اضطرت العديد من شركات السيارات إلى إلغاء حملاتها الترويجية أو خفض وتيرتها بالمناطق الساحلية خاصة الساحل الشمالى الذى كان محط أنظار كبرى الشركات خلال شهور فصل الصيف، وذلك بسبب تداعيات أزمتى كورونا ونقص الرقائق الإلكترونية وهما الأزمتان اللتان أثرتا سلبًا على وتيرة إنتاج السيارات فى الأسواق العالمية فضلًا عن الإخلال بسلسلة التوريدات لمختلف الدول سواء مكونات الإنتاج أو السيارات الكاملة، وهو ما تسبب فى ندرة المعروض من مختلف الطرازات بالسوق المحلية.
كانت الشركات تستهدف استغلال التواجد المكثف للعملاء فى المناطق السياحية مع اتجاههم لقضاء عطلاتهم؛عبر هذه الحملات لترويج لمنتجاتها وتعريف العملاء بأحدث الطرازات المتاحة فى السوق المحلية فضلًا عن فتح الحجوزات أمام العملاء الراغبين فى الشراء، كما كانت الشركات تقوم خلال هذه الفترة بتوفير خدمات ما بعد البيع للعملاء الراغبين فى صيانة سياراتهم.
شهدت الأسابيع القليلة الماضية إعلان العديد من وكلاء السيارات فى السوق المحلية نقص المتاح من عدة طرازات وإغلاق أبواب الحجز أمام العملاء انتظارا لوصول كميات جديدة من الشركات العالمية.
ورغم ذلك؛ حرص بعض الوكلاء على التواجد الرمزى فى الساحل الشمالى لكن ليس بنفس الدرجة من مستهدفات وعروض الأعوام السابقة المتعلقة بالحجوزات والمبيعات، فغالبية ما ينشر عن تواجد الشركات هناك متعلق بخصومات على خدمات ما بعد البيع والصيانة.
يقول منتصر زيتون عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات إن السنوات الماضية كانت تشهد خلال شهور الصيف فائصًا فى المعروض من مختلف السيارات فضلًا عن ارتفاع حجم المخزون المتراكم من الموديلات القديمة ومن ثم كانت الشركات تسعى للوصول للعملاء فى أى مكان لتسوى منتجاتها عبر تدشين حملات تسويقية وترويجية بموازنات مالية خاصة.
يوضح أن الأمر أختلف خلال العام الحالى إذ تعانى موازنات الشركات من شح الإيرادات بسبب ركود السوق وقلة المبيعات وهو ما ينعكس سلبًا على قيمة الأموال الموجهة للتسويق فضلًا عن نقص المعروض من مختلف السيارات خاصة تلك التى تشهد رواجًا فى الطلب والتى قد تباع بأعلى من أسعارها الرسمية فيما يعرف بظاهرة «الأوفر برايس» حيث يحصل الموزعون والتجار على مبالغ اضافية على السعر الرسمى للسيارة مقابل تسليمها للعميل دون الاضطرار للانتظار فى قوائم الحجز التى قد تمتد لأشهر.
يضيف أن كثيرًا من الوكلاء أصبحوا غير قادرين على تلبية طلبات السوق المحلية فى الوقت الراهن وهو ما يقلل حاجتهم لتحمل تكاليف اضافية لتسويق منتجات غير متوافرة فى مصر فى ظل الحاجة لترشيد النفقات للحفاظ على معدل ربحية مناسب.
لفت زيتون إلى أنه لا غنى لشركات السيارات عن الذهاب إلى الساحل الشمالى وغيره من المناطق السياحية خلال السنوات المقبلة لتدشين حملات الدعاية لمختلف السيارات؛ إذ لا يمكن الاكتفاء بحملات الترويج الإلكترونية لأن العملاء فى مصر يرغبون فى معاينة السيارة فعليا قبل اتخاذ قرار نهائى بالشراء موضحًا أن العميل إذا ذهب لأحد المعارض لشراء سيارة معينة ويعرف مواصفاتها فإنه يرفض حجزها إذا كانت غير متوافرة بين السيارات المعروضة، ومن ثم يذهب لأحد المعارض الأخرى التى تتوافر بها السيارة.
يقول صلاح الكمونى عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية وعضو الشعبة العامة للسيارات إن الشركات كانت تبحث عن العميل فى الساحل وغيره من المناطق السياحية حيث يتواجد العملاء بكثافة خلال شهور الصيف بهذه المناطق ومن ثم كانت تقيم المعارض المخصصة لعرض السيارات لمعاينتها من جانب العميل.
يضيف أن الشركات كانت تحقق حجوزات كثيرة خلال هذه الحملات الترويجية ومن ثم تسجل أرقامًا قياسية فى المبيعات وهو أمر يصعب القيام به خلال الفترة الراهنة فى ظل أزمة كورونا وفى ظل أزمة الرقائق الإلكترونية التى عصفت بإنتاج السيارات عالميًا واضطرت العديد من الوكلاء المحلييين إلى إغلاق أبواب الحجز على العديد من السيارات.
وقررت شركة تويوتا اليابانية، أكبر شركة لصناعة السيارات فى العالم، مؤخرًا خفض إنتاجها بنسبة %40 خلال سبتمبر المقبل بسبب النقص فى الرقائق الإلكترونية الدقيقة، لتصنع 540 ألف سيارة بدلًا من 900 ألف. وتضاف هذه الضربة لصناعة السيارات العالمية إلى سلسلة التخفيضات التى منيت بها شركات مثل: جنرال موتورز، وفورد، ونيسان، ودايملر، وبى إم دبليو، ورينو.
يشير إلى أن بعض الوكلاء غير قادرين على تلبية احتياجات السوق المصرية بشكل كامل ومن ثم لا يمكنهم فتح المجال لزيادة الطلب على منتجاتهم غير المتاحة محليًا خاصة فى ظل أزمة الأوفر برايس على العديد من الطرازات.
وتعرضت صناعة السيارات العالمية خلال العامين الماضيين للعديد من عمليات الإغلاق الاضطرارى بدأت بوقف عمليات الإنتاج فى إطار الاجراءات الاحترازية لاحتواء وباء كورونا مع لجوء الكثير من الدول إلى الإغلاق الجزئى أو الكامل للحد من وتيرة انتشار المرض ولضمان التباعد الاجتماعي، ولم تكن الشركات قد تعافت بعد من تداعيات هذا الإغلاق حتى واجهت تداعيات أزمة الرقائق العالمية التى يتوقع أن تستمر حتى الربع الثانى من 2022.
بإيجاز؛ تتلخص أزمة الرقائق الإلكترونية فى عدم قدرة الشركات على تدبير احتياجاتها من الرقائق الإلكترونية؛ فمع اندلاع أزمة كورونا فى أرجاء العالم ازداد الطلب على المنتجات الإلكترونية مع تراجع الطلب على السيارات الأمر الذى دفع منتجى السيارات العالميين إلى تحجيم تعاقداتهم مع مصنعى الرقائق الإلكترونية ومن ثم توسع الأخيرون فى التعاقدات مع منتجى الأجهزة الإلكترونية. ومع عودة نشاط تصنيع السيارات إلى ما كان عليه قبل أزمة كورونا فوجئ كبار المصنعين بعدم قدرة منتجى الرقائق الإلكترونية على تدبير احتياجات قطاعى السيارات والأجهزة الإلكترونية.
أصبح أمام منتجى السيارات فجوة زمنية تمتد لعدة أشهر لحين تدبير الاحتياجات الكاملة من الرقائق الإلكترونية وهو ما يتوقع أن يتم خلال الربع الثانى من العام المقبل. وقد دفعت الأزمة العديد من الشركات العالمية لإعادة إغلاق خطوط الإنتاج ومن ثم أقدم العديد من الوكلاء المحليين على الغاء الحجوزات على العديد من الطرازات المستوردة انتظارًا لانتظام عمليات التوريد من الشركات الأم، ويتوقع أن يؤثر ذلك سلبًا على وتيرة نمو مبيعات سوق السيارات المحلية.