قال محللون مصريون وفلسطينيون، اليوم الخميس، إن هناك عدة أسباب جعلت القاهرة الوجهة الرئيسية للحوار بين الفصائل الفلسطينية ، من بينها مصداقية مصر، ودورها التاريخي في القضية الفلسطينية، وعلاقاتها مع مختلف الفصائل، وارتباطها بحدود جغرافية مع فلسطين.
الحوار بين الفصائل الفلسطينية
واختتمت الفصائل الفلسطينية، أمس الأربعاء، جلسات الجولة الثانية من الحوار الذي استضافته القاهرة على مدار يومين.
واتفقت الفصائل، على ضرورة إجراء في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ووقعت على “ميثاق شرف” لاحترام نتائجها وضمان نزاهتها.
وسبق أن استضافت مصر منتصف الشهر الماضي اجتماعات للفصائل الفلسطينية انتهت بالتوافق على آليات إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية لأول مرة منذ 15 عاما.
ومن المقرر إجراء انتخابات تشريعية في 22 مايو المقبل، على أن تتبعها الانتخابات الرئاسية في 31 يوليو القادم، بينما ستجرى انتخابات لتشكيل المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في 31 أغسطس المقبل.
وفي هذا الصدد، قال السفير الفلسطيني الأسبق في القاهرة بركات الفرا، إن “هناك عدة أسباب جعلت مصر الوجهة الرئيسية للحوار بين الفصائل الفلسطينية، أولها أن مصر هي الدولة العربية الكبرى التي تهتم بالشأن الفلسطيني منذ نشأة القضية الفلسطينية وحتى يومنا هذا”.
حدود طبيعية مع فلسطين
وأضاف الفرا، وهو أيضا رئيس جمعية الصداقة المصرية الفلسطينية، لوكالة أنباء (شينخوا)، “ثانيا: مصر دولة ذات حدود طبيعية مع فلسطين، وبالتالي يهمها الشأن الفلسطيني من جميع النواحي بما في ذلك الناحية الأمنية”.
وتابع “ثالثا: مصر تبنت منذ اليوم الأول للانقسام الفلسطيني وسيطرة حركة حماس على غزة عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية، حتى تم توقيع أول اتفاق للمصالحة في عام 2009 من قبل حركة فتح، بينما رفضته حماس، ثم جرى توقيع نفس الاتفاق دون تعديل في مايو 2011”.
وأردف “رابعا: أحد قرارات الجامعة العربية هو أن تتولى مصر ملف المصالحة الفلسطينية”.
ورأى الفرا، أن رعاية القاهرة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية “تؤكد الدور المحوري والأساسي الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط”، مشيرا إلى أن “مصر تتبنى القضية الفلسطينية، التي تعتبر قضية مصر ليس على المستوى الرسمي فقط بل الشعبى أيضا”.
إنهاء الانقسامات
واعتبر أن توصل الفصائل الفلسطينية لاتفاق لإنهاء الانقسام من خلال الذهاب للانتخابات “إنجاز للسياسة المصرية، ونجاح لجهاز المخابرات المصرية، الذي يتولى الملف بالكامل”.
من جانبه، قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن “التحرك المصري في الملف الفلسطيني يتسم بالتكتيك السياسي والاستراتيجي، من أجل تنفيذ الاستحقاقات السياسية التي أعلن عنها الرئيس محمود عباس، وهي الانتخابات”.
وتابع فهمي لـ(شينخوا)، أن مصر تنفذ “مخططا استراتيجيا واضحا يهدف إلى تفكيك عناصر الأزمة، وتقريب وجهات النظر، ومحاولة بناء رؤية جمعية بين الفصائل”.
ورأى أن “مصر تمتلك الكثير من الأوراق التي تجعلها قادرة بمفردها على التوفيق بين الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة”.
ومن بين هذه الأوراق “ما هو مرتبط بالدور التاريخي لمصر في القضية الفلسطينية، ومصداقية الدور المصري في الإقليم والقضية الفلسطينية”، بحسب فهمي.
التوقيع على ميثاق شرف
وأشاد الخبير المصري، بتوقيع الفصائل الفلسطينية على “ميثاق الشرف”، الذي وصفه بـ”المهم”، واتفاقها على الالتزام بمرجعية منظمة التحرير باعتبارها المركز الرئيسي في هذا الإطار.
وأشار إلى أن “مصر تعاملت مع الفصائل بحرفية شديدة خلال الحوار الفلسطيني في القاهرة، حيث أدى جهاز المخابرات العامة المصرية دورا كبيرا جدا في إدارة المشهد التفاوضي بمهارة”.
وتوقع أن تكون هناك “نتائج إيجابية على الأرض” لهذا الحوار، مستبعدا أية انتكاسات أو إخفاقات في ظل الرعاية المصرية للمصالحة الفلسطينية، وفي ضوء التفاؤل والروح الإيجابية التي ظهرت خلال الحوار.
وشاطره الرأي الدكتور جهاد الحرازين أستاذ النظم القانونية والعلوم السياسية والقيادي بحركة فتح، قائلا إن “مصر لها دور ريادي في المنطقة وقربها من الوضع الفلسطيني يجعلها الحافظة للحقوق الفلسطينية”.
وأضاف الحرازين لـ(شينخوا)، أن “مصر لديها الهم الأكبر تجاه حقوق الشعب الفلسطيني.. ويدها عبر التاريخ بيضاء بالنسبة للشعب والقضية الفلسطينية، ما جعل القاهرة اللاعب الرئيسي في التوفيق بين الفصائل، خاصة في ظل علاقاتها مع كافة الفصائل الفلسطينية”.
طي الصفحة السوداء
وأردف أن “نتيجة للتغيرات التي تحدث في المنطقة، وجدت مصر أنه لا بد أن يكون هناك طي لهذه الصفحة السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني، من خلال إنهاء الانقسام، والتوجه نحو حلول كاملة في ملف المصالحة”.
واستطرد أن الفصائل اتفقت على التوجه للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، من أجل توحيد النظام السياسي الفلسطيني من ناحية، وتجديد الشرعيات الفلسطينية من ناحية ثانية، والانتقال للمجتمع الدولي برؤية فلسطينية موحدة، وبدعم عربي كامل، من ناحية ثالثة.
وواصل القيادي الفتحاوي،”اعتقد أن قطار الانتخابات قد انطلق، ولا يمكن العودة أو التراجع عنه، وهذه استراتيجية كاملة للقيادة والفصائل الفلسطينية”.
ورأى أن “ميثاق الشرف” الذي وقعته الفصائل بالقاهرة، والرعاية المصرية للمصالحة، والترحيب الدولي بالانتخابات، تمثل الضمانات لتنفيذ نتائج حوار القاهرة على الأرض، بحيث يكون هناك نظام سياسي فلسطيني موحد بعيدا عن أية تجاوزات قد يستغلها الاحتلال الإسرائيلي.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.