«طروحات حكومية جديدة، وحوافز ضريبية لجذب طروحات من القطاع الخاص»، كانت هذه هى الحلول التى طرحها خبراء سوق المال لمساعدة البورصة المصرية على تعويض عمليات تخارج الشركات بالجملة التى شهدتها منذ الربع الأخير من 2019، و ضغطت على رأس المال السوقى لتتراجع نسبته مقارنة بالناتج المحلى لما دون 10 %.
وخلال فترة 16 شهراً منذ الربع الأخير من 2019، وحتى يناير الجارى شهدت البورصة المصرية تخارجات متتالية وسريعة لـ7 شركات مدرجة، بجانب الحديث عن شطب الثامنة وهى الحديد والصلب المصرية، وغلب على معظم التخارجات تلك طابع الشطب الاختيارى، وذلك تزامنا مع أوضاع متردية شهدتها السوق نتيجة تداعيات فيروس كورونا المستجد على الأنشطة الاقتصادية.
والشركات التى تم شطبها، وخرجت من السوق أو فى طريقها للتخارج، هى جلوبال تيليكوم، والاسكندرية للأسمنت، و السويس للأسمنت، وتابعتها أسمنت بورتلاند طره، والشركة الدولية للثلج الجاف «ديفكو»، والشركة المصرية للمشروعات السياحية «أمريكانا»، والعبوات الدوائية المتطورة، وأخيرا الحديد والصلب المصرية.
وجاءت عمليات شطب الشركات بناء على موافقات مجالس إدارات هذه المؤسسات ، بالشطب الاختيارى، أو قرار من البورصة المصرية بالشطب الإجبارى، أو بعد خضوعها لعمليات استحواذ، أو التصفية.
وتزامنت عمليات التخارج هذه مع تراجع نسبة رأس المال السوقى للبورصة المصرية إلى %9.3 من الناتج المحلى بنهاية سبتمبر 2020، مقارنة مع %14.4 بنهاية يونيو 2019، وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن البورصة المصرية.
وقال الخبراء إن السوق بحاجة لطروحات حكومية جديدة لتعويض هذه الخسائر، و أيضا طروحات خاصة، وحوافز ضريبية لتشجيع شركات القطاع الخاص للطرح.
السعيد: نسبة رأس المال السوقى للناتج المحلى ضعيفة
وقال إيهاب السعيد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية إن هناك اتجاها عاما حاليا نحو التخارج من السوق، وإن هذه التخارجات ستؤثر سلبا، نظرا لعدم وجود بدائل تسد الفجوة التى تحدث نتيجتها.
وأكد أن ما يعوض السوق عن هذه التخارجات هو إدراج طروحات جديدة تجذب المستثمرين للسوق، وترفع نسبة رأس المال السوقى للبورصة فى الناتج المحلى، مناشدا الدولة بالإسراع بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، والذى لم يشهد سوى طرح نسبة ضعيفة من الشركة الشرقية للدخان فقط، رغم بدأ الحديث عنه منذ عام 2017.
وقامت الحكومة المصرية بطرح حصة إضافية من شركة الشرقية للدخان فى مارس 2019، ثم تجمدت خطوات برنامج الطروحات، و فى ديسمبر 2020، عاودت الحكومة الحديث عن برنامج الطروحات من خلال أيمن سليمان، الرئيس التنفيذى للصندوق السيادى المصرى، والذى لفت إلى استئناف البرنامج، وضم شركات تابعة لجهاز الخدمة الوطنية له.
وأكد السعيد أن مجلس إدارة البورصة يجرى محاولات قوية لجذب طروحات جديدة للسوق، إلا أنه لم يستطع رغم قوة المحاولات، مؤكدا أن جذب شركات القطاع الخاص يحتاج إلى اهتمام حكومى بالشركات.
وقال السعيد إن نسبة رأس المال السوقى للبورصة المصرية مقارنة بالناتج المحلى تعد ضعيفة للغاية حاليا، حيث تمثل 9 %، بينما يجب أن تتراوح بين 60 إلى 70 %.
فوزى: يجب خلق حوافز ضريبية تشريعية جاذبة
وقال مصطفى فوزى، الرئيس التنفيذى، ورئيس مجلس إدارة شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية إن السمة الطبيعية لسوق المال طرح شركات جديدة، وخروج أخرى فى المقابل، لافتا إلى أن ما يضغط على السوق حاليا هو تعطل الطروحات الجديدة.
ويرى فوزى أن الطروحات الجديدة التى ستحدث فى السوق ستتم عند تحسن الأوضاع، مؤكدا ضرورة وجود طروحات لشركات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وفقا للفكر العالمى.
وتابع، يتطلب جذب شركات جديدة للإدراج بالسوق، منح حوافز ضريبية لتشجيع الشركات على القيد، و تعديل التشريعات المرتبطة بعمليات الطرح بالبورصة، بما يدعم السوق للنمو، وجذب أموال جديدة من مستثمرين، وصناديق استثمار.
وأكد فوزى أن التخارجات التى شهدتها السوق خلال الفترة من 2011، حتى 2020، حدثت نتيجة تغير مناخ الاستثمار، والظروف الاستثمارية، ووصول بعض القطاعات لقمة أدائها، وعمليات اندماجات واستحواذات فى قطاعات معينة.
ويرى فوزى أن أوضاع الاقتصاد المصرى والذى تاثر كنظائره بازمة كورونا ، قد تمثل بيئة خصبة لعمليات الاندماج والاستحواذ، ما يتوقع معه جذب شركات جديدة سواء فى قطاع خاص أو عام فى لسنوات المقبلة مع حدوث الاستقرار.
وأضاف فوزى أنه مع تحسن وضع السوق الاستثمارى خلال السنوات المقبلة، ستقوم الحكومة بالتخارج من حصصها بالشركات المُدرجة عقب تحقيق هدفها الاستثمارى.
رشاد: خروج الكيانات الخاسرة إيجابى للسوق والمستثمرين
وأشار إيهاب رشاد، العضو المنتدب لشركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية إن عمليات التخارج من البورصة تضر برأس المال السوقى، ونسبته للناتج المحلى، وكذا المستثمر طويل الأجل، ما يضغط بالتبعية على قيم التداولات، والاستثمارات، مؤكدا أن الحل يتمثل فى اكتتابات جديدة تعوض التخارجات التى حدثت، سواء حكومية أو خاصة.
إلا أن رشاد أكد فى الوقت نفسه أن خروج الشركات الخاسرة من السوق يعد أمرا إيجابيا لمستثمريها، حيث يحد من نزيف الخسائر الذى يتعرضون له.
وعدد رشاد أسباب خروج الشركات من السوق ما بين أسباب خاصة بالشركة نفسها، أو خسائر متراكمة دون أى سبيل لإعادة الهيكلة، أو استحواذ، أو عدم رغبة الشركة فى الالتزام بقواعد الافصاح القوية.
فتح الله: الشركات بحاجة لمحفزات
وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية إن البورصة المصرية فقدت خلال الفترة الأخيرة عدداً كبيراً من الشركات، رغم جهود إدارة البورصة فى جذب مؤسسات جديدة للقيد ، ومشيرا بأن الشركات تحتاج إلى حوافز ضريبية تشجعها على الانضمام للبورصة.
وأضاف أى محاولات تقوم بها البورصة لجذب شركات جديدة لن يكون لها أى صدى مالم يكن هناك محفزات، حتى وإن كانت محفزات وقتية، لحين اكتمال قطاعات السوق، وهيكله.
المصرى: تفاعل سلبى للسوق مع الأسهم المتوقع شطبها
ويرى ياسر المصرى العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية إن السوق لم تتفاعل مع إعلان احتمال شطب شركة الحديد والصلب، بسبب خسائرها المتراكمة منذ سنوات، ما ترتب عليه توقعات بتصفيتها وشطبها.
ولفت إلى أن عمليات التخارج عامة يقابلها اتجاه المستثمرين نحو أسهم بديلة، أو مماثلة فى نفس القطاع.
عبد القادر: المستثمرون يتجهون لبدائل فى نفس القطاعات
ويرى عامر عبدالقادر، رئيس قطاع السمسرة للتطوير بشركة بايونيرز أن الشركات التى تم شطبها لن تؤثر فى السوق حيث أنها إما شركات صغيرة، أو خاسرة وخروجها من البورصة أفضل للمستثمرين.
وأشار عبدالقادر إلى أن المستثمرين بالشركات التى تم شطبها يتجهون غالبا إلى أسهم مماثلة لضخ استثماراتهم بها، تعويضا عن تلك التى تخارجت.
وقال محمد كمال، الرئيس التنفيذى لشركة رواد لتداول الأوراق المالية إن ما يعوض السوق عن التخارجات التى شهدها مؤخرا هو وجود طروحات حكومية جديدة كبيرة كبنك القاهرة، ما يجذب شريحة جديدة من المستثمرين.
وأكد كمال على أهمية وجود حوافز ضريبية لجذب مزيد من شركات القطاع الخاص وحثها على الطرح بالبورصة، لافتا إلى أن مستثمرى الشركات التى يتم شطبها غالبا ما يتجهون لضخ استثماراتهم فى أسهم مماثلة.