تزداد حالة عدم الثقة بجانب فتور الحماس تجاه بتكوين بشكل أكبر مما يعكسه تراجع السعر في الوقت الحالي.
وتراجعت أكبر عملة مشفرة في العالم بشكل حاد لتصل إلى مستوى يتراوح حول 43 ألف دولار من أعلى مستوياتها التي سجلتها في نوفمبر بعد أن بلغت نحو 69 ألف دولار.
وتُظهر النظرة الفاحصة أسباب ذلك التراجع التي تتركز حول: انخفاض أحجام التداول، وانخفاض عدد العقود الآجلة المفتوحة التي لم تستحق بعد وتجميد العديد من الحسابات النشطة.
فتور الحماس تجاه بتكوين
وعند تجمع تلك العوامل معاً ترسم صورة واضحة لروح الإحباط التي سادت عقب انخفاض “بتكوين” من الذروة التي بلغتها الخريف الماضي بعد إطلاق أول صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة الأمريكية والذي يتتبع العقود الآجلة في الأصول المشفرة.
حيث تراجع أعداد المشترين – الذين يمثلون أبرز عوامل تعزيز أسواق العملات المشفرة – ولم تستطع السوق تعويض ذلك التراجع بشكل واضح بعد الانخفاض بنسبة 33% ولم يكن هناك مستثمرون جدد قادرون على ملء فراغ الخسائر المليارية التي تكبدتها السوق نتيجة صفقات البيع لتغطية الديون والتي تسببت في الانهيار المفاجئ الشهر الماضي.
قال جيم غريكو، العضو المنتدب في “رادكل” لتداول الأصول المشفرة: “تضخم حجم الاستثمارات المعتمدة على الاستدانة في السوق خلال الفترة من مايو حتى نوفمبر وتسبب ذلك في غرق العديد من المستثمرين لذلك يجب استبدالهم بأشخاص جدد والانتقال لمراكز جديدة”.
انحسار الإقبال على الشراء
تباطأ نشاط حجم تداولات “بتكوين” مع انحسار الإقبال والاتجاه الهبوطي الذي ساد السوق لعدة أشهر بعدما بلغ حجم التداول عبر البورصات 4.8 مليار دولار فقط يوم الثلاثاء الماضي أقل من 13.1 مليار دولار في العام السابق وأقل بكثير من المتوسط اليومي خلال العام البالغ 9.2 مليار دولار تقريباً حسب بيانات “كايكو” التي جمعتها “ميساري شو”.
منذ ديسمبر، لم يتجاوز حجم التداولات 10 مليارات دولار وتزامن ذلك مع انخفاض سعر “بتكوين” بعطلة نهاية الأسبوع بأكثر من 20% في دقائق معدودة ليعيد للأذهان السمعة السيئة لتذبذب العملة.
وتشير بيانات موقع “كوين غلاس” إلى تصفية مراكز استثمارية قصيرة وطويلة الأجل تقارب 2.4 مليار دولار من الانكشافات على “بتكوين” أثناء ذلك الانخفاض.
وتقول آية كانتوروفيتش، رئيسة الانكشافات المؤسسية في “فالكون إكس”: “كنا نرى قبل ذلك عدداً من الصناديق الأمريكية وشركات داعمة وصناديق تحوط تتخذ مراكز استثمارية تتضمن مخاطرة في الساعات الأخيرة من العام ولكن ما رأيناه هذا العام انخفاض نسبي بأحجام التداولات مقارنة ببداية الشهر الماضي وأعتقد أن ذلك محور تساؤلنا، هل ما زلنا نتجنب المخاطرة أم نخاطر؟”.
سوق العقود الآجلة
الوضع مماثل بسوق العقود الآجلة، فبعدما ارتفعت الأسعار لأعلى مستوى على الإطلاق وبلغت العقود الآجلة المفتوحة على عقود “بتكوين” الآجلة في “بورصة شيكاغو التجارية” 17.4 مليار دولار بنهاية أكتوبر انخفضت حالياً بنسبة 39% لتبلغ نحو 10.6 مليار دولار.
ويرجع زخم العقود الآجلة إلى اطلاق أول صندوق مؤشرات متداولة للعقود الآجلة للبتكوين في الولايات المتحدة منتصف أكتوبر وسط توقعات بأن يكون أحد أكثر الصناديق تداولاً على الإطلاق.
لكن الحماس سرعان ما تضاءل بعد جذب أكثر من مليار دولار خلال يومين فقط لتبلغ إجمالي قيمة الأصول الخاضعة للإدارة في صندوق “بروشير بتكوين استراتيجي” للمؤشرات المتداولة 1.2 مليار دولار.
وكتب سام دوكتور كبير مسؤولي الاستراتيجيات ورئيس الأبحاث في “بيتودا” في مذكرة بحثية: “يرتبط إطلاق الصندوق بقوة مع زيادة الاهتمام بالعقود الآجلة المفتوحة ما دفع إجمالي قيمة الأصول المدارة لدى شركة سي إم إي في الأسبوع الأول من الإطلاق وقد تراجع الاهتمام بالعقود الآجلة المفتوحة مؤخراً ليعود في الأسبوع الأخير من ديسمبر إلى مستويات ما قبل إطلاق صندوق المؤشرات المتداولة رغم توقعنا ارتفاع العقود الآجلة المفتوحة مرة أخرى مع انتهاء فترة العطلات”.
انحسار السيولة على الأجل القصير
توقف نمو أعداد الحسابات النشطة وسط حالة الاحباط –مؤشر على نشاط التداول – أيضاً، حيث تشير بيانات “كوين متريكس” التي جمعتها “ميساري” إلى انخفاض الحسابات النشطة إلى 971 ألف حساب مقارنة بعدد 1.2 مليون حساب قبل عام.
وتتوقع كانتوروفيتش أن يمهد ذلك التراجع لانحسار السيولة في الأجل القصير بشكل حاد على غرار الانهيار المفاجئ في ديسمبر.
وقالت كانتوروفيتش: “يعني تراجع الحسابات النشطة زيادة الأصول المخزنة دون نشاط وكلما انخفض حجم تداول عملة بتكوين زاد التقلب الذي يمكن أن تتوقعه في البورصات مع انحسار السيولة وتراجع الطلبات”.
وأضافت كانتوروفيتش: “يمكنك أن ترى انهيار سريع للغاية في وقت قصير للغاية يؤدي لتقلص العقود الآجلة المفتوحة في السوق بسرعة كبيرة جداً على غرار ما رأيناه في ديسمبر”.