أكدت فتوى لمجلس الدولة، عبر فتوي صادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، إلى عدم خضوع مقابل دخول وخروج السيارات المحملة بالبضائع من وإلى سوق الجملة للخضر والفاكهة ببنها، للضريبة على القيمة المضافة.
وجائت الفتوي لحسم الخلاف بين محافظة القليوبية ومشروع سوق الجملة للخضر والفاكهة، ومصلحة الضرائب المصرية، بخصوص مدى خضوع المشروع للضريبة على القيمة المضافة، ومدى جواز استرداد ما تم سداده لمصلحة الضرائب المصرية تحت مسمى الضريبة على القيمة المضافة، ومدى مشروعية مطالبة المشروع بسداد غرامات وفوائد تأخير عن عدم سداد الضريبة على القيمة المضافة خلال المواعيد المقررة.
وأكدت الفتوي، على ان حاصل الوقائع، أن مأمورية ضرائب بنها قامت بتسجيل مشروع سوق الجملة للخضر والفاكهة ببنها ضريبيا وقا لأحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة على إيراداته من أنشطته المتمثلة في مقابل دخول وخروج السيارات المحملة بالبضائع من وإلى السوق، وعائد الإيجار الشهري للمحال المقامة بالسوق، ومقابل إشغالات الأماكن والمساحات المرخص في شغلها، وإزاء ما ترونه من عدم خضوع تلك الأنشطة للضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن عدم مشروعية مطالبة المشروع بالضريبة الإضافية حال التأخر في تحصيل الضريبة على القيمة المضافة؛ لذا طالب محافظ القليوبية عرض النزاع على الجمعية العمومية لمجلس الدولة.
كما أن النزاع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 25 من يناير الماضي، حيث تبين لها أن المادة (34) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1999 تنص على أن المتجر مجموعة من الأموال المنقولة تخصص لمزاولة تجارة معينة ويجب أن تتضمن عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية.
كما تبين أنه يجوز أن يتضمن المتجر عناصر معنوية أخرى كالاسم التجاري والسمعة التجارية والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية والحق في وحقوق الملكية الأدبية والفنية وحق المعرفة وترخيص الاستغلال والصناعة.
كما يجوز أن يتضمن المتجر البضائع والأثاث والآلات والأجهزة والمعدات وغيرها من المهمات اللازمة لاستغلال المحل التجاري.و تبين لها أن المادة الاولى من قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 تنص على أن يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالالفاظ والعبارات .
وينص البند ثانيا من قرار وزير المالية رقم 24 لسنة 2023 ينص على أن الوحدة السكنية يقصد بها كل وحدة يهيبها مالكها للغير بغرض استعمالها في السكن، ويقصد بالوحدة غير السكنية كل وحدة يهيبها مالكها للغير بغرض ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو اداري، ولا يشمل ذلك المنشأت الفندقية وغيرها من الاماكن التي تنظم أحكامها قوانين خاصة.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم وعلى ما جرى به إفتاؤها أن المشرع بموجب قانون الضريبة على القيمة المضافة فرض ضريبة غير مباشرة على واقعة بيع السلع أو أداء الخدمات، وجعل الأصل هو خضوع جميع السلع والخدمات لها إلا ما يستثنى بنص خاص.
وعلى ذلك ألزم أن يكون تحصيل هذه الضريبة حال مزاولة أنشطة بيع السلعة أو أداء الخدمة، الأمر الذي يجعل الخضوع لها منوطا بمزاولة الشخص نشاطا اقتصاديا ذا طبيعة إنتاجية أو تجارية أو صناعية أو مهنية سلميا أو خدميا.
كما أنه إذا كان القانون لا يفرق في هذا الخضوع بين الأشخاص الاعتبارية العامة والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وكان القانون يختص الشخص الاعتباري العام في نطاق نشاطه الإداري وإدارته للمرافق العامة بالقيام بأعمال إدارية بحتة لا يقوم أداؤها على أسس أو اعتبارات اقتصادية ترتبط بتحقيق الأرباح، فإنه لا فكاك من القول بأن هذه الأنشطة الإدارية البحثة الخدمات العامة لا تدخل ضمن قاعدة الوعاء الضريبي، ولا ينطبق عليها وصف الخدمة في مفهوم تطبيق أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة المشار إليه، ولا تخضع بحكم هذه الطبيعة العامة لأحكام تلك الضريبة.
كما استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاوها من أن مرد التمييز بين الأنشطة الإدارية البحتة (الخدمات العامة) التي تزاولها الجهات العامة مما لا ينطبق عليها مفهوم الخدمة في تطبيق أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة، والأنشطة الاقتصادية التي قد تزاولها هذه الجهات مما ينطبق عليها مفهوم الخدمة في تطبيق أحكامه، أن هذه الأخيرة تقوم على استغلال أموال الجهة أو مواردها أو أملاكها أو أي من حقوقها بقصد تحقيق عوائد مالية أو تعظيم الاستثمار من خلالها، لا يقصد الإشباع المباشر للحاجات العامة
، مما يجوز معه اختيار أو استبعاد المستفيدين بها وفقا لكفايتهم الفنية أو ملامتهم المالية، أو غيرها من أسس المفاضلة في الأنشطة الاستثمارية، وذلك نظير مقابل أو ثمن يتحدد وفقا لآليات السوق والعرض والطلب وحجم المعاملات واعتبارات المفاوضات بين الطرفين، وهو ما يختلف عن الأنشطة الإدارية البحتة التي تزاولها الجهات التزاما منها بتطبيق الواجبات القانونية الملقاة على عاتقها تجاه عموم الجمهور، مما لا خيار لها في القيام بها، أو استبعاد أحد من طالبي الانتفاع بها، بحسبانها تمثل إشباعاً لحاجات عامة أساسية، لا يتصور مباشرتها من القطاع الخاص، ولا غنى للمجتمع عنها، وذلك نظير أداء رسوم يحددها القانون ويرسم قواعد فرضها ونطاق سريانها وحدود تعديلها بحسب الأصل.
وأكدت الفتوي على أن المشرع بموجب البند (28) من قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة أعفي -لاعتبارات قدرها – خدمة تأجير الوحدات غير السكنية منها؛ ذلك أن تأجير الوحدات غير السكنية خدمة يمكن موديها متلقيها من الانتفاع بوحدة مهيأة للاستخدام في غرض غير السكني، مثل ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني، حيث يكون محل التأجير هو وحدة إنشائية مجردة من أي مقومات أو عناصر معنوية أو مادية خاصة بتجارة أو صناعة بعينها، كتلك التي تكسب المنشأة صفة المتجر على الوجه المقرر بأحكام المادة (34) من قانون التجارة، بحسبان أن مجرد تجهيز الوحدة أو تهيئتها للاستغلال التجاري أو الصناعي، لا يكسبها صفة المتجر، والتي لا تثبت إلا بتوافر المقومات والعناصر المعنوية الخاصة بالمتجر، ولا تتأتى إلا بمزاولة النشاط التجاري أو الصناعي فعليا بها، وعلى ذلك فإن نطاق إعمال الإعفاء الضريبي المشار اليه ” بحسبانه استثناء ” يقف عند حد خدمة تأجير الوحدات السكنية بمفهومها.
وخلصت الفتوى إلى أن نشاط المشروع المتمثل في تحصيل مقابل مادي نظير دخول أو خروج السيارات المحملة بالبضائع؛ فإنه لا يخرج عن كونه نشاطاً تمارسه المحافظة بموجب دورها الموكول إليها بإنشاء وإدارة الأسواق العامة، وأن دعائم مباشرته كنشاط لا تقوم على أي اعتبارات اقتصادية أو مفاوضات أو مبادلات أو مضاربات أو استغلال للأموال أو الأملاك، ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون عملا تنظيميا وخدمة عامة تصب إجمالا في المنفعة العامة لمرفق الأسواق العمومية بالمحافظة، ولا يعدو أن يكون أداة إداريا لواجب قانوني لا خيار للمحافظة (المشروع) في أدائه، ولا يخضع – والحال كذلك – للضريبة على القيمة المضافة بحسبانه من الخدمات العامة، ويغدو ما فرضته مصلحة الضرائب المصرية من ضريبة عليه غير متفق مع صحيح القانون.