أثنى متعاملون فى السوق المحلية على التعديلات الأخيرة التى أجرتها الهيئة العامة للرقابة المالية على أحكام بعض قواعد قيد وشطب الأوراق المالية والمتعلقة بنسب التداول الحر فى الطروحات الجديدة.
وأكدوا أن التعديلات إيجابية فى مجملها وتمهد لاستقبال طروحات كبرى لعدد من المشروعات ذات السيولة والأصول الضخمة المتوقع أن تشهدها البورصة خلال الفترة المقبلة.
وأشاروا إلى أن التعديلات شبيهة بما مرت به الأسواق الخارجية المتقدمة وتضمن دخول المؤسسات ذات الملاءة المالية وصناديق الاستثمار فى الطروحات الجديدة وبالتالى زيادة رأس المال السوقى.
يذكر أن مجلس إدارة «الرقابة المالية» أجرى مؤخرا تعديلا على قواعد القيد والطرح تتضمن استحداث نسبة %1 من قيمة رأس المال السوقى حُر التداول كبديل جديد لقيمة الأسهم المطروحة يقابل الحد الأدنى للأسهم الواجب طرحها.
كما استحدث معيارا آخر لقيمة الأسهم حرة التداول بواقع %0.5 من قيمة رأس المال السوقى حُر التداول يقابل الحد الأدنى من الأسهم حرة التداول فى تلك الشركات، ودون التطرق لنسب محددة من أسهم الشركة إذا ما توافرت تلك المعايير بما يلائم رءوس الأموال الضخمة التى تتمتع بها الشركات الكبرى.
فى حين نصت قواعد القيد قبل هذا التعديل على ألا تقل نسبة المراد طرحه عن %25 من إجمالى الأسهم المقيدة للشركة، أو ربع فى الألف من رأس المال السوقى حر التداول بالبورصة، بما لا يقل عن %10 من أسهم الشركة.
وقال د.محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية إن قواعد القيد فى البورصة المصرية وضعت حداً أدنى لنسبة الأسهم الواجب طرحها ولنسبة الأسهم حرة التداول.
وأكد أنه حال تطبيق هذين المعيارين على الشركات الكبرى التى قد تتجاوز رءوس أموالها عشرات أو مئات المليارات، فإن الأمر سيتطلب قيماً ماليةً ضخمة للطرح على نحو قد يُعيق أو يؤدى إلى ترددها فى المضى قُدماً نحو عملية القيد ومن ثم طرح أسهمها للتداول.
وتابع إن مجلس إدارة الهيئة بادر بتيسير قيد الشركات والكيانات ذات الأصول الضخمة لتشجيعها على قيد أسهمها وبما يُسهم فى تعزيز وتنشيط معدلات السيولة بالبورصة المصرية.
وأشار إلى أن الدولة كانت أعلنت عن مخططها لطرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة فى البورصة خلال العامين المقبلين فى إجراء يضاعف قيمة رأس المال السوقى، ويسهم فى جذب مستثمرين جدد، ويخلق حالة من الانتعاشة الكبيرة فى البورصة مما ينعكس بالايجاب على الاقتصاد المحلى.
وتستعد الدولة لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية الذى بدأته قبل سنوات من خلال طرح حصة من شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية “إى فاينانس” إلى جانب إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن عزم الدولة طرح شركة العاصمة الإدارية فى البورصة أيضا.
الألفى: تسمح للشركات الخاصة الضخمة بالطرح دون الحاجة إلى بيع حصة تزيد عن %10
ويرى عمرو الألفى رئيس قطاع البحوث فى بنك الاستثمار “برايم”أن الهيئة عدلت مادتين من قواعد القيد بالبورصة والتى من شأنها أن تمهد الطريق لما يطلق عليها الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة للقيد فى البورصة.
وقال إن التعديلات لها تأثيران رئيسيان الأول أنه يمكن للمساهمين فى أى من الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة المملوكة للقطاع الخاص طرح شركاتهم للاكتتاب العام دون الحاجة إلى بيع حصة تزيد عن %10.
وأوضح أنه يمكن للشركة طرح أسهمها للاكتتاب العام حتى بنسبة 1% طالما أن القيمة السوقية لتلك الحصة لا تقل عن %1 من القيمة السوقية المعدلة بالتداول الحر فى البورصة المصرية.
وأشار إلى أن التأثير الثانى يتمثل فى أنه يتيح للحكومة المصرية والكيانات السيادية الأخرى أن تطرح أياً من شركاتها الضخمة دون الحاجة إلى التنازل عن الكثير من حصص ملكيتها.
ولفت إلى أنه يمكن لشركات مثل شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية “إى فاينانس” أن تطرح حصصاً عامة تبلغ %5 فقط أو حتى أقل من ذلك.
وأوضح قائلاُ: “تبلغ القيمة السوقية الحالية للبورصة المصرية حوالى 725 مليار جنيه، فى حين يبلغ المتوسط المرجح للتداول الحر أقل من %40 أى ما يعادل 280 مليار جنيه تقريباً”.
وأضاف: “إذا أرادت الحكومة بيع حصة تبلغ %5 فى إى فاينانس (أى أقل من الحد الأدنى لحجم الحصة البالغ %10) فيجب أن تقوم بطرح حصة تساوى %1 على الأقل من القيمة السوقية المعدلة بالتداول الحر فى البورصة أى 2.8 مليار جنيه فى مثل هذه الحالة، سيكون التقييم الكلى للشركة 56 مليار جنيه، وهو ما يعادل تقريبا ضعف قيمة «فورى» للمدفوعات المقيدة بالفعل”.
وتابع: “فى النهاية يمكن للبورصة المصرية أن تبدأ الآن فى استهداف الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة التى تصل إلى 280 مليار جنيه بحصة تداول حر مقدارها %1 فقط”.
عمارة: ثورة فى قواعد القيد ..وتغييرات مستقبلية فى ثقافة المتداولين
وقال ياسر عمارة رئيس شركة “إيجل” للاستشارات المالية إن قواعد القيد والتداول فى البورصة شهدت ثورة مؤخرا بدعم من التصريحات الأخيرة من الرئيسى السيسى بالتجهيز لطرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة والذى يعد من الاكتتابات الضخمة.
وأوضح أن البورصة والرقابة المالية بدأتا فى تجهيز وتسهيل عملية القيد بالنسبة للشركات الكبيرة الحجم وأصدرت بالفعل الهيئة تعديلا بخصوص تلك الحالات من حيث الحد الأدنى لنسبة الطرح أو نسبة التداول الحر الأمر الذى سيعمل على اتساع وعمق السوق.
وأشار إلى أن سوق رأس المال بشقيه المتداول (الأسهم) وغير المتداول (السندات والصكوك) سوف تشهد تغييرا جذريا فى ثقافة المتداولين مع تلك المتغيرات بما يسمح بالوصول إلى نسبة أعلى من مساهمة سوق رأس المال بالناتج القومى الإجمالى، ليبلغ 80% وأكثر كما كانت عليه سابقا.
حسن: تخاطب صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية ذات الملاءة المالية.. وترفع الوزن النسبى لسوق المال
وقال هشام حسن مدير الاستثمار فى شركة “إتش دي” لتداول الأوراق المالية إن التعديلات راعت حجم الطروحات المنتظرة والتى تتضمن رءوس أموال ضخمة وهى خطوة مبدئية جيدة من الرقابة المالية لأنها ستعمل على توسعة تعاملات السوق.
وأوضح أن اللائحة التنفيذية للتعديلات المنتظر صدور قانون خاص بها قد تتضمن بعض الضوابط الأخرى المنظمة، لافتاً إلى أن التعديلات تخاطب صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية ذات الملاءة المالية للدخول فى الطروحات الجديدة.
وأشار إلى أن التعديلات من شأنها رفع الوزن النسبى للبورصة المصرية بمؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة وجذب النظر إلى السوق المحلية وبالتالى رفع أحجام السيولة اليومية.
عبدالقادر: منطقية ومرت بها الأسواق العالمية.. وتمهد لإجراءات أكثر تيسيرا مستقبلاً
ويرى عامر عبد القادر رئيس قطاع السمسرة للتطوير فى شركة “بايونيرز” لتداول الأوراق المالية أن التعديلات من شأنها جذب رءوس الأموال الضخمة من المؤسسات المالية وبالتالى مساعدة الشركات المقيدة على النمو.
وأوضح أن التعديلات الحالية من قواعد قيد وشطب الأوراق المالية هى مراحل منطقية مرت بها الأسواق العالمية تمهيدا لإجراءات أكثر تيسيرا على الشركات التى ترغب فى القيد.
ولفت إلى أن كلا من إدارة البورصة و”الرقابة المالية” شرعتا خلال السنوات الأخيرة فى إصدار حزمة من القرارات الأخرى التى تعمل على جذب المستثمرين وتسهيل القيد أبرزها الحد الأدنى للقيمة الاسمية بواقع 10 قروش وتبسيط إجراءات تجزئة الأسهم.
الفقي: خطوة إيجابية لجذب الطروحات الكبيرة
من جانبه، قال سعيد الفقى مدير فرع شركة “أصول” لتداول الأوراق المالية إن البورصة تعمل على استحداث بعض المتغيرات التى تتواكب مع آليات العمل بالبورصات العالمية.
وأوضح أن التعديلات تضمن التوافق مع حجم السوق المحلية الحالية، وبالتالى هى خطوة إيجابية لما تخطط الدولة له من ضخ طروحات حكومية كبرى خلال الفترة المقبلة .
وأشار إلى أن وضع حد أدنى للتداول الحر فى النظام القديم كان معوقاً لإجراءات قيد بعض الشركات خاصة الشركات ذات الملكية العائلية الضخمة والتى كانت تواجه خطر تفتت الملكية.
ولفت إلى أن مسئولى سوق المال وضعوا خيارات أخرى للتعامل مع الأسهم ذات الأسعار الكبيرة من خلال إتاحة تجزئة الأسهم وبالتالى كلها إجراءات لتبسيط التعامل على الأسهم.
عيد: تهدف إلى تبسيط الإجراءات وجذب مزيد من الشركات للقيد.. وتعمل على رفع القدرة التنافسية للسوق المحلية
وقال حسام عيد مدير الاستثمار فى شركة “إنترناشونال” لتداول الأوراق إن تعديل قواعد القيد يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتمهيد لاستقبال الطروحات الكبرى ذات السيولة والأصول الضخمة.
وأوضح أن هذه الإجراءات من شأنها أن تنعكس بالإيجابية على أداء البورصة خلال الفترة المقبلة، وجذب مزيد من الشركات للقيد.
وأشار إلى أن “الرقابة المالية” تستهدف من هذه التعديلات رفع رأس مال سوق الأوراق المالية استكمالاً لإجراءات كثيرة اتخذتها «الرقابة المالية» لتبرز أهمية الاستثمار فى البورصة ورفع القدرة التنافسية بين الأسواق المالية العربية والعالمية لتصبح واجهة للاستثمار الأجنبى.
ولفت إلى أن الهدف يتمثل أيضا فى تهيئة البورصة لاستقبال طروحات حكومية جديدة كبيرة ومزيد من رءوس الأموال المستثمرة.
وقال إن إدارة البورصة تقدمت بتعديلات مكملة لتسهيل إجراءات القيد وتمثلت فى إجراء تعديلات على المادة 44 من قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة لتسهيل عمليات استحواذ الشركات المقيدة على شركات غير مقيدة بشرط التزام الشركات محل الاستحواذ بمعايير الحوكمة كاملة وتحقيقها معدل نمو مركب بموجب الإيرادات.
وأوضح أن التعديلات الهدف منها تسهيل إجراءات القيد للشركات الناشئة بغرض الاستحواذات على هذه الكيانات، وجذب الشركات الناشئة لرفع رأس المال السوقى للبورصة مما يترتب عليه التأثير الإيجابى للاقتصاد.
جدير بالذكر أن قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة المصرية تُعد الإطار القانونى المنظم لضوابط وإجراءات قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة، إعمالاً لأحكام المادة (16) من قانون سوق رأس المال إذ تضطلع هذه القواعد بتنظيم كافة الأمور المتعلقة بالشركات والجهات الراغبة فى قيد أوراقها المالية بالبورصة، سواء كانت مصرية أو أجنبية.
وتتضمن هذه الأمور إيضاح الشروط المتطلبة لقيد الأوراق المالية لهذه الشركات والجهات والإجراءات واجبة الاتباع فى هذا الشأن، وشروط التسجيل لدى الهيئة إلى جانب النص على بعض الالتزامات الواقعة على عاتقها إبان فترة قيدها بالبورصة، والتى يأتى على رأسها الإفصاحات التى يجب عليها الالتزام بها.
وتشمل الإجراءات التنظيمية أيضا متطلبات الحوكمة وحماية حقوق الأقلية، وكذا أحكام التعامل على أسهم الخزينة، وضوابط تعديل رأس المال، انتهاءً بتحديد حالات وضوابط شطب الأوراق المالية للشركة، سواء كان الشطب اختياريا أم إجباريا.
يذكر أن برنامج الطروحات الحكومية أطلق فى مارس 2018، عبر إعلان الحكومة نيتها طرح حصص بنسب مختلفة من 23 شركة حكومية منها 14 شركة تقيد للمرة الأولى و9 شركات مقيدة فى البورصة مسبقًا سيتم طرح حصص إضافية منها.
ولم يتم تنفيذ سوى خطوة وحيدة فقط من البرنامج بعد عام من إعلانه وهى طرح حصة إضافية من شركة الشرقية للدخان بنسبة %4.5 فى مارس 2019، ثم تم تأجيله عدة مرات لظروف مختلفة منها أزمة الأسواق الناشئة التى أثرت على البورصة المصرية، ومنها جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأعقب ذلك تعديل برنامج الطروحات الحكومية مرة أخرى ليتضمن طرح حصص 4 شركات فى البورصة ضمن المرحلة الأولى من البرنامج، تشمل شركات الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وأبوقيرللأسمدة، وسيدى كريرللبتروكيماويات بجانب الشرقية للدخان الذى تم تنفيذه، فيما تشمل المرحلة الثانية من برنامج الطروحات الحكومية طرح نحو 10 شركات جديدة منها 8 شركات تعدينية وصناعية، إلى جانب شركة «إى فاينانس» وبنك القاهرة.