فى الوقت الذى تسعى فيه بعض البنوك للدخول فى مساهمات جديدة فى شركات داخل السوق المصرية، تعكف أخرى على التخارج من شركات سواء كانت تحقق مؤشرات قوية فى نتائج أعمالها أو تتكبد خسائر.
وتمتلك بعض البنوك العاملة فى السوق المصرية مساهمات مباشرة فى شركات تتكبد خسائر؛ نتيجة لبعض المتغيرات المرتبطة بالقطاع الذى تعمل به الشركة، أو أن مساهمة البنك ترجع إلى مديونية كبيرة على الشركة قام برسملتها.
ويرى خبراء ومصرفيون، أن استحواذ البنوك على حصص من الشركات فى السوق يكون له دور كبير فى توظيف ودائع العملاء كنوع من الاستثمارات المباشرة.
وأكدوا أن البنوك لديها الملاءة المالية القوية لإعادة هيكلة الشركات الخاسرة، وتحويلها من خسارتها إلى الربحية، مشيرين إلى أن احتفاظ البنوك على مساهمتهم فى تلك الشركات، أو الاستحواذ على شركات جديدة، يُعظم من العائد لدى البنوك فى حال بيع الشركة على المستوى البعيد نتيجة ارتفاع سعرها بعد تنظيم نتائج أعمالها.
وكشفت قائمة البنك الأهلى المصرى المالية، والذى يٌعد الأكبر بين المصارف فى السوق من حيث الأصول، أنّ هناك 7 شركات بين 18 شركة يساهم البنك فى شراكتها تكبدت خسائر.
وتضم الشركات الخاسرة كلا من دريم لاند بيراميدز للجولف، وفرسان دريم لاند، ودريم لاند للمؤتمرات، وأسواق دريم لاند، العربية للصلب المخصوص « أركوستيل»، والأهلى للصرافة.
وأظهرت القوائم المالية للبنك الأهلى، أنه تم رفع حصته فى شركة «أركوستيل” إلى %86 فى الربع الأول من العام الجارى، مقارنة مع نسبة %51 فى نهاية ديسمبر الماضى.
وفى تصريحات سابقة لـ«المال» قال يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى المصرى إنه يستهدف تخارجًا كليًا من بعض الاستثمارات، وجزئيًا من أخرى خلال المرحلة المقبلة، بقيمة تبلغ 1.1 مليار جنيه، دون تسمية تلك الشركات أو تحديد ما إذا كانت تتكبد خسائر أم لا.
وأضاف أن حجم استثمارات البنك المباشرة تبلغ ما يقرب من 18 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن قيمتها تضاعفت أكثر من مرة عند أخذ قيمتها السوقية فى الاعتبار.
ويستهدف بنك مصر التخارج من 75 شركة خلال 10 سنوات بقيمة 21 مليار جنيه، ضمن خطة البنك لإعادة الهيكلة، بحسب تصريحات منذ عامين لنائب رئيس البنك عاكف المغربى.
وفى عام 2019 وجه «البنك المركزى» فى بيان، البنوك العاملة فى السوق المحلية بالتخارج من المساهمات والأراضى المملوكة لها، والاستثمارات ذات العائد المنخفض والتى ليس لها علاقة بالعمل المالى، والتوسع فى الاستثمارات المرتبطة بالعمل المصرفى والتى تخدم الأنشطة المتعلقة به، وتدعيم القاعدة الرأسمالية للبنك وتقوية المركز المالى، وذلك من خلال عائد التخارج من هذه الاستثمارات.
شهاب حلمى: لا تفضل التخارج من كيانات تعمل فى القطاعات المالية غير المصرفية
ويرى شهاب محمد حلمى، المحلل المالى فى بنك الاستثمار برايم ، أن البنوك تسعى للاستحواذ على الشركات المالية غير المصرفية بهدف توزيع المخاطر الخاصة بتشغيل ودائع القطاع المصرفى.
وأضاف أن البنوك لا تفضل التخارج من بعض الشركات التى تعمل بالقطاعات المالية غير المصرفية؛ نتيجة لأنها تحقق لها أرباحا على المدى البعيد، أو أنها تحقق لها التكامل فى تقديم كافة الأنشطة المالية داخل السوق.
وأوضح أن بعض البنوك تجد الشركات المالية غير المصرفية تزاحمها فى جذب العملاء عليها، مما يدفعها للاستحواذ على تلك الشركات بهدف التعامل مع أكبر شريحة من العملاء داخل السوق.
وأكد أن شريحة كبيرة من العملاء تفضل التعامل مع الشركات المالية غير المصرفية عن البنوك لسهولة الإجراءات التى تقدمها تلك المؤسسات للعملاء، لذا تسعى البنوك للاستحواذ على تلك الشركات للتعامل مع العملاء بأكثر من صورة.
وأشار إلى أن أغلب شركات البنوك تكبدت خسائر خلال السنوات الأخيرة، نتيجة إلى الهبوط الذى شهدته البورصة المصرية، إثر تداعيات فيروس كورونا (كوفيد-19).
ماجد فهمى: الهدف الأساسى من الاستثمار هو توظيف الودائع
ويرى ماجد فهمى رئيس إدارة بنك التنمية الصناعية السابق، أن مساهمة البنوك فى الشركات، تنقسم إلى نوعين أولها : بغرض منحها تمويلا لزيادة رأس مال الشركة، والثانى : يهدف إلى الحصول على نسبة حاكمة داخل المؤسسة وتغيير مسار الشركة بهدف تحويل خسارتها إلى ربحية، لدفع عجلة الإنتاج وتنشيط الاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أن أبرز الصعوبات التى تواجه البنوك التى تمتلك شركات خاسرة فى التخارج من تلك المؤسسات،حيث يتم التخلص من تلك الحصص بقيمة أقل من القيمة الدفترية.
وأكد أن البنوك تتحوط فى التعامل مع الشركات الخاسرة، عبر إجراء دراسة جيدة للاستثمار، إضافة لتدشين إدارات جيدة للتعامل مع أى مخاطر تواجه الشركة.
وأضاف أن الهدف الأساسى من مساهمة البنوك فى تلك الشركات هو التوظيف للودائع الخاصة له عبر عمليات الحصول على حصص داخل شركات كبرى وشركات صغيرة ومتوسطة.
وأشار إلى دخول البنوك داخل قطاعات معينة عبر الاستحواذ على بعض الشركات، وهذا يمنح تلك الشركات قوة داخل السوق، إضافة إلى تعزيز القطاعات، لاسيما أن ذلك يخلق عميلا جديدا يتعامل مع القطاع المصرفى، وعليه يتم تعزيز الشمول المالى.
ومؤخرًا أعلن بنك أبوظبى التجارى مصر المساهم الرئيسى بنسبة 51.54% فى شركة الإسكندرية للخدمات الطبية – المركز الطبى الجديد، اعتزامه بيع حصته فى الشركة.
وليد ناجى: بعض المصارف لا تفضل الاستثمار فى الشركات الخاسرة لارتفاع مخاطرها
من ناحية أخرى، قال وليد ناجى نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى، إنه لا توجد قاعدة عامة للقطاع المصرفي فى الاتجاه الصحيح لتعامل البنوك مع الشركات الخاسرة.
وأكد وجود عدة عوامل لتخلص بعض البنوك من الشركات الخاسرة أهمها بيع الحصة الخاصة بها فى بعض الشركات، أو أن البنوك تقوم بزيادة رأسمال الشركة بهدف تعزيز القاعدة الرأسمالية للشركة.
وأشار إلى أن البنوك تتجه إلى استبدال جميع إدارات الشركة بأخرى جيدة لتعزيز الشركة.
وأوضح أن الهدف الرئيسى من استثمار البنوك فى بعض الشركات هو تحقيق الربحية الكبيرة مقارنة مع الاستثمارات الأخرى، لاسيما أن ذلك الاستثمار يكون له دور كبير فى تنشيط الاقتصاد المصرى ودفع عجلة الإنتاج.
وقال إن بعضها تسعى إلى تمويل الشركات الأجنبية التى تعمل فى السوق المصرية، لخلق عملاء جدد داخل القطاع المصرفى.
محمد البيه: الحفاظ عليها يحقق عائدا كبيراعلى المدى الطويل
وأكد محمد البيه الخبير المصرفى أن البنوك تسعى إلى الاستحواذ على شركات للاستثمار طويل الأجل، بهدف تحقيق الربحية.
وأشار إلى أن بعض البنوك فى حالات تعثر أصحاب الشركات، تتجه إلى التخلص من تلك المديونيات عبر الاستحواذ على الحصة الحاكمة فى الشركة مع تدشين إدارة جديدة لها تسعى إلى تحويل تلك الخسارة إلى ربحية.
وعن عدم تخارج بعض البنوك من الشركات الخاسرة الخاصة بها، أوضح أن ذلك يعود إلى أن البنوك لا تستهدف ربحية قصيرة المدى، بل تستهدف عائدا على المستوى البعيد، ليكون العائد أكبر.
وأشار إلى أن بعض البنوك تتجه لصناعات معينة، فى مقدمتها الدفع الإلكترونى، نتيجه لتحقيقها ربحية أكبر من الشركات الأخرى فى السوق، إضافة إلى أنها تعزز الشمول المالى.