أبحرت سفينة برنامج CEO Level فى حلقته الأخيرة بقطاع واعد وهام؛ ألا وهو “الاستثمار فى شركات التكنولوجيا الناشئة”، وذلك عبر محمد عكاشة، الشريك الإدارى لشركة ديسربتيك لرأسمال المخاطر.
وتطرقت الحلقة المتاحة حاليًّا للجمهور على قناة جريدة المال على موقع يوتيوب، للتفاصيل الفنية والجزئيات الإدارية المتعلقة بصناعة الاستثمار فى شركات التكنولوجيا الناشئة، من طريقة عمل صناديق رأسمال المخاطر، وسياستها الاستثمارية، مرورًا بالمعايير الخاصة باختيار الشركات الناشئة، وصولًا إلى مناقشة هامة حول آراء المدرسة الكلاسيكية للاستثمار ونظيرتها الحديثة التى تتبع طرق تقييمات مختلفة عن الأولى.
وشملت حلقة برنامج CEO Level الذى يقدمه حازم شريف، رئيس تحرير جريدة المال، ويُذاع مساء الخميس من كل أسبوع على قناة جريدة المال على يوتيوب، تفاصيل جديدة عن صندوق “ديسربتيك” الذى يستهدف الاستثمار فى شركات التكنولوجيا المالية.
أغلقنا بالكامل الصندوق الأول لـ«ديسربتيك» بـ25 مليون دولار
وكشف عكاشة، أثناء الحلقة، تخطيط الصندوق للاستثمار فى -22 24 شركة، وضخ نحو %30 من أموال الصندوق البالغة 25 مليون دولار، فى 10 شركات حتى الآن، بالإضافة إلى التخطيط لاستثمار الـ%70 المتبقية خلال عامين.
نستهدف الاستثمار فى -22 24 شركة خلال 5 أعوام
● حازم شريف: ضيفنا اليوم هو وجه مألوف فى قطاع التكنولوجيا المالية الـFINTECH وذو تاريخ يشهد له بذلك المجال بأفرعه المختلفة، محمد عكاشة، الشريك الإدارى لشركة ديسربتيك، العاملة فى مجال الاستثمار بالـFINTECH.
محمد عكاشة: أهلًا بك وبجمهور CEO Level.
● حازم شريف: فى البداية، من أين تخرجت؟ وكيف بدأت مسيرتك العملية وصولًا لقيادة «ديسربتيك»؟
محمد عكاشة: تخرجت فى الجامعة الأمريكية بتخصص رئيسى فى علوم الكمبيوتر، وآخر ثانوى بإدارة الأعمال فى فبراير عام 1995، وانضممت على الفور لشركة معروفة آنذاك؛ وهى “بروتكت” التى اندمجت فيما بعد مع شركات أخرى لتكوين كيان كبير وهو “راية”.
واستمرت رحلة تواجدى فى “راية” حتى عام 2006، وكنت أحد المديرين لشركة “راية للنظم”، ثم انتقلت إلى شركة “فودافون” بوظائف مختلفة؛ منها المبيعات والتسويق، والعمل مع شركات تابعة لفودافون مصر فى دول أخرى؛ وتحديدًا أفريقيا والهند وتركيا.
خططت للاستقالة من «فورى» عقب الطرح فى البورصة بـ6 أشهر
وفى عام 2009 انضممت لفريق عمل يسعى لبناء شركة “فوري” مكون من أشرف صبرى، وماجدة حبيب؛ وذلك لتوفير خدمة دفع الفواتير من خلال ماكينات الـATM، وأقنعتهم بفكرة دفع الفواتير من خلال المحالّ المختلفة، ونجحنا فى ذلك عبر توفير خدمة fawry payment.
وفى أبريل 2020 قدّمت استقالتى من “فورى”، وكنت أشغل فى ذلك الوقت منصب العضو المنتدب لـ”فوري”، وبدأت مع فريق العمل الحالى تأسيس “ديسربتيك”.
● حازم شريف: لماذا استقلت من “فوري” وأنت عضو منتدب لشركة صاحبة واحدة أنجح الطروحات التى تمّت بالبورصة؟ وهل كنت تمتلك حصة من أسهم “فوري”؟
محمد عكاشة: نعم، امتلكت حصة من أسهم فورى، بجانب أشرف صبرى، وماجدة حبيب، لكننا لم نكن نمتلك الأغلبية، إذ كانت حصتنا مجتمِعةً أقلية.
● حازم شريف: كم كانت حصتكم مجتمعة؟ وكم بلغت حصتك بشكل منفرد؟
محمد عكاشة: بدأنا بحصة مجتمعة بنحو %10-9ثم بدأت تلك الحصة تنخفض تدريجيًّا.
ودائمًا كان لديّ هدف حلم بتأسيس كيان خاص بى، وفى ذلك الوقت كانت هناك فرص كبيرة للاستثمار فى الشركات الناشئة، وكنت مؤمنًا بأهمية هذه النوعية من الاستثمار.
وقد انتظرت اللحظة المناسبة؛ والتى جاءت عقب نجاح الطرح فى البورصة، الذى فتح الباب لرؤية المسثتمرين أهمية الاستثمار بالشركات الناشئة فى مصر والشرق الأوسط بأكمله، وأعددت خطتى للتخارج عقب الطرح بـ6 أشهر، وبداية الاستثمار الخاص بي.
● حازم شريف: هل طرحت تلك الخطة على المستثمرين فى الجولات الترويجية لطرح «فورى»؟
محمد عكاشة: لا، ولكن كان هناك اتفاق ضمنى مع مجلس الإدارة حول تلك الخطة، وساعد على ذلك أن “فوري” كانت قد تحولت لمدرسة استطاعت تخريج كوادر كبيرة أصبحت قادرة على قيادة الشركة باحترافية شديدة.
● حازم شريف: “راية القابضة” تقول إنها مدرسة أخرجت العديد من الكوادر، و”فوري” باتت هى الأخرى مدرسة، ومن المتوقع أن تتحول شركات أخرى لتلك الفلسفة التعليمية.
محمد عكاشة: أعتبر نفسى خريج مدرسة “راية”؛ إذ عملت بها فى الفترة التى جمعت العديد من القيادات فى مجال التكنولوجيا، ثم تخرجنا فيها وأسسنا كيانات خاصة، وكان النجاح حليفًا لمعظم تلك التجارب.
● حازم شريف: ميزة تجربة “راية” تكمن فى فتح المجال أمام كوادرها على نماذج الاستثمار، وكيفية إقامة علاقات مع بنوك وشركات الاستثمار وجهات التمويل، وهو أمر لم يتوفر فى باقى الكيانات التى تعمل بمجال البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات فى ذلك الوقت.
محمد عكاشة: بالضبط، هناك أسماء كبيرة فى مجال التكنولوجيا المالية حاليًّا، من خريجى “راية”، وهى بالفعل مدرسة، و”فوري” على وشك أن تكون مدرسة تُخرج العديد من الكوادر.
وفكرة الاستثمار الخاص بى كانت أحد أهدافى أثناء تواجدى فى “فوري”، ولم يكن الصندوق هو الخطة الأولية، إذ كنت أستهدف الاستثمار بشكل مباشر، ثم قررت فعل ذلك بشكل مؤسسى وليس بشكل فردي.
● حازم شريف: قررت الخروج من فورى، وتأسيس شركة رأسمال مخاطر، تدير صندوقًا أو أكثر للاستثمار فى الشركات الناشئة، مَن شاركك تلك الفكرة وتأسيسها فى البداية؟
محمد عكاشة: فريق عمل تأسيس شركة “ديسربتيك” للإدارة مكون من 3 شركاء آخرين معى هم مالك سلطان، ويحيى أبو الوفا، ودينا الشريف.
وتجمعنا على نفس الرؤية؛ وهى الفرص الكبيرة للاستثمار المتاحة فى الشركات الناشئة، وتحديدًا العاملة فى التكنولوجيا المالية، وأسسنا الشركة فى أبريل 2020.
● حازم شريف: دعْنا نتطرق لطبيعة العمل فى الشركة؛ هل تم تنفيذ جولات ترويجية؟ وماذا عن حجم الصندوق الأول للشركة؟
محمد عكاشة: طبيعة العمل فى شركات الإدارة تقوم على تأسيس شركة الإدارة فى البداية، ثم مرحلة عرض الفكر الخاص بالشركة على المستثمرين داخل مصر وخارجها؛ لجمع الأموال المستهدفة، ويمكن تنفيذ إغلاق أول أو أكثر، وبدء الاستثمار فى الشركات المستهدفة.
وعند اكتمال الصندوق، قد تقوم الإدارة بدراسة تأسيس صندوق آخر، وهناك شركات تكتفى بصندوق واحد، وأخرى تؤسس صندوقًا متخصصًا مختلفًا عن الأول، على سبيل المثال، نحن لدينا صندوق صغير ومتخصص، ومن الممكن أن يكون صندوقنا المقبل مختلفًا، وذلك يتحدد وفقًا لوضع السوق وخبرات الإدارة ومدى نجاحها.
والصندوق الأول الذى أُطلق فى أبريل 2020، تم إغلاقه تمامًا بنحو 25 مليون دولار.
حصتنا فى الصندوق أقل من %20 موزعة على الشركاء الـ4
● حازم شريف: أثناء تأسيس شركة الإدارة، هل تم تحديد حصة شركة الإدارة فى الصندوق؟ وكم تبلغ تلك الحصة؟
محمد عكاشة: تقوم شركة الإدارة بالمساهمة بحصة فى الصندوق كنوع من الطمأنينة لباقى المستثمرين، وتبلغ حصة الشركة فى الصندوق أقل من الـ%20، موزعة بنسب مختلفة بين الشركاء الـ4، وذلك وفقًا لحصص كل منهم فى هيكل ملكية شركة الإدارة.
أمتلك حصة الأغلبية فى «ديسربتيك» لإدارة الصناديق
●حازم شريف: هل تمتلك حصة حاكمة فى شركة “ديسربتيك” للإدارة؟
محمد عكاشة: نعم، أمتلك حصة أغلبية فى الشركة.
● حازم شريف: سأعتبر نفسى مستثمرًا تريد إقناعه بالمساهمة فى الصندوق، ما المستهدفات وخطة العمل والعوائد المتوقعة التى ستعرضها كى تجذب الأموال المطلوبة؟
محمد عكاشة: رؤيتنا فى الصندوق تقوم على التحول الرقمى الكبير فى مصر والمنطقة، الذى يخلق فرصًا كبيرة للشركات التى تسعى لبناء نظم أعمال غير تقليدية باستخدام التكنولوجيا، على سبيل المثال، “فوري” نجحت فى سد الفجوة الخاصة باحتياجات العملاء بسداد الفواتير من مكان واحد.
نستهدف عائدًا داخليًّا “IRR” بـ%25 على الدولار كحد أدنى
ونسعى لخلق محافظ استثمارية فى شركات ناشئة 22- 24 شركة خلال 5 أعوام من بداية الاستثمار، بأنشطة متنوعة، وسنستحوذ على حصص أقلية تتراوح بين 5-10 % عبر زيادة رأسمال تلك الشركات.
ونستهدف تحقيق معدل عائد داخلى على الاستثمار RRI %25 على الدولار، كحد أدنى.
● حازم شريف: لماذا 22- 24 شركة بالتحديد؟
محمد عكاشة: الركيزة الأساسية لنجاح أى صندوق، هو التنوع فى المحفظة، خاصة ان الشركات الناشئة ذات نسب مرتفعة من المخاطر، ومن ثم يجب توزيعها على عدد أكبر من الشركات كجزء من الخطة الاستثمارية.
●حازم شريف: إذا كان 22 – 24 شركة هو العدد الكافى لتوزيع المخاطر، لماذا تستهدف حصص 5 – %10 بدلًا من الاستثمار بحصة حاكمة؟
محمد عكاشة: طريقة عمل صناديق الاستثمار رأسمال المخاطر أصبحت مختلفة بعض الشيء، إذ بات من المتعارف عليه أن يكون المؤسسون للشركات المستهدف الاستثمار بها هم أصحاب الأغلبية فى بداية التمويل، فى حين تكون صناديق رأسمال المخاطر صاحبة حصة الأقلية.
500 ألف دولار إلى 1.5 مليون دولار الاستثمار فى الشركة الواحدة تُضخ على مراحل
● حازم شريف: ما الحد الأقصى لمساهمة الصندوق فى الشركات التى يستثمر بها؟
محمد عكاشة: يتراوح حجم استثماراتنا فى الشركة الواحدة بين 500 ألف دولار و1.5 مليون دولار، ويتم ضخّها على مراحل وليس دفعة واحدة، إذ سيتم الاستثمار فى الشركة وفقًا لاحتياجاتها.
● حازم شريف: تلك المراحل تتسم بتقييمات مختلفة للشركة، هل هذا صحيح؟
محمد عكاشة: بالتأكيد، تتم عبر تقييمات مختلفة، ويجب الإشارة إلى أن اتباعنا لتلك الطريقة يعود إلى سببين؛ الأول التأكد من حسن الأداء، والثانى متعلق بترك المجال لمشاركة الصناديق الأخرى للاستثمار بالشركة.
ودخول عدد من الصناديق الاستثمارية أمر مهم لإحداث التنوع المطلوب، إذ تستفيد الشركة من كل جهة مشارِكة؛ سواء كانت مؤسسة دولية أو صندوقًا متخصصًا أو بنكًا.
● حازم شريف: ماذا عن سيناريوهات الخروج من الشركة؟
محمد عكاشة: شركة الإدارة هى المسئولة عن اتخاذ قرارات الاستثمار والتخارج من الشركات، حين تكون هناك فرصة للتخارج عند تحقيق مضاعف ربحية معين، يتم التخارج سواء بشكل جزئى أو كلي.
وفرص التخارج مختلفة؛ منها الاستحواذ على الشركة محلّ الاستثمار من أخرى أكبر، أو من قِبل شركة عالمية ترغب فى التواجد بالسوق المحلية، أو عبر الاندماج مع شركات أخرى، بالإضافة إلى آلية الطرح فى البورصة.
ويجب الإشارة إلى أن التخارج عبر الطرح فى البورصة لم يكن موجودًا من قبل، حتى نجحت “فوري” فى التواجد بالبورصة، وكان ذلك تحديًا كبيرًا؛ لأن شركات التكنولوجيا الناشئة تستغرق وقتًا أطول لتحقيق الأرباح، بالإضافة إلى أن معايير تقييم الدولية تلك الشركات مختلفة عن الشكل التقليدي.
وشركات التكنولوجيا فى العالم يُنظر إليها من قِبل المستثمرين بشكل مختلف، إذ يتم وضع مضاعفات ربحية عالية، اعتمادًا على نسب النمو غير الطبيعية التى تسجلها، وكانت تلك المضاعفات غير متعارف عليها فى السوق المحلية.
ومن ثم فإن نجاح «فورى» فى استقطاب مستثمرين دوليين على مضاعفات ربحية مرتفعة، كان تنبيهًا بضرورة الأخذ فى الاعتبار أن العالم ينظر لتلك النوعية من الشركات بمنظور مختلف، ويجب على مجتمع الاستثمار بالسوق المحلية التطور ومواكبة ذلك المنظور الجديد.
● حازم شريف: ما الأجل الزمنى للاستثمار فى الصندوق؟
محمد عكاشة: عمر الصندوق تقريبًا يصل لـ10 أعوام، منها 5 أعوام للاستثمار بالشركات المختلفة، ومثلها للتخارج، وقد يتم التخارج قبل تلك المدة وفقًا لكل حالة، إلا أن ذلك الأجل الزمنى المحدد وفقًا لعقد الإدارة بين مساهمى الصندوق.
● حازم شريف: هل يتم توزيع أموال التخارجات على المساهمين أم تتم إعادة ضخّها فى شركات أخرى؟
محمد عكاشة: ذلك القرار يرجع الى مجلس ادارة الصندوق، وفى حال التخارج من شركة ما وتحقيق عوائد، يكون هناك خيارين الأول: هو توزيعها بنسب مشاركة المستثمرين فى الصندوق، أما الخيار الثانى فهو إعادة ضخّها فى شركات أخرى.
وهناك مدارس فى الإدارة بتلك الصناديق، حيث فى حالات التخارج المبكر من الشركات المستثمَر بها فى الأعوام الـ5 الأولى من عمر الصندوق، يكون الميل الأكبر لإعادة الاستثمار، أما إذا حدث التخارج فى النصف الثانى من عمر الصندوق فالخيار المتاح هو توزيع العوائد على المساهمين.
● حازم شريف: ما الحد الأدنى والأقصى للمستثمر للمشاركة فى صندوق رأسمال المخاطر مثل “ديسربتيك”؟
محمد عكاشة: ذلك النوع من الصناديق مخصص للاستثمار المؤسسى، والحد الأدنى لصندوقنا يبلغ مليون دولار، لكنه يختلف من صندوق لآخر، هناك صناديق الحد الأدنى بها مليون دولار، وأخرى 5 ملايين دولار.
ويجب تأكيد أن نوعية المستثمرين هدف رئيسى عند تأسيس الصندوق، إذ لا نستهدف جمع الأموال فحسب، إذ نسعى وراء المؤسسات التى تساعدنا على تحقيق مستهدفاتنا.
فعلى سبيل المثال، مؤسسة التمويل الدولية أعلنت، منذ أيام، عن استثمارها فى الصندوق بنحو 5 ملايين دولار، وهى مهمة لنا؛ لامتلاكها استثمارات فى صناديق مثلنا فى دول أخرى، بالإضافة إلى قدرتها على تمويل الشركات حال تعاظمها ونموّها بالشكل الذى يسمح لها بالحصول على التمويل المباشر.
ويجب أن يكون هناك تنوع فى المستثمرين المشاركين بالصندوق، سواء مؤسسات دولية، المكاتب العائلية، المؤسسات المتخصصة فى صناديق الاستثمار، ودائمًا نسعى لتحقيق ذلك الخليط من المستثمرين فى الصندوق.
● حازم شريف: ما أقل قيمة استثمار ضُخّت فى الصندوق؟ وكم يبلغ عدد المستثمرين؟
محمد عكاشة: عدد المستثمرين الإجمالى أقل من 10 مؤسسات، وأقل قيمة استثمار مليون دولار، وأعلى قيمة 7 ملايين دولار.
● حازم شريف: ما النطاق الجغرافى لعمل الصندوق أعلى قيمة محليًّا فقط أم هناك مستهدفات خارجية؟
محمد عكاشة: الصندوق يستهدف الاستثمار فى الشركات الناشئة بالتكنولوجيا المالية داخل مصر فقط.
● حازم شريف: ماذا فعلتم بالأموال التى تم تجميعها؟
محمد عكاشة: تم تجميع الأموال المستهدفة البالغة 25 مليون دولار، خلال الفترة من أبريل 2020 حتى الشهر الحالى، إذ تم الإغلاق النهائى للصندوق مؤخرًا.
وتم استثمار نحو %30 من أموال الصندوق فى 10 شركات حتى الآن، ونحن ما زلنا فى النصف الأول من عمر الصندوق، وهناك فرص كبيرة فى السوق المصرية، وسنستثمر الأموال المتبقية خلال عامين تقريبًا.
● حازم شريف: ما الشركة التى تتوقع لها أن تكون فرس الرهان مستقبلًا؟
محمد عكاشة: أتوقع نجاح الشركات الـ10، وهى نماذج استثمارية متنوعة بقطاعات مختلفة عن بعضها، ونحن لا نستثمر فى شركات خدمات مالية تقليدية، مثل الدفع الإلكترونى، إذ نستهدف النماذج الابتكارية التى تمتلك الفرصة للنجاح سريعًا قبل ظهور منافسين لها.
وقمنا بالاستثمار فى بداية عمر الصندوق بشركة “خزنة” التى تستهدف ميكنة نظام “السلف” بالشركات، إذ أتاحت للموظفين بالشركات التى تتعاقد معها استخدام التطبيق الخاص بها.
وقد تعاقدت “خزنة” مع بنك أبوظبى الإسلامى، وحصلت على موافقة من البنك المركزى، على إصدار كارت يحمل اسم البنك والشركة، وسيتم توزيعه على عملائها من موظفى الشركات.
كما قمنا بضخّ استثمار فى شركة “بريمور”، التى تعمل على خلق فرص عمل لسيدات المنزل، من خلال التطبيق الإلكترونى لها تستطيع ربة المنزل عمل أمر توريد لمنتجات؛ بهدف إعادة بيعها وتحقيق عوائد منها، ونجحت “بريمور” فى توفير سبل لتوريد المنتجات المطلوبة من المنتجين إلى ربات المنازل.
بالإضافة إلى الاستثمار بشركة “فاتورة”؛ وهى إحدى الشركات المتميزة، التى تربط بين المحل الصغير أو الكشك، وبين تاجر الجملة أو الموزع، إذ يستطيع العميل طلب احتياجاته من البضائع عبر التطبيق الإلكترونى الذى يقوم بدوره بإرسالها فورًا إلى الموزع.
واستطاعت “فاتورة” توفير خدمة إضافية للمحل الصغير والكشك، عبر منحه القدرة على سداد قيمة البضائع المطلوبة نقدًا أو بالتقسيط.
وأيضًا تم الاستثمار فى شركة “مزارع” التى نجحت فى ربط المزارع بمشترى المنتجات الزراعية، حيث بات فى مقدور الفلاح بيع المحصول من خلال تطبيق معين، بالإضافة إلى توفيرها له حلول التمويل والبذور والسماد وباقى احتياجاته فى العملية الزراعية.
كما قمنا بالاستثمار فى “جاهز” التى تعمل على ربط المحالّ أو البائعين الجائلين للملابس، بالمصنعين عبر التطبيق الإلكتروني.
واستثمر الصندوق فى منصة “مامرز”؛ وهى الأولى من نوعها التى تستهدف توفير احتياجات السيدات من مرحلة الحمل وحتى بلوغ الطفل عامه الثانى عشر، إذ تعمل على توفير التمويل والنصائح الطبية، وعمليات الشراء، وقد بلغ عدد المستفيدات من خدمات المنصة نحو 1.9 مليون سيدة.
وتمّ ضخ استثمارات مؤخرًا فى شركة “نيكستا” التى استطاعت الحصول على ترخيص لإصدار كارت بالشراكة مع أحد البنوك، وبدأت تجهيزات عملية إطلاق الخدمة، خلال الفترة المقبلة.
● حازم شريف: كيف تختار الشركات التى تستثمر بها؟
محمد عكاشة: أود تأكيد أن التنويع مهم فى سياسة الصندوق، إذ يجب أن تكون كل شركة فى قطاع ونشاط مختلف، ونحدد أولًا القطاعات التى نرغب فى الاستثمار بها، مثلًا التكنولوجيا المالية فى القطاع الزراعى، أو فى الصناعى، ثم نحدد الشركات العاملة فى تلك القطاعات والمميز منها، لمقابلتها وتحديد الشركة التى سنستثمر بها.
نحن نستثمر فى مراحل مبكرة من عمر الشركة، لا تمتلك فيه قوائم مالية واضحة خاصة بها، ومن ثم وضعنا بعض القواعد لاتخاذ قرار الاستثمار؛ منها الاقتناع بفكرة المشروع، ثم التأكد من قدرة فريق العمل على تنفيذها من خلال توافر الخبرات العملية السابقة.
كما نسعى وراء الأفكار والمشروعات التى من الصعب استنساخها وتقليدها عند نجاحها.
● حازم شريف: هناك العديد من الشركات الناشئة القائمة حاليًّا لم يمتلك مسئولوها خبرات سابقة، ومن ثم وفقًا لسياستك، كنت ستقوم باستبعاد شركات مثل “المنيوز” و”سويفل” و”باى موب”؟
محمد عكاشة: كل صندوق وله طريقة إدارة مختلفة، ونحن نفضّل الاستثمار فى الشركات التى يمتلك مسئولوها خبرات علمية سابقة، ولكن ذلك لا يمنع من أنه فى حال وجود خريج جامعى ذى قدرات عبقرية تؤهله لقيادة الشركة والمشروع فقد تستثمر معه.
● حازم شريف: نأتى لشرط صعوبة عدم إمكانية تقليد الفكرة والمشروع عند نجاحه، رغم أن هناك شركات قائمة على تقليد الأفكار، وهناك من يؤمن بأن الفكرة غير مهمة ولكن الأهم هو التنفيذ؟
محمد عكاشة: أتفق على ذلك، الفكرة فى حد ذاتها لا تمثل القيمة الأكبر، لكن الأساس هو فريق العمل القادر على إنجاح المشروع.
ونستهدف المشروعات التى من الصعوبة تقليدها عقب مرور عامين وثلاثة، مثل صعوبة منافسة “أوبر” و”كريم” و”فوري” نتيجة بناء تلك الشركات شبكة ضخمة من البنية التحتية من التكنولوجيا التى من الصعوبة توفيرها؛ لأنها إن كانت فكرة سهلة فسيتجه الكل لتطبيقها، ومن ثم تزداد المنافسة وسيخسر الجميع.
● حازم شريف: هل هناك معايير أخرى لاختيار الشركات بخلاف الخبرة وصعوبة تقليد الفكرة؟
محمد عكاشة: هناك معيار إضافى مهم لنا؛ وهو مدى قدرة الشركة على حل مشكلة فى المجتمع، شركات توفر حلولًا فى الزراعة، أو حلولًا للسيدات الحوامل، ونهتم بذلك البعد الاجتماعى، بخلاف تحقيق المكاسب.
● حازم شريف: حاليًّا هناك 10 شركات بالصندوق، ومتوقع خلال عامين وصولها إلى -22 24 شركة، هل هناك صناديق جديدة سيتم إطلاقها خلال الفترة المقبلة؟ هل ستتوسع الشركة خارجيًّا مستقبلًا؟
محمد عكاشة: لا يحق لنا تأسيس صندوق جديد فى الفترة الراهنة حتى انتهاء الاستثمار فى الصندق الحالى وفقًا لاتفاقنا مع المستثمرين، وعند وصولنا لاستثمار %80 من الصندوق، سنستطيع التحدث حول إمكانية تأسيس صندوق آخر، وبالتأكيد كلما كان الأداء جيدًا، كانت هناك الفرصة لجذب أموال جديدة فى صناديق أخرى.
والصندوق المقبل لنا إذا قررنا الاتجاه خارج مصر، ستكون أفريقيا هى وجهته المفضلة؛ لأنها تمتلك أسواقًا كبيرة بخلاف السوق الخليجية رغم أهميتها لكنها غير كثيفة التعداد السكاني.
● حازم شريف: مجال رأسمال المخاطر فى صورته الحديثة بات محل جدل كبير فى عالم الاستثمار داخل مصر وخارجها، إذ باتت المشكلة أن تلك الشركات لا تحقق الربحية من الأساس، بجانب أن ذلك النوع من الاستثمار يعتبر أن الخسارة جزء من رأس المال عند تنفيذ الجولات التمويلية فى هذا الإطار، أى مدرسة تنتمى إليها الكلاسيكية أم الحديثة؟
محمد عكاشة: أنتمى تاريخيًّا إلى المدرسة القديمة الكلاسيكية وأتفهم وجهة النظر التى تنادى بأن عملية تقييم الشركات يجب أن تتم وفقًا للقوائم المالية والأرباح التشغيلية وخطة الأرباح، لكن يجب أن نعترف بأن العالم يتغير، والمستثمر يرغب فى تحقيق أعلى عائد على أمواله مثل أى تاجر.
ويجب أن نسير فى خط متوازن بين المدرسة الكلاسيكية والتوجه الحديث، إذ هناك شركات تتكبد الخسائر فى المرحلة الراهنة، إلا أن المؤشرات تؤكد تحولها للربحية فى المسقبل وتلك الشركات عندما تتحول للربحية تسجل أرباحًا قياسية، مثل “أمازون” التى سجلت خسائر حتى لحظة الطرح فى البورصة، ثم تحولت لاحقًا إلى تسجيل أرباح خرافية، وهناك شركات تستثمر فى الخسارة حتى الإفلاس.
نستهدف الأفكار التى لا يمكن تقليدها والقادرة على التحول للربحية خلال 4 أعوام
ونحن نطبق خطة متوازنة فى اختياراتنا الاستثمارية، إذ نستهدف الشركات التى يتوقع لها أن تتحول للربحية خلال فترة زمنية قصيرة تستغرق 3 – 4 أعوام، شريطة تحولها لشركة عملاقة عند الوصول لمستويات الربحية.
● حازم شريف: من الطبيعى أن كل الشركات التى تسعى لجمع الأموال، تتوقع التحول للربحية، ولكن الواقع يشير إلى عدم وصول جميعها لتلك المرحلة؟
محمد عكاشة: بالتأكيد، ومن ثم يجب أن تكون لديك القناعة بنموذج الاستثمار، إذ يتم اتخاذ القرارات الاستثمارية على مدى قناعة شركة الإدارة بنموذج الشركة محلّ الدراسة وقدرتها على التحول للربحية من عدمه، بغض النظر عن توقعات فريق العمل بالشركة نفسه.
وكونى قادمًا من المدرسة الكلاسيكية للعمل فى مجال المدرسة الحديثة لرأسمال المخاطر، يدفعنى لإحداث التوازن بين المدرستين، ويجب الإشارة إلى أن “فوري” سجلت خسائر فى الأعوام الـ4 الأولى من عمرها، لكننا كنا نؤمن بقدرتها على التحول للربحية.
● حازم شريف: فى نهاية الأمر يجب أن نقدّر اعتبارات المدرسة الكلاسيكية، والنسبة المحدودة للنماذج الناجحة مثل “فوري” و”أمازون”، مقابل كم التجارب الخاسرة بذلك المجال؟
محمد عكاشة: وذلك يؤكد ضرورة دخول المستثمرين لتلك الشركات عبر صناديق الاستثمار المتخصصة، التى تقوم بتنويع أموالها فى إطار توزيع المخاطر بين المجالات المختلفة.
MTN «حالا» الوحيدة الرابحة من بين شركاتنا الـ10
● حازم شريف: من الـ10 الشركات التى تستثمر فيها، مَن أقرب الشركات لتحقيق الربحية؟
محمد عكاشة: لدينا شركة بالفعل تحقق ربحية فى الوقت الحالي؛ وهى شركة “MTNحالا” التى تمتلك تطبيق يسمح للعميل بالحصول على تمويل متناهى الصغر أو تمويل استهلاكى، بالإضافة إلى أن تمتلك شركة تابعة “مشروعي” التى موّلت شراء التكاتك، و”تساهيل” وتعمل فى مجال التمويل متناهى الصغر.
وكل الشركات التى تم الاستثمار بها من خلال الصندوق، لم تتخطّ 3 أعوام من العمر، إذ من المبكر طلب الربحية فى الوقت الحالى، حيث نركز على تعظيم حجم أعمال الشركات وعدد العملاء للوصول إلى مستويات توفرلها الفرصة لتغطية تكاليفها ونفقاتها، ثم التحول للربحية.
باختصار نحن لا نتوقع المكسب من الشركات المستثمر بها فى الوقت الحالى، ولكننا استمرار معدلات النمو بها، والشركة الناجحة هى التى تنمو بشكل صحى، ونتحدث عن نمو غير تقليدى، مثلًا نمو بـ%20 فى الشهر.
● حازم شريف: من حديثى مع العديد من قيادات شركات تكنولوجية ناشئة، أجدهم يؤكدون عدم وجود تنافس بينهم ولكنهم ينافسون النظام النقدى (الكاش)، بما أنك مطّلع على تلك السوق، كم عدد المواطنين الذين لديهم القدرة على التعامل مع التطبيقات الإلكترونية؟
محمد عكاشة: البيانات الأخيرة تؤكد أن %65 من الشعب يمتلكون أجهزة تليفون ذكية “سمارت فون”، بالإضافة إلى أن نسبة المواطنين الذين لديهم إمكانية الدخول للإنترنت كبيرة جدًّا، سواء عبر الإنترنت الثابت أو إنترنت المحمول، ويسجل معدلات نمو كبيرة سنويًّا.
وأسهمت “مرحلة الكورونا” فى إحداث تأثير كبير فى المجتمع، إذ أثبتت إمكانية الاعتماد على الإنترنت فى تنفيذ كل التعاملات والاحتياجات المختلفة للمواطنين.
ومع التحول الرقمى الذى تنتهجه الدولة خلال الفترة الراهنة، ومشروعات البنية التحتية التى ينفذها البنك المركزى وآخرها “شبكة المدفوعات اللحظية”، فإن الشركات الناشئة أصبح متاحًا أمامها فرص استثمارية هائلة فى السوق المحلية.
● حازم شريف: هل تعتزمون إجراء عمليات تخارج خلال الفترة المقبلة؟
محمد عكاشة: نتوقع عمليات تخارج خلال الـ18 شهرًا المقبلة، فى ظل رصدنا لاتجاه مؤسسات محلية وأجنبية للاستحواذ على شركات ناشئة مصرية.
● حازم شريف: هل هناك استثمارات جديدة للصندوق خلال الفترة المقبلة؟
محمد عكاشة: نخطط لدخول فى استثمارات جديدة خلال الفترة المقبلة، وهناك فرص استثمارية كبيرة للغاية، ونبذل مجهودًا مضاعفًا فى مقابلة الشركات، وهناك فرص جيدة ولا ندخل للاستثمار بها، سواء لعدم الاتفاق مع المؤسسين، أو المبالغة فى التقييم.
● حازم شريف: توصيفك بشأن “المبالغة فى التقييم” قد يعجب أنصار المدرسة الكلاسيكية التى ترى بأن تقييم كل الشركات مُبالَغ فيه، وعلى سبيل المثال هناك إحدى الشركات لا تمتلك سوى تطبيق إلكترونى تم تقييمها بـ2 مليون دولار، وجذبت المستثمرين نظرًا لخبرات القائمين على إدارتها وإنجازاتهم السابقة.
محمد عكاشة: بالفعل، ونحن نفعل ذلك فى بعض الأحيان ندخل فى شركات بمراحل مبكرة بأسعار مرتفعة بعض الشيء، ولكن عملية التقييم نسبية بين الأطراف المختلفة، والنمو الذى يحدث فى مصر غير تقليدى، ومن الطبيعى أن تتسارع التقييمات.
وأود الإشارة إلى أن قيمة الاستثمارات التى ضُخّت من قِبل الصندوق، تعاظمت بنحو 5 أضعاف فى الوقت الحالى، عقب دخول مستثمرين جدد للكيانات المستثمر بها، وهو أمر يدل على منطقية رؤية صناديق رأسمال المخاطر.
● حازم شريف: قد يكون منطقيًّا وقد لا يكون، حيث يتعامل البعض بالمنطق الشعبى حول من الذى سيتحمل الخسارة فى نهاية المطاف “مين اللى هياخد الشايب”؟
محمد عكاشة: المناقشة فى تلك الجزئية هامة لتوضيح الأمر للمتابعين، إذ تعتمد على نوعية المستثمر الذى يقوم بتقييم الشركة، وما إذا كان كيانًا استثماريًّا عاديًّا أو صندوق استثمار متخصصًا ومحترفًا وعالميًّا.
● حازم شريف: هل هناك جولة تمويلية تشاركون فيها لشركات ناشئة حاليًّا؟
محمد عكاشة: هناك شركتان فى المراحل النهائية من المفاوضات للاستثمار بهما، وتدور التذكرة الاستثمارية حول مستوى الـ500 دولار للشركة الواحدة، بالإضافة إلى أن هناك خططًا لضخ استثمارات فى شركات من المستثمر بها بالصندوق.
● حازم شريف: فى نهاية هذا اللقاء المثير، أشكر ضيفى الأستاذ محمد عكاشة، الشريك، ويجب التنويه بأن برنامج CEO Level سيتوقف خلال شهر رمضان، على وعد بالعودة مجددًا عقب عيد الفطر.