الأزمة الاقتصادية فى لبنان هى الأسوأ عالميا فى العصر الحديث، كما وصفها البنك الدولى، فمؤشرات الاقتصاد الكلى خلال العامين الماضيين تدهورت بشكل حاد نتيجة أزمات خارجية وسياسية حادة فى الداخل اللبنانى، غير أن المحللين استبعدوا تأثر الاقتصاد والقطاع المصرفى المصرى بتداعيات الأزمة اللبنانية بسبب ضعف التعاملات التجارية بين البلدين.
وقال هانى جنينة المحاضر بالجامعة الأمريكية فى حديثه لـ«المال» إن المؤشرات التالية تبرز مدى حدة الأزمة فى لبنان وفقا لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني:
-انكماش الناتج المحلى الإجمالى خلال العامين الماضيين من حوالى 50 مليار دولار إلى 20 مليار – أى نسبة انكماش توازى %60.
– دخول حوالى %90 من الشعب اللبنانى تحت خط الفقر.
– ارتفاع معدل التضخم السنوى إلى ما يقارب الـ%100 فى 2021.
– ارتفاع الدين الحكومى بشقيه الداخلى والخارجى إلى ما يقارب %350 من الناتج المحلى الإجمالى فى 2021.
– انهيار الليرة اللبنانية من مستواها التاريخى 1.500 ليرة للدولار إلى ما يقارب 30000 ليرة أى بنسبة انهيار تقارب %90.
وأضاف «جنينة» أن السبب فى ما سبق هو ما يعرف فى علم الاقتصاد بالعجز المتزامن فى الموازنة العامة فى الدولة وفى ميزان المعاملات الجارية «twin deficits».
وأشار إلى أن الحكومة فى لبنان، تضطر حاليا إلى الاقتراض مباشرة من البنك المركزى اللبنانى لتمويل العجز بسعر فائدة متدنى، ولكن هذا النوع من التمويل يعنى أن البنك المركزى اللبنانى أصبح تحت سيطرة الحكومة وفقد السيطرة على طباعة البنكنوت، مما يؤدى إلى تفاقم العجز فى ميزان المعاملات الجارية لأن الإنفاق المحلى لا يقابله إنتاج بقدر ما يتم تمويله من طباعة البنكنوت.
وأوضح أن البنك المركزى اللبنانى يعانى فى المقام الأول من عجز حاد فى صافى الاحتياطى فهو لديه إجمالى احتياطى يوازى حوالى 15 مليار دولار، ولكن بعد الأخذ فى الاعتبار أن البنك مدين بحوالى 78 مليار دولار إلى البنوك اللبنانية، فإن صافى احتياطى البنك المركزى يساوى عجزا بحوالى 63 مليار دولار.
وتابع إنه إذا نظرنا إلى ميزانية البنوك اللبنانية مجتمعة، فإن التزامات القطاع الخارجية تفوق أصوله الخارجية بحوالى 100 مليار دولار وهى كارثة بكل المقاييس.
ولفت إلى أن لبنان تجرى حاليا مفاوضات مع صندوق النقد الدولى لتيسير تمويل قد يصل إلى 15 مليار دولار ولكن المفاوضات لا تجرى على قدم وساق نظرا لتعثر التوصل إلى إجماع حكومى على البرنامج الإصلاحي.
وأكد أن لبنان فى وضع كارثى وقد تصل تداعياته إلى انهيار تام وشلل اقتصادى وهجرة جماعية خارج الدولة إلى دول مجاورة أو إلى دول المهجر إذا أمكن.
واتفق محللون تحدثت معهم «المال» على أن الاقتصاد والقطاع المصرفى المصرى لن يتأثران بالأزمة اللبنانية بسبب ضعف التعاملات التجارية بين البلدين، كما أن البنوك المصرية ليست منكشفة على الاقتصاد اللبنانى بشكل كبير.
ويقول «جنينة» لا نتوقع أن يكون هناك أثر على مصر فى حال تفاقم الأزمة اللبنانية نظرا لعدم تعرض الاقتصاد بشقيه المالى والحقيقى للدولة اللبنانية.
وأضاف أن البنوك المصرية ليس لديها تعرض للشركات فى لبنان وحجم التصدير إلى لبنان لا يتجاوز نصف مليار دولار من إجمالى صادرات سلعية تصل إلى 40 مليار دولار.
وقال عمرو الألفى رئيس قسم البحوث فى شركة برايم لتداول الأوراق المالية إننى لا أعتقد أن تؤثر الأزمة اللبنانية على القطاع المصرفى، لاسيما وأن البنوك اللبنانية تخارجت من مصر، كما أن البنوك المصرية ليست منكشفة على الاقتصاد اللبنانى بشكل كبير بحسب قوله.
وأكد محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق أنه لن تكون للأزمة اللبنانية أى تأثير على مصر إذ أن لبنان دولة محدودة وعلاقتها التجارية أيضا محدودة حتى وإن كان بينها وبين مصر تبادل سياحى أو تجاري.
وأشار إلى أن المخاطر الجيوسياسية محدودة مقارنة بما يحدث فى العالم، مشيرا إلى أن مؤشرات الاضمحلال لها عناصر أخرى منها توقف الدولة عن سداد الديون وتوقف البنوك عن سداد الودائع ومنح التمويل.
وأوضح أن هناك أزمات عديدة حدثت تسببت فى حدوث أزمات مالية مثل الأزمة المالية فى عام 2008 وهذه الأزمة بدأت محلية ولكن أصبحت بعد ذلك أزمة عالمية وعلى الرغم من ذلك لم تتأثر مصر بهذه الأزمة لاسيما وأن مصر ليس لديها علاقات تجارية ضخمة مع العالم الخارجي.
وأكد أن البنوك المصرية التى تعمل فى لبنان سينطبق عليها ما ينطبق على البنوك الأخرى إذ تخضع لشروط البنك المركزى اللبنانى ووفقفا للمخاطر والمحددات العالمية.