بدت مؤشرات، على الأقل في الوقت الحالي، على تراجع حدة النقص في أشباه الموصلات عالميًّا، الذي حد من قدرات صناعة السيارات لما يقرب من عامين.
بدأت شركات صناعة السيارات؛ من بينها: “مرسيدس بنز”، و”دايملر تراك هولدينغ”، و”بي إم دبليو”، الحصول على ما تحتاج إليه من مكونات عالية التقنية بما يكفي الإنتاج بكامل طاقتها التشغيلية، عقب معاناتها انقطاعات عطّلت أعمالها على مدار أشهر.
يأتي ذلك التقدم المفاجئ في وقت مبكر من توقعات الشركات، والذي يمثل نقطة مضيئة للصناعة التي تواجه التضخم والاقتصاد المتدهور، بالتزامن مع إدارة تحول تاريخي إلى إنتاج السيارات الكهربائية.
تراجع حدة النقص في أشباه الموصلات
قد تشهد شركات صناعة السيارات ارتياحًا بتحسن المعروض من الرقائق، لكنها لم تعلن انتهاء الأزمة حتى الآن.
قال يورج بورزر، رئيس إدارة الإنتاج وسلسلة التوريد في “مرسيدس”: “ما زلنا نراقب الأمر بشكل أسبوعي، ولم نرصد حتى الآن بكل أنحاء العالم، مشكلات في إدارة الإنتاج بشكل ملحوظ”.
وأشار بورزر إلى أن مشكلات نقص الإمدادات تحدث “هنا وهناك، لكنها لا تقارَن بما كان عليه الوضع العام الماضي”.
رغم ازدهار الطلب على السيارات، اضطرت شركات صناعة السيارات إلى تقليص الإنتاج؛ لعدم حصول المصانع حول العالم على ما يكفي من الرقائق، التي تمثل مكونات رئيسية في السيارات التي يتزايد اعتمادها على التقنية.
وتنعكس حدة نقص الإمدادات لدرجة أن إنتاج سيارات الركاب عالميًّا بالكاد أظهر علامات تعافي للوصول إلى مستويات ما قبل الوباء.
مع تحسن المعروض من الرقائق الإلكترونية، تعمل شركات صناعة السيارات على خفض الطلبات المتراكمة لديها، بينما تتحول المخاوف إلى كيفية استمرار طلب المستهلكين وسط تسارع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
قال إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إن شركة صناعة السيارات الكهربائية بحاجة لخفض عدد العاملين بنسبة 10%؛ بسبب “شعوره السيئ للغاية” بشأن الاقتصاد، وفقًا لمذكرة داخلية نشرتها “رويترز”.
تحسن المعنويات في مايو
ليس الجميع متشائمًا مثل ماسك. حيث تحسنت معنويات شركات صناعة السيارات الألمانية بشكل ملحوظ في مايو، وفقًا لنتائج المسح الذي أجراه معهد “أيفو” (Ifo)، التي أظهرت تزايد ثقة شركات صناعة السيارات بشأن قدرتهم على رفع الأسعار، في ظل ارتفاع تكاليف المواد الخام.
يرجع توافر الرقائق مؤخرًا، بشكل نسبي، إلى ضعف التوقعات الاقتصادية وارتفاع وتيرة التضخم، ما حدّ من الطلب على الإلكترونيات الاستهلاكية، التي تستخدم المكونات نفسها.
أكدت كارين رادستروم، رئيسة العلامة التجارية “مرسيدس”، في شركة دايملر تراك، حصول الشركة على احتياجاتها من الرقائق للوفاء بالطلبات المتراكمة لديها.
قالت رادستروم في مقابلة: “الأمر ليس مثاليًّا، لكنه أفضل من العام الماضي، أحاول عدم الاحتفال مبكرًا، وما زلنا نراقب الوضع عن كثب “.
أعربت “بي إم دبليو” عن تفاؤلها المتحفظ هي الأخرى، حيث قالت، إن كل المصانع جاهزة للعمل، والشركة لا تعاني أي توقف بسبب إمدادات الرقائق.
وقال متحدث باسم الشركة: “الوضع حاليًّا أكثر استقرارًا إلى حد ما”، ولا تزال “بي إم دبليو” تراقب إمدادات الرقائق بشكل يومي، حيث لا تستبعد احتمال حدوث اضطرابات جديدة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
استقرار في الإمدادات
كذلك تشهد “فولكس واجن” التي توقعت مثل الآخرين بدء تخفيف حدة الأزمة في النصف الثاني من عام 2022، استقرارًا في الإمدادات أيضًا، وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الشركة، الذي أكد استمرار حالة عدم اليقين خلال الأشهر المقبلة.
أقرّ هاري وولترز، رئيس وحدة شاحنات “دي إيه إف” (DAF) التابعة لشركة باكار إنك، بأن الشركة تشهد الاستقرار نفسه في الإمدادات.
وقال وولترز: “نشهد تحسنًا في معروض المكونات بشكلٍ أفضل مما كنا نتوقع قبل خمسة أو ستة أسابيع، لذلك تمكّنّا من زيادة معدلات الإنتاج في الولايات المتحدة وأوروبا”.
تشاؤم فولفو
كل الشركات لا تشعر بالتحسن نفسه، حيث قالت “فولفو تراكس” إنه لا يزال هناك نقص في توافر الرقائق، كما تتوقع تأثير ذلك النقص على الإنتاج في الربع الثاني.
شهدت أوقات تسليم الرقائق- المستخدمة في تصنيع مجموعة من الأجهزة الإلكترونية- ثباتًا دون تغيير خلال مايو الماضي، ما يعدّ مؤشرًا على استمرار التأخير، وفقًا لبحثٍ أجرته مجموعة “سسكويهانا فاينانشيال” .
قال الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس، أولا كالينيوس، العام الماضي، إن شركته ستلجأ إلى استخدام أشباه موصلات أكثر تكلفة لتجنب النقص، كما قال الرئيس التنفيذي لشركة فورد موتور، جيم فارلي، الشهر الماضي، إن الشركة سوف تشتري الرقائق حيثما أمكنها ذلك، من السوق المفتوحة.