تراجعت حصة القروض الممنوحة للقطاع الخاص من إجمالى تمويلات القطاع المصرفى، بنسبة % 4.6 منذ اندلاع أزمة كورونا فى مارس 2020، لتسجل %59.4 فى مايو الماضى، مقارنة مع %64 فى فبراير بالعام قبل الماضى.
كشفت إحصائيات النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزى المصرى أن التمويلات الممنوحة للقطاع الخاص سجلت %64 بنهاية فبراير 2020، مقابل %63.9 بنهاية يناير السابق عليه.
كما تراجعت حصة قروض القطاع الخاص بنسبة %1.4 خلال أول 6 أشهر من العام الماضى، لتسجل %61.9 خلال يونيو 2020 مقارنة مع %63.3 فى ديسمبر السابق عليه.
فيما بلغت حصة القطاع الخاص من إجمالى التمويلات فى مارس الماضى %59، مقارنة مع %59.8 بنهاية فبراير السابق علية بنسبة تراجع وصلت إلى %0.8.
وتراجعت قروض القطاع الخاص بنسبة %1.3 لتصل إلى %57.4 بنهاية مايو 2021، مقابل %58.7 بنهاية أبريل الماضى.
وقال خبراء مصرفيون لـ«المال» إن تراجع حصة القطاع الخاص خلال فترة كورونا يرجع إلى انخفاض معدلات نمو النشاط غير الحكومى، والتعثر الذى شهدته بعض الشركات.
وأضاف الخبراء أن تخوف القطاع الخاص من الاقتراض، وتحوط البنوك من منح التمويلات خلال الأزمة كان سببا مهما فى تقلص حصة التمويلات الممنوحة للقطاع، وتعويضها بقروض الحكومة.
كما أخذت حصة القروض الممنوحة للقطاع الصناعى من إجمالى تمويلات القطاع المصرفى فى التراجع خلال أول 5 أشهر من العام الجارى، لتنخفض حصتها من %20.69 فى ديسمبر الماضى، إلى %19.09 فى مايو.
وبلغت التمويلات الممنوحة للقطاع الصناعى نهاية العام الماضى 506 مليارات جنيه، مقارنة مع التمويلات الممنوحة للنشاط نهاية مايو 2021 بقيمة 529 مليار جنيه.
كما تراجعت حصة قروض القطاع الصناعى من إجمالى التمويلات بنسبة %0.5 خلال شهر مايو، عن %19.5 نهاية أبريل، والبالغة قيمتها 523.707 مليار جنيه.
وحققت قروض القطاع المصرفى نموا يتجاوز %13 خلال الخمسة أشهر، بقيمة 327 مليار جنيه، لتصل إلى 2.7 تريليون جنيه نهاية مايو الماضى مقارنة مع 2.445 تريليون بنهاية 2020، بحسب أحدث بيانات البنك المركزى.
وارتفعت التمويلات الممنوحة من البنوك فى مصر خلال شهر مايو الماضى بقيمة تجاوزت 96 مليارًا بنمو يزيد على %3.5 عن أبريل الذى سجل فيه 2.676 تريليون جنيه.
وفيما يخص توزيع التمويلات الممنوحة من القطاع المصرفى داخل مصر، حصل القطاع غير الحكومى، شاملا قطاع الأعمال على حصة تجاوزت %57.4 فى مايو الماضى، بقيمة تمويلات حوالى 1.747 تريليون جنيه، بينما حصل القطاع الحكومى فى نفس الشهر على حصة %42.6 من إجمالى القروض بقيمة تريليون و56 مليار جنيه.
وارتفعت القروض الحكومية بقيمة 208 مليارات جنيه خلال الخمس أشهر الأولى من العام الجارى، عن 817 مليار جنيه نهاية 2020، والتى كانت تمثل %40 من إجمالى التمويلات البالغة 2.445 تريليون جنيه، بحسب تقرير البنك المركزى المصرى.
وقال طارق متولى، نائب رئيس بنك بلوم سابقاً، إن انخفاض معدلات نمو قروض القطاع الخاص خلال فترة كورونا يرجع إلى توجيهات الدولة فى الاستثمار بالمشروعات القومية، لسد الفجوة التوسعية للقطاع الخاص داخل السوق.
وأوضح متولى أن القروض الممنوحة للقطاع الخاص قلصت وتيرة الحصول على الائتمان، ما أدى إلى تراجع حصتها من إجمالى القروض التى منحها الجهاز المصرفى، هذا ما دفع الحكومة إلى زيادة حصتها من التمويلات.
وأضاف أن التراجع فى حصة القطاع الخاص من إجمالى القروض لا يعد مؤشرا سلبيا، مع استمرار تفشى أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأشار إلى أن انتشار فيروس كورونا أثر بشكل كبير على بعض القطاعات، ومنها القطاع العقارى والصناعى والزراعى.
وتوقع أنه مع تعافى الاقتصاد القومى، وتوجيهات البنك المركزى بانخفاض سعر العائد يعود انتعاش القطاع الخاص خلال الفترة المقبل، خاصة أن «المركزي» يلعب دورا كبيرا فى تعزيز النشاط غير الحكومى، عبر المبادرات وتقليل الفائدة ودعم المتعثرين.
يذكر أن البنك المركزى أعلن فى مارس 2020، مع ظهور فيروس كورونا، تأجيل أقساط القروض وكروت الائتمان لمدة 6 أشهر بسبب «كورونا»، وإلغاء الرسوم والعمولات المطبقة على رسوم نقاط البيع والسحب من الصرافات الآلية والمحافظ الإلكترونية لمدة 6 أشهر، وإتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات.
وانتهت مبادرة المركزى لتأجيل أقساط القروض منتصف سبتمبر الماضى، والتى استفاد منها 5 ملايين عميل من الأفراد والشركات، بقيمة قروض مؤجلة إجمالية تقدر بنحو 2 تريليون جنيه لمدة 6 أشهر فى إطار إجراءات تخفيف أثر تداعيات فيروس «كورونا».
ماجد فهمى: تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد السبب
وقال ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية السابق، إن تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد المصرى يعتبر أحد أسباب تراجع حصة القروض الممنوحة للقطاع الخاص، حيث تزامن مع انتشار أزمة كورونا المستجد تراجع حركة الاستثمار بشكل كبير.
وأضاف أن قروض البنوك تعتمد بشكل أكبر على القطاع الحكومى خلال فترة كورونا، مشيرًا إلى التوسع فى مشروعات البنية التحتية ومحطات المياه والكهرباء، والاستثمار فى المرافق والمدن الجديدة.
وأوضح فهمى أن كوفيد 19 دفع القطاع الخاص لتأجيل خطته التوسعية، سواء على مستوى خطوط الإنتاج أو شراء منتجات أو الآلات، التى كان يتم تمويلها من قروض القطاع المصرفى.
وتوقع رئيس بنك التنمية الصناعية السابق خلال الفترة المقبلة أن يعود انتعاش القطاع الخاص مع تراجع سعر العائد.
وفى تقرير السياسة النقدية الصادر حديثًا، قال البنك المركزى إنه من المتوقع أن تحوم المعدلات السنوية للتضخم العام فى مصر حول منتصف معدل التضخم المستهدف والبالغ %7 خلال الربع الأخير من عام 2022 بناء على نمط تعافى النشاط الاقتصادى وتوقعات التضخم المستقرة، بالإضافة إلى الأوضاع النقدية الحقيقية المتوقعة.
وأوضح أن توقعات السيناريو الأساسى للتضخم تتمثل فى أسعار السلع العالمية والتى قد تنتقل بشكل أكبر من المتوقع للتضخم المحلى، بينما تتمثل المخاطر التى قد تؤدى إلى اتجاه نزولى فى تسجيل معدلات تضخم السلع الغذائية أقل من المتوقعة خلال عامى 2021 و2022؛ والتى قد تؤدى إلى تقييد أكبر من المتوقع لأوضاع النقدية المستقبلية، مع الأخذ فى الاعتبار فترة تحقيق معدل التضخم المستهدف.
وقال البنك إن أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى تعد مناسبة فى الوقت الحالى، تتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف والبالغ %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
قال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى، إن انخفاض حصة قروض القطاع الخاص بالبنوك يرجع إلى تداعيات الآثار الناجمة عن انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد المصرى، ومنها تراجع بعض القطاعات، فى مقدمتها السياحة، والطيران، والقطاعات الاستهلاكية، بالإضافة إلى التجارة المحلية والعالمية.
وأوضح أنه على الرغم من انتشار فيروس كورونا وتوقف حركة الاقتصاد العالمى والمحلى إلا أنه لم يتوقف الطلب القروض الممنوحة سواء على مستوى الأفراد والشركات، لكنه يرتفع بمعدلات نمو بطيئة.
وأضاف نائب رئيس البنك أنه خلال فترة ما قبل كورونا كان القطاع الحكومى يشكل الحصة الأعلى من إجمالى القروض، إضافة إلى الاتجاه السائد فى التوسعات بعض المشاريع القومية ومنها الطرق والكبارى وتشييد البناء.
قال الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، خلال كلمته فى مؤتمر صحفى فى يوليو الماضى، إن البنك المركزى لعب دورًا هامًا فى مساندة القطاع السياحى خلال فترة أزمة كورونا، موضحًا أن الوزارة كانت تعقد اجتماعا شهريا مع محافظ البنك المركزى للوقوف على التحديات التى تواجه القطاع والوصول لحل لها.
وأشار الوزير إلى أن قطاع السياحة فى مصر يشهد دعما واهتماما كبيرا من الدولة المصرية بصفة عامة، وشهد بصفة خاصة دعما غير مسبوق منذ انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث عانى قطاع السياحة فى مصر والعالم أجمع ظروفا استثنائية بسبب تداعيات الأزمة، فكان العام الأصعب على قطاع السياحة فى مصر على الرغم من البداية الإيجابية التى كانت تبشر باستمرار تحقيق النمو السياحى المستهدف.
سهر الدماطى: الربع الأخير من 2021 سيشهد تعافيا فى القطاع غير الحكومى
وقالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن انخفاض نصيب القطاع الخاص من الائتمان البنكى مقارنة بباقى القطاعات الأخرى يرجع إلى زيادة حجم استثمارات الحكومية المنفذة فى الآونة الأخيرة.
وأوضحت أن تباطؤ الحركة الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة بسبب استمرار انتشار أزمة فيروس كورونا دفع القطاع الخاص إلى تأجيل خطتهم التوسعية الخاصة بهم، سواء على مستوى خطوط الإنتاج أو شراء منتجات أو الآلات، التى كان يتم تمويلها من قروض القطاع المصرفى، وتأثر قطاع السياحة ، مشيرة إلى أن «المركزي» لعب دورا كبيرا فى ضمان مخاطر القطاع السياحى.
وقرر مجلس إدارة البنك المركزى إصدار تعهد بقيمة 2 مليار جنيه لصالح شركة ضمان مخاطر الائتمان، كمظلة لضمان أرصدة الضمانات الصادرة من الشركة لصالح البنوك، لتغطية جزء من المخاطر المصاحبة لتمويل شركات السياحة ضمن مبادرة إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحى، وهذا التعهد لا يتضمن مبلغ 3 مليارات جنيه الذى تم تخصيصه من المبادرة بضمان وزارة المالية.
وأصدر «المركزى» المبادرة بتاريخ 8 يناير 2020، ويتم من خلالها إتاحة مبلغ 50 مليار جنيه من خلال البنوك بسعر عائد %8 يُحسب على أساس متناقص لتمويل إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحى، وقامت وزارة المالية بضمان شريحة منها بمبلغ 3 مليارات لتغطية %100 من قيمة القروض الممنوحة لشركات القطاع السياحى وفقاً لمحددات تلك الشريحة.
وأشارت سهر الدماطى إلى تراجع معدلات نمو تمويلات القطاع الخاص يعود إلى تحوط البنوك فى إقراض العملاء خوفا من التعثر.
وتوقعت سهر أن يشهد الربع الأخير من العام الجارى 2021 حالة من التعافى فى اقتراض القطاع الخاص، مدفوعًا بتوقعات استقرار الأوضاع، وتحسين المؤشرات الاقتصادية.