توقع صندوق النقد الدولي، أن تتولد عن الاضطرابات في أفغانستان تداعيات اقتصادية وامنية مهمة تصل إلى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ومناطق أخري ، مضيفاً أنه قد نتج عن ذلك تهجير داخلي للمواطنين، مما قد يؤدي إلى زيادة أعداد اللاجئين في البلدان المجاورة وتركيا وأوروبا.
جاء ذلك في دراسة تحليلية أعدها باحثون لدى الصندوق وهم أرمين كاتشاتريان ، ومحمد جابر و هيسوس سانشيز تحت إشراف آزيم ساديكوف، وتم نشر الدراسة ضمن تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط و آسيا الوسطى الذي أطلقه الصندوق أمس.
نمو مرجح في التجارة النقدية
وأكد ت الدراسة أنه رغم أن التداعيات المالية لاضطرابات أفغانستان ظلت محدودة، ,ومرجحة نمو التجارة النقدية عبر الحدود ، ومحذرة بأن تعطل حركة الصادرات إلى أفغانستان ينجم عنه آثار اقتصادية كلية واجتماعية على بعض البلدان المجاورة
وبخلاف التداعيات الاقتصادية، يمكن أن يكون للمخاوف بشأن التداعيات الأمنية على المنطقة تأثير سلبي على مزاج المستثمرين وآفاق النمو.
وقالت الدراسة إن أفغانستان تعرضت للعديد من الصدمات في أعقاب عودة طالبان إلى سدة الحكم، وفي ظل توقف المعونة بخلاف المساعدات الإنسانية وتجميد الأصول الأجنبية إلى حد كبير، أصبح اقتصاد أفغانستان المعتمد على المساعدات يواجه أزمات حادة على جانبي المالية العامة وميزان المدفوعات.
تقلص الناتج الأفغاني
وأدى نقص السيولة النقدية وقطع علاقات المراسلة المصرفية إلى شلل النظام المصرفي الأفغان، ويمكن أن تؤدي هذه الصدمات إلى تقلص الناتج بما يصل إلى 30%، في ظل تراجع الواردات وانخفاض قيمة العملة الأفغانية وتسارع معدلات التضخم.
وسيؤدي ذلك إلى انهيار الظروف المعيشية، مما يهدد بسقوط الملايين في براثن الفقر وحدوث أزمة إنسانية محتملة.
وتساهم هذه الاضطرابات في زيادة أعداد اللاجئين الأفغان. فمع نهاية عام 2020 ، بلغ عدد النازحين داخليا في أفغانستان 3,5 مليون شخص، كما وصل عدد اللاجئين الأفغان حول العالم إلى حوالي 3 ملايين يعيش نصفهم في باكستان.
هجرة محتملة
وبافتراض هروب مليون أفغاني من أفغانستان واستقرارهم في بلدان أخرى حسب نسب توزيع اللاجئين الأفغان في الوقت الحالي،و ستتراوح التكلفة السنوية لاستضافة اللاجئين الجدد من100 مليون دولار أمريكي في طاجيكستان ” 1,3 % من إجمالي الناتج المحلي” إلى حوالي 300 مليون دولار أمريكي في إيران” 0,03 % من إجمالي الناتج المحلي” وأكثر من نصف مليار دولار أمريكي في باكستان”%0,2 من إجمالي الناتج المحلي.”
وقد يتسبب تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين في فرض أعباء على الموارد العامة في البلدان المضيفة، وزيادة الضغوط في أسواق العمل، وإثارة توترات اجتماعية، مما يؤكد ضرورة تقديم المساعدات من المجتمع الدولي.
وتكتسب الصادرات إلى أفغانستان أهمية اقتصادية كلية واجتماعية لكل من إيران وباكستان وتركمانستان وأوزبكستان، حيث تمثل 4% إلى 8 % من صادرات هذه البلدان، بالرغم من نصيبها المحدود في الاقتصادات المحلية.
انعكاسات اجتماعية محتملة
ورغم أن التأثير الاقتصادي الكلي لتراجع الصادرات إلى أفغانستان يبدو بسيطا، لكنه على الأرجح ل انعكاسات قطاعية واجتماعية مهمة، حيث تتركز الصادرات في الزراعة والسلع الاستهلاكية الأساسية والوقود والمواد الخام التي تعمل الفئات السكانية المعرضة للخطر، كالمزارعين وصغار التجار، في إنتاجها وتوزيعها.
ونظرا لأن التداعيات المالية ظلت ضئيلة بسبب الانكشاف الطفيف للمؤسسات المالية الأجنبية تجاه القطاع المصرفي المحدود في عبر الحدود، من الممكن أن تزداد التدفقات لأن أفغانستان تتلقى الكثير من الأموال من الجهات المانحة، شهدت السنوات الأخيرة تدفقات نقدية ضخمة عبر الحدود، فضلاً عن تصدير الدولار الأمريكي في صورة عملات ورقية من أفغانستان كجزء من معامات تجارية مشروعة وربما تدفقات غير مشروعة أيضا.
ومن المرجح أن تنمو هذه التدفقات النقدية عبر الحدود، مما يثير تخوفات جديدة بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإن كان من الممكن تراجع صافي أرصدة التدفقات النقدية في الوقت الحالي نظرا للعجز في النقد الأجنبي الذي تشهده أفغانستان نفسها في الوقت الحالي.