مصر تملك من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون نموذجا يُحتذى لدول شمال أفريقيا
كشف إلياس عاد، نائب رئيس ماستركارد ورئيس إدارة الأعمال الحكومية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن عقد شراكة طويل الأجل لمدة عشر سنوات، مع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، بهدف بناء مدينة رقمية من خلال توفير أنظمة وحلول متقدمة تشجع المواطنين على استخدام نظم المدفوعات الإلكترونية.
وأضاف عاد فى حوار مع جريدة «المال»، أن ماستركارد بدأت بالفعل فى تزويد العاصمة الجديدة بالعديد من حلول الدفع الإلكترونى للمساعدة فى بناء أول مدينة رقمية فى مصر والمنطقة.
وأوضح أن الشركة تؤمن بأن مصر تمتلك من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون نموذجاً يُحتذى به بالنسبة لدول شمال أفريقيا وعلى مستوى القارة ككل.
وأشار إلى أن الشركة لعبت دورًا مهما فى دعم جهود الدولة فى التحول الرقمى من خلال توفير تقنياتنا فى مجال الدفع الرقمى، وعقد الشراكات مع الحكومة ومشغلى شبكات الهاتف المحمول وشركات القطاع الخاص والعام بهدف بناء اقتصاد رقمى مزدهر.
المال: كيف تؤثر معاملات الدفع النقدى على اقتصادات الدول؟ وتحديداً على معدلات البطالة ونمو الناتج المحلى الإجمالي؟
تؤثر معاملات الدفع النقدى، والتى تمثل أكثر من %85 من إجمالى معاملات المستهلكين على مستوى العالم، سلباً على النمو الاقتصادى للدول.
وأفادت دراسة حديثة صادرة عن ماستركارد بعنوان “صرف الأموال وتحقيق النمو الاقتصادى من خلال رقمنة المدفوعات” بأن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعانى أيضاً من انتشار المعاملات النقدية، فعلى سبيل المثال، يتم إجراء أكثر من %90 من المعاملات المالية فى مصر نقداً.
وبناء على هذه البيانات، تحرص ماستركارد على دعم الجهود الحكومية فى مصر والمنطقة لتشجيع ونشر المعاملات المالية الرقمية فى مختلف القطاعات الاقتصادية وتحقيق الشمول المالى.
وتتكبد الدول فى كثير من الأحيان تكاليف كبيرة، مباشرة وغير مباشرة، نتيجة للاعتماد على التعاملات النقدية، مثل خسارة العائدات الضريبية، وزيادة تكاليف الإنتاج والتداول والنقل والأمن والتأمين.
علاوة على ذلك، أظهرت البيانات التى شملتها الدراسة أن الدول التى تعطى أولوية لرقمنة المدفوعات لديها فرص أكبر لتخفيف التأثيرات السلبية المرتبطة بالبطالة، والاستبعاد المالى، والاحتيال، والسرقة، وتكلفة النقد، والفساد.
وتشير التقديرات التى كشفتها الدراسة إلى أن تكلفة انتشار المعاملات النقدية تتراوح ما بين %3.2 إلى %4.5 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، مما يعنى وجود فرص أمام الحكومات لزيادة الناتج المحلى الإجمالى من خلال رقمنة الاقتصاد بما يؤدى لإتاحة المزيد من فرص العمل وبناء نشاط اقتصادى أكثر قوة، وتوفير قروض تجارية مبسطة.
إضافة إلى ذلك، أدت زيادة استخدام بطاقات الدفع الرقمية إلى زيادة الاستهلاك؛ فمع تزايد استخدام البطاقات فى 70 دولة، تمثل %90 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، ارتفع الاستهلاك بمقدار 296 مليار دولار أمريكى، فكل زيادة بنسبة %1 فى المدفوعات الرقمية تؤدى إلى متوسط زيادة سنوية فى شراء السلع والخدمات بقيمة 104 مليارات دولار، ما يمثل زيادة بنسبة %0.04 فى الناتج المحلى الإجمالى فى الدول المتقدمة، و%0.02 فى الدول النامية.
وبالمقابل، فإن هناك ارتباطاً مباشراً بين انتشار المدفوعات النقدية وبين نمو الاقتصاد غير الرسمى أو الاقتصاد الموازي؛ فالدول التى تعتمد على المدفوعات الرقمية بنسبة %90 تقلص فيها حجم الاقتصاد غير الرسمى ليمثل %17 فقط من الناتج المحلى الإجمالي؛ فى حين وصل حجم الاقتصاد الموازى إلى %35 من الناتج المحلى الإجمالى فى الدول التى تعتمد على المدفوعات النقدية بنسبة %83.
لذلك، من المهم أن تسعى الحكومات للاستثمار فى البنية التحتية لنظم الدفع الإلكترونية لتوفير تجربة دفع رقمية سهلة وآمنة ومستدامة ويمكن للجميع الاعتماد عليها فى كل وقت وكل مكان، إضافة إلى وضع الأطر التنظيمية اللازمة لبناء منظومة المدفوعات الرقمية.
وبشكل عام، أعتقد أن كلاً من الحكومات والشركات تدركان المزايا المتعددة لرقمنة المدفوعات والترويج لنظم الدفع الإلكترونى، حيث تساهم هذه النظم فى تخفيض حالات السرقة والاحتيال، وتقليص معدلات البطالة وحجم الاقتصاد الموازى فى السوق المحلية، كما تقلل من الفاقد فى عائدات الضرائب، وتساهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى وفرص النمو فى جميع القطاعات.
المال: كيف ساهمت الحلول الرقمية التى تقدمها ماستركارد فى تقليل الاعتماد على الدفع النقدى عالمياً، خاصة خلال الفترة الماضية؟ وكيف أثر انتشار جائحة كورونا على انتشار المدفوعات الرقمية على المستويين المحلى والدولي؟
أدى تطبيق سياسات التباعد الاجتماعى للحد من انتشار جائحة كورونا إلى زيادة الاعتماد على نظم المدفوعات الرقمية بدلاً من المدفوعات النقدية كونها أكثر مرونة وسرعة وبساطة وأماناً.
وتساعد ماستركارد الشركات على الانتقال بسهولة إلى عالم التجارة الإلكترونية بالاعتماد على التقنيات والحلول الرقمية المتقدمة التى نقدمها، والتى تتيح سبل متعددة للمدفوعات الرقمية.
ومن أبرز الأمثلة على هذه الحلول: البطاقات اللا تلامسية، وتقنية QR Code أو رمز الاستجابة السريع، والبطاقات الافتراضية.
ويمثل تفوقنا فى مجالات ابتكار تقنيات وحلول الدفع اللا تلامسية نجاحاً لرؤية وضعناها قبل سنوات عديدة تهدف لبناء عالم مزدهر اقتصادياً بدون نقد.
فعلى سبيل المثال، فى عام 2019، وقعت ماستركارد “شراكة رقمية” طويلة الأجل مع الحكومة التشيكية لتحديد القطاعات الاقتصادية التى ستستفيد من تهيئة البنية التحتية للمدفوعات الرقمية.
كما وافقت ماستركارد على التعاون مع شركاء الصناعة للاستثمار فى 30 ألف نقطة قبول للمدفوعات الرقمية للشركات الصغيرة بهدف زيادة مستويات القبول بمنظومة المدفوعات الرقمية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تشكل العمود الفقرى للاقتصاد التشيكى.
وخلال جائحة كورونا، وفرت أنظمة الدفع الإلكترونية للحكومات آليات لمساعدة المتضررين على التعافى من آثار الأزمة. ففى تشيلى، على سبيل المثال، استخدم المسؤولون بطاقات ماستركارد المدفوعة مقدماً لصرف الأموال بسرعة لأكثر من 55.000 متقاعد، مع توجه لزيادة عدد المستفيدين من هذه الخدمة إلى 200.000 متقاعد.
وقد ساعد ذلك الحكومة على خفض اعتماد المستفيدين على النقد، وسمح لهم بالاستفادة من مزايا عديدة ومن إمكانية إجراء عمليات الشراء من منازلهم بصورة آمنة.
وعلى الصعيد الدولى، شهدنا نمواً يزيد عن %40 فى المعاملات اللا تلامسية خلال الربع الأول من عام 2020، كما لاحظنا أن 4 من كل 5 معاملات لا تلامسية لا تتعدى قيمتها 25 دولار، علماً بأن تلك الشريحة من المعاملات غالباً ما كانت تتم بصورة نقدية.
المال: ما هى أهداف ماستركارد العالمية فيما يتعلق بالشمول المالي؟
نؤمن بشدة بأن الشمول المالى هو الأساس لتحقيق التنمية الشاملة فى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التأكيد على أن سد الفجوة الرقمية هو أمر حتمى لتحقيق الشمول المالي؛ ما يعنى أنه يتعين علينا إتاحة الخدمات المالية الرقمية للجميع، حتى تستفيد جميع الدول والمجتمعات من فرص التنمية الاقتصادية فى المستقبل.
لذلك تعمل ماستركارد بلا كلل على تطوير مبادرات الشمول المالى متعهّدة بضمّ مليار شخص و50 مليون شركة إلى الاقتصاد الرقمى بحلول عام 2025، وكجزء من هذه الجهود، تُركّز الشركة بشكل مباشر على تقديم حلول تساعد 25 مليون رائدة أعمال على تنمية أعمالهن.
ويأتى هذا الالتزام ليمثل امتداداً لجهود الشركة الناجحة التى بدأتها عام 2015 لضم 500 مليون شخص من غير المشمولين إلى المنظومة المالية الرقمية.
وتشمل جهود ماستركارد لتحقيق الشمول المالى فى مصر العديد من المبادرات المبتكرة، ومنها مشروع هو الأول من نوعه على مستوى الجمهورية، حيث تعاونت ماستركارد مع شركة “ليفى شتراوس آند كو” لرقمنة أجور أكثر من 10.000 عامل مصرى فى مصنع ملابس فى بورسعيد، حيث وحدت الشركتان جهودهما لتعزيز الشمول المالى والأمن الاقتصادى لهؤلاء العمال.
كما دخلت ماستركارد فى شراكة مع مؤسسة إنجاز مصر لتزويد رائدات الأعمال المصريات بالفرصة لتطوير مهاراتهن التجارية والحصول على تمويل أولى لأعمالهن.
وفى هذا الإطار، نواصل العمل على تعزيز الشمول المالى من خلال عدة مشروعات رائدة، مثل تطوير حلول المدفوعات الحكومية، ورقمنة رواتب وأجور العاملين فى القطاع الخاص، وتوطيد الشراكات مع مشغلى شبكات الهاتف المحمول، وطرح حلول رقمية للعمالة اليومية والمؤقتة، وتوسيع نطاق خدمات شركات التكنولوجيا المالية، والمحافظ الذكية والمنصات الرقمية، فضلاً عن زيادة عدد التطبيقات والبرامج الداعمة للتحول الرقمى فى مختلف المدن والمناطق النائية، مثل برنامجى City Key وCommunity Pass.
المال: ما هى طبيعة التعاون الحالى بين ماستركارد والحكومة والبنك المركزي؟ وكيف تساهم ماستركارد فى مشاريع المدن الذكية؟ وكيف تقيم جهود التحول الرقمى فى مصر؟
نؤمن فى ماستركارد بأن مصر تملك من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون نموذجاً يُحتذى به بالنسبة لدول شمال أفريقيا وعلى مستوى القارة ككل، ولذا لعبنا دوراً مهما فى دعم جهود الدولة فى التحول الرقمى من خلال توفير تقنياتنا فى مجال الدفع الرقمى، وعقد الشراكات مع الحكومة ومشغلى شبكات الهاتف المحمول وشركات القطاع الخاص والعام بهدف بناء اقتصاد رقمى مزدهر.
وفى هذا الإطار، نتعاون مع الحكومة المصرية فى تنفيذ العديد من البرامج الطموحة لتعزيز الشمول المالى ونشر منظومة الدفع الرقمية.
فعلى سبيل المثال، عقدنا شراكة طويلة الأجل، لمدة عشر سنوات، مع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية والمسؤولة عن تنفيذ العاصمة الإدارية، وذلك بهدف بناء مدينة رقمية من خلال توفير أنظمة وحلول متقدمة تشجع المواطنين على استخدام نظم المدفوعات الإلكترونية.
وقد بدأنا بالفعل فى تزويد العاصمة الإدارية الجديدة بالعديد من حلول الدفع الإلكترونى للمساعدة فى بناء أول مدينة رقمية فى مصر والمنطقة.
وإضافة إلى ذلك، تعاونت ماستركارد أيضاً مع البنك المركزى لإنشاء أول نظام للدفع عبر الهاتف المحمول، والذى يستفيد منه حالياً حوالى 14 مليون مستخدم للمحافظ الذكية.
كما أثمر التعاون مع وزارة المالية عن إطلاق بطاقات صرف الرواتب لستة ملايين موظف حكومى، حيث أصبح بإمكانهم استخدام هذه البطاقات الإلكترونية لإجراء معاملات دفع سريعة وآمنة ومريحة.
علاوة على ذلك، تعاونت ماستركارد مع وزارة التضامن الاجتماعى لصرف النفقة الشهرية بصورة رقمية لأكثر من 60 ألف سيدة فى مصر.
ونحن فى ماستركارد على تواصل دائم مع الحكومات لمساعدتها فى تطوير خططها للمدفوعات الرقمية اعتماداً على منهج ماستركارد فى تصميم وتطوير منظومة المدفوعات، مما يساعد الحكومات على وضع وتنفيذ المبادرات الاستراتيجية فى هذا القطاع.
كما نضطلع بدور حيوى فى مجال المدفوعات الحكومية، فعلى سبيل المثال، يعد مشروع التعاون مع الحكومة المصرية لصرف مرتبات الموظفين إلكترونياً أحد أكبر المشروعات فى هذا القطاع على مستوى العالم.
المال: كيف تتعامل ماستركارد مع قضايا الأمن والجريمة الإلكترونية فى القطاع المصرفى المصري؟
الثقة فى التكنولوجيا ليست من الأمور المسلم بها، بل هى أمر يتم استحقاقه مع الوقت، وتؤمن ماستركارد أن نظم الأمن الرقمية هى مكون رئيسى لخدمات الدفع الإلكترونية يتم تصميمه خلال المراحل الأولى لوضع المنظومة الإلكترونية.
وتركز استراتيجيتنا على توفير عنصر الأمن عند تصميم الخدمة وتأمين المنظومة الرقمية بأكملها، لذا نعتمد فى ماستركارد على نظم أمان متعددة المستويات ومترابطة عبر آلاف من نقاط البيانات للحد من عمليات الاحتيال الإلكترونى أثناء قيام العميل بإجراء معاملة رقمية.
كما نعتمد على مجموعة من الحلول القائمة على برامج الذكاء الاصطناعى والتى تعمل خلال جزء من الثانية للكشف عن عمليات الاحتيال وتأمين المعاملات المالية الرقمية لملايين العملاء.
وخير مثال على ذلك، خدمة “مكافحة الاحتيال” التى أطلقتها ماستركارد فى مصر عام 2014 لحماية حاملى البطاقات والمؤسسات المالية والتجار من الجرائم الإلكترونية؛ حيث ساهمت هذه الخدمة فى الحد من عمليات الاحتيال بشكل كبير، وعززت من تجربة المدفوعات الرقمية للمستخدمين لتصبح أسرع وأكثر أماناً.
فى عام 2019، شاركت ماستركارد فى استضافة منتدى ماستركارد الأول لتأمين المدفوعات الإلكترونية بالشراكة مع البنك المركزى.
وجمع المنتدى والذى عقد فى القاهرة، خبراء عالميين وإقليميين فى مجالات الأمن السيبرانى لمناقشة آخر التطورات فى مجال تأمين المعاملات الرقمية، وشهد مشاركة وحضور أكثر من 170 مصرفياً مصرياً يعملون فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والحوكمة والامتثال فى البنوك المصرية.
المال: قامت ماستركارد مؤخراً بشراء أسهم لشركة جوميا بقيمة 50 مليون دولار، فهل تركز الشركة على الاستثمار فى شركات مماثلة؟
نبحث فى ماستركارد بشكل منتظم عن فرص للاستثمار وعقد الشركات التجارية مع الأطراف الفاعلة فى مجال نظم المدفوعات الإلكترونية بما فى ذلك شركات التكنولوجيا المالية ومقدمى الخدمات لدعم التحول الرقمى فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، لأننا نؤمن بأهمية هذه الشراكات فى تعزيز الشمول المالى، وتوفير البيانات والتحاليل المتعلقة بعمل القطاع.
ويأتى استثمارنا فى جوميا بعد شراكة استراتيجية ناجحة وطويلة الأجل، مكنتنا من تحفيز عملائنا على استخدام نظم المدفوعات الرقمية، وأتاحت لهم الحصول على المنتجات الأساسية بأسعار ميسرة.
وأثناء هذه الشراكة، أطلقنا عدة حملات ترويجية، مثل “أسبوع ماستركارد”، والذى أقيم خلال الفترة من 21 إلى 26 سبتمبر الماضى فى جميع محافظات مصر، وتم خلاله منح العملاء خصماً مجزياً بنسبة %20 بحد أقصى 200 جنيه.
المال: ما هو عدد البنوك المحلية التى تتعامل معها ماستركارد فى مصر؟
نعمل عن كثب مع جميع البنوك المؤهلة فى مصر، ونحن مستعدون للتعاون مع المؤسسات المالية الأخرى وكافة الجهات الداعمة لمنظومة المدفوعات الرقمية فى مصر.
ويؤكد هذا التعاون مكانة ماستركارد باعتبارها شريكاً موثوقاً فى إتاحة حلول رقمية قابلة للتطبيق محلياً، وعلى دورنا المحورى فى استبدال نظام الدفع النقدى بالمدفوعات الإلكترونية وتطوير المنظومة بصورة فعالة بما يحقق الشمول المالى ويساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد.