كهنة أمون

كهنة أمون
حازم شريف

حازم شريف

9:42 ص, الأحد, 12 ديسمبر 04

لا أعرف ولا تربطنى أي علاقة شخصية أو مهنية أو عائلية بالكابتن حسن حمدى أو الكابتن بيبو، المرشحين لمنصب الرئيس ونائبه على التوالي، ضمن ما أطلق عليه القائمة الموحدة بانتخابات النادى الأهلي، وكذلك الدكتور حسام بدراوى المرشح المناؤى لهما على مقعد الرئاسة.

ما يجمعنى فقط معهم ومع كافة أنصارهم واتباعهم، هو اهتمامنا المشترك، بالانتخابات مع الوضع في الاعتبار اختلاف الدرجة-درجة الاهتمام- والدوافع.

وإذا كان اهتمامهم ودوافعهم مبررة ومفهومة، فإن الأمر بالنسبة لي ككثير من المصريين، يتلخص في كوني أجد في انتخابات النوادي والنقابات المهنية متنفساً ديمقراطياً، بعيداً عن الانتخابات العامة، سواء لاختيار أعضاء مجلسي الشعب والشورى أو غيرهما، والتي تقترب فيها ممارسات الحكومة ومرشحيها والمنشقون عنها تمهيداً للعودة إلى حظيرتها بعد النجاح، إلى ما يشبه-وربما أسوأ بكثير-، ممارسة الفعل الفاضح في الطريق العام.

وذلك على عكس النوادي والنقابات التي يصعب فيها التزوير، على نحو يجعل المرء سعيداً، معتزاً بذاته، موغلاً في الاحساس بقيمته، سواء نجح أورسب هو لو كان مرشحاً، أو من يدعمه لو كان ناخباً، لأن صوته ببساطة يصبح له معنى وثمن.

من هنا كان انزعاجي، من واقع متابعتى لما تنشره الصحف المختلفة من أقوال واخبار وتصريحات المرشحين، وبصفة خاصة أعضاء القائمة، لما تجسده من وعي وتصورات-منبثقة عن ذلك الوعي-، تتنافى كليا مع الثقافة الديمقراطية إن جاز التعبير.

نحن بصدد نمط تفكير، يقترب كثيراً من أنماط التفكير القبلي، السائد في المجتمعات الأبوية، لا علاقة له باحترام التعددية، فبداية لديك قائمة يخبرك أعضائها بتفاخر-لا نعلم مصدره-، أنه لا برنامج لديهم، فوضع البرامج وكيل الوعود للناخبين من وجهة نظرهم، مسألة لا علاقة له بانتخابات النادى الأهلي، وإنما هي أمور تخص عالم السياسة، في تنبيط واضح على منافسهم القادم من هذا العالم الآخر، وكأن الانتخابات-أي انتخابات على عكس ما هو ثابت ومعروف-، ليست عملية سياسية بالأساس، حتى ولو كانت انتخابات اتحاد تلاميذ لمدرسة ابتدائية.

ولك أن تتساءل: أو ليس مثلا شعار الأهلى فوق الجميع، الذي ترفعه القائمة، شعاراً سياسياً، يستهدف استبعاد ونفي، كل من تسول له نفسه مقارعتها، بمحاصرته في خندق ضيق الأفق، واتهامه بوضع مصالحه الشخصية فوق مصلحة الأهلي «الرمز»، ومحاولة هز استقراره وادخاله فى دوامة الفوضي. أم تراهم يرونه حقاً شعاراً طوباوياً مثالياً، يجعل المستمسك به فى مقام القديسين الأبرار؟!.

لماذا إذا ينبغى أن نصوت لهم؟، لأنهم باختصار خلاصة عصارة اختيارات لجنة الحكماء، التي قامت حرصا على مصلحة الأهلى «الرمز»، باستبعاد فلان فاستجاب، واختيار علان فنزل على رغبتها، دون أن يخبرك أحد عن الأسباب، حتى تكاد أن تشعر أنك بصدد قبيلة، تعيش في عصر البداوة، يحتكر شيوخها الحكمة، وما على باقي أفراده سوى الرضوخ لحكمتهم وحكمهم، لأنه يجسد صالحا ومصالحا عليا لا يستطيع العامة إدراكها، بحكم وعيهم المحدود، ومن يخرج عنه فلتطارده لعنة الجماعة إلى يوم الدين!.

والواقع أن مثل هذا الخطاب، لو تم استخدامه في مجتمع انتخابى تتجذر فيه المفاهيم الديمقراطية، لما التفت إليه أحد، أو حتى أولاه عناء انتقاده، حتى لو كانت لجنة الحكماء هذه تضم بين أعضائها غاندى وسنجور واينشتاين مجتمعين، وذلك مع كامل احترامنا لكامل حكماء لجنة الأهلى «الرمز»، التى لا يبوح لنا أحدا باسمائهم على الاطلاق، وكأنهم كهنة أمون، لا ينبغي لهم أن يظهروا على العامة من أمثالنا!.

أما «المسخرة» بعينها من وجهة نظر احترام التعددية والقيم الديمقراطية، فهي أن يخرج الكابتن بيبو بتصريح يستهدف به تعضيد موقف زميله فى القائمة الكابتن حسن حمدي، يقول فيه: أن من يثق فيه على أن يثق فى اختياراته- منطق المبايعة-، وأنه يرى فى حمدى الرئيس الأصلح للنادي، وأنه -وخلى بالك من الجايه دى- لن يعمل مع أى رئيس آخر غيره يتم انتخابه!.

فبغض النظر عن أن التصريح السابق يمثل تصريحاً سياسياً- تلك السياسة الملعونة التى تنعت بها القائمة خصومها-، إذ أن الكابتن يعلم أنه ناجح لأنه نجم النجوم، في انتخابات تتحكم في مصائرها للأسف إلى حد كبير القوى الكروية… فانه يمثل على الجانب الآخر، امتهاناً وحجراً على وعي ورأى الناخبين، وخيانة لثقتهم وأصواتهم، حتى ولو كانوا من المحسوبين على تلك القوى الكروية، التى تفكر بأرجلها وحناجرها، أكثر مما تستعمل عضوها العقلى.

عندما اتوجه لصندوق الانتخابات يوم 17 ديسمبر الجاري، سأصوت ضد القائمة، ليس لانحيازي لبدراوي، فهو يعاني ارتباكاً، ولا يقدم بدوره برنامجا واضحا، واكتفى عوضا عن ذلك بممارسة العادة الحزبية في الحديث عن الفكر الجديد، ولكني سأسلط صوتي على كل من يحجر معنوياً على اختلافي معه، ومع اختياراته وحكمته، وكل من يساهم-عن وعي أو دون وعي- من أجل مصالح ضيقة لشخص أو لجماعة، فى تغييب قيم التعددية، التي هي جوهر الديمقراطية «الرمز» من وجهة نظري.

ولسبب آخر «خبيث» أملك الشجاعة على الاعتراف به، وهو اننى تواق متلهف أحر اللهفة، لرؤية ماذا سيفعل الكابتن بيبو، لو لم ينتخب الكابتن حمدي زميله في القائمة الموحدة، كابتنا- عفوا- رئيساً للنادى الأهلى.