييف الأنشطة الثقافية لتتماشى مع الاحتمالات الفعلية، وتم التركيز على الأنشطة عبر الإنترنت ومحاولة إشراك المزيد من الأشخاص فى تلك الأحداث مثل حدث Swiss Run الافتراضى ضد هذا الوباء، والذى حدث قبل أيام قليلة وشارك فيه أكثر من 800 عداء، وساعد فى دعم العائلات التى تأثرت بالوباء من خلال تبرع من وزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية.
وقال «بول جارنييه» إنه تظل أولوية الجانبين الأولى والأهم فيما يتعلق بالتعاون المتبادل بينهما دعم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية فى رؤية مصر 2030، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالاندماج السياسى والاجتماعى والمساواة.
وعلاوةً على ذلك، تظل المساهمة فى جهود التنمية فى مصر نحو الحوكمة الشاملة والمستجيبة محورًا رئيسيًا آخر فى الشراكة بين الجانبين، التى تهدف إلى زيادة مشاركة المواطنين وتعزيز حقوق الإنسان، وقال إنه تتماشى رؤية مصر 2030 مع أجندة الأمم المتحدة التى تلتزم بها البلدين.
وأضاف «بول جارنييه» إنه فيما يتعلق بالتعاون المستقبلى للبلدين؛ يتم القيام حاليًا بمراجعة استراتيجية التعاون الجديدة للسنوات الأربع المقبلة (2024-2021) وتتركز الجهود التعاونية على العديد من المجالات التى تعطيها الحكومة المصرية الأولوية مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والتحول الرقمى والتدريب الفنى والنوع والاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة.
وقال إن مصر كانت أكبر شريك تجارى لسويسرا فى إفريقيا فى عام 2019، مضيفاً أن سويسرا أيضاً كانت عاشر أكبر شريك تجارى لمصر على مدار السنوات الماضية.
وأشار إلى أنه فى عام 2019، بلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 1.3 مليار فرنك سويسرى، لافتًا إلى ارتفاع الإجمالى بين الجانبين فى العام الماضى بنسبة %14.2، مقارنة بعام 2018 مع زيادة كبيرة فى الصادرات السويسرية إلى مصر بنسبة (%24.7).
وأضاف أن بعض الشركات السويسرية تقوم بإعادة التصدير من مصر إلى دول أخرى، ما يعد مساهمة مباشرة فى الاقتصاد المصرى.
وقال إنه لا تزال اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين (EFTA) تقدم الكثير من الإمكانات، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية ألغت جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية بين البلدين اعتبارًا من 1 يناير الماضى.
ارتفاع التجارة المشتركة بين البلدين فى الربع الأول من 2020 إلى 410 ملايين فرنك
ولفت “بول جارنييه” إلى أنه وفقًا لإدارة الجمارك الفيدرالية السويسرية (FCA)، زاد حجم التجارة بين البلدين فى الربع الأول من عام 2020 من حيث القيمة، لتسجل نحو 410 ملايين فرنك سويسرى، مقارنة بنحو 383 مليون فى الفترة المقابلة من العام الماضى 2019، وهى بالطبع زيادة ملحوظة بالنظر إلى الوضع الصعب الناتج عن وباء كورونا.
زيادة فى تصدير المنتجات الزراعية المصرية فى 2020.. وتراجع الكيماوية والدوائية
وأضاف أن الصادرات المصرية إلى سويسرا زادت من حيث الكمية، ولكنها انخفضت فى القيمة، ويرجع ذلك على الأرجح إلى نوع السلع المصدرة وقيمة الفرنك السويسرى والجنيه المصرى.
وتابع: ارتفعت القيمة الإجمالية (الواردات/الصادرات) بين البلدين فى الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالربع الأول من عام 2019”.
وأوضح “بول جارنييه” أن أهم الصادرات السويسرية لمصر تتمثل فى المنتجات الكيماوية والصيدلانية والآلات والأجهزة الإلكترونية والأدوات الدقيقة والساعات، مشيرًا إلى أن أهم سلع الصادرات المصرية تتمثل فى منتجات المنسوجات والمنتجات الزراعية.
وقال إنه شهد عام 2020 زيادة مهمة فى تصدير المنتجات الزراعية المصرية إلى سويسرا، لكن تراجعت صادرات المنتجات الكيماوية والصيدلانية.
وتابع أنه خلال الأرباع الثلاثة الأخيرة من عام 2020، لاحظنا زيادة أبطأ فى إجمالى التجارة مقارنة بالربع الأول.
مشيراً إلى أنه فى الربع الثانى من العام الحالى كانت هناك زيادة بنسبة 32٪ فى إجمالى التجارة ثم مرة أخرى انخفاض.
وقال “بول جارنييه” إنه من السابق لأوانه تحديد الأسباب وراء ذلك، لافتاً إلى أن صناعة الساعات قد تأثرت لكنها فى طريقها للتعافى.
وفيما يتعلق بآخر الإحصائيات الخاصة بالاستثمارات السويسرية فى السوق المصرية، قال إنه وفقًا لإحصاءات البنك الوطنى السويسرى، بلغ رصيد رأس المال للاستثمارات السويسرية المباشرة فى مصر نحو 612 مليون فرنك سويسرى فى نهاية عام 2018، ووفقًا للبنك المركزى المصرى جاءت سويسرا فى المرتبة الثانية عشرة فى قائمة المستثمرين بالسوق المحلية فى العام المالى -2018 2019.
وتابع أنه تجدر الإشارة أيضًا إلى عدد الشركات السويسرية القائمة فى مصر التى تخلق أكثر من 10 آلاف وظيفة جيدة، إضافة إلى فرص التدريب المهنى السنوية للطلاب والخريجين المصريين.
وأضاف أن هذا يمثل مدخلًا إضافيًا فى الخبرة فى مجال نقل المعرفة والتعليم ومساهمة مهمة فى تنمية البلاد، لافتًا إلى أنه يعمل فى مصر حوالى 70 شركة سويسرية.
وأكد “بول جارنييه” أنه لا تستثمر هذه الشركات وتنتج فى مصر فحسب، بل تقوم أيضًا بإعادة التصدير من السوق المحلية إلى الأسواق العالمية الأخرى، وبالتالى فهى تخلق فرص عمل إضافية، وتستفيد من اتفاقيات التجارة الشاملة فى مصر، وبالتالى تسهم بشكل مباشر فى الاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أنه وفقًا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (GAFI)، هناك أكثر من 460 شركة فى مصر بمشاركة سويسرية فى رأس المال المصدر.
ولفت إلى أن أبرز الشركات السويسرية العاملة محليًا هي: ABB وBühler وGivaudan وHero وKühne & Nagel وLafarge Holcim وNestlé Foods وNestlé Waters وNovartis وRoche Pharmaceuticals وRoche Diagnostics وSchindler وSika وSyngenta، إضافة إلى شركات أخرى.
وحول رؤيته لتأثير فيروس كورونا على الاستثمارات السويسرية العاملة فى السوق المصرية ومشروعاتها، قال إنه لا يمكننا التغاضى عن التباطؤ العالمى فى جميع الجوانب الاقتصادية، مضيفًا أنه انخفض حجم التجارة بين بلدينا فى الربع الأول من عام 2020 من حيث الكمية، لكنه زاد فى القيمة وهو حدث لافت للنظر فى الظروف الصعبة الناتجة عن الوباء.
الاقتصاد بحاجة إلى موجة ثانية من الإصلاحات للحفاظ على الإنجازات التى تحققت
ولفت “بول جارنييه” إلى أن الشركات السويسرية العاملة فى مصر أظهرت قدرة كبيرة على الحفاظ على مستوى التوظيف وإظهار المسئولية الاجتماعية من خلال مساعيها المتميزة ضد الوباء.
وتابع: ساعدت الشركات بقوة الحكومة والأفراد فى تخفيف المعاناة الاقتصادية والصحية خلال الموجة الأولى لتفشى الوباء وأنا متأكد من أنهم سيستمرون فى ذلك حتى يتم التغلب على هذه الأوقات الصعبة.
وقال إن تأثير وباء كورونا على تدفقات التجارة والسياحة وعلى النشاط المحلى شديد وتم الشعور به بقوة، مضيفاً أن رد فعل الحكومة المصرية كان سريعًا للتخفيف من المخاطر مع تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية الجريئة بفعالية.
وتابع أن هناك حاجة إلى موجة ثانية من الإصلاحات الهيكلية فى مصر من أجل الحفاظ على الإنجازات التى تحققت، مع التركيز بشكل خاص على دعم القطاع الخاص.
وقال إنه بالرغم من أن قانون الاستثمار الجديد ساعد فى تخفيف بعض الأعباء، فإن تعزيز القطاع المالى وخلق القدرة التنافسية من أجل بيئة أعمال مواتية يعد أمرًا ضروريًا.
وأشار إلى أنه استنادًا إلى موقع مصر الاستراتيجى، يُنظر إليها على أنها بوابة إلى إفريقيا للأسواق الأوروبية والأمريكية.
وأكد “بول جارنييه” أن المشروعات الحكومية العملاقة الطموحة فى مجال البنية التحتية وبناء الطرق لربط إفريقيا بالمناطق الصناعية لقناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة (NAC) تحظى باهتمام خاص.
وقال إن الصناعات الواعدة بالسوق المحلية هى المنتجات الزراعية والأدوية واللوجستيات والخدمات، خاصةً فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وذكر أن شروط الإطار المستقر والمرن واليقين القانونى شرط أساسى للشركات السويسرية للاستثمار فى الخارج، مضيفًا أنه سيكون من المنفعة المتبادلة إذا كان تدفق بعض العمليات مثل تسجيل الشركات والمنتجات وكذلك الممارسات الجمركية يمكن أن يكون أكثر قوة.
وأكد، سفير سويسرا بالقاهرة «بول جارنييه» أن هدفنا هو تشجيع المستثمرين والمصدرين للحصول على وصول أسهل وأكبر إلى السوق المصرية.