يرى محللون ورؤساء وحدات بحوث فى بنوك استثمار محلية أن «الطروحات الجديدة الضخمة» ستكون كلمة السر فى تحركات البورصة المصرية، وعودة المستثمرين الأجانب فى 2022.
وأكدوا أن الطروحات يجب أن تكون طروحات أولية، وليست حصصا إضافية من شركات مُدرجة بالفعل نظرا لأن هذا الإجراء لا يفيد السوق بأى شكل.
كان محمد معيط، وزير المالية، صرح مرارا بأن الحكومة تستهدف ما يتراوح بين 5 إلى 6 طروحات حكومية حتى يونيو 2022 (نهاية العام المالى الحالي)، وذلك فى ظل النجاح القوى الذى حققه طرح شركة إى فاينانس المالية، والذى كان أول طرح أولى حكومى، وجذب 5.8 مليار جنيه.
وأشاروا فى الوقت نفسه إلى أن السوق ستختبر بعض التحديات الممثلة فى الضغوط التضخمية على الاقتصاد المحلى، وضعف السيولة، وحاجة السوق إلى وقت للتأقلم مع التشريعات التنظيمية الجديدة وتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، وعدم وضوح الرؤية بشأن الاقتصاد العالمى مع ظهور متحور «أوميكرون».
وكان 2021 عاما ضبابيا للبورصة المصرية، مع عدد من القضايا كان أبرزها وآخرها ملف الضرائب، وقرب تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، وحركة مضاربات قوية من المستثمرين الأفراد، تبعتها إجراءات من هيئة الرقابة المالية بوقف تعاملات الأسهم، وتحقيقات مع مستثمرين، واتجاه بيعى قوى من المستثمرين الأجانب، وظهور الموجة التضخمية العالمية، والتى بدأت الزحف محليا، وظهور متحور «أوميكرون» وتبعاته على الأسواق العالمية.
وقاد تضافر هذه العوامل مجتمعة البورصة المصرية إلى أداء متواضع ظهر بوضوح فى تحركات مؤشرات السوق، حيث ارتفع المؤشر الرئيسى للسوق EGX30 بنسبة إجمالية %8.15 إلى 11729 نقطة، وصعد نظيره المئوى الأوسع نطاقا %2.03 إلى مستوى 3160 نقطة، بينما تراجع مؤشر الأفراد السبعيني EGX70 بنسبة %0.1 مسجلا 2142 نقطة.
المؤسسات الأجنبية لا ترى أى محفزات
قال أحمد حافظ، رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار رنيسانس كابيتال، إن هناك نظرة متحفظة للبورصة المصرية مع عدم وجود عوامل محفزة لتوقعات أفضل للسوق مع بداية العام المقبل، خاصة أن العنصر الذى كان له تأثير إيجابى على المؤشر الثلاثينى مؤخرا ودفعه لتجاوز أداء المؤشر السبعينى منذ فترة طويلة هو مشتريات المؤسسات المحلية، مع هدوء تعاملات الأفراد منذ نهاية سبتمبر وحتى نهاية أكتوبر.
وذكر حافظ أن أى أداء إيجابى لـ EGX30 سيكون معتمدا على المؤسسات المحلية، خاصة أن نظيرتها الأجنبية لا ترى أى محفزات بالسوق تدفعها للعودة للشراء، مشيرا إلى أن شهر نوفمبر شهد أداءً بيعيا من جانبهم، ولن يكون هناك تغير فى هذا الاتجاه.
ويؤكد حافظ أنه رغم وجود اهتمام من المستثمرين الأجانب بالسوق المصرية إلا أن ذلك لن يحول اتجاههم، وأن أداء البورصة على المدى القصير سيكون مرهونا بأداء المؤسسات والمستثمرين الأفراد المحليين.
ويقول رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار رنيسانس كابيتال، إن السوق بحاجة قوية إلى طروحات قوية جديدة تعزز عمقه، ويمنح الفرصة لدخول شركات جديدة بمؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة لتعزيز الوزن النسبى المحدود للبورصة المصرية على المؤشر بسبب ضعف إقبال صناديق الاستثمار بالأسواق الناشئة على الاستثمار فى مصر، فضلا عن تخارج بعض صناديق الاستثمار الإفريقية والتى كانت تنظر إلى مصر على أنه سوق مهم وكبير، إلا أن الأداء المخيب للآمال دفع بعضها للتخارج.
وذكر أنه فى حالة وجود تداعيات لمتحور «أوميكرون» على البورصة سيظهر ذلك قبل نهاية العام الحالى، وبشكل خاص على قطاع السياحة والذى تحول مؤخرا لتسجيل مؤشرات جيدة تقترب من تلك التى كانت قبل كورونا، إلا ان اتجاه بعض الدول لفرض إجراءات احترازية مجددا قد يؤثر من جديد.
إلا أن حافظ أكد فى الوقت نفسه عدم تأثر البورصة المصرية بشكل كبير حال ظهور تداعيات للمتحور الجديد، بدعم أدائها الجيد مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، وانخفاض مضاعفات الربحية للمؤشرات، والتقييمات الجاذبة للشراء للأسهم.
ويؤكد رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار رنيسانس كابيتال، أن استقرار أسعار العائد على أدوات الدين المحلية عند معدلات أعلى من أسعار الفائدة المقرة من البنك المركزى حاليا هى أحد العناصر الداعمة لانخفاض مضاعفات الربحية بالبورصة المصرية، مستبعدا انخفاض العائد على أدوات الدين المحلية خلال الأشهر الست المقبلة.
ويرى حافظ أنه فى حال استمرار تراجع العائد على أدوات الدين المحلية سيمثل داعما للسوق ليرى معه موجة شرائية جديدة، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن وضع الاقتصاد العالمى ليس فى أفضل حالاته.
بلتون : استمرار نمو الشركات لمستويات ما قبل الجائحة
وتوقعت وحدة البحوث فى بنك استثمار «بلتون» مزيدا من الاهتمام بشركات مؤشر EGX30 بدعم من عمليات جنى الأرباح وفرض بعض التعديلات على قواعد السوق فى النصف الثانى من عام 2021.
ورجح استمرار نمو معظم الشركات لمستويات ما قبل الجائحة، مما يؤكد احتمالات النمو القوية للشركات المدرجة بالسوق المصرية فى عام 2022.
وفى الوقت نفسه يرى بنك الاستثمار أن السوق المصرية ستواجه عددا من التحديات العام المقبل، وتحديداً تأثير الضغوط التضخمية على الاقتصاد المحلى، والسياسة النقدية الانكماشية، ومستويات السيولة المنخفضه فى سوق الاسهم، وذلك لحين التأقلم على تعديلات القواعد التنظيمية وضريبة الأرباح الرأسمالية.
وذكرت بلتون، أن حالة التذبذب العالمية – مع ظهور متحورات جديدة لكوفيد19- ستمثل عقبات إضافية، والتى يمكن أن تحول دون الأثر الإيجابى لتحسن أداء الشركات المالى على أداء الأسهم.
وأكدت أن المحفزات التى ستدعم مستويات السيولة فى السوق تتمثل فى إما طروحات جديدة أو تجدد شهية الاستثمار الأجنبى، مما سيفيد أسهم معينة مثل البنك التجارى الدولى وبنك كريدى أجريكول والسويدى إليكتريك وإيسترن كومبانى وإيديتا.
عمق السوق غير كافٍ
وقال عمرو الألفى، رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار برايم، إن المشكلة الأبرز التى تواجه البورصة المصرية حاليا هى أن عمقها غير كافٍ ما يؤدى إلى طرد المستثمرين الأجانب.
«برايم»: العمق غير الكافى يعد عنصر طرد للأجانب
وتابع موضحًا: مع إعادة النظر بشكل دورى على وزن البورصة المصرية على مؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة يظهر انخفاض الوزن النسبى للأسهم المصرية، واستحواذها على الحد الأدنى من الأسهم وهى 3 فقط، ما يؤكد حاجتها إلى مزيد من العمق من خلال طرح شركات بقيمة سوقية أكبر، ونسب تداول حر أعلى مثال طرح إى فاينانس والذى قارب الـ6 مليارات جنيه لجذب شريحة اعلى من المستثمرين من الأجانب صناديق الاستثمار الأجنبية.
وأوضح رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار برايم، ان افتقار السوق لعنصر السيولة حاليا، نتيجة استحواذ أسهم المؤشر السبعينى التى تشهد ممارسات مضاربية على السيولة الفترة الماضية، وغياب المستثمرين الأجانب وضعف السيولة الموجودة بصناديق الاستثمار، والحاجة أيضا إلى طروحات جديدة بعدد كبير الفترة المقبلة بالمواصفات التى تحدثنا عنها.
وأكد الألفى ان السوق بحاجة إلى طروحات أولية وليس طرح حصة إضافية بشركة موجودة بالفعل، لافتا إلى أن الأخير لا يمثل إضافة للسوق، ولا يخلق العمق المطلوب.
ويرى رئيس قطاع البحوث فى بنك استثمار برايم، أن العام المقبل سيشهد عودة المستثمرين للمؤشر الثلاثينى العام المقبل، عقب تركز تحركاتهم فى أسهم المؤشر السبعينى على مدار العامين الماضيين، مع اتسامها بسعر جذاب ومنخفض، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن عودة المستثمرين الأجانب من شأنه إعادة تقييم الأسهم القيادية.
وذكر الألفى، أنه من الصعب وضع توقعات لحركة المؤشر الثلاثينى العام المقبل نظرا لارتباطه بحركة سهم البنك التجارى الدولى المسيطر على أكثر من ثلث الوزن النسبى للمؤشر صعودا وهبوطا.
وعلى صعيد تأثير ضريبة الأرباح الرأسمالية على السوق، قال الألفى، إنها كانت أحد النقاط غير المعلومة والتى أدت إلى زيادة عدم الوضوح بالسوق، ولكن بمجرد الاتفاق عليها، وعلى آليات تطبيقها بين جميع الأطراف المعنية أصبح الأمر واضحا وليس له تأثير على السوق.
وعلى صعيد تأثير الضريبة الرأسمالية على عودة الأجانب للاستثمار بالبورصة، استبعد الألفى، ذلك خاصة وأنها غير مطبقة على المستثمر غير المقيمىن.
فرصة لعودة الأجانب
وقال ياسر المصرى، العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية إنه من المتوقع أن تشهد البورصة صعودا فى يناير، لافتا إلى أنه حال تجاوز الثلاثينى مستويات 11800 نقطة سوف يصل إلى 13000 نقطة خلال النصف الأول من العام.
ويرى المصرى إن هناك فرصة لعودة المستثمرين الأجانب للبورصة المصرية مع الطروحات الحكومية المعلن عنها، وعدم خضوعهم لضريبة الأرباح الرأسمالية.
ويؤكد أن الطروحات يجب أن تكون طروحات أولية لشركات ضخمة، والتى ستكون بمثابة أداة للخروج من المأزق الحالى للسوق. كما استبعد تأثر البورصة بالموجة التضخمية الحالية طالما ظل سعر الدولار مستقرا.
التنبؤ بحركة السوق بات صعبًا
ويرى محمد فتح، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية أنه من الصعب التنبوء بتحركات البورصة المصرية العام المقبل فى ظل حالة عدم اليقين الراهنة.
ويؤكد فتح الله أن الظروف العادية تتيح التنبؤ ووضع توقعات لتحركات السوق، ومؤشراته إلا أن الظروف الحالية يصعب معها ذلك.
ويشير فتح الله، إلى أن كل المعطيات الراهنة من أسعار أسهم جاذبة والتى تتيح فرص جيدة للشراء، ووضع جيد ومعدلات نمو قوية للاقتصاد تعطى نتائج غير التى يشهدها السوق حاليا من تراجعات، إلا أن السوق لا يستجيب.
ولفت إلى أنه للتنبؤ بتحركات البورصة العام المقبل، يجب وضع خطة واضحة وخطوات موضوعة وفقا لجدول زمنى للطروحات المقبلة خلال العام، نظرا لأن الطروحات هى التى ستنتشل السوق من حالة التخبط والظلام الحالية، خاصة مع الحاجة إلى زيادة عدد الشركات.