رغم استقبال قطاع الرعاية الصحية فى مصر استثمارات عديدة خلال الأعوام الأخيرة من جانب القطاع الخاص، إلا أن عدد الأسرة وغرف العناية المركزة لا زال ضعيفًا مقارنة بأعداد المواطنين.
التقديرات تشير إلى وجود 130 ألف سرير للمرضى منهم 15 ألفًا “عناية مركزة”
وقدر محللون ماليون وخبراء استثمار إجمالى عدد الأسرة بجميع الكيانات الطبية فى مصر بنحو 130 ألف سرير للقطاعين الحكومى والخاص، من بينها 10 إلى 15 ألف سرير عناية مركزة.
أعلنت وزارة المالية قبل أيام، عن توفير 3.8 مليار جنيه منذ بداية شهر مارس لدعم القطاع الصحى بالدولة لمواجهة فيروس “كورونا”، وتتضمن خطة الرعاية الصحية للعام المالى الحالى (2019 -2020)، طبقا لوزارة التخطيط، التطبيق التدريجى لنظام التأمين الصحى الشامل وزيادة عدد الأسرة بالمستشفيات 1200 سرير سنوياً.
أكد محللون أن القطاع الطبى يعد من القطاعات الدفاعية بالبورصة لكن تأثير ظهور الفيروس على أدائه المالى للكيانات المقيدة فى الوقت الحالى لا زال محدوداً، لا سيما فيما يتعلق بالمستشفيات الخاصة نظراً لاستبعادها من وزارة الصحة عن إجراء أى تحليلات تتعلق بفيروس كورونا أو تشخيص أى حالات مرضية.
وتضم البورصة 14 شركة رعاية صحية تشمل “مستشفى كليوباترا، وابن سينا فارما، والإسكندرية للخدمات الطبية، وراميدا للأدوية، وإيبيكو، وجلاكسو سميثكلاين، والنيل للأدوية، وسبا، وسبيد ميديكال، والعبوات الطبية، ومينا فارم، والإسكندرية، والعربية، وممفيس للأدوية”.
قال خالد سمير، عضو غرفة مقدمى الخدمات الصحية باتحاد الصناعات والعضو المنتدب لشركة تشاور لإدارة المؤسسات الصحية، إن الأزمة يجب أن تُظهر قيمة وأهمية الاستثمار فى القطاع الطبى، مشدداً على ضرورة احتوء الدولة للقطاع الطبى الخاص، وإدخاله كطرف أساسى فى حل الأزمة الحالية.
أوضح أن الدولة لا تعطى حتى الآن أى دور للقطاع الخاص بعد منع المعامل والمستشفيات من تقديم تحاليل الفيروس، ما يشير إلى شرخ فى العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص ربما تؤدى إلى ضعف استثماراته فى مرحلة لاحقة.
لفت إلى أن النظام الصحى الموجود فى جميع دول العالم أثبت عدم جاهزيته للتعامل مع حالات الطوارئ، وكشف أن أسرة العناية والطوارئ كانت فى ذيل اهتمامات حكومات العالم، وبالتالى على مصر استخدام أقصى إمكاناتها لإظهار القطاع الطبى بشكل قوى.
أضاف سمير أن مصر تمتلك فرصة جوهرية يجب استغلالها لزيادة أحجام التصدير بعد إيقاف جميع الدول الأوروبية لصادراتها من المحاليل والأدوية والمطهرات، مع ضرورة وضع حوافز لزيادة الطاقات الإنتاجية بما يتماشى مع أوقات حظر التجوال.
أكد أنه من المستبعد تفاقم أزمة الفيروس فى مصر نظرًا لأن التركيبة السكانية تشير إلى انخفاض نسبة المواطنين الذين يتجاوز عمرهم 65 عامًا وهم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، كما أن أعداد السكان فوق 80 عامًا لا يتجاوز 400 ألف شخص.
أوضح سمير أن الأرقام تشير إلى توافر 10 آلاف سرير عناية مركزة فى مصر، بينما تحتاج الدولة إلى ما يعادل 50 ألف سرير لمواجهة انتشار الفيروس، وهو التحدى الأكبر لها حالياً، مشدداً على ضرورة أن تكون الأولوية لحماية الكوادر الطبية وتهيئة الأجواء العامة.
توقع سمير أن ينخفض عدد المرضى المترددين على العيادات الخارجية بالمستشفيات الخاصة لفترة مؤقتة، نتيجة تخوفهم من الاختلاط لكن من المرجح أن يعاود الارتفاع مستقبلا مع زيادة الاهتمام العام بالرعاية الصحية.
أكد أن من المرجح أن تتأثر المستشفيات الخاصة بتراجع أعداد المرضى من العرب الذين ساهموا بنحو 30 إلى %35 من إيرادات المستشفيات فى مصر بداية من النصف الثانى من 2019.
يرى أحمد عبدالنبى، نائب رئيس قطاع البحوث بشركة “شعاع” مصر لتداول الأوراق المالية، أن أزمة كورونا يرجح أن ترفع معدلات الوعى الصحى بين المواطنين وبالتالى الطلب على الرعاية الصحية.
لفت إلى أن القطاع الصحى فى مصر والعالم لا يمكنه استيعاب هذا النوع من الفيروسات مثلما حدث فى إيطاليا، وأنه واسع الانتشار ومعدلات الإصابة تأتى بشكل مفاجئ.
أشار عبدالنبى إلى أن حجم الاستثمارات فى سوق الرعاية الصحية بمصر لا زال محدوداً مقارنة مع المطلوب فى ظل ارتفاع المعدلات السكانية ما يجعلها تحمل فرص نمو كبيرة للغاية فى المستقبل.
أكد أن شركات الرعاية الصحية بالبورصة كانت تحمل رؤى إيجابية قبل كورونا لكن ظهور الفيروس يزيد بالتأكيد من إيجابية القطاع، موضحا أنه ليس بالضرورة أن يرفع أسعار تقييمات صفقات الاستحواذ فى القطاع، إلا حال دخول صناديق استثمار أجنبية خارجية.
أشار إلى أن القطاع شهد شهية كبيرة بقيادة مستشفى كليوباترا التى استحوذت على باقة متنوعة من المستشفيات كما تخطط للاندماج مع مجموعة مستشفيات ألاميدا الطبية، وبالمثل شركة سبيد ميديكال التى أعلنت عزمها الاستحواذ على فروع ومعامل جديدة. أوضح “عبد النبي” أن التقييم العادل لسهم مستشفى كليوباترا 7.8 جنيه، بينما يُتداول على شاشات البورصة بالقرب من 4.5 جنيه، بفرص نمو أكثر من %70.
أشار إلى أن عدداً كبيراً من المستهلكين للأدوية بدأوا فى تخزينها وارتفعت عمليات الشراء بالصيدليات والمستشفيات، ما يعزز مبيعات الشركات خلال الربع الأول والربع الثانى من العام الحالى.
قال على عادل، محلل القطاع الاستهلاكى ببنك الاستثمار “بلتون”، إن أزمة كورونا ترفع معدلات الاهتمام بالقطاع والرعاية الصحية سواء من الحكومة أو المواطنين.
أوضح أن الوضع الحالى متوقع أن يعطل صفقات الاستحواذ القائمة بالقطاع إلى النصف الثانى من العام لحين اتضاح الرؤية نظراً لحاجتها إلى موافقات وإجراءات بعينها من وزارة الصحة والجهات المسؤولة.
أضاف أن شركات الرعاية الصحية والمستشفيات بدأت فى اتخاذ احتياطاتها لتلبية مستلزماتها لفترة أكبر، وهو أمر يضغط على رؤوس الأموال لفترة معينة لكنه مطلوب كإجراء احترازى.
أكد مصدر فى مستشفيات كليوباترا أن المجموعة بدأت فى تطبيق سلسلة من البروتوكولات الداخلية للحد من المخاطر المحتملة لانتشار الفيروس وحماية المرضى والعاملين، مع تطبيق إجراءات العزل للحالات التى يشتبه فى إصابتها وإبلاغ وزارة الصحة.
لفت إلى أن المجموعة شكلت فريقاً مختصاً لرصد ومتابعة المستجدات المتعلقة بانتشار الإصابة وتأثيرها على أنشطة المجموعة، وأنشأت قسماً خاصاً لإدارة المواد الخام الطبية المستخدمة من أدوية أو شاش أو محاليل طبية أو غيرها التي تكفى 3 أشهر وهناك خطة لزيادتها خلال الفترة المقبلة.
توقع أن تحقق المجموعة نموا بين 25 إلى %30 فى الإيرادات خلال الربع الأول من العام الحالى بسبب زيادة أعداد المرضى لا سيما فى شهرى يناير وفبراير الماضيين، ودخول أعمال مستشفيات الكاتب وكوينز إلى نتائج المجموعة.
رجح المصدر استقرار إيرادات المجموعة خلال الربع الثانى من العام مع تحفظ بعض المرضى على الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات الخارجية إلا فى الحالات القصوى تجنباً لانتقال العدوى.
أشارت مصادر فى معامل البرج والمختبر، التى تستحوذ على الحصة الحاكمة من سوق التحاليل فى مصر إلى أن مخزون المواد الطبية يكفى 3 أشهر مقبلة، كما اتفقوا على طلبيات جديدة من المواد الطبية من المنتظر وصولها خلال شهر أبريل المقبل لترفع المخزون إلى ثلاثة أشهر أخرى.
بالمثل قالت مصادر فى شركات الأدوية المقيدة بالبورصة إن %90 من مستلزماتها الإنتاجية مستوردة، موضحة أن الكيانات الحكومية لديها مخزونها من الأدوية والخامات يكفى 6 أشهر.
قال عبد الحميد إمام، عضو الجمعية الدولية للمحللين الماليين، إن أزمة انتشار الفيروس يرجح أن ترفع معدلات الاهتمام والطلب بالرعاية الصحية فى مصر، فيما يتعلق بالمستشفيات وصناعة الأدوية . أشار إلى أن قطاع المستشفيات الخاصة يسجل معدلات نمو كبيرة فى نتائج الأعمال منذ فترات طويلة قبل ظهور وباء كورونا وهو ما تبين فى عمليات الاستحواذ الأخيرة مستفيدًا من ارتفاع التعداد السكانى لمصر.