يرى محللون أن قرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة فى اجتماع الخميس الماضى بواقع 50 نقطة أساس، يستهدف دعم النشاط الاقتصادى خاصة فى ظل إظهار البيانات الأولية انكماش الاقتصاد فى الربع الثانى من العام الجارى بنسبة %1.7.
واستبعدوا أى تأثيرات سلبية للقرار على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية فى ظل المستوى المرتفع لمعدلات الفائدة الحقيقية على الجنيه، مقارنة بباقى عملات الأسواق الناشئة.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى الخميس الماضى تخفيض سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بنحو 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالى، لتصل عند مستوى %8.25 و%9.25 على التوالي، كما قررت تخفيض العائد على سعر الائتمان والخصم بواقع %0.5 ليصل إلى مستوى %8.75.
وقال البنك المركزى المصرى فى البيان التفسيرى إن الخفض يوفر الدعم المناسب للنشاط الاقتصادى فى الوقت الحالي، ويتسق مع تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وبحسب بيانات لجنة السياسة النقدية فقد سجل معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى %3.6 خلال العام المالى 2019\2020، مقارنة مع %5.6 خلال العام المالى السابق، وذلك نتيجة تباطؤ معدل النمو خلال الربع الثانى من عام 2020، خاصةً فى ضوء الإجراءات الاحتوائية لجائحة كورونا، ليسجل وفقاً للبيانات المبدئية سالب %1.7 مقارنة بمعدل نمو بلغ %5.0 خلال الربع الأول من العام.
وذكر البنك المركزى أنه من المتوقع أن يسجل متوسط معدل التضخم خلال الربع الرابع من 2020 معدلات أحادية منخفضة تحت مستوى %6.0 وهو ما يؤكد استمرار احتواء الضغوط التضخمية المتوقعة على المدى المتوسط، وبالتالى قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار العائد الأساسية.
رضوى السويفي: تقليص عائد الإقراض يعزز ضخ وتنفيذ الاستثمارات الجديدة
وترى رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن نسبة خفض الفائدة «ليست كبيرة» لكنها بلاشك ستدعم النمو والنشاط الاقتصادى والقطاع الخاص.
وأضافت أن تبنى البنك المركزى لسياسة التيسير النقدى خلال الفترة الماضية يستهدف تقليل عجز الموازنة، ودعم المشروعات الاستثمارية، والقطاعات الاقتصادية الهامة، من بينها القطاع العقارى والصناعي.
وذكرت أن الفائدة الحقيقية فى مصر لا تزال مرتفعة، ولن يكون لها تأثير على تدفقات رؤوس الأموال فى أدوات الدين الحكومية، خاصة أن عائد المستثمرين يتم تعويضه فى الأسابيع الماضية من قوة الجنيه أمام الدولار.
وطبقًا لبيانات البنك المركزى المصرى ارتفعت قيمة الجنيه بنسبة %3 منذ بداية يوليو الماضى وحتى نوفمبر الجاري، بعد أن تراجع بنسبة %2.6 منذ بداية أزمة فيروس كورونا فى مارس وحتى يونيو 2020.
وأشارت السويفى إلى أنه لا يمكن توقع قرار لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الأخير هذا العام فى ديسمبر المقبل، لأنه سيعتمد على العديد من المتغيرات، منها مسار التضخم الذى من المتوقع أن يواصل الصعود، وتطورات الموجة الثانية لفيروس كورونا، والتدفقات الدولارية، بجانب النمو الاقتصادى فى الدول المتقدمة.
وتابعت: «فى 2021 لا يزال هناك فرصة لاستكمال سياسة التيسير النقدى التى يتبناها البنك المركزى».
ومنذ بداية العام الجارى خفض البنك المركزى أسعار الفائدة الرئيسية على الجنيه بنحو 400 نقطة أساس.
وقال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، إن التخفيض يأتى ضمن السياسة التحفيزية للنمو الاقتصادي، وزيادة أعداد المشتغلين، فى ظل تراجع معدلات التضخم والسيطرة عليه، وارتفاع معدلات البطالة فى السوق المصرية.
وسجل معدل البطالة فى مصر نحو %9.6 خلال الربع الثانى من 2020 مقارنة مع %7.7 خلال الربع الأول من ذات العام، واستمرت المؤشرات الأولية للربع الثالث فى التعافى التدريجي، بحسب بيان لجنة السياسة النقدية.
وأوضح عبدالعال أن البنك المركزى يعمل على دعم النشاط الاقتصادي، مع زيادة الاستهلاك المحلى خلال الفترة القادمة، لتحقيق معدلات النمو المستهدفة من قبل الحكومة، مشيرًا إلى أن تخفيض الفائدة يساهم فى تراجع عجز الموازنة العامة للدولة نظرًا لانخفاض الفائدة على أدوات الدين الحكومية.
وذكر أن البنك المركزى المصرى سيواصل سياسة التيسير النقدى خلال شهر ديسمبر المقبل، متوقعًا تخفيضاً جديداً بواقع 50 نقطة أساس خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم.
محمد عبدالعال: عوامل جذب الأجانب قائمة فى ظل ارتفاع مستوى العائد الحقيقى على الجنيه
وأضاف أن التخفيض لن يكون له تأثيرات على تدفقات رؤوس الأموال الداخلة لمصر، خاصة فى ظل وجود فائدة حقيقية مرتفعة، وانخفاض المخاطر مقارنة بالدولة المشابهة، ما يحقق أكبر عوائد للمستثمرين الأجانب فى أدوات الدين الحكومية.
وطبقا لبيانات البنك المركزى يتجاوز معدل الفائدة الحقيقية فى السوق المصرية مستوى %4.
وقال جيمس سوانستون، المحلل الاقتصادى بمؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية للأبحاث، إن البنك المركزى المصرى تحرك بشكل غير متوقع بخفض أسعار الفائدة للاجتماع الثانى على التوالي، مع توقعات بقاء التضخم ضعيفًا، متوقعًا استمرار دورة التيسير النقدى خلال الإثنى عشر شهرًا القادمة.
وأضاف فى تقرير حصلت «المال» على نسخة منه، أن البنك المركزى يرى أن الضغوط التضخمية ستظل ضعيفة خلال الأشهر القادمة، وأنها أقل بكثير من تقديراته الخاصة.
ويرى جيمس سوانستون أن معدل التضخم فى مصر سيصل فى المتوسط إلى %4.8 على مدار الشهرين المتبقيين من العام.
وذكر أن أحدث أرقام الناتج المحلى الإجمالى تظهر انكماش الاقتصاد بنسبة %1.7 فى الربع الثانى من العام، ما يشير إلى أن التعافى كان بطيئًا، وأن اقتراحات صانعى السياسة الأخيرة بأن إجراءات احتواء الفيروس قد يتم تشديدها تشكل بعض الخطر على التوقعات، وأنه من المرجح أن يستمر الضعف فى قطاع السياحة الرئيسي، ويهدد الدعم المالى المحدود بترك ندوب على الاقتصاد.
وأوضح أنه بالنظر إلى المستقبل، نعتقد أن صانعى السياسات سيواصلون دورة التيسير خلال الاثنى عشر شهرًا القادمة، وأن نقص الدعم المالى يعنى أن العبء من المحتمل أن يقع على عاتق البنك المركزى المصرى لدعم الانتعاش الاقتصادى.
وتابع قائلًا: «لا يزال هناك مجال واسع لمزيد من التخفيف النقدى – فى ظل أسعار الفائدة الحقيقية قريبة من %4 – وهى من بين أعلى المعدلات فى العالم الناشئ».
وتوقعت «كابيتال إيكونوميكس» أن يخفض البنك المركزى سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى %7.25 بحلول نهاية عام 2021.