فتحت أزمة انتشار فيروس «كورونا» المجال أمام البنوك للعمل على زيادة استخدام الخدمات المصرفية الإلكترونية وارتفاع نسب التفعيل، لاسيما بعد قرارات حظر التحرك التى اتخذتها الدولة، وتقليص عدد ساعات العمل فى المصارف، ووضع حدود للسحب والإيداع لتقليل التزاحم.
أجمع مصرفيون وخبراء أن الفترة الحالية تشهد إقبالا كبيرًا من العملاء على استخدام القنوات الإلكترونية للبنوك مثل الموبايل والإنترنت البنكى والمحفظة الذكية، بجانب الأدوات الأخرى مثل التواصل عبر الواتس آب، أو مركز الخدمات الهاتفية، مؤكدين أن الأزمة الحالية خلقت وعيًا لدى العملاء لم يكن ليُكتسب فى أعوام عدة.
مع اندلاع الأزمة أصدر البنك المركزى حزمة من القرارات لتشجيع التعاملات الإلكترونية وتقليل ذهاب العملاء للفروع، منها إلغاء رسوم السحب عبر ماكينات الصراف الآلى، وزيادة الحد الأقصى للتعامل عبر المحفظة الذكية للأفراد والشركات، وإلغاء رسوم التحويل بالعملة المحلية، كما خفض ساعات العمل فى الفروع لتبدأ من التاسعة صباحًا إلى الواحدة والنصف ظهرًا.
استغلت شركة بنوك مصر للتقدم التكنولوجى، المسئولة عن منظومة الدفع الوطنية «ميزة» أزمة كورونا لتطوير حملة التوعية التى أطلقتها منذ شهور على وسائل الإعلام المرئية ووسائل التواصل الاجتماعى، للترويج للمنظومة الجديدة وأهمية استخدام وسائل الدفع الإلكترونية.
استفادت الشركة من انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم ووجود مئات الإصابات فى مصر، والإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة، لتطور حملة التوعية، وتحفز المواطنين لاستخدام بطاقات الدفع «ميزة» والمحافظ الذكية بدلا من الكاش الذى قد يكون سببًا فى نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد .
كان أيمن حسين، وكيل محافظ البنك المركزى لنظم الدفع، صرح فى لقاء تلفزيونى، أن عدد مستخدمى الإنترنت البنكى فى مصر وصل إلى 2 مليون عميل، موكدًا أن الدولة تولى القطاع المصرفى اهتمامًا كبيرًا عبر تطوير البنية التحتية التكنولوجية.
أوضح حسين أن الجهاز المصرفى يمتلك بنية تحتية تكنولوجية قوية، لأن أجهزة الدولة تنبهت مسبقًا لأهمية الدفع الإلكترونى، لافتًا إلى أن 35 مليون بطاقة مسبقة الدفع تم إصدارها.
قال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن كورونا أتاح فرصة كبيرة للعملاء والبنوك لزيادة الاعتماد على القنوات الإلكترونية كبديل للأدوات التقليدية فى التعامل، مؤكدًا أن الفترة الحالية ستخلق وعياً غير مسبوق لدى المواطن بأهمية هذه الخدمات وقدرتها على تلبية احتياجاتهم دون الذهاب للفروع .
أشار إلى أن العملاء حتى الذين لا يفضلون استخدام الأدوات الحديثة أصبحوا مضطرين للتعامل من خلالها فى ظل قرارات حظر التجول ونصائح عدم الخروج من المنزل التى أعلنتها الدولة، موضحًا أن البنك بدأ التيسير على العملاء الذين ليس لديهم هذه الخدمات ليتمكنوا من تدشينها عبر الموقع الإلكترونى دون الحاجة للتواصل المباشر مع الموظف.
ذكر أن المصرف المتحد لديه أكثر من 22 ألف عميل يستخدمون القنوات الإلكترونية سواء المحفظة الذكية والإنترنت البنكى والموبايل، متوقعًا زيادة نسبة الاستخدام وعدد العملاء على منصات البنك المختلفة خلال الفترة المقبلة.
أكد أن ما يعزز توقعات نمو استخدام الخدمات المصرفية الإلكترونية هى قرارات البنك المركزى التى خفضت وألغت بعض رسوم التحويل ورسوم استخدام المحفظة الإلكترونية وطرق الحصول على الخدمة لأول مرة للتيسير على العملاء، ضمن القرارات التى أعلنها المركزى للتعامل مع أزمة كورونا.
على مستوى المصرف المتحد أشار القاضى إلى أن المصرف اتخذ العديد من القرارات منذ ظهور كورونا فى مصر للتيسير على عملائه وتشجيع التعامل عن بعد، منها طرح البطاقات اللا تلامسية التى حظيت بتيسيرات من المركزى لرفع حدود التعامل فى المرة الواحدة من 300 جنيه إلى 600 جنيه.
أشار إلى أن المصرف طرح خدمتين بخاصية التفعيل الذاتى عبر الإنترنت دون الحاجة للذهاب للفرع، هما طلب إصدار أو ربط شهادات المصرف المتحد المتميزة سواء التقليدية أو المتوافقة مع أحكام الشريعة، بجانب ذلك أطلق المصرف خدمة كود الأمان لعملاء المصرف المتحد من حاملى البطاقات الائتمانية سواء التقليدية أو المتوافقة مع أحكام الشريعة.
أطلقت عدة بنوك خدمات جديدة وتحديثات على خدماتها القائمة فعلى سبيل المثال قصر بنكا الأهلى ومصر شراء الشهادة الجديدة ذات العائد %15 على القنوات الإلكترونية، وباعا شهادات بقيمة 70 مليار جنيه من خلال القنوات الإلكترونية بنسبة %90 منها.
أتاح البنكان إمكانية الاشتراك فى خدمات المحفظة الذكية والإنترنت البنكى والموبايل البنكى عبر الموقع الإلكترونى أو مركز الخدمات الهاتفية دون الحاجة للذهاب للفرع، وأطلق بنك قطر الوطنى الأهلى بالتعاون مع شركة فيزا أول أسورة للدفع الإلكترونى فى السوق المحلية.
أشاد محمد بدير، الرئيس التنفيذى لبنك عوده مصر، بالقرارات التى أصدرها البنك المركزى لزيادة حدود التحويل عبر الهاتف المحمول وإلغاء رسوم السحب عبر الصراف الآلى، مضيفًا أن الطفرة التى تحدث فى الخدمات المصرفية الإلكترونية فى الفترة الحالية تؤسس لمرحلة إيجابية للغاية على مستوى الدفع الإلكترونى والشمول المالى فى مصر.
تابع: «فى الظروف العادية لم يكن ليحدث هذا الإقبال الشديد من العملاء لتنفيذ معاملاتهم واحتياجاتهم من البنوك عبر الوسائل الإلكترونية، وبنك عوده لديه العديد من المنتجات سواء عبر الإنترنت أو الموبايل، والمحفظة الذكية التى تستقبل العملاء طوال فترات اليوم».
قال إن نسبة الإقبال على استخدام القنوات الإلكترونية كبديل آمن للعملاء لتنفيذ معاملاتهم البنكية منذ بداية ظهور فيروس كورونا فى أوائل شهر مارس، ارتفعت، وتلقى البنك خلال شهر مارس %25 زيادة فى طلبات العملاء للاشتراك فى خدمة الإنترنت البنكى مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، مضيفًا أن ذلك يعكس وعى عملاء البنك لتنفيذ معاملاتهم البنكية دون الحاجة لزيارة فروع البنك لا سيما مع انتشار فيروس كورونا المستجد.
ذكر أن الزيادة فى عدد زيارات العملاء لخدمة الإنترنت البنكى خلال شهر مارس بلغ 25000 زيارة، تركزت فى النصف الثانى من الشهر، وزادت التحويلات بنسبة %47 مقارنة بالنصف الأول من نفس الشهر، مشيرًا إلى أن البنك أطلق فى النصف الثانى من شهر مارس خدمة الرسائل النصية التفاعلية لاستقبال طلبات العملاء، واستقبل خلال هذه الفترة أكثر من 8000 طلب من خلال الخدمة الجديدة.
على مستوى عدد المشتركين بخدمة محفظة الهاتف المحمول “Audi2Pay” أكد بدير، أنه تضاعف فى شهر مارس مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى وازدادت تحويلاتهم بنسبة %30 فى النصف الثانى من شهر مارس مقارنة بالنصف الأول من نفس الشهر.
فى سياق متصل أكد إيهاب الدرة، رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك مصر، أن قرارات المركزى بشأن التكنولوجيا المالية مكسب كبير، وتتيح فرصة للمواطن للتعود على هذه القنوات الإلكترونية.
قال شريف سليمان، رئيس شركة CR2، إن الخدمات المصرفية الإلكترونية لم تعد اختيارًا، لا سيما فى الوقت الحالى الذى يشهد تحذيرات من التكدس والتعامل المباشر بين المواطنين وموظفى فروع البنوك، موضحًا أن الأزمة الحالية ستخلق وعيًا أكبر لدى عملاء البنوك بأهمية هذه الخدمات.
أشار إلى أن الإجراءات التى أقرها البنك المركزى لتيسير بعض المعاملات البنكية وفتح المحافظ عن بعد من خلال تبسيط قواعد KYC تساعد على نمو هذه الخدمات، متوقعًا أن تؤسس الأزمة الحالية لمرحلة جديدة من الخدمات المصرفية الإلكترونية بعد مرورها.
وأوضح أن الشركة تلقت طلبات كبيرة من عملائها فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لتعزيز الخدمات الإلكترونية، وإضافة مميزات جديدة تمكن العملاء من الحصول على احتياجاتهم المالية والخدمات بشكل ميسر، مضيفًا أن هناك عملاء جدد من الذين تتفاوض معهم الشركة فى مصر لتقديم خدماتها لهم.