أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تقريرًا عن أثر الحرب الأوكرانية – الروسية على الأسر المصرية خلال 2022 موضحا أن هذه الدراسة ستُمكن متخذى القرار من التعرف على آثار تلك الأزمة وما نتج عنها من تغيرات اقتصادية واجتماعية، بما يساهم فى وضع البرامج والسياسات اللازمة لمواجهتها والتخفيف من آثارها.
واعتمدت منهجية الدراسة التى أجراها جهاز التعبئة والإحصاء، على التحليل الوصفى لبيانات عينة احتمالية من الأسر تم سحبها عشوائيا من إطار عينة بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2021/ 2022، بالإضافة إلى بحث القوى العاملة لعام 2022 إذ بلغ حجم العينة نحو 17 ألفا و710 أسر.
وأجريت الدراسة بدءًا من 5 أغسطس الماضى واستمرت شهرا، وتم جمع البيانات من خلال محادثات هاتفية مع أرباب الأسر التى شملتها الدراسة، وبلغت نسبة الاستجابة %58 وقد تضمن الاستبيان أسئلة متعلقة بفترة 3 شهور سابقة للمقابلة و أخرى متعلقة بفترة 6 أشهر مقبلة.
ارتفاع الأسعار عالميا
وأفاد التقريرالذى حصلت «المال» على نسخة منه، بأن الحرب فى أوكرانيا تُعد من أهم الأزمات التى يشهدها العالم فى الوقت الحالى بما لها من تداعيات أثرت على الاقتصاد العالمى، إذ أدت إلى وضع قيود على الصادرات خاصة من الغذاء والطاقة مما انعكس على ارتفاع الأسعار العالمية، وبالتالى زيادة نسبة التضخم وانخفاض كل من معدلات النمو والناتج القومى عالميا خلال الشهور القليلة الماضية.
وتابع إنه فى الوقت الذى مازال العالم يعانى فيه اقتصاديا من آثار جائحة كورونا، اندلعت الحرب الأوكرانية الروسية فى 24 فبراير الماضى، وهو ما كان له تداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق بما تمثله روسيا وأوكرانيا كأهم البلدان المنتجة للسلع الأولية من الغذاء والطاقة.
وأشار تقرير الإحصاء، إلى أن انقطاع إمداد روسيا وأوكرانيا لتلك السلع أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية بصورة حادة، لاسيما أسعار النفط والغاز الطبيعى وأيضا شهدت أسعار الغذاء قفزة هائلة إذ يسهم كلا البلدين بنسبة %30 من صادرات القمح العالمية.
وأضاف أن مصر واحدة من الدول التى تأثرت أيضا بالأزمة خاصة وأنها ترتبط بعلاقات تجارية ضخمة فى مجالى الغذاء والطاقة مع كلا البلدين، بالإضافة إلى كونها مقصدا سياحيا يحظى بإقبال كبير من مواطنى الدولتين.
حوافز للتخفيف من آثار الأزمة
وأوضح تقرير الإحصاء، أنه مع بداية الحرب الأوكرانية – الروسية اتخذت الحكومة المصرية عددا من الإجراءات لمواجهة الأزمة والتخفيف من آثارها، من خلال أولا إعادة الطلبة المصريين الذين عبروا الحدود الأوكرانية الروسية إلى الدول المجاورة، ومنح حوافز توريد إضافى لسعر إردب القمح المحلى، بالإضافة إلى تسعير رغيف الخبز الحر غير المدعم.
كما قامت الحكومة المصرية بتقديم موعد زيادة المرتبات والمعاشات إلى أبريل، مع زيادة حد الإعفاء الضريبى، ووقف تصدير عدد من المنتجات وأهمها الحبوب، فضلًا عن صرف الدعم الاستثنائى على بطاقات التموين بمبالغ تراوحت بين 100 و300 جنيه لمدة 6 شهور اعتبارا من 1 سبتمبر الماضى.
نتائج الدراسة
وأكد التقرير أن احتواء الأزمة الأوكرانية-الروسية وتخفيف حدتها تأتى على رأس أولويات الحكومة المصرية، التى تحركت بشكل متكامل لتحقيق هذا الهدف.
وتوصلت الدراسة إلى أن %73.9 من الأسر لديها معرفة بشأن الأزمة، وأن التليفزيون المصرى والفضائيات الخاصة هما المصدرين الأساسين لحصولهم على المعلومات حول الأزمة بنسبة %73.7 كما يزداد اعتماد الأسر عليهما فى الحصول على المعلومات فى الريف عنه فى الحضر.
وتأتى شبكة الإنترنت فى المرتبة الثالثة كأهم مصدر للمعلومات حول الأزمة بنسبة %8.4 أما جهة العمل فتعتبر أقل مصدر حصلت منه الأسر المصرية على معلومات حول الأزمة بنسبة %0.1.
وأظهرت نتائج الدراسة أن %75.4 من الأسر التى تعرف بالأزمة أفادت بأن أهم معلوماتها تتمثل فى ارتفاع الأسعار، وتزيد هذه النسبة قليلا فى الريف لتصل إلى %78.5 مقابل %71.8 فى الحضر.
وتشير البيانات إلى أن أقل المعلومات عن الأزمة لدى الأسر هى عن التعامل بالروبل الروسى فى الوقت الحالى بنسبة %0.1.
بينما نسبة %36.1 من الأسر سمعوا عن قيام الحكومة برفع سعر شراء أردب القمح من المزارعين ترتفع تلك النسبة فى الريف لتصل إلى %44.8 بينما تنخفض فى الحضر لتصل إلى %32.1.
أهم المجالات تأثيرا
وأشارت البيانات الصادرة عن الدراسة، إلى أن أكثر المجالات التى تأثرت بها الأسر منذ بداية الأزمة كانت ارتفاع الأسعار بصفة عامة بنسبة %99.2 يليها ارتفاع أسعار وقود المحركات بنسبة %12.9 وقد تباينت تلك النسب على مستوى الحضر عن الريف.
كما اتضح أن أقل المجالات تأثيرا من وجهة نظر الأسر هو عدم توافر بعض السلع الغذائية واحتكار التجار بنسبة %2.2.
وفيما يخص أثر الأزمة على تغير الحالة العملية لرؤساء الأسر، فقد أظهرت الدراسة أن %9.3 من رؤساء الأسر العاملين قد تغيرت حالتهم العملية، بالإضافة إلى أن المقيمين فى الحضر والمستوى التعليمى لرئيس الأسرة فوق جامعى، هم أكثر الفئات التى تغيرت حالتهم نتيجة الأزمة.
ولفت التقرير إلى أن أكثر فئة عمرية تغيرت حالتهم العملية تأثرا بالأزمة هم أرباب الأسر من 55 إلى 64 و 25-34 إذ بلغت النسب %10.3 و %9.2 على التوالى.
وتابع إن أرباب الأسر الذين تغيرت حالتهم العملية هم الحاصلون على شهادة أعلى من الجامعية هم الأكثر تأثرا بالأزمة إذ تشير البيانات إلى أن نسبتهم وصلت لـ %21.0 تليها الأسر الحاصل عائلها على شهادة ابتدائية بنسبة %17.8، بينما كانت أقل الأسر تأثرا بالأزمة هى الأسر الحاصل عائلها على شهادة متوسطة أو أقل.
دخل الأسرة
وتوصلت الدراسة إلى أن %19.8 من الأسر انخفض دخلهم بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وترتفع النسبة فى الحضرعن الريف لتسجل 22.5 و %17.8 على الترتيب.
وتشير البيانات إلى أن %80 من الأسر لم يتأثر دخلهم خلال الأزمة، بينما كان هناك أقل من %1 من الأسر قد أفادوا بزيادة الدخل وترتفع النسبة فى الحضر مقارنة بالريف إذ بلغت 1.2 مقابل %0.2.
كما أفادت الدراسة، بأن %59.3 من الذين انخفض دخلهم خلال الأزمة يعود السبب الرئيسى لذلك فى تعطل رئيس الأسرة، يلى ذلك انخفاض الطلب على النشاط بنسبة %37.1، ثم صاحب العمل خفض الأجر بنسبة %22.6 ثم توقف المشروع مؤقتا بنسبة %8.
وأوضحت الدراسة أن أسباب التغير فى دخل الأسر نتيجة الأزمة يعود إلى اختلاف حالتهم العملية، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، إذ أثرت بشكل واضح على نظام الاقتصاد العالمى من خلال فرض القيود على التصدير وانقطاع سلاسل الإمداد العالمية والتى بدورها أثرت بشكل كبير على طبيعة العمالة وانخفاض الطلب عليها أو على نوع النشاط.
وأضافت أن حوالى ثلث الأسر عانت من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات خلال الشهر السابق للبحث، كما أن 37.7 % من أسر الريف عانت من عدم كفاية الدخل مقابل %35.8 بالحضر.
وتابعت أن الدراسة أظهرت أن أقل نسبة لعدم كفاية الدخل بلغت %31.9 للأسر التى يتراوح حجمها من 1 إلى 3 أفراد، كما ارتفعت النسبة تدريجيا مع ارتفاع عدد الأفراد لتصل إلى %51.9 للأسر التى يصل عددها إلى 3 أفراد فأكثر، فضلا عن أن حوالى 95 % من الأسر التى لم يكف دخلها للوفاء باحتياجاتها اعتمدت على الاقتراض.
نمط استهلاك الأسر من السلع الغذائية
وأفادت الدراسة بأن %65.8 من الأسر تأثر نمط إنفاقهم على السلع الغذائية وغير الغذائية نتيجة للأزمة، كما انخفض استهلاك حوالى %74 منهم من السلع الغذائية، بالإضافة إلى أن %90 منهم انخفض استهلاكهم من البروتينات (لحوم وطيور وأسماك) عما كان قبل بداية الأزمة.
%65.8 تأثر نمط إنفاقهم على السلع و%50 خفض مصروفاته على النقل والمواصلات والملابس
وأضافت أن حوالى %1.3 من الأسر أفادوا بارتفاع استهلاكهم من الخبز، كما أن %36.4 أفادت بأن الأسعار تضاعفت مقارنة بما قبل الأزمة.
وأظهرت الدراسة أن %50 من الأسر قل إنفاقها على خدمات النقل المواصلات والملابس، فى حين اتضح أن %3 زاد إنفاقهم على الملابس والمواصلات مقارنة مع نمط إنفاقهم قبل الأزمة.
وأرجعت الأسر انخفاض الاستهلاك إلى سببين رئيسين وهما ارتفاع أسعار السلع وجشع التجار، بينما أظهرت الدراسة أن %85 من الأسر التى أفادت بمعرفتها عن الأزمة بتغير نمط شرائهم من السلع فأصبحوا يقومون بشراء ما يحتاجونه لمدة أسبوع فقط مقارنة مع نمط استهلاكهم قبل الحرب.
توقعات حول نهاية الأزمة
وتوقع %13.5 من الأسر استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وفقًا لنتائج الدراسة، كما اتضح أن %73.5 منهم أفادوا بأنهم ليس لديهم أى توقعات حول استمرارها.
بينما أفاد %73.4 من الأسر بأنهم يتوقعون ثبات مستوى دخل الأسر، وارتفعت هذه النسبة لتصل إلى %74.3 بالريف مقابل %72.2 بالحضر.
كما توقع %24.6 من الأسر حدوث انخفاض فى الدخل، و%74.7 منهم الذين لم تتغير حالاتهم العلمية رجحوا ثبات الدخل مع استمرار الحرب، فيما توقع %54.3 من الأسر تغيرت حالاتهم ثبات الدخل.
بينما توقع %42 من الأسر الذين تغيرت حالاتهم العملية بانخفاض دخلهم مع استمرار الأزمة.