يرى خبراء ومديرو أصول بالسوق المحلية أن التيسيرات التى أقرها مجلس الوزراء مؤخرًا فى عمل صناديق الاستثمار تمهد للتوسع فى إطلاق صناديق جديدة، كما تحفز «الحالية» لزيادة رؤوس أموالها.
وأكدوا أن استحداث حزمة من الأنواع الجديدة للسندات المتعلقة بالنواحى الاجتماعية، والمشروعات الصديقة للبيئة تشجع الاستثمار فى هذه المجالات بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، وتخلق طلبًا على هذا النوع من الأدوات التمويلية، وتؤكد انفتاح مصر خارجيًا.
وفى الوقت نفسه، طرح الخبراء حزمة من المقترحات تعطى صناديق الاستثمار مزيدًا من المرونة فى عملها، من بينها فصل ميزانية الشركة عن صندوقها، وإلغاء الضرائب كليًا عن صناديق الاستثمار العقاري.
وكشف المسئولون أن شركاتهم بصدد إطلاق حزمة من الصناديق، منها ما هو قبل نهاية العام الحالى وآخر المقبل، وأن هذه التيسيرات ستدعم «المستقبلية» منها.
وكان رئيس هيئة الرقابة المالية دكتور محمد فريد أعلن مؤخرًا موافقة مجلس الوزراء على تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، تضمنت أيضًا إجراء بعض التيسيرات فى عمل صناديق الاستثمار تنشيطًا لأدائها.
ونصت التعديلات على أن يكون الحد الأدنى لرأس مال شركة صندوق الاستثمار %2 من حجمه، وبحد أقصى خمسة ملايين جنيه، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، مع منح الخيار للصندوق فى زيادة رأس ماله بما يجاوز خمسة ملايين جنيه المذكورة حال رغبته فى ذلك، وبما يؤدى إلى إمكانية زيادة حجم الصندوق دون التقيد بزيادة رأس ماله إذا كان رأس المال هذا يبلغ خمسة ملايين جنيه، وهو الأمر الذى يمنح مرونة كبيرة فى عمل صناديق الاستثمار وإزالة ما كان يعوق مواصلتها لنشاطها بسهولة ويسر.
وفى ضوء أن القواعد التى كان معمولًا بها قبل التعديل كانت تقضى بألا تجاوز قيمة وثائق الاستثمار التى يصدرها الصندوق خمسين مثل رأس المال، بما كان يستوجب فى كل مرة يرغب فيها الصندوق إصدار وثائق تجاوز خمسين مثل رأس ماله، أن يقوم بزيادة رأس المال حتى يستوعب وثائق الاستثمار المراد إصدارها.
كما تضمنت التعديلات كذلك إسناد مهمة إعداد القوائم المالية لشركة صندوق الاستثمار إلى شركة خدمات الإدارة بدلاً من مدير الاستثمار، نظرًا لاتساق ذلك مع طبيعة عمل شركة خدمات الإدارة، باعتبارها المسئولة عن تقييم صافى أصول الصندوق وإعداد بيان يومى بعدد الوثائق القائمة، يتم الإفصاح عنه بصورة يومية أو أسبوعية وفقًا لمتطلبات نشرة الاكتتاب الخاصة بالصندوق.
ومن باب التيسير على صناديق الاستثمار، فقد ألزمت تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال صناديق الاستثمار بإعداد تقارير نصف سنوية عن أدائها ونتائج أعمالها تتضمن البيانات التى تفصح عن المركز المالى للصندوق بصورة كاملة وصحيحة بناءً على القوائم المالية المعدة فى هذا الشأن وذلك بدلًا، ما هو كان منصوص عليه فى هذا الإطار من أن تكون تلك التقارير بشكل ربع سنوي.
«مباشر» تنشئ «10» العام المقبل
وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية، إن هذه التعديلات سوف توسع حجم صناديق الاستثمار دون وضع ضغوط عليها، والتقيد برأس مال محدد، ما يعطى فرصة للشركات العاملة فى المجال، سواء التى تعمل فى إدارة أصول، أو قوابض مسموح لها بهذا النشاط بإطلاق صناديق اكثر، خاصة أن هذا القطاع ليس نشطًا.
كما منحت التعديلات الشركات مرونة فى زيادات رؤوس الأموال دون اللجوء إلى إجراءات جديدة، أو الحصول على موافقات إضافية، وهذا كله يصب فى صالح الصناعة وييسرها.
وبصدد ما تحتاجه صناعة صناديق الاستثمار حاليا، قال «رشاد» إنه تم قطع شوط إيجابى على صعيد ملف الضرائب على صناديق الاستثمار الفترة الماضية، وحاليًا الدور على الشركات لاختراق مجالات جديدة، خاصة أن الهيئة أتاحت مجالات جديدة لصناديق الاستثمار، ومنها صناديق الأراضى الزراعية، وفى حالة تطبيقها سوف تخلق اختلافًا إيجابيًا للصناعة.
وكانت وزارة المالية المصرية أعلنت فى مارس الماضى عن حزمة تحفيزية للبورصة المصرية تتضمن إعفاء صناديق الاستثمار والأوعية المستمرة من الضريبة.
ونص القرار على إعفاء صناديق الاستثمار فى أدوات الدين، والاستثمار فى الأسهم المقيدة بالبورصة، وصناديق وشركات رأس مال المخاطر، وخضوع حملة الوثائق بواقع %5 للأشخاص الطبيعية و%15 للأشخاص الاعتبارية.
وتقرر إعفاء الصناديق الخيرية بالكامل، وإنشاء كيان شفاف ضريبيًا لاستثمار الأفراد فى البورصة المصرية عن طريق متخصصين؛ ما يخلق بيئة استثمارية جيدة لدعم الاقتصاد المصرى.
وكشف أن «مباشر» بصدد إطلاق 10 صناديق استثمار جديدة العام المقبل تصدر متتالية، لافتًا إلى أن هذه الخطة كان من المفترض تطبيقها العام الماضي، إلا أن التحديات الاقتصادية حالت دون تنفيذها.
واشار إلى أن مجالات ومواعيد إطلاق الصناديق العشرة سيتم إطلاقها بناء على حاجة السوق.
وكان «رشاد» صرح مؤخرا لـ«المال» إن شركته بصدد إطلاق صندوق «كاش مباشر» النقدي، بمستهدف يصل إلى مليار جنيه خلال 2023، لافتًا إلى أنه تم الاستحواذ عليه من جانب شركة «مصر الخير»، وله كيان تابع يُديره، وتم تغيير اسمه إلى «صندوق مباشر النقدى»، وذلك عقب إتمام عملية الاستحواذ خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح أن الشركة حاليًا فى مرحلة استيفاء الموافقات من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية الخاصة بعملية إعادة هيكلة الصندوق والشركة الخاصة به.
وأشار إلى أن «مباشر كابيتال» أطلقت حملات ترويج فى الفترة الأخيرة بدول الإمارات والبحرين، من خلال الأذرع التابعة لها هناك، بغرض استقطاب رؤوس أموال جديدة للبورصة المصرية.
«العربى الإفريقى»: إيجابية ومحفزة للقطاع
وقال محمد مصطفى، العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى لإدارة الاستثمارات، إن جميع التعديلات التى تم إقرارها بصدد عمل صناديق الاستثمار إيجابية ومحفزة، خاصة إعداد الميزانية بشكل نصف سنوى بدلًا من إعدادها بشكل ربعى سابقًا، وكذلك تسليم أمر إعداد الميزانية لشركة خدمات إدارة.
ولكن «مصطفى» قال فى الوقت نفسه إن هناك حاجة لخفض عدد المراجعين إلى 1 بدلًا من 2، وذلك لخفض الأعباء الإضافية التى تتحملها الشركات، وكذلك فصل ميزانية الصندوق عن ميزانية شركة الصندوق فى الإيرادات والمصروفات لتخفيف الأعباء على مستثمرى الصناديق.
ولفت «مصطفى» أيضًا إلى أن هناك حاجة لإقرار إعفاء كامل لصناديق الاستثمار العقارى من الضرائب، أسوة بباقى الصناديق، ما سيخلق انطلاقة قوية للصناديق العقارية التى تخضع حاليا لضريبة الدخل بواقع %22.5.
وكشف أن شركته بصدد إطلاق صندوق إسكان للتأمين النقدي، تابع لشركة إسكان للتأمين قبل نهاية العام الحالي، عقب الانتهاء من كل الإجراءات والموافقات الخاصة بها.
«بلوم» تطالب بإلغاء الضرائب على «العقارية»
وقال محمد حسن، العضو المنتدب لبلوم مصر لإدارة الأصول، إن هذه الضوابط تمنح صناديق الاستثمار فرصًا للتوسع، خاصة فى ظل حالات الاسترداد التى شهدتها الصناديق نتيجة التحديات الاقتصادية الفترة الأخيرة والتى تجاوزت نسبتها الـ%90.
واتفق «حسن» مع «مصطفى» فى مطلب إلغاء الضرائب على صناديق الاستثمار العقاري، لخلق انطلاقة قوية فى هذا النوع من الصناديق.
جدير بالذكر أن التعديلات التى أقرها مجلس الوزراء تضمنت أيضًا استحداث أنواع جديدة من السندات، وهى «التنمية المستدامة»، و«المرتبطة بالتنمية المستدامة»، و«ذات البعد الاجتماعي»، و«تمكين المرأة»، و«المناخ»، و»البُنية» (الانتقالية).
والسندات البُنية «الانتقالية» تهدف إلى تمويل الشركات الملوثة للبيئة، والتى ترغب فى الانتقال بأنشطتها وتطويرها لتكون أقل تأثيرًا، وهى فئة جديدة نسبيًا مقارنة بباقى الأنواع.
وقال الدكتور محمد فريدن رئيس هيئة الرقابة المالية إنه نظرًا لأهمية أدوات الدين فى أسواق المال واعتماد الكيانات والشركات عليها كإحدى الآليات التمويلية المهمة لتطوير وتنمية أعمالها، جاءت الفكرة نحو طرح أدوات تمويلية جديدة لمواجهة تحديات التغير المناخى والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة البيئة وتمكين المرأة.
يشار إلى أن صناديق الاستثمار دعمت البورصة المصرية بقوة عقب إقرار البنك المركزى سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأخرى بناء على قوى العرض والطلب.
وقال محللون لـ«المال» إنه منذ إقرار «المركزي» لسعر الصرف المرن اتجهت الصناديق المحلية للشراء بقوة، مستفيدة من الارتفاعات القوية للسوق نتيجة القرار.
وشهد شهر أكتوبر الذى شهدت نهاياته قرار تحريك سعر الصرف صعودًا قياسيًا للبورصة، بعدما ارتفع المؤشر الرئيسى للسوق EGX30 بنسبة %15.72 وربح رأس المال السوقى 76.6 مليار جنيه، وسجلت التعاملات 44.5 مليار، استحوذت الأسهم على %59.65 منها، واتجه المستثمرون العرب للشراء بصافى 606 ملايين، بنسبة %9.1 من التعاملات، والمحليون بنحو 1.239 مليار، بنسبة %80.3 من التعاملات.