في الثلاثين من يونيو 1946، دشّنت الكويت بدء تصدير أول شحنة نفط كويتي خام، عبر خط أنابيب إلى الناقلة “جندي بريطاني”، لتنضم الدولة بذلك إلى صفوف منتجي النفط الرئيسيين في العالم. ولكن، هل للتأمين دور في تنمية قطاع البترول عربيًا وعالميًا؟
لقطاع التأمين دور لا يستهان به في تنمية الصناعة البترولية، وتختلف أنواع وثائق تأمينات البترول وفقًا لمراحل إنتاجه، فمنها التي ترتبط بنشاط البحث أو التنقيب أو الاستكشاف، مثل تغطيات أجهزة الحفر البرية والبحرية والآبار، وهناك بوالص تتعلق بمشروعات إنشاء تسهيلات إنتاج البترول، مثل تأمين مشروعات إنشاء خطوط الأنابيب والأرصفة أو المنصات، وتركيب أجهزة استخراج الزيت الخام، والمعالجة الأولية، للتخلص من الأملاح والكبريت والماء والغازات المصاحبة للبترول.
وثائق التأمين المختلفة
قال أحمد إبراهيم؛ خبير التأمين الاستشاري ومدير إحدى القطاعات بشركة الكويت للتأمين، إن هناك وثائق ترتبط بمرحلة بدء إنتاج البترول واستخراجه من الآبار برًا أو بحرًا بعد انتهاء عمليات الإنشاء، وتختص تلك البوالص لمرحلة التشغيل، مثل “الأخطار المادية”، و”تكاليف التحكم في الآبار Cost Of Well Control Policy”.
وأشار إلى اختلاف الوثائق عن بعضها البعض، فإذا كان الإنتاج للتصدير دون استخراج مشتقاته، فتقتصر على تأمين أجهزة الإنتاج المثبتة بالبئر، وخطوط الأنابيب والخزانات وأجهزة إزالة الملوحة والماء ومعالجة الغازات، وفي حالة معالجة الزيت الخام لاستخراج مشتقاته فهناك تغطيات منفصلة لما يسمي بمصفاة تكرير البترول، والتي تنتج بنزين الطائرات Jet Fuel والبنزين عالي الأوكتين 95 و92 و80 والديزل والنافتا والكيروسين والمازوت المستخدم في أعمال رصف الطرق وتشغيل بعض محطات الكهرباء.
التأمين يغطى شركات الخدمات
ولفت إبراهيم إلى أن هناك وثائق تأمين متعلقة بخدمات البترول، وتقدم ميزات كثيرة ومتنوعة لشركات الإنتاج، مثل صيانة أجهزة الاستخراج، والآبار، وقياس المخزون، وتوريد الطفلة والأجهزة المساعدة أثناء الحفر، وفحص واختبار المواسير والأسمنت، وتمهيد الطرق للحفار، وتأجير الوحدات البحرية، وغيرها.
وأوضح أن هناك وثائق خاصة بمرحلة نقل الزيت والغاز المسال LNG داخليًا أو بين الدول، لتأمين شحنات بترول بحري متخصصة لنقل الزيت الخام بحرًا عن طريق Tankers أو ما يسمى LNG Ships وتنقل الغاز المسال بالخزانات الكروية إلى الدول المستوردة.
تغطيات الغازات البترولية
وأشار إبراهيم إلى أن هناك وثائق لصناعة البتروكيماويات، فقد يصاحب البترول خروج غازات، مثل “البروبان” و”البيوتان” (البوتاجاز)، وتختلف في تركيبها واستعمالاتها، وقبل اكتشاف أهمية الغاز كان يتم التخلص منها عبر خط أنابيب يُشعل من الغاز في صورة شعلات بالبر والبحر تسمي Flares، أما وحدات الحفر البرية، فتُغطى وفق شروط All Risks Oil & Gas Drilling Equipment Form (land).
وبيّن أن التأمين على وحدات الحفر يسير وفق نموذج تغطية جميع الأخطار للحفارات البرية والبحرية الخاص بالسوق الإنجليزية، وهو الشائع عالميًا، ويكون لوحدات الحفر أثناء نقلها وإعادة تركيبها من موقع إلى آخر، وأثناء الحفر والتخزين في حالة عدم التشغيل، فقد يكون التخزين بهدف الإصلاح الناتج عن حادث.
وأوضح أن التأمين يشمل كافة آلات الرفع والبكرات الحديدية وجسم الحفار وموتور التدوير والقائم المعدني الذي ينتهي بذراع الحفر ومانع الانفجار BOP المثبت للتحكم والمقاوم لكمية الضغط الناتج من الحفر القادم من باطن الأرض ومواسير وتانك الطفلة.
وأفاد بأن حفر الآبار Mud Drilling يُغطى ضد أخطار الانفجار والحريق والتلف الناتج من قوة تدفق الزيت وقت الانفجار، فقد يكون الانفجار مصحوبًا بالنار أو تلف الحفار، نتيجة عوامل خارجية مثل الظواهر الطبيعية.
التغطيات لا تشمل بعض المواقف والأحداث
وذكر إبراهيم أن وثائق تأمينات البترول لا تشمل الأجزاء التي العاملة تحت سطح الأرض، التي قد تلتصق بعضها بالصخور أثناء الحفر دون وقوع حادث انفجار ويصعب استخراجها، وإلا أن حالات الانفجار أو الحريق تعوّض تلك الأجزاء بالكامل.
واستطرد أن الوثائق لا تشمل خطر الإرهاب والتخريب والعنف السياسي والحروب والاستيلاء على السلطة والحرب النووية وغيرها.
تغطيات إضافية
وكشف الخبير التأميني أن هناك بعض التأمينات الإضافية في نشاط البترول والمرتبطة بالحفارات، كالمسئولية المدنية العامة، في حالة تسبب الحفار في أحداث تلفيات لممتلكات أو أضرار جسمانية تخص الغير، وتلتزم الوثيقة بسداد ما تحكم به المحكمة تعويضًا للمتضرر، وقد يصيب الحفار ممتلكات تخص المالك فيُعوّض المالك عن الأضرار التي تسبب بها.
وأضاف أن هناك كذلك تأمين مسئولية رب العمل عن عمال شركة الحفر، في حالة حدوث حالات وفيّات بين العمال، أو أضرار جسمانية أثناء العمل، كحفر الآبار، وبسبب صاحب العمل، ولا بد من ثبوت مسئولية صاحب العمل.
تأمين فقد الأرباح
وقال إبراهيم إن التغطيات الاضافية تشمل تأمين فقد الاستعمال الناتج من حادث، فقد يطلب مالك وحدة الحفر تأمين الأرباح المأمول جنيها من المشروع، لو لم يتوقف بسبب حادث يستلزم الإصلاح، وغالبًا يُنص على مدة محددة يُعوّض خلالها مالك الحفار، بنسبة تمثل مبلغ الوثيقة، وأرباح العقود الفائتة من توقف الحفار بسبب حادث، ومن المعروف أن توقف الحفار لأعمال الصيانة أو عدم التعاقد يخرج من نطاق التغطية.
وبيّن أن تغطيات تأمين الأخطار السياسية تختلف عن تغطيات العنف السياسي، وتُغطى عند تعاقد الحفار على أنشطة خارج بلده، وتلك الأخطار هي المصادرة والتأميم والاستيلاء والمنع من التصرف والحجز والتجريد من الملكية.
وأشار إلى أن هناك أيضًا تأمين الآبار Turn Key، فقد يطلب المالك تغطية البئر الذي يحفره مقاول الحفر، وفي تلك الحالة يحتاج المقاول إلى تأمين التحكم في الآبار إضافة إلى الحفار.