قال بعض كبار مديري الأموال في أوروبا، إن المتعاملين مخطئون في المراهنة على أن البنك المركزي الأوروبي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة.
وبحسب تقرير لوكالة بلومبرج، باعتبارها مستورداً صافياً للطاقة، فإن المنطقة معرضة بشدة لارتفاع الأسعار إذا تصاعدت الأزمة في الشرق الأوسط، وتقلل الأسواق من احتمال تشديد الإجراءات الإضافية ردا على ذلك، وفقاً لشركات “ليغال أند جنرال إنفستمنت مانجمنت” و”فانغارد أسيت مانجمنت” و”روبيكو خروب”، وهذا يجعل السندات الحكومية القصيرة الأجل معرضة لخطر شديد.
الانتهاء من رفع الفائدة
يتعارض هذا الرأي مع تسعير المقايضات الذي يظهر توقف المركزي الأوروبي تقريباً عن رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع- وفرصة لا تتعدى 10% لرفع سعر الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع لاحق. في الولايات المتحدة، تظهر المقايضات فرصة نسبتها 40% لرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة مرة أخرى ربع نقطة مئوية.
قال كريستوفر جيفري، رئيس قسم أسعار الفائدة واستراتيجية التضخم في “ليفال أند جنرال”، التي تمتلك أصولاً تحت الإدارة 1.3 تريليون جنيه إسترليني (1.6 تريليون دولار): “أوروبا معرضة للخطر هنا أكثر من أي كتلة سوقية متقدمة أخرى، المركزي الأوروبي هو البنك الذي قد يشعر بالحاجة إلى تجاوز الحد في رفع أسعار الفائدة”.
في الوقت نفسه، يتعين على رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد وزملائها أن يدرسوا التأثير الاقتصادي المترتب على رفع أسعار الفائدة بعناية، حتى ولو واصلت أسعار الطاقة صعودها، فعبء ديون إيطاليا يجعل ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي هشاً للغاية في مواجهة السياسة الأكثر صرامة.
مخاوف اتسارع رقعة الصراع
أدت المخاوف من اتساع رقعة الصراع منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر إلى ارتفاع سعر خام برنت بأكثر من 10%. تزيد الاضطرابات في طرق الشحن الرئيسية مثل قناة بنما والطقس المتطرف الذي يلحق الضرر بإمدادات المواد الغذائية الأساسية من العوامل التي يمكن أن تبقي معدلات التضخم الأوروبية مرتفعة.
كما أن التفويض الوحيد الممنوح للبنك المركزي الأوروبي والمتمثل في استقرار الأسعار يجعل صناع السياسات في أوروبا أكثر ميلاً إلى رفع أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة.
أما بشأن نظرائهم في الاحتياطي الفيدرالي فمكلفون بتعزيز الحد الأقصى من التوظيف بالإضافة إلى إبقاء الأسعار تحت السيطرة.
يتفق أليس كوتني، رئيس أسعار الفائدة الدولية في “فانغارد”، مع توقعات السوق التي تشير إلى أن البنك المركزي الأوروبي سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس، لكنه يقول إن المتعاملين راضون للغاية عن احتمال تشديد السياسة النقدية في الأشهر المقبلة. وتشرف الشركة على ما مجموعه 1.9 تريليون دولار من الأصول ذات الدخل الثابت المُدارة بشكل فعال على مستوى العالم.
وقال كوتني: “السوق تقلل من فرص رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى. لقد كان هذا هو الأمر نفسه مع بنك الاحتياطي الفيدرالي” حتى الأسبوع الماضي.
الوضع المالي في إيطاليا
من الحجج المؤيدة لوقف ارتفاع أسعار الفائدة هي الوضع المالي في إيطاليا، الذي تدهور مع تعثر النمو. من شأن التشديد النقدي الإضافي أن يؤثر على النشاط وقد يدفع علاوة المخاطرة في البلاد إلى الارتفاع، مما يهدد بحدوث أزمة ديون.
كان غابرييل مخلوف، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، قال في وقت سابق من هذا الشهر، إن فارق العائد على السندات الإيطالية مقارنة مع أقرانه هو “أمر سيركز عليه المسؤولون بشدة”. تجاوزت الفجوة بين عوائد السندات الإيطالية والألمانية لأجل عشر سنوات في الآونة الأخيرة 200 نقطة أساس، وهو مستوى يحظى بمتابعة واسعة النطاق.
كتب استراتيجيو أسعار الفائدة في “كوميرتس بنك” بقيادة كريستوف ريغر: “مع معاناة اقتصاد منطقة اليورو بالفعل واتساع الفارق بين السندات الألمانية والإيطالية بشدة، ربما يكون المركزي الأوروبي أقرب بكثير إلى عتبة المعاناة من الاحتياطي الفيدرالي”. ويتوقعون أن أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي بلغت ذروتها.
لكن من يعتقدون بأن دورة رفع أسعار الفائدة لم تنته بعد يسلطون الضوء على عوامل أخرى قائمة. وقال كولين غراهام، رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في روبيكو ، إن إجراءات التحفيز الصينية الإضافية ستثير أيضاً نوبات جديدة من ضغوط الأسعار في المنطقة.
وقال غراهام: “نعتقد بالتأكيد أن البنك المركزي الأوروبي يجب أن يرفع أسعار الفائدة أكثر. فالتضخم ليس تحت السيطرة بعد”.