كشف الدكتور مدحت نافع، مستشار وزير التموين والخبير الاقتصادى، عن تبنى الحكومة فكر جديد واستراتيجية شاملة للتنمية المستدامة لشركات القطاع العام، والعمل على إيقاف خسائرها، وتنفيذ مخطط لإعادة تطويرها وهيكلتها، لتتحول من عبء على موازنة الدولة إلى كيانات ربحية.
التقت «المال» الدكتور مدحت نافع، فى حوار مطول، تناول الحديث عن عدة جوانب، أهمها آليات تطوير شركات القطاع العام كخبير اقتصادى، وليس من واقع منصبه، فضلًا عن أبرز الخطوط العريضة لخطة التطوير التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية.
بداية، أثنى «نافع» على دور الدكتور على مصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، فى وضع مخطط شامل لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، وزيادة تدابير توفير السلع بشكل احتياطى، إضافة إلى السير فى عملية التطوير والهيكلة دون إيقاف أى مصنع تابع للكيان.
وتتبنى وزارة التموين استراتيجية شاملة مكونة من 3 محاور لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، على رأسها توفير أرصدة احتياطية من السلع الأساسية، تم تنفيذها على 5 فترات، بواقع شهرين لكل فترة، بدأت فى إبريل 2020، وحتى نهاية يونيو الحالى 2021، وزيادة معدلات تدبير السلع، بحسب وزير التموين لـ«المال» مؤخرًا.
وأضاف «نافع» أن عملية تطوير الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، تعتمد على تقديم رؤية متكاملة فى أن تكون هذه الكيانات قادرة على الاستدامة، وتحقيق ربحية بشكل مستمر ومستدام، وهذا يتطلب تغييرًا فى الإدارة وطبيعتها وفلسفتها، فضلًا عن تغيير فى الأصول، وكل هذا يحتاج إلى مصادر تمويل.
وأوضح «نافع»، أن ذلك يتطلب إما طلب تمويل من الدولة، لأنها متعثرة، وإما أن تبحث الشركات فى الأصول المتاحة لديها وغير المستغلة، بهدف إعادة استغلالها بشكل أمثل، موضحًا أن استغلال الأصول إما فى الأراضى أو الخردة أو المصانع القديمة، كما أن شركات قانون 203 لديها نفس المشكلات ويمكن علاجها بنفس الحلول.
رفع كفاءة شركة السكر يحتاج إلى وقت نظرًا لأهمية الصناعة واستراتيجيتها
ولفت إلى أن من المزايا الموجودة فى شركات قانون 203 أن لديها من الأصول إذا ما أحسن استغلاله فإن بدائل التمويل ستكون ميسرة وممكنة، لكن المهم البحث عن حل مستدام، إذ إن المشكلات الأخرى التى تواجه الشركات بنسبة %80 واحدة، كمثال مشكلات شركة السكر والصناعات التكاملية المتعلقة بالوضع المالى والسحب على المكشوف، ومن ضمن خطط التطوير أن تتضمن عملية إعادة الهيكلة لهذه الأموال أو هذه الديون.
وأوضح «نافع» أن الشركات المستهدف تطويرها هى السكر والصناعات التكاملية، والزيوت، وقها، وإدفينا، قائلًا: إن «السكر» تعتبر شركة قابضة، بسبب المصانع التابعة لها التى تضم مصانع تكاملية وتكرير ومصانع كيماويات ومصانع الكحول، والمولاس، والباجاز، وهى صناعة متكاملة ضخمة يجب أن تتم دراستها بشكل استراتيجى.
الفكر الجديد فى التطوير يعتمد على دراسة جيدة للسوق
ولفت إلى أن تحالف تطوير شركات القابضة للصناعات الغذائية بقيادة شركة سيجمان ما زال مستمرا فى عملية التطوير، موضحًا أن تطوير شركة السكر يتطلب وقتًا من الزمن؛ إذ إنه متوقف على حياة ملايين من المزارعين، وتلك الصناعة مهمة لأنها إستراتيجية، ويجب وضع هذا فى الاعتبار عند التطوير.
وأكد «نافع» أن الدولة لديها نية تطوير هذه الشركة، وجعلها فى مكانتها التى تليق بها، من حيث إنتاج أزيد عن الطاقة الموجودة حاليًا، لافتًا إلى أنه تتم دراسة ملف التطوير فى مراحله المختلفة.
وقال إنه بالتنسيق مع الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، تم التواصل مباشرة مع التحالف المسئول عن التطوير، وذلك لمتابعة هذه العملية من خلال عقد اجتماعات دورية للوصول إلى أفضل النتائج، وتم التوفيق إلى حد كبير، كما أن الشركات ملتزمة بالنقاط الخاصة بها وتذليل العقبات.
وفاز تحالف دولى مكون من 4 شركات (سيجمان، بى إم إيه، ماين كيبتال، رونالد بيرجر)، فى أكتوبر 2020، بهدف تطوير وتحديث وإعادة هيكلة شركة السكر ومصانعها التابعة لتعظيم الاستفادة من هذه الكيانات الوطنية، حتى تتمكن من المنافسة محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وتأتى تلك الخطوة بهدف وضع صناعة السكر على خريطة المنافسة المحلية والإقليمية والدولية، بحيث ستتم دراسة الموقف (المالى، الفنى، الإداري) ووضع البدائل المناسبة، مع تحديد نقاط القوة والضعف بهدف النهوض بالشركة الذى سينعكس إيجاباً على النهوض بصناعة السكر، بحسب تصريحات سابقة لوزير التموين.
وعن تطوير شركات الزيوت، أوضح «نافع» أنها تمر بتجربة للتطوير الشامل بين الاستخلاص والتكرير، وكثير منها ما زال يعمل بكفاءة عالية مثل شركة الإسكندرى، وتم عرض التصور الأخير لعملية الهيكلة الشاملة، التى مرت بمراحل كثيرة.
وأشار «نافع» إلى أن تلك المراحل تناولت كل الاختيارات بين البدائل المطروحة، وتمت فيها مراعاة الحفاظ على حقوق العمال وتحسين استغلال الأصول بشكل أكبر، والاعتبارات السوقية، وكيفية تسويق المنتج بعيدًا عن دعم وحماية الدولة والتكلفة الشاملة، لافتًا إلى أنه تم حصر لكل الشركات المستهدف تطويرها.
ولفت إلى أن المزيج السلعى للمنظفات والصابون يجب أن يتم تطويره بشكل أكثر حساسية من المنتجات الغذائية، لأن المنافسة فى هذه السوق حادة جدًا، ولذلك تطويرها يجب أن يكون على علامة تجارية لها خواص معينة تستطيع المنافسة والوجود فى السوق المحلية بجوار مثيلاتها.
يشار إلى أن خطة تطوير شركات الزيوت تضم «الإسكندرية»، و«طنطا»، و«أبوالهول»، و«النيل»، وتستهدف ضم تلك الشركات فى كيان ضخم يعمل على منافسة المنتجات المثيلة فى السوق المحلية.
وتستهدف وزارة التموين إنتاج نحو 60 مليون زجاجة زيت شهريًا من خلال ذلك المصنع الجديد المقرر إنشاؤه، ليتم طرحها على البطاقات التموينية، إضافة إلى إمكانية التصدير إلى الخارج، وفق تصريحات وزير التموين لـ«المال» فى وقت سابق.
وتابع «نافع» أنه بعد إتمام إجراءات الدمج بين شركتى قها وإدفينا التى حدثت خلال الفترة الماضية، سيتم ظهور كيان جديد محافظ على هذا التاريخ، وبنفس القيمة النفسية والمعنوية الراسخة لدى المستهلك المصرى، خاصة فى منتجات المجمدات والمربات والصلصة والعصائر والمركزات.
وقال إن كل تلك العناصر تؤهلها لإقامة مجمع صناعى متكامل باستثمارات ضخمة، كما أن المنافسة على أساس جودة المنتج والقدرة على تصريف المنتج بسعر مناسب للمستهلك بجودة أفضل هى النقطة المهمة.
وأضاف «نافع» أن التطوير يجب أن يكون من خلال عملية مستمرة وليس على فترات، موضحًا أن الشركة التى تتوقف عن التطوير هى شركة اتخذت قرارًا بالغلق، قائلاً: يوم ما توقف قرار التطوير استعد للغلق، وسيتجاوزك الزمن والمنافسة والمنافسون الجدد.
وتابع أنه تم التواصل مع شركات عالمية، وتم الرجوع لقائمة شركات الأعلى، من حيث الإيرادات والتى تنتج منتجات مشابهة لشركتى قها وإدفينا، وتم توقيع اتفاقيات تعاون معها، وعدم إفصاح مع بعضها، وهناك مفاوضات، مشيرًا إلى أنه سيتم الحفاظ على كل حقوق العاملين فى قها وإدفينا، وباقى الشركات المستهدف تطويرها.
وقال «نافع»، إن الفكر الجديد فى إعادة هيكلة وتطوير الشركات الحكومية يعتمد على دراسة جيدة للسوق، وتكلفة المنتج ومدى قابلية الطلب عليه، وإلغاء فكرة البضائع الراكدة التى كانت من قبل، وأصبح الوضع حاليًا الإنتاج لتلبية الاحتياج المطلوب والمنافسة العادلة.
وأوضح أن استراتيجية تطوير شركات التابعة لوزارة التموين تتبنى دراسة للسوق بشكل جيد، ومعرفة هامش الربح، والعمل على خفض التكلفة الإنتاجية، وإعادة هيكلة مالية وصناعية وفنية لكل الشركات للحضور فى السوق المصرية بأسلوب المنافسة.
وتابع أن وزارة التموين حاليًا بقيادة الدكتور على المصيلحى تسعى دائمًا للشراكة مع القطاع الخاص فى عملية التطوير والترويج لكل الأصول المنتجة التابعة للوزارة لتعظيم قيمتها السوقية، وتقديم نموذج محترف للمنافسة والبقاء بشكل مستمر.
أتوقع الطرح فى البورصة بعد انتهاء مخطط التحديث
وتوقع “نافع” أن نرى الشركات التابعة للوزارة فى البورصة المصرية بعد إنهاء مخطط التطوير وإعادة الهيكلة الشاملة، وذلك على غرار النهج الحكومى حاليًا، وهو خلق فرص تمويلية بديلة وتنفيذ برنامج شامل للطروحات الحكومية.
وأوضح أن توسعة هيكل الملكية وزيادة آليات توفير التمويل المطلوب بشكل مستمر للتطوير ورفع القدرات الإنتاجية وتحقيق الاستدامة للمنتج هو الفكر الاحترافى للاستثمار، الأمر الذى تعمل الدولة على تغييره حاليًا.
وفى سياق موازٍ، أكد “نافع” أنه يتولى منصب مجموعة شركات «fast group» لخدمات النقل، وأن الكيان الجديد يهدف إلى المشاركة فى مبادرة إحلال السيارات التى أطلقتها الحكومة مؤخرًا، لافتًا إلى أن هناك تواصلًا وخطابات مع وزارة التجارة والصناعة بهدف الدخول فى المبادرة.
ولفت إلى أن «فاست جروب» تهدف إلى توفير تسهيلات تمويلية للشباب للحصول على سيارات وانضمامها للعمل تحت مظلة الكيان الجديد، وتقديم خدمات نقل ذكية وبشكل محترف، وخفض التواصل المباشر مع الجمهور وتوفير تذاكر بشكل رقمى لكل الوسائل المتاحة، خاصة فى ظل الجائحة التى تفرض اليات التباعد الاجتماعى للوقاية.
وتهدف مجموعة فاست جروب لخدمات النقل الذكى المنافسة على الشراكة فى إدارة شركات نقل الركاب التابعة لـ«القابضة للنقل البحرى والبرى» وهى الصعيد للنقل والسياحة، غرب ووسط الدلتا، وشرق الدلتا للنقل والسياحة ضمن الخطط التوسعية للمجموعة بالسوق المحلية.
وطرحت الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى إدارة تلك الشركات التابعة لها أمام القطاع الخاص منذ أيام، على أن يعقب تلك الخطوة إجراء عملية دمج 3 كيانات فى شركة واحدة.