قال المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس محكمة الجنايات دائرة الإرهاب كلمة قبل النطق بالحكم في قضية المتهمين بالشروع بقتل مدير أمن الإسكندرية وطاقم حراسته.
وتلا الآية “إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” صدق الله العظيم.
وقال: “لقد شرعت القوانين وسنة الأحكام من أجل حفظ الحقوق وصيانة الدماء الاعراض والاموال، ونهت عن التعدي والظلم والبغي من الانسان على أخيه الانسان، وجاءت الشريعة الاسلامية بأحكامها لتنشر الامن والآمان بين الناس، فحذرت حتى من مجرد ترويع المسلم وتخويفه، إذ يحذر رسول الله “من أن يشير إلي بالسلاح.
حتى لا يكون ذلك سببا في ترويعه وتخويفه، وإقلاق سكينته، أو سببا لسفك دمائه، وتعريضه للخطر، فيقول صلوات الله وسلامه عليه”من أشار على أخيه بالسلاح لعنته الملائكة حتى ينتهي وأن كان أخاه من ابيه وأمه”ن من يدعون للاقتتال بإسم غارقون في الأمنية الدينية، يريدون القتل خلسا وغدرا، يعيسون في الأرض فسادا، وترويعا للأمنين، بسبب تطلعهم إلي السلطة بالقوة، عن طريق إستقطاب شباب، والتلاعب بعقولهم وشحنهم نفسيا وعاطفيا بأفكار مغلوطة ومضللة لفهم الآيات القرأنية.
وغرس الجهاد في نفوسهم بمفهوم خاطيء، وأن الحكم وأعوانهم طواغيت وعدو صائل ينبغي مقاومته وقتله مما حولهم إلي متطرفين، بسبب ما وصل إليهم بالجهل المعرفي والسطحي بحقيقة الإسلام وتواصلت الكلمة بالقول ” يُروع الجميع بعمليات تفجيرية إجرامية، تخلف من ورائها مقتل ابرياء، برتكبها نفر، بحملون نفسيات غير متزنة، موازنيهم مختلة، روايتهم كاذبة، وحججهم فارغة، يرون لافساد إصلاحا، والإصلاح إرهابا، يتأرجحون مع أهوائهم، يميلون حيث تميل الريح، المصلحة هي الحاكم لسلوكهم، يقدمون مصالحهم الشخصية على مصالح مجتمعهم.
وأضاف قائلاً : “فإذا كان التحذير والوعيد من مجرد ترويع المسلم وتخويفه، فكيف من يستحل دم المسلم ويكون سببا في ترويع الناس ونشر الخوف في المجتمع بأفعاله، ولقد بلغ من تحريم الإسلام لهذه الجريمة النكراء، أن الله تعالي جعل قتل نفسا واحدة تعادل جريمة قتل الناس جميعا، وذلك لأن حق الحياة ثابت لكل نفس، فقتل واحدة من هذه النفوس يعتبر تعديا على الحياة البشرية كلها، فقال عز وجل “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.
وتابع : “كم من دماء سفكت، وكم من أم فجعت في أولادها، وكم من أب عاش حياة الخوف على أبنائه، وكم من زوجة سلبت الأمن والراحة خوفا علي زوجها، وكم من إنسان روع وخوف في أهله، وكم من يتيم فقد من يعوله، وكم من مجتمعا روع أبنائه بسبب تفجير هنا أو حرب هناك أو قع طريق أو سلب أو نهب أو تعد على الحقوق، أو إختطاف في هذا المكان أو ذلك، والله أسأل أن يعيذنا من الفتن وما ظهر منها وما بطن وأن يهدي من ضل من عباده إلي الهدى”.
وأضاف رئيس المحكمة أن المتهمين انضموا إلى جماعة إرهابية تدعو إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة بأعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الإجتماعي، وهي جماعة الأخوان الأرهابية وحركة حسم المسلحة التابعة لها، والتي توقن أن الحكام وأعوانهم طواغيت، وعدوا صائل ينبغي مقاومته وقتله، وأنه ينبغي تغير نظام الحكم بالقوة من خلال الاعتداء على المؤسسات العامة والافراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة والقضاء، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تحقيق أغراضها مع علمهم بها، وبوسائلها في تحقيق تلك الأغراض، وأفتوا بأنه لو نالت العملية مدنين حال مرورهم فهم غير مقصودين، ويبعثون على نيتهم.
وتابع القاضي كلمته : “قد أدي كلا منهم الدور المطلوب منه في هذه الجماعة الإرهابية فمنهم من أمدها بمفرقعات ومركبات ومعلومات، بقصد إستخدامها في جرائم إرهابية، ومنهم من قام برصد المؤسسات العسكرية، التابعة للشرطة والقوات المسلحة، ورصد بعض القادة العسكريين منهم قائد القوات البحرية ومقر إقامته والحراسة المرافقة له تنفيذا لإغتياله.
ورصد مبني الكلية الحربية بأبو قير، وقاعدة عسكرية بمنطقة طوسون ومعهد الدفاع الجوي، ونقطة شرطة عسكرية بالمعمورة ومعسكر الأمن المركزي بسيدي بشر، والمنطقة العسكرية الشمالية، ومكتب المخابرات، وقاعدة رأس التين العسكرية، ومديرية الأمن والأمن الوطني بمنطقة سموحة تمهيدا لإستهدافهم، وعقدوا العزم وبيتوا النية على قتل مدير أمن الإسكندرية، وأفراد حرساته وأعدوا لهذا الغرض سيارة ووضعوا بها عبوة مفرقعة تنفيذا لمخططهم الإرهابي”.
وأضاف :”إنها حادثة منكرة قام بها بعض الجهلة واعتدوا على رجال الأمن وقتلوا أثنين منهم وأصابو العديد من المواطنين المسالمين غدرا وظلما ولا شك في أن هذا الإعتداء منكر ومحرم بأدلة شرعية، قتلوهم بنفس وحوش الغابات الكاسرة، رجال الأمن الذين يبذلون الغالي والنفيس في حفظ الأرواح والأموال ويسعون جاهدين لمكافحة الجريمة واسترداد الأمن، أهكذا يعاملون وهكذا يشكرون، بأي ذنبا يقتل هؤلاء الأبرياء، من أي نبت أنتم أيها القتلة، ومن أي صلب أتيتم ، ومن أي تراب أنتم، قاتلكم الله أيها المجرمون، فنعم حياة بردع هؤلاء الذين يفكرون مجرد تفكير في الإعتداء على النفس، حياة يؤمن فيها كل فردا على نفسه، بأنه يعلم يقينا بأن هناك قصاصا عادلا، ينتظر كل من يتعدى حدود الله، الا وأن من الرحمة بالبشرية ردع هؤلاء وكفهم، وأن الشدة عليهم هي الرحمة التي جاء الإسلام لنشرها ووقف الطغاة في وجهها.
واختتم:”إن المجني عليهما ذهبا إلي ربهم وهما يشكيان غدر الغادرين وخيانة الخائنين، فأما أولئك النفر الذين كانوا وراء تلك الأعمال البشعة الغادرة، فحقيق بنا أن نعلها صريحة مدوية في وجه كل واحد منهم بلا تلجلج ولا مهاربة، أنكم ياغدرا أبعد ماتكونون عن تعاليم الإسلام وأن تمسحتم بها زورا وبهتانا، وأنكم لواقفين في يوما عظيم، مفزع مهيب أمام محكمة العدل الآلهية الحاكم فيها رب العالمين.
كتبت – نجوى عبد العزيز