قال تقرير صادر عن البنك الدولى إن تفشى فيروس كورونا فى غالبية دول العالم تسبب فى إرباك خطط الشركات بعد أن تقلصت مبيعاتها وتراجعت إيرادتها، الأمر الذى أثر بالسلب على دخل العمالة، لافتين إلى هبوط الإيرادات خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالى بنسبة تصل إلى %11 أو ما يقرب من 3.5 تريليون دولار.
وأشار التقرير إلى أن غالبية الشركات لجأت منذ ظهور الوباء وحتى الآن إلى اتخاذ المزيد من التدابير لتجنب إمكانية فصل العمالة وتسريحها، موضحًا أن ما يقرب من %43 من الشركات قررت منح إجازات بدون مرتب للعاملين بها، فى حين لجأ %32 من الشركات والمؤسسات إلى خفض ساعات العمل.
وتابع التقرير: كما قرر عدد من الشركات خفض الأجور والمرتبات بهدف امتصاص الآثار السلبية للجائحة، والتى بلغت نسبتها %24 فيما لجأ ما يقرب من %19 من الشركات إلى فصل وتسريح العمالة بعد أن تجاوزت خسائرها مستويات قياسية.
وأشار تقرير البنك الدولى إلى انخفاض مبيعات الشركات فى البلدان النامية بنسبة تصل إلى %84 خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالى، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، وتأثرت الشركات متناهية الصغر والصغيرة والتى يقل عدد العاملين فيها عن 20 فردًا على نحو لا يتناسب مع ظروفها وبدرجة أكثر من غيرها، حيث شهدت انخفاضاً فى مبيعاتها بنسبة تتعدى %50 أو أكثر، فى حين شهدت الشركات الكبيرة والتى يتجاوز عدد العاملين بها أكثر من 100 عامل هبوطًا فى أداء مبيعاتها بنسبة تقترب من %40.
وأوضح أن الأنشطة المتصلة بالسياحة مثل أنشطة الفنادق والمطاعم كانت من بين الأنشطة الأشد تضرراً بالجائجة خاصة وأن التدابير الاحترازية التى أعلنتها الدول تسببت فى غلقها لمدة طويلة، علاوة عن غياب المشغل الأساسى لها (الطيران).
وتابع التقرير: على الرغم من تراجع المبيعات إلا أنه لم يقم سوى أقل من %20 من الشركات بفصل العاملين. وأدخلت معظم الشركات %64 تعديلات على الرواتب والأجور عن طريق تخفيض ساعات العمل، والأجور، أو منح إجازة مدفوعة الأجر أو بدون أجر للعمالة.
وأضاف: الشركات التى شهدت انخفاضاً أكبر فى حجم مبيعاتها أكثر ميلا لتسريح العمالة، وإن كان بشكل محدود جدا، إذ لم تقم الشركة التى لديها 100 موظف وبلغ متوسط انخفاض مبيعاتها نحو %53 بخفض عدد العاملين لديها سوى بواقع أربعة موظفين فقط فى المتوسط، أما فى القطاعات الأكثر تضررا، مثل الأنشطة المتعلقة بالسياحة، فإن احتمال قيام هذه الشركات بتسريح العمالة أعلى مقارنة بالقطاعات الأخرى.
وأكد البنك الدولى وجود مصاعب مالية لدى معظم الشركات بسبب تراجع الإيرادات، متوقعا وجود مستحقات متأخرة لدى أكثر من نصف الشركات متناهية الصغر والصغيرة، وتأخر تلك الشركات عن سدادها فى الأشهر الستة المقبلة.
وتابع: يزيد احتمال تأخر الشركات فى البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل عن سداد ما عليها من مستحقات بأكثر من %50 تقريباً مقارنة بمثيلاتها فى البلدان مرتفعة الدخل، مطالبا الدول بتقديم الدعم لهذه البلدان، موضحًا على ذلك بمثال “إن احتمال تأخر شركة فى بنغلاديش أو جنوب أفريقيا عن سداد ما عليها من مستحقات يزيد على ثلاثة أضعاف ما هو عليه فى شركة فى اليونان أو بولندا.”
وفى سياق متصل، توقع البنك الدولى أن تتسبب التداعيات السلبية لفيروس كورونا المستجد فى سقوط ما يصل إلى 150 مليون شخص فى براثن الفقر المدقع بحلول عام 2021، مؤكدا فى الوقت ذاته أنه فى حال عدم قيام الحكومات بتقديم المساعدات فى الوقت المناسب واتخاذ تدابير سريعة على صعيد السياسات، فإن غالبية الشركات بما فيها القوية ستضطر إلى تصفية أعمالها بشكل دائم، وسيعانى الناس لفترة أطول.
وقال أنطونيو جوتيريس، أمين عام منظمة الأمم المتحدة، إن جائحة فيروس كورونا (كوفيد -19) تسببت فى وقوع أسوء موجة انكماش اقتصادى عالمى منذ 90 عامًا، الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة والمرض فى جميع أنحاء العالم.
وأضاف أمين عام الأمم المتحدة: أن “كورونا” تسبب فى حرمان مليار طفل من استكمال تعليمهم، بالإضافة إلى 80 مليونا آخرين لم يتمكنوا من الحصول على الأمصال واللقحات الأساسية للوقاية من الأمراض المزمنة، ولذلك تدرس المنظمة بالتعاون من البنك الدولى توفير تمويل سريع بقيمة 12 مليار دولار للبلدان المنخفظة والمتوسطة الدخل.
ويهدف التمويل إلى شراء وتوزيع لقاحات مضادة للفيروس ، على أن تكون تلك اللقاحات تمكنت من الحصول على إجازة من عدة هيئات ومنظمات عالمية تؤكد سلامتها كما يأتى التمويل المستهدف ضمن خطة البنك الدولى لتوفير ما يقرب من 160 مليار دولار على هيئة منح ومساعدات مالية تستمر لمدة 15 شهرًا، بهدف مساعدة البلدان النامية على معالجة التأثيرات الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية للجائحة.
وأكد أن توفير 12 مليار دولار بصورة عاجلة خلال الفترة الحالية يسهم فى تغيير مسار الجائحة التى تواجه الدول ذات مستويات الدخول المنخفضة، والمتوسطة وأن البنك الدولى يسعى جاهدًا للعمل على مساعدة البلدان النامية فى الحصول على لقاحات آمنة بشكل يتناسب مع عدد السكان، بما يحقق التعافى الكامل لاقتصاديات تلك الدول ويتمكن الجميع من العمل والاختلاط والسفر.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه شركة فايزر عن نجاح أول تجرية للقاح ضد فيروس كورونا ، مع بدء استعدادات العالم لاستقبال موجة جديدة من الفيروس بالتزامن مع قدوم فصل الشتاء.
وتقدمت شركة فايزر وشريكتها بايونتيك الجمعة الماضية بطلب الحصول على تصريح طارئ فى الولايات المتحدة لاستخدام اللقاح، وستكون مهمة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن تقرر ما إذا كان اللقاح آمنا.
وتوقعت أن تعلن حكومة الولايات المتحدة الموافقة على اللقاح فى النصف الأول من ديسمبر، خاصة أنه يحمى %94 البالغين فوق 65 عامًا من خطر الفيروس، مؤكدة أنه فور الحصول على الترخيص ستكون على استعداد لتوزيع اللقاح فى غضون ساعات.