يتبنى القطاع المصرفى المصري، إستراتيجية توسعية فى مجال التحول الرقمى وإطلاق المزيد من الخدمات المصرفية الالكترونية؛ بغرض الوصول إلى أكبر قاعدة من العملاء وتعزيز الشمول المالى لجميع فئات المجتمع.
ويطرح هذا التوجه، الذى يأتى على رأس أولويات البنك المركزى والبنوك المحلية، مزايا متعددة للبنوك والعملاء من بينها، سهولة إجراء المعاملات، وخفض التكلفة المالية، وتقليص الجهد المطلوب لتلبية إحتياجات شريحة واسعة من العملاء، بجانب القدرة على تعظيم الناتج المحلى للإقتصاد المصرى.
وفى المقابل، فإنه يطرح تغييرات واسعة على شكل الوظائف البنكية التقليدية فى المستقبل، ويهدد بإختفاء بعضها فى مجالات خدمة العملاء، والتجزئة المصرفية، والتحصيل، والتحويلات.
ويتجاوز عدد العاملين فى الجهاز المصرفى نحو 123 ألف موظف، بنهاية ديسمبر 2019، حسب آخر بيانات متاحة للبنك المركزى المصرى
وقال خبراء مصرفيون لـ «المال»، إن التكنولوجيا و التحول الرقمى يهددان بإختفاء بعض الوظائف التقليدية فى البنوك المصرية خاصة الإدارية منها ، ليحل محلها الذكاء الإصطناعي، والخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت، مقابل ظهور نوع جديد من الوظائف التى تواكب الأنظمة الرقمية.
وأشار الخبراء إلى أن البنوك تسعى على قدم وساق لرقمنة خدماتها المصرفية للعملاء، بشكل أكثر سهولة وأقل تكلفة، عن طريق إطلاق «الموبايل – والانترنت» بانكنج، إضافة إلى الفروع الإلكترونية خلال 2019 – 2020.
وأستبعد الخبراء ظهور أى تأثير سلبى للمنظومة الرقمية الجديدة التى يسير عليها القطاع المصرفى على عمليات التوظيف الجديدة فى الأجل القريب ، مبررين ذلك بأن معدل اختراق البنوك للسوق المحلية لا يزال ضعيفًا ولم تتجاوز نسبته %40 على أقصى تقدير ، وبالتالى هناك فرص كبيرة للنمو ومن ثم توظيف المزيد من العمالة.
وصعد مؤشر الكثافة المصرفية (عدد السكان لكل وحدة مصرفية) بشكل طفيف داخل السوق المصرية إلى 22 ألف و900 مواطن لكل وحدة مصرفية نهاية يونيو الماضى، مقابل 22 ألف و 800 مواطن لكل وحدة مصرفية نهاية ديسمبر الماضى، ويدور المتوسط العالمى حول 11 ألف و500 مواطن لكل فرع بنكى، حسب أحدث بيانات البنك الدولى.
على الجانب الآخر ارتفع عدد نقاطع البيع لدى القطاع المصرفى خلال النصف الأول من العام الجارى من 88.380 الف نقطة نهاية 2019، إلى 98.04 ألف نقطة نهاية يونيو الماضى.
أشرف القاضى: خدمات «الديجيتال» يعمل على إلغاء الوظائف التقليدية
ويرى أشرف القاضى رئيس بنك المصرف المتحد أن الخدمات «الديجيتال» التى أطلقتها بعض البنوك فى الآونة الأخيرة ستعمل على إلغاء بعض الوظائف التقليدية ، مشيراً أن هذا التحول يخلق نوعًا جديدًا من الوظائف تعمل على تقديم تلك الخدمات الإلكترونية بشكل أبسط للعميل.
أضاف القاضى أن البنوك ستبدأ خلال الـخمس سنوات المقبلة تبدء فى وقف إطلاق الفروع التقليدية، نتيجة سرعة التحول الرقمى داخل القطاع المصرفي، وكلما كان التحول سريعا، كلما كان الناتج أسرع، ليترتب على ذلك تقليل عدد العمالة فى الوظائف التقليدية.
وأشار القاضى إلى ان تداعيات الجائحة الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد جعلت العملاء داخل القطاع المصرفى يتقبلون الخدمات الرقمية ، وذلك يعد عاملا اساسيا فى عدد ونوع العمالة فى البنوك.
وأوصى باستمرار توسع البنوك فى شبكة الفروع التقليدية بجانب الفروع الإلكترونية الرقمية، لأنهما يأتيان تجسيدًا لالتزام القطاع المصرفى تجاه العملاء للوصول إليهم أينما كانوا، وتقديم الخدمات المصرفية لهم بأعلى مستوى من الكفاءة والجودة، والتى تواكب أحدث المعايير المطبقة عالميًا، والتحول نحو الشمول المالى طبقاً للمعايير التى أقرها البنك المركزى والدولة.
وأشار إلى أن تأثير التحول الرقمى على قائمة التوظيف فى البنوك، سيحدث بشكل تدريجي، مشيرًا إلى أن بعض البنوك فى الآونة الأخيرة أعلنت إطلاق فروع رقمية خلال العامين القادمين، ومنهم من أطلق فروعه الرقمية بداية العام الجارى ، موضحًا بأن تلك الفروع تحتاج إلى عمالة أقل من الفروع العادية .
سمير الشيخ: البنوك إتخذت خطوات جادة لتقليل التعامل مع العنصر البشرى
من جانبه يرى سمير الشيخ الخبير المصرفى ورئيس قطاع التكنولوجيا السابق فى البنك الزراعى المصرى أن يكون التحول والذكاء الأصطناعى سيكون لهما دور فى التأثير على الوظائف التقليدية فى البنوك خلال السنوات المقبلة ، ولكن بشكل طفيف فى حال تعامل الدولة والقطاع المصرفى معها بالشكل المناسب.
وأكد الشيخ على تأثير الذكاء الأصطناعى فى بعض الوظائف داخل القطاع المصرفي، لكنه سيحدث بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن بعض البنوك اتخذت بعض الخطوات فى ذلك المسار، مع ظهور الموجه الأولى من فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ، من خلال تدشين فروع رقمية وخدمات إلكترونية جديدة، لتقليل التعامل مع العنصر البشرى وتحقيق التباعد المجتمعى.
وأكد أن البنوك كانت على رأس المؤسسات العاملة فى السوق المصرية التى توجهت بقوة لرقمنة خدماتها لتعزيز الشمول المالي، عبر تحسين الكفاءة التشغيلية داخلها، إضافة إلى طرح منتجات تكنولوجية جديدة لكافة قطاعاتها.
ولفت إلى أن تداعيات فيروس كورونا المستجد رفعت الوعى لدى العملاء فى القطاع المصرفى لتغيير ثقافتهم فى التعامل مع التطورات الحديثة فى الخدمات المصرفية، مثل الشراء عبر نقاط البيع«POS QR» والإنترنت بانكنج والموبايل بانكنج، والاستفادة من الخدمات الموجودة بماكينات الصراف الآلى وغيرها.
واضاف أن عدد شبكات فروع البنوك ما زال بحاجة للتوسع لتغطية كافة احتياجات العملاء فى جميع أنحاء الجمهورية، وتقديم أفضل مستوى من الخدمات المصرفية لهم.
وعن مستوى العمالة بالقطاع المصرفى قال الشيخ إن كوفيد 19 غير طريقة تقديم الخدمات المصرفية، وساهم فى إعادة توزيع الأدوار بين الموظفين بالفروع، متوقعاً ان تختلف طريقة العمل بعد هذه الأزمة، وبالفعل تم إعادة هيكلة خطط الفروع والخدمات واسلوب العمل فى الفترة المقبلة.
طارق متولى: يفتح الباب أمام الإبداع فى طرح الخدمات المصرفية
ومن جانبه قال طارق متولى نائب رئيس بنك بلوم السابق إن الوظائف الديجتيال سوف تأثرعلى الوظائف التقليدية فى البنوك.
وأوصى البنوك التى لاتمتلك خدمات الكترونية بضرورة التوجه لتدعيم التواصل مع العملاء عبر القنوات الإلكترونية والإنترنت بانكينج، وخدمات الدفع عبر المحمول وهو ما يأتى فى ضوء الاستراتيجية التوسعية لتعزيز الشمول المالى.
وأضاف متولى أن كورونا دفعت البنوك إلى التسريع فى عملية التحول الرقمى فى تقديم خدماتها البنكية، بجانب استمرارها فى التوسع الجغرافى بأنحاء الجمهورية.
وأوضح أن طبيعة أغلب العملاء المتعاملين مع الجهاز المصرفى المصرى، تجعلهم يتزاحمون داخل الفروع للاستشارات المالية.
وأضاف متولى أن التحول الرقمى لن يقلل من العمالة حيث أن البنوك والمؤسسات ستعمل على تحديث إمكانيات وخبرات الأفراد العاملين بها قبل الخدمات ذاتها، لتتوافق مع التكنولوجيا الجديدة.
وقال إن شكل صناعة الخدمات المصرفية ذاتها سيشهد تغيرًا فى الفترة القادمة من خلال إعادة هيكلة الفروع التقليدية على مستوى العالم.
ويرى أن بعض الوظائف الوظائف التقليدية ستندثر تدريجيا خلال الفترة المقبلة، ليحل محلها مهام لها علاقة بالتكنولوجيا.