لحظة‭ ‬انتظار

لحظة‭ ‬انتظار
حازم شريف

حازم شريف

10:40 ص, الأحد, 15 فبراير 04

تكتب،‭ ‬وتكتب‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬تكتب‭ … ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬شئ‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬شئ‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭.‬
مجرد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬يمدحونك‭ ‬أو‭ ‬يقرعونك‭ .. ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬فلا‭ ‬الأمور‭ ‬تتغير،‭ ‬ولا‭ ‬حافز‭ ‬يساعدك‭ ‬أو‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الاحباط‭.‬
تطالعك‭ ‬نفس‭ ‬الوجوه‭ ‬فى‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬والمحلية،‭ ‬وذات‭ ‬الأسماء‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬المؤسسات،‭ ‬و«أم‮»‬‭ ‬الشعارات‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجرائد،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تتبدل‭ ‬الوجوه‭ ‬والأسماء‭ ‬والشعارات،‭ ‬وتظل‭ ‬الأفكار‭ ‬والأليات‭ ‬والميكانيزمات‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمسها‭ ‬عملية‭ ‬الاستبدال‭.‬
تحاول‭ ‬أن‭ ‬ترصد‭ ‬تغيرات‭ ‬إيجابية‭ ‬صغيرة،‭ ‬ربما‭ ‬تتراكم‭ ‬تريجيا‭ ‬فتتمخض‭ ‬عن‭ ‬قفزات‭ ‬كبيرة،‭ ‬فتعجز‭ ‬أو‭ ‬تنجح‭ ‬بالكاد‭ ‬فى‭ ‬رصد‭ ‬واحدة‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬غير‭ ‬أنك‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تكتشف‭ ‬معها،‭ ‬سيلا‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬السلبية‭ ‬فى‭ ‬الاتجاه‭ ‬المضاد‭.‬
تجالس‭ ‬الاصدقاء‭ ‬والمسئولين‭ ‬والزملاء‭ ‬والمصادر،‭ ‬يقبض‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬سيجارته‭ ‬أوسيجاره،‭ ‬وهو‭ ‬يرتشف‭ ‬قدحا‭ ‬من‭ ‬القهوة‭ ‬أو‭ ‬فنجانا‭ ‬من‭ ‬الشاى،‭ ‬تتصاعد‭ ‬الأدخنة‭ ‬والأبخرة،‭ ‬وينهمر‭ ‬ركام‭ ‬الكلام…‭ ‬يضع‭ ‬أحدهم‭ ‬نظرية،‭ ‬يشخص‭ ‬ثان‭ ‬ظاهرة،‭ ‬ويحلل‭ ‬ثالث‭ ‬سلوكا‭ ‬شائعا،‭ ‬ينفثون‭ ‬غضبهم‭ ‬وطاقاتهم‭ ‬المكبوتة،‭ ‬فيبلغون‭ ‬قمة‭ ‬النشوى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬لينام‭.‬
جميع‭ ‬الأعياد‭ ‬والمناسبات‭ ‬والأيام‭ ‬تتشابه،‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬تماثل‭ ‬دقائق‭ ‬الراحة،‭ ‬ملامح‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬يصعب‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬اختلافات‭.‬
ثم‭ ‬يحدثك‭ ‬أحدهم‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬الانجازات‭ ! ‬فيدفع‭ ‬بك‭ ‬دفعا‭ ‬إلى‭ ‬هوة‭ ‬الاكتئاب‭.‬
تحاول‭ ‬أن‭ ‬تصارعه‭ ‬فلا‭ ‬يزيده‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬فصاحة‭ .‬
تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تسكته‭ ‬فيتحول‭ ‬إلى‭ ‬مدفع‭ ‬رشاش‭.‬
ينتقل‭ ‬فى‭ ‬رشاقة‭ ‬تحسده‭ ‬عليها‭ ‬الباليرينا‭ ‬ولاعبو‭ ‬الجمباز،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اللافتات‭ ‬السياسة‭ ‬والأقوال‭ ‬والنصوص‭ ‬الدينية‭ ‬والمأثورات‭ ‬الشعبية،‭ ‬ويحاصرك‭ ‬بالاتهامات‭ ‬الملفقة،‭ ‬و‭ ‬يرهبك‭ ‬بالأحكام‭ ‬المطلقة،‭ ‬عليك‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬معك‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬أعداء‭ ‬النجاح‭!‬
تنتظره‭ ‬أن‭ ‬يستقيل،‭ ‬فلا‭ ‬يزيده‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬تشبثا‭ ‬بموقعه،‭ ‬وبموقعك‭ ‬أنت‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬الاعراب‭.‬
تتمنى‭ ‬من‭ ‬داخلك‭ ‬أن‭ ‬يرحل،‭ ‬فلا‭ ‬يزيدك‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬اكتئابا‭ ‬على‭ ‬اكتئاب‭ ‬من‭ ‬وقع‭ ‬طول‭ ‬الانتظار‭ .‬
وتظل‭ ‬وأظل‭ ‬ونظل‭ ‬ننتظر‭ … ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقضى‭ ‬الله‭ ‬أمراً‭ ‬كان‭ ‬مفعولاً‭.‬