تسعى مجموعة “على بابا” القابضة للإدراج بالسوق الأولية في هونج كونج لترسيخ مكانة المركز المالي كبديل للأسواق الأميركية قبل التخارج الجماعي المحتمل للشركات الصينية من نيويورك.
يمكن أن توفر الخطوة نموذجًا لما يقرب من 200 شركة صينية متداول أسهمها في الولايات المتحدة، بما في ذلك “جيه دي دوت كوم” و”بايدو إنك”، والتي تواجه الشطب إذا أخفقت واشنطن وبكين في الاتفاق على السماح للمنظمين الأميركيين بمراجعة سجلات حساباتها المالية، كما أنها تمهّد الطريق للمستثمرين في الصين لشراء أسهم أبرز شركة تجارة إلكترونية في البلاد لأول مرة.
من شأن إتمام الطرح العام الأولي السماح لشركة “علي بابا” بالسعي لدخول نظام ربط البورصتين بين شنغهاي وشينزن.
وقد يؤدي ذلك إلى توسيع قاعدة المستثمرين لدى الشركة العملاقة البالغة قيمتها 285 مليار دولار، بعد عمليات بيع استمرت لمدة عام بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين وحملة بكين على أقوى شركات الإنترنت لديها.
تخارج مجموعة “على بابا”
ستمنح هذه الخطوة المتوقع إتمامها بحلول نهاية 2022 مئات الملايين من المستثمرين في الصين القارية نفاذًا مباشرًا لأسهم واحدة من أكثر الأسماء شهرة في البلاد، والتي أحدثت ضجة في عام 2014 عند تداول أسهمها للمرة الأولى في نيويورك باعتبارها أكبر طرح عام أولي على الإطلاق.
قد يشجّع إجراء علي بابا نظراءها على أن يحذوا حذوها، مما يساعد على ترسيخ هونج كونج كمكان بديل حاليًّا بعد أن هدد المنظمون الأميركيون بشطب الشركات الصينية من البورصات الأميركية ما لم تمتثل لقواعد مراجعة الحسابات.
ارتفع سهم “علي بابا” 6.5% في هونغ كونغ، اليوم الثلاثاء، في حين قفز سهمها بالولايات المتحدة 5.1% في تعاملات ما قبل التداول في نيويورك.
وصعدت أسهم “هونج كونج إكستشينجز آند كليرينغ” المشغلة للبورصة بأكثر من 3.9%، وارتفع سهم مجموعة “سوفت بنك” أكبر مساهم في “علي بابا” بأكثر من 3% في طوكيو.
توقيت مناسب
قال مارفن تشين، الخبير الإستراتيجي في “بلومبرغ إنتليجنس”: “قد يكون التوقيت مناسبًا لمصلحة المستثمرين لأنه يتمشى مع تلاشي الحملة التنظيمية ضد شركات التكنولوجيا”.
وأضاف تشين: “على نطاق أوسع، تمهد “(علي بابا) الطريق أمام شهادات الإيداع الأميركية للابتعاد عن البورصات الأميركية وطرح رأس المال المحلي والتقليل من الاعتماد على المستثمرين الأجانب العالميين”.
تسود خلافات بين الولايات المتحدة والصين منذ عقدين بشأن شرط قانوني يقضي بأن يحصل المنظمون الأميركيون على حق الوصول الكامل لفحص عمليات مراجعة الحسابات. يهدف هذا الإجراء إلى حماية المستثمرين من الاحتيال المحاسبي والمخالفات الأخرى.
قال رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غينسلر، خلال يوليو، إنه من غير الواضح ما إذا كانت السلطات الأميركية والصينية ستتوصلان إلى اتفاق لتجنب الموعد النهائي الذي فرضه الكونجرس بحلول عام 2024 لشطب الشركات من بورصتي نيويورك وناسداك.
أثّر التهديد بعدم الوصول المباشر إلى المستثمرين الأميركيين على الأسهم الصينية. فقدت “علي بابا” نفسها نحو ثلثي قيمتها منذ ذروتها في عام 2020 متأثرة بحملة تنظيمية سعت إلى كبح جماح السلوك المناهض للمنافسة عبر قطاع الإنترنت.
الهجرة إلى هونج كونج
قالت “علي بابا”، في بيان، اليوم الثلاثاء، إن لديها حاليًّا إدراجًا ثانويًّا في بورصة هونج كونج، لكنها شهدت زيادة في التداول الحر وحجم التنفيذات بالبورصة هناك. بلغ متوسط حجم تداولها اليومي في هونغ كونغ حوالي 700 مليون دولار، مقارنة بحوالي 3.2 مليار دولار في الولايات المتحدة.
قال ريدموند وونغ، محلل السوق في “ساكسو كابيتال ماركتس”: قد تشير خطوة علي بابا إلى أن شركات الإنترنت تستعد لتوفير حل بديل، في حال اضطرارها للشطب من الولايات المتحدة”.
قال الرئيس التنفيذي لبورصة هونغ كونغ نيكولاس أجوزين إن المزيد من الشركات التي لديها أسهما ثانوية في هونغ كونغ تدرس إجراء الطرح العام الأولي، بينما قد يضطر بعض الشركات الأخرى إلى القيام بذلك وفقًا لقواعد السوق حيث يهاجر المزيد أحجام تداولها إلى المدينة.
كان احتمال الإدراج في بورصتي شنغهاي وشينزن لشركات مثل “علي بابا” موضوعًا لتكهن شديد بين المتعاملين في هونغ كونغ، والتي تستبعد حاليًّا الشركات التي لديها إدراجات ثانوية وحقوق تصويت مرجحة من عمليات التداول في البر الرئيسي.
يسلط الأمر الضوء على الحاجة المُلحة للبحث عن مستثمرين جدد قبل عمليات الشطب المحتملة من البورصات الأميركية.
قدّمت “علي بابا” تقريرها المالي السنوي في نموذج “إف- 20” (20 -F) (المخصص لطرح الشركات الأجنبية في الأسواق الأميركية) إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، يوم الثلاثاء.
قد يشير الإيداع إلى أنه قد تتم إضافة علي بابا إلى قائمة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية للشركات التي قد يتم شطبها من البورصات الأميركية نتيجة رفض بكين السماح للمسئولين الأمريكيين بمراجعة عمل مدققي حساباتهم. تتم إضافة الشركات إلى القائمة في عملية متجددة بناءً على الوقت الذي تقدم فيه تقاريرها المالية السنوية من خلال شركة تدقيق.
الطرح الأولي
في حين كان بعض المشاركين في السوق يأملون في أن تخفف البورصة القواعد التي تقيّد مثل هذه الشركات، إلا أن الإدراج الأولي يبرز كمسار بديل.
فازت “بيليبيلي”، في يوليو، بموافقة الجمعية العمومية لتحويل حالة إدراجها الثانوي في هونغ كونغ إلى طرح أولي مزدوج، في حين أكملت شركة “زاي لاب” الإجراء في يونيو قبل الانضمام إلى برنامج ربط البورصتين خلال يوليو.
غالبًا ما يكون الإدراج المزدوج في بورصة هونغ كونغ أكثر تكلفة ويتطلب قواعد إفصاح أكثر صرامة من الإدراج الثانوي. حيث يتعين على الشركات تزويد البورصة بالموعد المتوقع للوفاء بالمتطلبات وخطة مفصلة وترتيبات حول كيفية امتثالها للقواعد.
على عكس حالات الإدراج الأولي، تُعفى الشركات التي لديها إدراج ثانوي في المدينة من قواعد معينة، ولا يتعين عليها الإفصاح عن أمور مثل الضمانات المالية المقدمة للشركات التابعة وتعهدات الأسهم التي يقدمها المساهم صاحب الحصة الحاكمة.
الحاجة للتعرض للمستثمرين الدوليين
لكن ينبغي ألا تكون اللوائح الأكثر صرامة هي السبب الرئيسي لمنع الشركات الصينية من البحث عن إدراجات أولية مزدوجة لأنها تحتاج إلى التعرض للمستثمرين الدوليين، وفقًا لما ذكره كين وونغ، المتخصص في صناديق الأسهم الآسيوية في “إيست سبرينغ إنفستمنت”.
وأضاف وونغ إن خطوة علي بابا “ليست شيئًا نتفاجأ به تمامًا.. ستريد الكثير من الشركات الأخرى أن تفعل الأمر نفسه، خاصة الآن مع وجود مثل هذا الاسم الكبير الذي يقوم بذلك”.
اختارت الشركات الصينية الأخرى الإدراج مباشرة في هونغ كونغ بشكل مزدوج، الأمر الذي نفذته الشركتان المصنِّعتان للسيارات الكهربائية “إكس بنغ”و”لي أوتو”، وبدأ تداول أسهمها في المركز المالي الآسيوي خلال العام الماضي.
قال ويلر تشين، المحلل في “فورسيث بار آسيا”: “هذه خطوة هائلة لـ(علي بابا)؛ كونها تمثل أكبر إدراج ثانوي في هونغ كونغ”.
الإدراج بموجب الربط بين البورصتين (المزدوج) “يمكن أن يؤدي إلى توفير قاعدة مستثمرين أكثر تنوعًا لشركة علي بابا”.