عانت شركات السمسرة العاملة بالسوق المحلية، نتيجة الأوضاع السلبية التى شهدتها البورصة المصرية، والتى ضغطت عليها بشدة لاعتمادها بشكل أساسى فى إيراداتها على قيم التداولات بالسوق.
وقال رؤساء شركات سمسرة عاملة بالسوق المحلية إن أوضاع البورصة المصرية ألحقت ضررًا شديدًا بأنشطة الشركات، التى لجأت إلى مجموعة من الإجراءات للحدِّ من تراجع الربحية، والحفاظ على استمرار النشاط، كان أبرزها وقف التعيينات، فيما لجأ البعض لتسريح جزء من العمالة لديها، أو إغلاق بعض الفروع، أو تجميد خطط التوسع الجغرافى، أو الاستغناء عن بعض الخدمات المقدمة مثال الأبحاث، وتوصيات الأسهم، أو حتى شاشة التداول، فضلًا عن حرب حرق العمولات الشرسة.
وشهد ترتيب شركات السمسرة نهاية فبراير الماضى، حصول أول 10 شركات على %61.2 من تعاملات البورصة فى ذلك الشهر، بينما حصلت 118 شركة على %38.8 المتبقية.
وسجل إجمالى تداولات البورصة المصرية العام الماضى 1.015 مليار جنيه (اقتنصت سندات الخزانة أكثر من %50 منها بقيمة 544 مليار جنيه، بينما كان نصيب تداولات سوق خارج المقصورة 93 مليار جنيه، ونصيب تداولات الشركات المقيدة 683 مليار جنيه فقط).
بلوم: البعض اضطر للاستغناء عن بعض الوظائف منها التحليل المالى والفني
وقال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، إن شركات السمسرة تعانى بشدة من تراجع الإيرادات منذ عام 2011، فضلًا عن تدنى عوائد استثمارات صندوق حماية المستثمر الذى كان يدعم الشركات، وضعف التداولات، وتدنى العمولات، ولجوء بعض الشركات إلى حرب حرق العمولات فى ظل منافسة قوية لجذب العملاء.
وأشار فتح الله إلى أن تضافر هذه العوامل اضطرت بعض الشركات -خاصة المتوسطة- إلى الاستغناء عن بعض الوظائف، منها إدارات التحليل المالى، والفنى، وبعض الوظائف الأخرى، نظرًا لأن هذه الفئة من الشركات ليس لديها داعم، كما أنها لن تستطيع تمرير زيادة التكاليف الواقعة عليها إلى العملاء.
ويرى فتح الله أن الكعكة الأكبر من الإيرادات موزعة على شركات السمسرة العشر الكبار، وهناك بعض الشركات آثرت السلامة وأوقفت نشاطها، والبعض الآخر قام بتسريح عمالة.
وشهد الترتيب الشهرى لشركات السمسرة فى فبراير المنتهى استحواذ الشقيقتين المجموعة المالية للسمسرة، وهيرميس للوساطة فى الأوراق المالية على %25 من إجمالى تداولات السوق بواقع %15.8 و%9.2 على الترتيب.
العربى الإفريقي: الكيانات الكبرى الأكثر تأثرًا
ومن جانبه، قال ياسر المصرى، العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن التراجع الكبير لقيم التداولات خلق أزمة لجميع شركات السمسرة، وربما للشركات الكبرى بشكل أكثر، نتيجة ارتفاع تكاليف هذه الشركات.
وأشار إلى أن بعض شركات –التى فضل عدم ذكر اسمها- عقدت جمعيات عمومية للتصويت على استمرار النشاط بعدما خسرت %50 من رأسمالها، وشركات أخرى ألغت خطط التوسع الجغرافى، وأخرى أغلقت بعض الفروع.
ثرى واي: نتائج الربع الأخير من 2021 أطاحت بأرباح أول 9 أشهر من السنة
وتقول رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، رئيس مجلس إدارة «ثرى واى» لتداول الأوراق المالية، أن جميع القطاعات الاقتصادية تأثرت بشدة منذ اندلاع أزمة كورونا، وبالتبعية تأثرت شركات السمسرة والتى عانت بشدة من ارتفاع التكاليف، وعدم القدرة على تمرير هذه الزيادات إلى أسعار الخدمات المقدمة للعملاء.
ولفتت «يعقوب» إلى أن نتائج الشركات فى الربع الأخير من 2021 تأثرت بقوة فى ظل الضغوط التى شهدتها محافظ كبار العملاء، والتى تم محو بعضها بالكامل نتيجة المضاربات، والشراء الهامشى، حتى أصبح صغار العملاء هم المصدر الأساسى للإيرادات، مؤكدة أن ما تم تحقيقه من أرباح خلال الأشهر التسعة الأولى من 2021، تأثر بشدة فى الربع الرابع.
وتابعت أيضًا ارتفاع مقابل التكاليف على كثير من الشركات، وضعف قدرة الشركات على تمرير هذه الزيادات إلى العملاء، تسبب فى ضغوط شديدة دفعت بعض الشركات إلى إغلاق فروع، أو تسريح عمالة «الكوادر»، ما يخلق مخاوف من ضعف قدرة الشركات على مواكبة التغيرات، وأبرزها تلك التكنولوجية مع الشمول المالى، والتحول التكنولوجى.
ولفتت عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، رئيس مجلس إدارة «ثرى واى» لتداول الأوراق المالية، إلى أنه فى إطار التكنولوجيا وعمليات الميكنة تلتزم شركات السمسرة بتطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية بدءًا من 15 فبراير 2022، وأن عقوبة التخلف عن ذلك ستكون غرامة قيمتها 100 ألف جنيه، وفقًا للتنوية الوارد من مصلحة الضرائب فى هذا الشأن.
وأشارت “يعقوب” إلى أن الشركات تقدمت من خلال الجمعية المصرية للأوراق المالية “إكما” وشعبة الأوراق المالية بطلب إلى صندوق حماية المستثمر لدعم الشركات بقيمة برنامج الفاتورة الإلكترونية، وأن الشركات فى انتظار رد الصندوق.
كايرو كابيتال: إيقاف أو اندماج أو استحواذات متوقعة على الكيانات الصغيرة
ومن جانبه، قال أحمد أبو حسين، العضو المنتدب لشركة كايرو كابيتال سيكيورتيرز لتداول الأوراق المالية، إن السوق تمر بأوضاع صعبة الفترة الحالية، نتيجة تراجع التداولات، ما يلقى بظلاله على إيرادات الشركات، ونأمل أن تكون هذه الفترة مؤقتة.
وصنف أبو حسين، الشركات إلى 3 أنواع الأولى هى الشركات الكبرى وتكاليفها مرتفعة، لافتًا إلى أن هذه الشركات ستعانى من تراجع إيراداتها، وفى حالة استمرار التداولات بالوضع الحالى قد تتحول إلى خسائر، والنوع الثانى من الشركات هى المتوسطة، والتى ستتمكن من تحقيق التوازن، نظرًا لأن حجم تكاليفها أقل، بينما ستكون المعاناة من نصيب الشركات الصغيرة، والتى قد تضطر إلى وقف النشاط أو الغلق، أو ربما تصبح هدفًا للاندماج والاستحواذ، مؤكدًا أن الصورة ليست واضحة بالكامل.
ولفت العضو المنتدب لشركة كايرو كابيتال سيكيورتيرز لتداول الأوراق المالية، إلى أن بعض الشركات أوقفت التعيينات الجديدة فى ظل تأثرها بارتفاع التكاليف، وفى محاولة للحدِّ من المصروفات، مؤكدا على ما قالته يعقوب بشأن مطالبة الشركات لصندوق حماية المستثمر بدعم قيمة برنامج الفاتورة الإلكترونية.
أسطول: ملف الضرائب ووقف التعاملات أثر على نشاط المستثمرين
وقالت عصمت ياسين، رئيس تداولات الأفراد فى شركة أسطول لتداولات الأوراق المالية، إن الشركات الصغيرة وبعض الشركات المتوسطة لجأت إلى وقف التعيينات الجديدة، وخفض أعداد العمالة لديها، لافتة فى الوقت نفسه إلى أن الشركات التابعة لكيانات قابضة أو بنوك نجحت فى خلق توازنات تؤمنها لبعض الوقت.
ولفتت ياسين إلى أن الشركات لا تستطيع رفع عمولة خدماتها لمواجهة ارتفاع التكاليف عليها، بسبب حرب العمولات التى تشهدها الشركات فيما بينها.
وقالت رئيس تداولات الأفراد فى شركة أسطول لتداولات الأوراق المالية، إن ملف الضرائب والإيقافات المتكررة للتعاملات ساهم فى مخاوف لدى مستثمرى السوق دفعتهم للتحفظ فى تعاملاتهم.
وأكدت «ياسين» أن بعض الشركات لجأت إلى وقف النشاط، نتيجة الأوضاع السلبية التى تشهدها السوق.
تايكون: إيقاف التعيينات والتسريح أحد الأسلحة لمواجهة زيادة المصروفات
وقالت دعاء زيدان، نائب رئيس قسم التحليل الفنى فى شركة تايكون لتداول الأوراق المالية، إن الشركات تعانى بشدة من تباطؤ وضعف التداولات، ما أثر على إيراداتها بشدة.
وأكدت أن بعض الشركات لجأت إلى وقف التعيينات والاكتفاء بالعمالة المتوفرة لديها، بينما اتجه البعض الآخر لتقليص العمالة لأدنى حد ممكن.
وقال مسؤول فى أحد شركات السمسرة -فضل عدم ذكر اسمه أو منصبه- أن الأوضاع السلبية التى تشهدها السوق انعكست على شركته شخصيًّا، مؤكدا أن العملاء نادرًا ما يتصلون لإجراء عمليات.
وأشار إلى أن تبعات ما شهدته الشركة العام الماضى انعكست بشدة على تعاملات الشركات نتيجة تأثر محافظ العملاء، وخسارتهم النسبة الأكبر منها، بسبب عمليات المضاربات، والإيقاف المتكرر للتعاملات على بعض الأسهم، ما خلق عزوفًا لدى المستثمرين، كما أن وقف البنوك عمليات الإقراض للشراء الهامشى خلف تأثيرًا قويًّا على التداولات.