استخلصت مصطلح «الشطرنج الإلهى» كقانون كونى مُحكم تجلى فى:
1 – حكمة (الإرادة الإلهية العامة) لخير خلقه تعالى دائما وأبدا، باليسر لا العسر، التخفيف، رفع الحرج، عدم ظلم العباد، كما أورد سبحانه حكمته بسور البقرة، النساء، المائدة، غافر. و(إرادته الخاصة) بفرض الثواب والعقاب للإنسان فى الدنيا بتعامله خيرا أو شرا مع مخلوقاته سبحانه، كما أوردها بسور الرعد، المائدة، الأنعام، يونس، يس.
2 – قوة (كن فيكون) المذكورة بـ7سور؛ البقرة، آل عمران، يس، الأنعام، النحل، مريم، غافر. وجميعها ترتبط بالقضاء والقدرة الإلهية.
3 – تدابير (المكر الإلهي) وهى مذكورة بـ 5 سور؛ الأعراف، الرعد، آل عمران، الأنفال، يونس، وجميعها ترتبط بتفعيل (إرادته الخاصة) لتقويم المكر البشرى.
مصطلح «الشطرنج الإلهى» خارج مفهوم اللعبة المادية، ولكنه استحضار لتجميع قدرة الله فى تغيير أدوار البشر عندما يُخلّون بنظام إرادته العامة.
يتكون المكر البشرى من ماكر وممكور به وغاية وأدوات ونطاق، وتُبنى منظومته على الخبث والمطامع والإفك، لتحقيق غايات معينة، لتُنفذ بأدوات المؤامرة والحيل والاصطناع وإعادة ترتيب الأوراق. تشكلت هذه الأدوات بمر العصور والظروف وثقافات الشعوب، فقد يتحقق المكر بمعاملات ثنائية أو جماعية أو جماعات أو حتى دول! لتصاغ كخديعة بقالب مكيدة. المحصلة النهائية أن ما نراه ونعيشه قد يكون حقيقة أو إرهاصات مكيدة أو نتائج مكر ماكر، لتحقيق منافع أو مصالح لفرد أو مجموعة أو طائفة أو مجتمع أو دولة أو اتحاد دول.
تلعب البشرية بمستهل القرن 21 أخطر دور شطرنج بتاريخها، تم فيه تغيير قواعد لعبته الأصلية، ليضم الشعوب المحكومة ضد الكيانات الحاكمة (دول/منظمات دولية) كلاعبين، وعلى جانبى الرقعة التكنولوجيا وعلم المستقبل، كمستفيدين من فراغات تحرك البيادق على الرقعة بتغيير مواقعها. كذلك تطورت البيادق لتكون البشر، الموارد الطبيعية، الدين، العلم، الإعلام، الوعى الجمعى، المصالح.
محنة العالم الآن، هى عدم علم بيادق الشطرنج الممكور بها بما يخبئه لها دور الشطرنج! وهو سر نجاحه المطلق ـ حتى الآن ـ فى بيع الصورة الذهنية المتعددة للعالم الجديد للممكور بهم! كفيروس كورونا، طفرات جينية وتقنية، صراعات سياسية إقليمية ودولية، خلخلة أيديولوجية عالمية، تحركات عسكرية، تغيرات جغرافية، مداهمة ثوابت، صراعات طائفية وعنصرية، ضرب الاستقرار الاقتصادى عالميا، ابتكار نظم مالية ومصرفية جديدة، ترتيبات الدين الإبراهيمى الجديد، تفكيك اتحادات قائمة واستهداف أخرى جديدة، كتائب حرب غير معلنة وتجرى بمنتهى الشراسة، مصل الشريحة وشبكات الجيل الخامس، جغرافيا أفريقيا الجديدة وإعادة اكتشاف الأمريكتين، تمثيلية صراع الصين/أمريكا/روسيا لقيادة العالم، صحوة التفرقة العنصرية والدينية، التحالفات والتطبيعات العربية مؤخرا، فرق الدجال والمهدى، بداية دخول الروبوتات للحياة، وغيرها من أدوات المكر البشرى للعبور للنظام العالمى الجديد.
وللحقيقة الصورة الكلية لتوقعات دور الشطرنج الآن صعبة، إن لم تكن مستحيلة معرفتها!؟ المسموح به فقط هو إدارة البيادق بالمكر وعلم الضحية بنصيبها المحتمل فى كعكعة الخديعة، ليس إلا! ليكون الجميع محلا لتدخل الإرادة الإلهية الخاصة لضبط الدور.
يتأجج الآن الشطرنج بالنقلات السريعة جدا لأطراف الرقعة، ليتوغل المكر البشرى لإدارة الدور بالمحن وعلامات الساعة، بما يؤثر على فهم وتفهم وتفاعل البشر مع كل نقلة بيدق على الرقعة! فيتأثر الاستثمار وصناعة القرار وتحريك الأموال ومستقبل الأعمال وتصورات خطط المستقبل بداية من الفرد إلى الدولة ذاتها.
فدور الشطرنج مستمر ولاعبوه فى معترك الاختبار، والتطوير لأدوات المكر البشرى على أشده.. فى غفلة عن حقيقة دور الشطرنج الإلهى (الإرادة الإلهية ـ قوة كن فيكون ـ تدابير المكر الإلهي) فى تقويم البشر وعمارة الأرض.
هنا المكر الإلهى كما هو دائما ـ يدور بمغزله لصرف كيد الماكرين! فيحيك الله عز وجل للماكر عمله السيئ عليه، جراء ما نوى الماكر أصلا من سوء للصالحين أو البشر، ليصبح عدم علم هذا الماكر بإرادة الله سبحانه، مكرا منه عز وجل، يوقع به العقوبة على الماكر. فسماه المولى مكرا، لأنه يجرى ويتم فى غفلة من الماكر، وأمنه التام من أن يأتيه سوء من الله أو تغييره لمخططاته أو إفساده لمكائده، فيظن ربحه للدور بمكره البشرى. غفلة ماكرين السوء عن قانون الشطرنج الإلهى وإيمانهم بمكرهم وكيدهم لتغيير خلق الله، يجعلهم مستحقين لنفاذ القانون عليهم بمنتهى العدالة.
إن تطبيق قانون الشطرنج الإلهى، لا يسرى بحسابات قوانين الأرض من حيث الزمان والمكان! ولكنه قانون تدبر وإمهال وتعذير وتصرف وعقاب، مهما طال دور شطرنج المكر البشرى واستحكم. هذا القانون هو الوحيد الذى لا يقره أحد ولا ينفذه أحد ولا يتوقعه أحد! ولكنه قائم على إصلاح حال الخليفة على الأرض بغض النظر عن الزمان والمكان! «وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون» الحج: 47.
لذلك؛ دعونا نُكمل معاينة أساطين المكر البشرى فى محن شطرنج القرن 21، بغزلهم دماء ومصالح ومصائر البشر أزياءً جديدة للغد، وندعو بقلب دعوة سيدنا يوسف عليه السلام (وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)، ففيروس كورونا مثلا جدد شباب الكرة الأرضية وسد ثقب الأوزون، وبدأ البشر يتنبهون لوعى جمعى جديد.
فشطرنج المكر الإلهى ينسج بهدوء ثوب الغد، والقانون سارٍ وأنا مطمئن!
* محامى وكاتب مصرى
bakriway@gmail.com