شهدت مدينة الأقصر انعقاد دورة استثنائية من مؤتمر التأمين الدولي، الذي نظمه الاتحاد المصري للتأمين بمشاركة إقليمية ودولية واسعة، تحت شعار “الشمول المالي والتأمين متناهي الصغر.. آفاق جديدة لمواجهة تحديات المناخ”. وجاء المؤتمر ليجمع نخبة من الخبراء وصناع القرار وممثلي شركات التأمين والمؤسسات التمويلية من مصر وأفريقيا وآسيا وأوروبا، لمناقشة سبل توسيع نطاق الشمول التأميني وتحقيق الاستدامة في ظل تغير المناخ والتحول الرقمي.
وانطلقت الجلسة الموازية الأولى برئاسة ديرك راينهارد من مؤسسة ميونيخ ري الألمانية، حيث ناقش الحضور أحدث الاتجاهات الداعمة للتأمين الزراعي الشامل، في ظل ما يواجهه المزارعون من آثار متصاعدة نتيجة تغير المناخ. وركزت الجلسة على تجارب دولية من رواندا والهند والمغرب ومصر، واستعراض أدوات التكنولوجيا والتمويل لدعم هذا القطاع الحيوي.
استعرض أيانديف ساها من KMD الهندية تجربة رواندا الناجحة في دمج الدعم الحكومي مع التمويل الزراعي، بينما أوضح الحلا نجم من المغرب أهمية التأمين ضد الكوارث الطبيعية في دعم صمود القطاع الزراعي. ومن مصر، عرض هاني موسى من شركة “إي فاينانس” دور الرقمنة في ربط التأمين الزراعي بالخرائط الذكية والأقمار الصناعية وتطبيقات التكنولوجيا المالية، مما عزز من سرعة التسعير ودقة تقديم الخدمات.
قنوات توزيع مبتكرة للتأمين: من التقليدي إلى الرقمي
في الجلسة الموازية الثانية، ناقش المشاركون التطورات المتسارعة في قنوات توزيع منتجات التأمين، برئاسة خالد إمام، نائب رئيس الهيئة القومية للبريد. وقد سلطت الجلسة الضوء على كيفية تحول القنوات من تقليدية إلى رقمية، ودور الشراكات مع مؤسسات البريد والتمويل متناهي الصغر والبنوك في توسيع قاعدة المستفيدين.
وشهدت الجلسة طرح تجارب من الإمارات وجنوب أفريقيا ومصر، ركزت على استخدام الهواتف الذكية، المحافظ الإلكترونية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في نشر منتجات التأمين للفئات غير المغطاة، خاصة في المناطق النائية، مع إبراز دور التأمين البنكي كأداة استراتيجية للتوسع.
مؤسسات التمويل متناهي الصغر كمحرك رئيسي للشمول التأميني
الجلسة الموازية الثالثة ترأّسها إلياس أوموندي من كينيا، وتناولت الدور المتنامي لمؤسسات التمويل متناهي الصغر في تحقيق الشمول التأميني.
تحدث الخبراء عن ضرورة مواكبة القطاع للتحول الرقمي، والتحديات التي تعوق إصدار الوثائق إلكترونيًا، وكيفية استخدام التكنولوجيا لتسعير المنتجات بدقة، وإصدار المطالبات بسرعة.
كما نوقشت أهمية تصميم المنتجات التأمينية بناءً على دراسات ميدانية دقيقة، والتحدي المتزايد لحماية البيانات الرقمية من الهجمات السيبرانية، إلى جانب تعزيز مرونة الشركات الصغيرة والناشئة في هذا المجال.
استراتيجيات الربح والخسارة في التأمين الشامل: المعادلة الممكنة
في اليوم الثالث، ترأّس ليمي مانجي جلسة عامة مهمة بعنوان “كيف يصبح التأمين الشامل مربحًا؟”، وشهدت مداخلات قيمة من خبراء من كينيا ورواندا ومصر. وجرى التركيز على تجارب تمكّنت من المواءمة بين الأثر الاجتماعي والعائد التجاري من خلال ابتكار المنتجات، وتوزيعها عبر قنوات غير تقليدية، وعقد شراكات مع الحكومات والجهات غير الهادفة للربح.
وأكد المشاركون أن الربحية لا تتعارض مع تحقيق الشمول إذا ما تم بناء نموذج أعمال مرن، مدعوم بالتكنولوجيا والبيانات الدقيقة، مع مراعاة احتياجات الشريحة المستهدفة من محدودي الدخل.
جلسة ختامية: توصيات ورؤية مستقبلية للتأمين الشامل في الأسواق الناشئة
اختتم المؤتمر أعماله بجلسة ختامية جمعت قيادات بارزة من قطاع التأمين والتنظيم، من بينهم علاء الزهيري، والدكتور طارق سيف، وديرك راينهارد، حيث تمت مناقشة الرؤية المستقبلية لصناعة التأمين في الأسواق النامية، وعلى رأسها السوق المصرية.
وأوصى المشاركون بضرورة بناء منظومة تأمين مستدامة وشاملة ترتكز على التثقيف والتمكين، مع تطوير التشريعات لدعم التحول الرقمي وتسهيل الوصول للمنتجات التأمينية. كما نوهت الجلسة بأهمية توفير البيانات التاريخية لدعم التأمين الزراعي، وتسريع الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي في تصميم وإدارة وثائق التأمين.