وصل النزاع طويل الأمد بين الصين وتايوان حول سيادة الجزيرة إلى ذروته، ونحن الآن على شفا حرب وشيكة، بحسب ما نقلته صحيفة ديلى ميل عن محللين.
وبالطبع، فإن لتلك الحرب فواتيرها الجديدة التى سيدفعها كل سكان الكوكب.
تضخم خارج السيطرة
يتخوف المستثمرون، بشكل خاص، من اندلاع صراع مسلح بين أمريكا والصين، القوتين الاقتصاديتين الأكبر فى العالم على الترتيب، لإدراكهم أن الحرب الاقتصادية بين الشرق والغرب يمكن أن تعيد تشكيل توقعات التضخم بشكل كبير وسط التوترات حول تايوان.
فالمستثمرون الذين يكافحون بالفعل الآن لمعرفة ما تعنيه التغيرات السريعة فى ظروف الاقتصاد الكلى بالنسبة للأسهم وأسعار السندات، يرون أن التوترات المتصاعدة حول تايوان بعد زيارة نانسى بيلوسى ستكون مصحوبة بتداعيات تضخمية كارثية فى العالم.
وتضيف التوترات المتصاعدة فى تايوان إلى الصدمات التى يعانى منها الاقتصاد العالمى، وكانت آخرها الحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبلها جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”، فى وقت تعانى فيه الأسواق العالمية من أوضاع هشة غير مسبوقة، ويعانى فيه العالم أجمع من ارتفاعات جنونية فى أسعار الغذاء.
وطالب زولتان بوزار الخبير الاستراتيجى فى مصرف “كريدى سويس” السويسرى، المستثمرين بالتفكير فى التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة (والغرب على نطاق أوسع) من جهة وبين الصين وروسيا من جهة أخرى، كجزء من حرب اقتصادية تزعزع استقرار مشهد التضخم العالمى الذى ظل منخفضا فى السابق ولعقود قبل أن يأخذ مسارا صعوديا فى الشهور الأخيرة.
ويرى بوزار أنه من المقبول على نطاق واسع أن هذه الموجة الحالية من التضخم تجيء مدفوعة بالعرض، والناجمة عن حرب أوكرانيا، ومشكلات “كوفيد-19” واضطرابات سلسلة الإمدادات العالمية.
وأوضح: “يجب أن تفكر فى الحرب الاقتصادية على أنها معركة بين الغرب الذى يحركه المستهلك، حيث تم تعظيم مستوى الطلب، والشرق الذى يحركه الإنتاج، حيث تم تعظيم مستوى العرض لخدمة احتياجات الغرب”.
ومن خلال هذا المنظور، يشير بوزار إلى إن البنوك المركزية لديها مهمة صعبة للغاية.
وأوضح أنه وبدلاً من محاولة زيادة التضخم فى عالم كانت فيه العولمة تخفض تكلفة العمالة والسلع، أصبح لدى تلك البنوك المركزية الآن مهمة إزالة الدوافع التضخمية الناتجة عن حرب اقتصادية معقدة.
فوضى تقنية
يرى الخبراء أن التوترات المتنامية بين الصين وتايوان ستقود على الأرجح إلى تعطيل خطوط إنتاج الرقائق الإلكترونية، وهو ما سيؤثر بالطبع وبصورة غير مباشرة على قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية فى العالم.
من جهتهم حذر خبراء من أنه إذا لم تستطع شركة “TSMC” إنتاج رقائق بنفس المعدلات الحالية، فسيؤثر ذلك بالفعل على إتاحة بعض الأجهزة التقنية الشهيرة فى موسم أعياد الميلاد المقبل- بيد أن التأثيرات الأكبر قد تظهر فى العام المقبل.
من جهته قال بن بارينجر، محلل أبحاث الأسهم فى مؤسسة “Quilter Cheviot” فى تصريحات أدلى بها لصحيفة “ديلى ميل” البريطانية إن السلطات الصينية ترغب على الأرجح فى الحفاظ على شركة “TSMC” والعقول البشرية التى تقف وراءها، حال سيطرت على الجزيرة، وذلك كى تتمتع بميزة على الشركات المتخصصة فى تصنيع أشباه الموصلات فى أمريكا وكوريا الجنوبية.
وأوضح بارينجر: “بفضل مكانتها الكبيرة جدا فى السوق والخبرة الواسعة التى تتمتع بها ودرجة تعقيد هذا القطاع التقنى الحيوى، على الأرجح أن تظل “TSMC” ذات أهمية استراتيجية بالغة لمن يحكم تايوان سواء الآن أو فى المستقبل”.
لكن يرى بارينجر أن الصين قد تلجأ إلى خيارات أخرى غير عسكرية فى تايوان، مثل فرض حصار محتمل على الجزيرة.
وفى هذا الصدد، قال بارينجر: “فى حين أن هذا لن يمنع “TSMC” من العمل، إلا أنه قد يفرض قيودا على الشركة ويحول دون أى تقدم تكنولوجى من جانبها”.
وأفاد بارينجر أيضًا بأن التأخير والنقص فى المنتجات الاستهلاكية سيحدث على الأرجح العام المقبل.