تراجع الجنيه السوداني إلى 196 جنيها مقابل الدولار الواحد فى السوق الموازى، صباح الأحد، قبل أن تنخفض قليلا فى وقت لاحق، لتفقد أكثر من 50 فى المئة من قيمتها منذ مارس الماضى.
وكان سعر الجنيه السوداني يتراوح، السبت، بين 181-183 مقابل الدولار الواحد، فى السوق الموازية.
وعزا تجار وخبراء اقتصاديون تحدثوا إلى “سكاى نيوز عربية هذا التراجع الكبير فى سعر العملة الوطنية إلى المضاربات التى يقودها تجار الذهب، الذين يقوم بعضهم بشراء المعدن الأصفر بقيمة تزيد 10 فى المئة عن سعره العالمي، بالإضافة إلى وجود نحو 95 فى المئة من النقد المتداول خارج مظلة القطاع المصرفي.
وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قد أشار السبت إلى وجود خلل كبير فى سياسات تصدير الذهب، لافتا إلى أن بعض التجار يعمدون إلى شرائه بسعر أعلى، وهو ما أدى إلى انفلات ملحوظ فى أسواق العملات.
العملات الصعبة مطلوبة بشدة
وفى ظل صعوبة التنبؤ بما قد يصل إليه الجنيه السودانى خلال الأيام القليلة المقبلة، أصبحت هنالك “هجمة شرسة “على العملات الصعبة وفقا لما قاله أحد تجار العملة الجائلين فى الخرطوم.
وأوضح التاجر أنه وعلى الرغم من الصعوبات التى يواجهونها فى ظل الحملات الأمنية المتواصلة، إلا أنهم يلجؤون إلى طرق عدة لتفادى هذه الحملات.
وأكد ان الطلب على الدولار والعملات الصعبة يفوق المعروض بشكل كبير.
وحول الفئات التى تقبل على شراء العملة الخضراء يقول التاجر، الذى تحدث إلى “سكاى نيوز عربية” مشترطا عدم ذكر اسمه، إن تجار الذهب هم الأكثر شراء للعملات الصعبة.
لكن هناك من ينافسهم، بحسب التاجر، مثل شركات أخرى تمتلك سيولة ضخمة، إضافة إلى مواطنين يسعون لتحويل مدخراتهم إلى العملات الصعبة فى ظل تدهور الثقة فى الجنيه السوداني.
أسباب الأزمة
ورأى محمد شيخون عضو اللجنة الاقتصادية فى قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية فى السودان، أن وجود أكثر من 95 فى المئة من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفى خلق مشكلات كبيرة فى سوق الصرف.
وقال شيخون فى حديث إلى “سكاى نيوز عربية” إن الحل يكمن فى اتخاذ قرار سريع بتغيير العملة الوطنية، من أجل السيطرة على الأموال الضخمة التى تستخدم فى المضاربات اليومية، مقدرا إياها بأكثر من 5 تريليون جنيه سوداني.
وحذر شيخون من استمرار المضاربات وتأثيرها السلبى على الاقتصاد الكلى الذى أصبح على حافة الانهيار.
وأشار إلى ضرورة دخول الدولة كمشترى للذهب، واتخاذ إجراءات عاجلة تضمن الاستفادة من تحويلات ما يقارب ال 9 ملايين مغترب، والتى يبتلعها حاليا السوق الموازى ولا تستفيد منها الدولة بالشكل المطلوب.
الأخطاء والمضاربات
وفى السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادى عادل عبد العزيز لـ”سكاى نيوز عربية”، إن خيار إنشاء بورصة عالمية لتجارة الذهب هو أحد أهم الخيارات التى طرحت منذ بداية تشكيل الحكومة الانتقالية، لكن لأسباب غير معلومة لم يجد هذا الخيار الاهتمام اللازم من الجهات المسؤولة.
بل إن الأمر تفاقم أكثر، وفق عبد العزيز، بعد القرار المفاجئ لوزارة المالية بمنح شركة بعينها حق تصدير الذهب واستيراد السلع الرئيسية دون خضوع الأمر لعطاء معلن، مما يتنافى مع مبادئ الشفافية التى قامت عليها ثورة ديسمبر.
وأضاف أن مضاربة مصدرى الذهب فى سوق العملات شكل خطراً كبيرا على الاقتصاد الوطني، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه السودانى بأكثر من 70 فى المئة خلال الأشهر السبع الماضية، وهو ما ساهم فى رفع معدلات التضخم إلى أكثر من 140 فى المئة، وتسبب فيالضائقة المعيشية التى نشهدها حاليا.
ويشير عبد العزيز إلى أن الشركات التى تصدر الذهب تعمل على دخول السوق الموازى كمشتر للدولار، وهو ما أدى إلى زيادة المضاربات فى سوق العملات والتى تشعلها أيضا الكتلة النقدية الضخمة المتداولة خارج النظام المصرفى.