■ العمل مع «الرى» على مشروع ضخ المياه باستخدام الطاقة الشمسية بتمويل 150 مليونًا
■ إعداد مشروع جديد فى السكك الحديدية لتحسين أنظمة التحكم من خلال توفير 160 مليوناً
■ قرب الانتهاء من الدراسة الخاصة بالمنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس
■ الاقتصاد المصرى مستقر منذ التعويم وما زال هناك تضخم وارتفاع فى أسعار الفائدة
■ تمويل ما يقرب من 8 جامعات بقيمة 50 مليونا بالإضافة لدعم الموازنة فى قطاع الكهرباء
يستهدف بنك التنمية الإفريقى توفير تمويلات بواقع 1.5 مليار دولار تقريبا للعام الجارى والعام المقبل لمصر موزعة بين ما يتراوح بين 700 إلى 800 مليون للعام الواحد، متضمنا توفير قرض دعم للموازنة يوجه لقطاع الكهرباء بقيمة 500 مليون دولار.
وقالت مالين بلومبرج، الممثل المقيم للبنك الإفريقى للتنمية فى مصر، فى حوار مع «المال»، إن مباحثات البنك لتقديم قرض دعم الموازنة ترجع إلى أن قطاع الطاقة شهد الكثير من التغيرات والإصلاحات فى الأعوام القليلة الماضية، فضلا عن التحسن الملحوظ فى مجال كفاءة استهلاك الكهرباء والنجاحات الكبيرة التى تحققت فى جذب استثمارات أجنبية فى مشروع «بن بان» للطاقة الشمسية بقيمة 2 مليار دولار.
وأضافت أن الأمر سيستهلك وقتا لتعزيز تلك الإصلاحات، خاصة أن مسألة دعم الوقود والكهرباء تحتاج إلى استمرار تحقيق الكفاءة فى الاستهلاك، وهذا هو السبب فى طلب الحكومة الحصول على قرض لصالح دعم الموازنة مع التركيز بشكل خاص على قطاع الكهرباء، مضيفةً أنه من المقرر توفيره على عامين هما 2019 و2020، مشيرة إلى إجراء المباحثات بشأن القرض، متوقعةً الموافقة على إتاحته عقب انتهاء إجازات الصيف لهذا العام.
وقالت «بلومبرج» إنه من المقرر انتهاء الاستراتيجية الحالية للبنك مع مصر فى العام الجارى 2019، لكن مصرفها سوف يقوم بمد هذه الاستراتيجية حتى نهاية عام 2020؛ من أجل تلبية أولويات ومتطلبات الحكومة المصرية، وأرجعت ذلك لأن هناك الكثير من المشروعات المشتركة المستهدف تنفيذها حالياً مع الحكومة خاصة أنه قد بدأ وضع الدراسات التحليلة المتعلقة بها.
وقالت إن الخطوة الأولى فى استراتيجية البنك الجديدة هى إجراء الدراسات التحليلة للمشروعات المخطط تمويلها، مشيرة إلى بدء العمل عليها، ومن المقرر أن تستغرق هذه الدراسات حوالى 18 شهرا بهدف التعرف على التحديات والفرص القائمة فى السوق.
وأضافت أن البنك يستهدف الانتهاء من تلك الدراسات بسرعة بالتزامن مع الإجراءات والتغيرات الإصلاحية التى تنفذها الحكومة حاليا.
وفيما يتعلق بنشاط بنك التنمية الإفريقى وتعاونه مع مختلف قطاعات الدولة المصرية، أوضحت الممثل المقيم للبنك فى مصر، أنها أجرت خلال الفترة القلية الماضية عدة لقاءات بالعديد من الوزراء والمسئولين، ففى مجال الإسكان التقت مع وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، وناقشا عدة محاور من أهمها توفير التمويل اللازم لاستكمال برنامج الصرف الصحى فى الريف، لافتا إلى أنه تم إعداد تقرير المشروع، وتمت إجراءات الموافقات الخاصة به والمطلوبة عقب نهاية الصيف الحالى.
وقالت «بلومبرج» إن البنك بصدد مشاركته فى تمويل وتنفيذ مشروعات أخرى فى محافظة الأقصر؛ للمساعدة فى تطوير الأماكن الحضرية هناك، لافتة إلى مشاركة البنك أيضا فى مشروعات ودراسات مماثلة فى محافظة القاهرة.
وتطلعت إلى استمرار ونجاح تنفيذ مشروعات الصرف الصحى بالمناطق الريفية فى صعيد مصر؛ نظرا لأهميتها السكانية والصحية، لافتة إلى أنها عبرت خلال لقائها مع وزير الإسكان عن رغبتها فى التعرف على إمكانية تعبئة القطاع الخاص للتنافس على تنفيذ مشروعات فى مجال محطات معالجة مياه الشرب والصرف الصحى، كما يحدث فى البلدان الأخرى وأسوةً بما حدث فى قطاع الكهرباء.
وأشارت إلى زيادة الاهتمام بمجال تحلية مياه البحر، وأنه أصبح جاذبا للمستثمرين الأجانب عالميا، خاصة أن التطور التكنولوجى ساهم فى تقليص تكلفته التى كانت باهظة، الأمر الذى يصبح من السهل على القطاع الخاص العمل وإنتاج المياه ثم بيعها بعد ذلك.
أضافت أن مصرفها يتطلع بشدة للدخول ودعم المشروعات فى هذا الإطار؛ لأنه يعد طريقة جيدة لتخفيف الضغط على كاهل الحكومة والموزانة العامة للدولة، مشيرة إلى أنه يجرى حاليا وضع دراسات بشأن مرحلة توسعية جديدة من محطة الصرف الصحى بأبو رواش لتحويل المخلفات إلى طاقة، لافتة إلى أن القطاع العام سيقوم بالتنفيذ، وتابعت أنه سيتم العمل مع وزارة الرى والموارد المائية على مشروع «ضخ المياه باستخدام الطاقة الشمسية»، بإجمالى تمويل 150 مليون دولار.
وقالت إن تحديد حجم التمويل المتوقع لأى مشروع مستقبلى يتوقف على الطلب المقدم من الحكومة، مضيفةً أن فى حالة تنفيذ أية توسعات مستقبلية فى محطة معالجة الصرف الصحى فى الجبل الأصفر سيتم توفير تمويل إضافى بقيمة 200 مليون دولار، وهو نفس التمويل المتوقع تقديمه لصالح مشروعات قطاع الصرف بالريف.
وفى مجال الحفاظ على البيئة، أكدت «بلومبرج» أهمية هذا القطاع متواكباً مع التوجه العالمى، الذى أصبحت فيه الحكومات تشارك القطاع الخاص عن طريق الاستثمار فى معالجة المخلفات بأنواعها من بينها المخلفات الصلبة لما يحتويه من فرص عظيمة، خاصة مع استخدام التكنولوجيا لمعالجة تلك المخلفات وتوليد الكهرباء أو إنتاج الأسمدة.
ولفتت إلى أن هناك مناقشات متبادلة بين البنك وعدة أطراف، بشأن دعم القطاع الخاص للعمل فى قطاعى المخلفات الصلبة وتحلية المياه، ويأتى ذلك فى الوقت الذى انتهى فيه بنك التنمية الإفريقى من تمويل مشروع الصرف الصحى فى الجبل الأصفر والذى يعد إنجازاً كبيراً وسوف يتم استكمال باقى مراحله فى المستقبل.
وفى مجال التعليم العالى والتكنولوجى، قالت «بلومبرج»، إن البنك بصدد تمويل ما يقرب من 8 جامعات كالأقصر وأسوان بقيمة 50 مليون دولار، من بينها جامعات قائمة بالفعل وأخرى فى مراحل تشغيلية، مشيرة إلى أن مصر لديها أيدى عاملة ماهرة وقوية، ولكن هناك فجوة بين ما يتم تعليمه وعرضه فى المناهج التعليمية للطلاب فى الجامعات وبين المهارات المطلوبة فى احتياجات سوق العمل، مضيفةً أن هذا ما سيقوم المشروع المرتقب بتنفيذه من خلال الدورات التدريبية وورش العمل للخريجين.
أوضحت أنه من بين المشروعات المرتقبة فى هذا المجال؛ يخطط البنك لتنفيذ مشروع فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة بجامعة أسوان نظرا لموقعها الجغرافى القريب من مشروع «بن بان» للطاقة الشمسية، منوهةً إلى أنه تم تحديد باقى المشروعات المستهدفة فى الجامعات الأخرى على نفس الطريقة، بحيث يتم إصقال الخريجين بالمهارات التى تحتاجها مناطقهم.
وفى قطاع النقل، أكدت أن البنك يعمل الآن على إعداد مشروع جديد فى مجال السكك الحديدية، متضمنا تحسين أنظمة التحكم، موضحةً أن هذا المشروع لا يعنى بناء سكك حديدية جديدة ولكن تحسين النظام القائم من خلال توفير تمويل يصل إلى 160 مليون دولار.
وتابعت أنه تجرى المفاوضات الخاصة بالمشروع حاليا مع وزارتى «النقل» و«الاستثمار والتعاون الدولى» للحصول على موافقاتهم على القرض المذكور وتوفيره بحلول شهر ديسمبر المقبل.
وبشأن مبادرة «الإفريقى للتنمية» لدعم القطاع الخاص، قالت «بلومبرج»، إنهم بصدد تشجيع هذا القطاع على خوض مجالات جديدة كالأجر وبيزنس؛ فضلاً عن توفير خدمات مالية لصالحه تعرف بـ»رأس مال المخاطر»، لكنها نوهت إلى أن البنك ليس لديه نسبة محددة يخصصها سنويا لتمويل مشروعات القطاع الخاص.
أما فى مجال تشجيع أصحاب الأفكار والمشروعات الشبابية والمرأة، أوضحت «بلومبرج» أن البنك يوفر دعم ماليا وفنيا لصالح مبادرات «ريادة الأعمال» ، إيمانا من البنك بأهمية مثل هذه المبادرات على المستويين الاقتصادى الاجتماعى فى مصر.
ونوهت إلى أن البنك لديه مبادرات متنوعة صغيرة كمبادرة «تنمية» التى تم تنفيذها بالتعاون مع وزارة التعليم العالى وأكاديمة البحث العلمى عبر توفير تمويل للشركات الناشئة ورائدى الأعمال بقيمة 4 ملايين يورو.
وفى المجال الصناعى أشارت «بلومبرج»، إلى أن البنك يدعم مبادرة فى مشروعات تبادل النفايات الصناعية التى يتم تنفيذها بقطاعات الحرف اليدوية والأثاث والمنتجات العضوية والمنسوجات، وكذلك الدواجن فى محافظة الفيوم، وذلك عن طريق مجموعة من المنح التى تبلغ ميلونى يورو لكل مشروع، لافتة إلى أن هذه المبادرة لا تعتبر المرة الأولى فى تمويل رواد الأعمال؛ إذ مول فى الماضى مشروعات صغيرة ومتوسطة بالقطاع الزراعى بواقع 4 ملايين دولار.
وأكدت أن مثل هذه التمويلات وغيرها مما يقدمها البنك تمر من خلال القنوات الحكومية والرسمية من بينها جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة «MSMEDA».
وتابعت أن البنك حاليا فى مراحل الانتهاء من إعداد الدراسة الخاصة بالمنطقة الاقتصادية لمحور تنمية قناة السويس، المرتقب أن تعود بالنفع على القطاع الخاص؛ خاصة أنها تركز على وضع المهارات التى يحتاج البناء عليها فى المنطقة وكيفية دعم توسعات عمل المستثمرين.
وأكدت حرص البنك على دعم المشروعات التى يمكن أن تنفذها الشركات المصرية فى القارة الإفريقية من خلال صندوق ضمان المخاطر الذى أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ديسمبر العام الماضى، مشيرةً إلى أنه سيتحمل جزءا من المخاطر التى يمكن أن تتعرض لها الشركات المصرية فى حالة استثمارها فى بعض المناطق غير الآمنة فى إفريقيا، وما يؤدى إلى تراجع فرص الاستثمار والمعاملات التجارية هناك.
وتابعت أن هذا الأمر يحاول البنك تخفيف حدته، ووضع دراسات لتحليل نوعية المخاطر وتحديد المواقع الأفضل للاستثمار ونوعية التسهيلات التمويلية التى يحتاجها المستثمرون بما يتوافق مع طبيعة كل منطقة؛ فضلا عن توفير ضمانات للتبادل التجارى الآمن.
وأضافت «بلومبرج»، أنه منذ أسبوعين، تمت المراجعة السنوية لأداء محفظة البنك فى مصر بالتعاون مع مختلف قطاعات الدولة والوزارات المعنية التى قامت بإنجاز المشروعات الممولة من قبل البنك، واجتمعت قيادات البنك بممثلى هذه الجهات والمؤسسات بهدف مراجعة ما تم إنجازه وكيفية تحسين الكفاءة فى التنفيذ، وتحديد العوائق من أجل تسريع وتيرة التنفيذ.
وفيما يتعلق بطرح السندات الخضراء، قالت إن بنك التنمية الإفريقى لديه القدرة على تنفيذ مثل تلك المشروعات، إلا أنه لا يشارك حالياً فى تمويلها، رغم مشاركاته السابقة فى قطاع الطاقة الخضراء.
وعن إمكانية اكتتاب البنك فى طروحات الشركات الحكومية، قالت إنه لا يقع فى نطاق عمله الذى يعد تنمويا ويهدف لسد الفجوة فى التمويلات لصالح التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى كل بلد إفريقى.
وعن تقييمها للمؤشرات الاقتصادية المصرية حاليا، قالت إن هناك استقرارا فى الاقتصاد منذ تعويم الجنيه لكن ما زال هناك تضخم وارتفاع فى أسعار الفائدة، مشيرةً إلى أن ما يجب التركيز عليه الآن من قبل الحكومة هو أن يكون هناك حاجزا ضد الصدمات، خاصة فى ظل الظروف المتقلبة فى الأسواق العالمية.
وأوضحت أن تلك الحواجز تستهدف إدارة الوضع بسلاسلة أكثر، وهو ما يعمل عليه البنك المركزى والحكومة حالياً، وأضافت أن هناك حاجة للمزيد من إشراك القطاع الخاص فى الاقتصاد ،خاصة أن نسبة مشاركته فى الناتج المحلى الإجمالى صغيرة وذلك بالمقارنة بالدول الأخرى.
وقالت إنه ما زال هناك طريق طويل لتمكين القطاع الخاص، مشيرةً إلى تنفيذ مبارادات فى هذا السياق فى السنوات الماضية، لكن هناك حاجة للتركيز على إزالة الحواجز غير الجمركية وتسهيل إجراءات الاستيراد التى تستغرق وقتاً طويلاً.
وفى نهاية الحوار أكدت الممثل المقيم لبنك التنمية الإفريقى فى مصر على ضرورة توسيع عمل ومشاركة القطاع الخاص الذى يعد أمرا حيويا للاقتصاد المصرى، نظرا لقدرته على خلق المزيد من فرص العمل والدفع بقاطرة التطور الاجتماعى فى مصر، وهو ما يحرص البنك على دعمه ومساندته فى الفترة القادمة.