يأتى التحول الرقمى على رأس الأولويات التى تتجه لها الدولة مؤخرًا، من خلال ميكنة جميع القطاعات الحكومية، لتقديم خدمات أفضل وتسهيل وتنظيم العديد من جوانب الحياة اليومية للمواطنين.
ويسهم التحول الرقمى فى إنشاء روابط حديثة وأنظمة وتطبيقات متطورة مثل «إنترنت الأشياء» و«الذكاء الاصطناعي» والذى لا بد من اعتماده على منظومة اتصالات مؤمنة، تضمن الحفاظ على البيانات الحكومية مع استمرارية تقديم الخدمات بصورة مطمئنة ضد جميع المخاطر، مثل الهجمات السيبرانية على المرافق الحيوية للدولة، فى ظل التحديات الإقليمية والدولية.
«المال» تواصلت مع العديد من خبراء التأمين، الذين أكدوا أن الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة التى تم تدشينها فى 31 أكتوبر الماضى ساهمت فى تطوير القطاع بأسره وجلب مزيد من الاستثمارات له وخفض التعويضات المسددة للعملاء، حيث إنها ملاذ جديد للنشاط يعمل من خلالها على التطور.
وتوسّم الخبراء خيرًا فى نظام «الشبكة» الجديدة، حيث إنها تسهم فى الحفاظ على الأرواح والممتلكات والمرافق والمنشآت، وذلك ما يدفع شركات التأمين لخطط أكثر دقة فى تسعير المنتجات وسوق أكثر رحابة فى الاكتتاب، الأمر الذى سيرجع بانخفاض معدلات التعويضات على كل كيانات القطاع دونما فرق.
واقترح الخبراء توسيع دائرة ما أسموه بـ «تشبيك قطاعات الدولة»، كى لا تقتصر الرقمنة على مجال دون آخر، مما سيعود على جميع الجهات بالنمو والرقى والازدهار.
وأكد محمد الغطريفي؛ وسيط تأمين، إسهام الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة فى تقليل الخسائر والتعويضات التى تسددها شركات التأمين لعملائها، وذلك لأنها تعمل بطرق مميكنة وحوكمة شاملة، الأمر الذى ينعكس على سرعة تلبية الظروف العاجلة، مع انعدام أى مجال للخطأ.
وأضاف أن سرعة تلبية الطوارئ سوف ينعكس على حجم الخسائر التى تتبنى شركات التأمين التعويض عنها، حيث إن عامل الإنجاز فى السيطرة على الحوادث يقلل من الأضرار الواقعة.
وأشار إلى أن القائمين بالعمل فى الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة مجموعة من أكفأ رجال الإطفاء والمسعفين، الذين تم اختيارهم وتدريبهم على أعلى مستوى بعناية لتولى تلك المهمات التى تحتاج إلى مزيد من عوامل السرعة والكفاءة، وذلك ينعكس على قلة الأخطاء المؤدية لتلف بعض الممتلكات حال قيامهم بأعمالهم، مما سيكون ذا أثر إيجابى فى تقليل نسب التعويضات التى تسددها شركات التأمين.
وثمّن دور الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة فى تغطيتها لمعظم الأماكن بالدولة فى جميع المحافظات، وذلك ما يرجع على شركات التأمين بالإيجاب فى جميع فروعها، الأمر الذى يخفّض من حجم المطالبات التعويضية.
وأوضح أن سرعة الاستجابة التى تتبناها الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة يعد عاملًا هامًا لشركات التأمين فى تقليل تعويضات “الحياة”، حيث إن تلك العمليات تنعكس إيجابيًا على انتشال الأرواح من الهلاك، فالإنقاذ والتدخل الجراحى الناجز يقلل بدوره من عدد الوفيات، وبالتالى يقلل من فاتورة الخسائر المفروضة على مؤسسات القطاع وجهاته.
وأضاف أن تلك الشبكة ستبين لشركات التأمين الأماكن التى يمكن أن تصيبها المخاطر الطبيعية مسبقًا وحجمها، وسيكون ذلك ذو أثر إيجابى بالقطع، إذ يمكن للمؤسسات العاملة فى النشاط إخطار عملائها باحتمالية الضرر فى تلك المواقع ووجوب الحيطة والحذر، الأمر الذى يقلل من الخسائر فى كل ناحية.
وقال شريف محيي؛ مدير فرع دمنهور لشركة مصر للتأمين التكافلي، إن الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة هى العمود الفقرى لاتصالات الجهات الإدارية بالدولة، ويؤدى تعميم استخدام خدماتها وإمكانياتها وتطبيقاتها إلى تحقيق السيطرة الكاملة والتعاون بين جميع الجهات المعنية، فى إطار شبكة محمول لاسلكية متطورة مؤمّنة، طبقًا للمعايير العالمية لسرعة احتواء ومجابهة المواقف الطارئة.
وأضاف أن الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة تهدف إلى توحيد مجالات الاتصالات الخاصة بكل جهة حكومية، من خلال شبكة واحدة مؤمّنة تدعم التحول الرقمى الآمن وتحفظ خصوصية بيانات الدولة المصرية، وتتيح البيانات والمعلومات الدقيقة لمتخذى القرار على جميع المستويات وتحقق سرعة رد الفعل وتقليص زمن الاستجابة للحدث.
وأوضح أن الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة تعمل على توفير إمكانيات وخدمات وأنظمة متعددة لجميع الجهات الحكومية، فى القطاع الطبي، حيث تم تكامل الدوائر بين هيئات الإسعاف والرعاية الصحية والإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة، إذ أصبح بلاغ الطوارئ مميكنًا وموقوتًا، تتحرك جميع العناصر المعنية على إثره فى ثوانٍ معدودات.
وأشار إلى تطوير عربات الإسعاف والمسعفين، من خلال تجهيز المركبات بأنظمة اتصالات حديثة صوتية ومرئية، وربط الأجهزة الطبية داخلها بأقسام طوارئ المستشفيات التى غدت مميكنة.
ويعتمد النموذج المصرى لمنظومة إدارة الطوارئ والمخاطر على بنية أساسية مؤمّنة للشبكة ومنصة رقمية للتطبيقات المحمولة وأنظمة تكميلية ونهايات طرفية متنوعة، يتم إتاحتها بمراكز سيطرة موحدة «ثابتة ومتحركة» بالمحافظات والأقاليم، وصولًا إلى مركز السيطرة الرئيسى للدولة، والتى تم ربطها بمنظومة تلقى بلاغات المواطنين لسرعة رد الفعل تجاه جميع بلاغات المواطنين.
وأوضح أن مركز التحكم والسنترال الرئيس للشبكة هو عقل وقلب الشبكة والمسئول عن الإدارة الفنية والتشغيلية والتأمينية لكل الخدمات والأنظمة والتطبيقات المقدمة.
وتابع إنه يتم تحديد مكان المتصل برقم خدمات الطوارئ آليًا لأول مرة داخل الدولة، بناء على منظومة متكاملة لتلقى بلاغات الطوارئ، تستوعب كل المواطنين والوافدين، مع إنشاء مراكز لتلقى البلاغات فى كل أنحاء الجمهورية، كما تم التعاون مع كبرى الشركات العالمية والمحلية المتخصصة فى تلقى المكالمات للوصول إلى التصور النهائى لمنظومة بلاغات الطوارئ.
وتستهدف الشبكة – حسب محيي- القطاع الصحى بشكل أكبر، لتحقيق تأمين الخدمات الطبية للمواطنين بالشكل الأمثل، من خلال تنفيذ العديد من التطبيقات الصحية، مثل المؤشرات الحيوية للمرضى ومراقبة المخزون وبنوك الدم والأدوية والمستلزمات الطبية الحرجة.
وأكد أنه تم التعاون مع الوزارات المعنية بالبنية التحتية للمرافق الحيوية، مثل«النقل» وتم توفير شبكة الاتصالات اللاسلكية لمشروع المونوريل، فضلًا عن إنشاء «الكهرباء والطاقة» و«البترول والثروة المعدنية» غرف عمليات وتجهيز العناصر الميدانية، بالإضافة إلى تنفيذ بعض التطبيقات ذات الصلة بطوارئ التيار.
وأكد أن الجهات الحكومية المختلفة نسقت لاستغلال أبراج: «الاتصالات، والمنشآت، والتغذية الكهربائية» فى «الكود الموحد لاتصالات الإغاثة والطوارئ داخل المنشآت – ودراسة منظومة تلقى بلاغات الطوارئ الموحدة«.
وتعاونت الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة -حسب محيي- مع جميع الشركات العالمية والمحلية العاملة فى هذا المجال؛ دعمًا للاستثمارات الأجنبية وتشغيل الأيدى العاملة المصرية وفقًا للإجراءات التأمينية المعمول بها، فضلًا عن شركات المحمول المدنية فى مجال الأبراج التشاركية وتلبية مطالبها الخاصة بالتغطية بالأماكن الهامة.
وصرّح بأن المستفيد الأكبر من الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة هو شركات التأمين، فقد استفادت “الأولى” من خبرات الأكاديميات العريقة فى مجال تأهيل وإعداد جميع العاملين من الجهات الحكومية، من خلال إعداد برامج تأهيلية وتدريبية ونشر ثقافة إدارة الطوارئ والأزمات بالطرق.
وأشار إلى أن سرعة رد الفعل وتقليص زمن الاستجابة هما الهدف الرئيسى من إنشاء الشبكة، مما يضمن الحفاظ على البيانات الحكومية واستمرارية تقديم الخدمات بصورة مؤمّنة ضد جميع المخاطر، مثل الهجمات السيبرانية على المرافق الحيوية للدولة، فى ظل التحديات الإقليمية والدولية.
وتعمل الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بتكنولوجيا متطورة ذات مستويات تأمين متعددة، من خلال ما توفره من خدمات وتطبيقات تضمن سرعة الاستجابة للتعامل مع الأحداث الهامة وتحقيق التعاون والتكامل بين الجهات المعنية لإدارة المخاطر والطوارئ، مما يساهم بصورة كبيرة فى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين وتخفيض عدد الحوادث والتقليل من حجمها وتحقيق التعاون والتكامل بين الجهات المعنية والمساهمة فى دعم خطة التنمية للدولة.
وتؤدى سرعة معالجة ومواجهة الحوادث الطارئة التى قد تحدث فى جميع القطاعات الاقتصادية، إلى تقليل حجم التعويضات التى تتحملها شركات التأمين بكل الفروع، سواء «الممتلكات» أو «الحياة» مما يسهم فى تخفيض معدلات الخسائر لدى الشركات وزيادة ربحيتها وانعكاس ذلك بصورة إيجابية على الاقتصاد القومي.
وقالت داليا مصطفى؛ مدير حساب الشركات بـ«مصر لتأمينات الحياة» إن الهدف الأول للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة ربط جميع أركان الدولة ببعضها حتى تتمكن الوزارات والهيئات والمصالح من التعاون فى تقليل الأخطار والأضرار.
وتابعت :”يتم ذلك من خلال التعامل مع جهة واحدة تُعنى بالاستغاثات التى ترد إليها، ومن ثم توزع الأمر كما ينبغى على مختلف الجهات التى يمكنها تقديم المساعدات، مثل “الإسعاف” و”المطافئ” و”الشرطة””.
وأضافت أن الاتجاه العالمى يحتّم على الدولة تلك الخطوة فى ظل التحول الرقمى والحوكمة الشاملة، إذ يعد ذلك من أسس التطوير الذى يجب أن يكون.
وأشارت إلى أن الاتجاه العام المبدئى للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة قد جاء للحفاظ على أرواح المواطنين، لأنهم لبِنة المجتمع الأولى، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال منظومة شاملة تتخذ السلامة وتلبية طوارئ الأمور لها مُنطلقًا.
وأكدت أن هدف الشبكة يتمثل فى جمع مختلف البيانات عن الحوادث والكوارث، والتى يمكن أن تكون مرجعًا فيما بعد للجوء لها حال تلبية نداءات الطوارئ.
وحول بيان أثر الشبكة على التأمين، قالت إن الحد من الخسائر التى قد تنتج عن الحرائق والحوادث والكوارث الطبيعية يرجع على القطاع بتقليل التعويضات المسددة للعملاء، حيث يمكن تدارك المصائب قبل وقوعها وإنقاذ المزيد من الأرواح.
واقترحت استخدام الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة فى تسجيل المصانع والهيئات والمؤسسات المتمتعة بتغطيات تأمينية، ومن ثم يمكن رجوع شركات التأمين إلى تلك المعلومات فى إدراك مدى الحوادث التى تعرضت لها كل وحدة، وذلك فى ظل ندرة البيانات المتاحة عن تلك المجالات، مما يسهم فى معرفة الأخطار المتوقعة والأضرار المحققة لكل جهة، والذى ينعكس بدوره على واقعية التسعير، بدلًا من اعتماده على المتوسط، وحفاظًا على ارتفاعه أو انخفاضه.
وتقترح إضافة أنظمة شركات التأمين إلى الشبكة، مما سيرجع بأثر إيجابى على القطاع بأسره، حيث تستطيع كل شركة أن تصل إلى عملائها قبل تحقق المخاطر، وتوجيههم إلى المستشفيات والمراكز الطبية المتعاقدة مع تلك الكيانات، مما يرجع عليها بانخفاض حجم التعويضات.
وأكدت أن أثر تلك النقطة، أن يتم دعم الشبكة ماليًا بمختلف السبل، وذلك ما يرجع على الأخيرة بمزيد من الانتشار والرقي، وذلك بمزيد من الإمدادات الحيوية، مثل سيارات الإسعاف ومركبات المطافئ، وذلك يمكّن من تسجيل مزيد من البيانات على نظام الشبكة ومتابعة تطورات أصحابها، فضلًا عن أنه باتخاذ تلك الخطوة يمكن الرجوع إلى شركات التأمين المؤمّنة على أصحاب الحوادث وإمدادهم بالمعلومات الراجعة إلى العملاء.
ويمكن لكل فرع من التأمين استغلال الشبكة بما يفيد نطاقه وعملائه، وكذلك تغطية المخاطر الراجعة إليه والحفاظ على العملاء وممتلكاتهم.