يطرح انهيار شركة توماس كوك تساؤلات حول مدى ربحية نموذج عملها في الوقت الراهن الذي يشهد تزايد الاعتماد على الوسائل الرقمية في حجز تذاكر السفر بوسائل المواصلات المتنوعة والحصول على غرف في المقاصد السياحية.
تقول صحيفة فاينانشال تايمز إن توماس كوك التي بدأت نشاطها قبل 187 عامًا كانت صرحا عملاقا أخفق في التأقلم مع العصر الرقمي.
وكانت الشركة واحدة من الأسهم القيادية ضمن مؤشر فاينانشال تايمز 100. وهبطت أسهمها خلال السنوات القليلة الماضية جراء تغير ملامح الصناعة التي أسهمت في إنشائها من العدم.
ويقول مراسل فاينانشال تايمز آليس هانكوك إن توماس كوك تمتلك شبكة ضخمة تشتمل على ما يزيد على 500 فرع.
واستفادت الشركة من تغلغل هذه الشبكة وقدرتها على الوصول إلى الزبائن بسهولة،. لكن هذه الشبكة أصبحت تشكل مصدر عبء هائل وسببًا لاستنزاف مواردها المالية.
نموذج عمل عفا عليه الزمن
اعتمدت توماس كوك على نموذج عمل يتيح لها سداد مبالغ مالية مقدما نظير حجز غرف في الفنادق خلال فصل الصيف. كان هذا سبب في تكبيد الشركة خسائر كبيرة لأن شركات منافسة مثل On the Beach و Jet2 اتسمت بمرونة أكبر ساعدتها على التأقلم مع تغير طلبات الزبائن.
وحسب تقرير لوكالة بي بي سي، لا تمتلك توماس كوك الكثير من الأصول الملموسة مثل الطائرات أو الفنادق. وتسبب هذا، حسب تيم جينز رئيس مجلس ادارة مطار نيوكيو ايربورت، في الانهيار السريع في قيمة الشركة عندما لجأ الزبائن إلى شركات منافسة تعمل عبر الانترنت أو تفضيلهم حجز مقاعد في الرحلات الجوية والفنادق بأنفسهم.
العصر الذهبي
ارتبط انتعاش نشاط الشركة بنجاح بريطانيا في إقامة شبكة سكك حديدية اكثر سرعة مما ساعدها على تدشين رحلات إلى القارة الأوربية انطلاقا من بريطانيا بداية من خمسينات القرن التاسع عشر.
ويندرج الملصق التالي المنشور عام 1910 ضمن جهود الترويج عن هذه الرحلات التي امتدت لتشمل جميع بلدان العالم.
اسوأ عشر سنوات
بدأت توماس كوك تتعرض لمصاعب خلال العقد الحالي. وشهدت الفترة من تسعينات القرن الماضي حتى السنوات العشر الأولى من القرن الواحد والعشرين انهيار نموذج العمل المعتمد على نظام طرح الرحلات بنظام الحزم. وتسبب بدء انتشار الانترنت وتوفير رحلات طيران باسعار رخيصة في تراجع الطلب على هذا النموذج.
وفي 3 اغسطس 2011 تقدم المدير التنفيذي للشركة ماني فونتلا-نوفا استقالته برغم اتمام صفقة اندماجات مع شركات منافسة في فبراير 2007. تراكمت الديون على الشركة بسبب تورطها في سلسلة استحواذات مما أدى لإنهيار اسهمها بنحو 95 % خلال عام ليصل سعرها إلى 8 جنيه للسهم.
اعلنت الشركة مراجعة عملياتها في بريطانيا في خطوة اعتبرها المحللون دليلا على إقرار الشركة بفشل نموذجها المعتمد على شبكة أفرعها.
وفي 25 نوفمبر 2011 حصلت الشركة على قرض بقيمة 200 مليون جنيه استرليني للتغلب على أزمة سيولة هددت الشركة.
في 26 نوفمبر من عام 2014 تقدم هاريت جرين باستقالته كمدير تنفيذي للشركة برغم نجاحه في تحسين وضعها وصعود قيمة سهمها من 14 جنيه إلى 190 جنيه استرليني.
وفي 6 مارس 2015 اشترت شركة فوسون الصينية حصة مبدئية في توماس كوك التي تمكنت اواخر العام ذاته من تحقيق ارباح للمرة الأولى خلال 15 عاما.
في 26 مارس 2015 تسبب حادث اطلاق نار في منتجع سياحي في تونس في تقليص الطلب على الرحلات الى تونس التي تعد واحدة من أهم المقاصد السياحية للشركة. وحاولت تعويض خسائرها بالاعتماد على السوق الاسبانية.
وفي 27 نوفمبر 2018 اصدرت الشركة تحذيرين بتخفيض ارباحها بسبب تزايد مخاوف ناتجة عن تراجع انفاق المستهلك جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي بجانب تزايد مخاوف ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
في 16 مايو 2019 أوردت الشركة تعرضها لخسائر بقيمة 1.5 مليار جنيه استرليني بسبب تراجع مبيعات رحلاتها لفصل الصيف.
وفي 28 اغسطس 2019 ابرمت الشركة اتفاق بقيمة 900 مليون جنيه استرليني مع فوسون الصينية التي تحتفظ بأكبر اسهم وديون في الشركة البريطانية.
في 23 سبتمبر 2019 يتم الاعلان عن فشل محادثاتها من الدائنين وحملة اسهمها والحكومة البريطانية بسبب تصميم البنوك البريطانية على الحصول على تمويل اضافي بقيمة 200 مليون جنيه استرليني.