تباينت آراء الخبراء والمطورين العقاريين، حول أنظمة التقسيط التى اتجهت العديد من الشركات إلى تقديمها، والتى تصل إلى 13 سنة، فقد حذر البعض منهم من خطورة هذه الأنظمة على العملاء؛ لأن الشركات التى تقدمها ليست ذات ملاءة مالية كافية لتمويل مشروعاتها، لذلك تلجأ إلى طرق وأساليب مختلفة للتمويل، كما أن خطورتها تكمن فى ارتفاع قيمة الفائدة، إلى جانب حرمان العميل من مميزات التخفيض.
فيما رأى البعض الآخر أن هذه الأنظمة قد تتناسب مع بعض العملاء من محدودى الدخل، والذين يسعون إلى شراء وحدات بنظم تقسيط تناسب دخولهم الشهرية، وتعد أحد مميزات هذه الأنظمة هو تقديم الشركة وحدات بمعايير ومواصفات جيدة، حتى لا يحدث خلل طوال مدة التعاقد مع العميل.
وأثنى الخبراء على القرارات التى اتخذتها الدولة فيما يتعلق بدعم القطاع العقارى وتطويره، وأهمها المبادرات التى يطرحها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وآخرها مبادرة توفير وحدات على أقساط تصل إلى 30 سنة بفائدة %3 وهى تناسب محدودى الدخل، وسوف تساهم فى انتعاش القطاع العقاري.
قال هانى العسال، رئيس مجلس إدارة شركة مصر إيطاليا للتنمية العمرانية، إن فكرة التقسيط فى العاصمة الإدارية الجديدة تكون مفيدة، لأن بعض المطورين بيحاولون مسك العصا من المنتصف، لكى يتغلب على عدم قدرته على البيع بنظم تقسيط مختلفة، لذلك يلجأ إلى إقامة شراكة مع آخرين، بهدف التغلب على العراقيل التى تواجهه هذا الخصوص.
وأضاف أن هناك مساعى أيضًا من بعض المطورين لمشاركة الدولة فى مشروعاتهم، على أن تدخل الدولة بالأرض والمطور بالإنشاءات، وذلك للتغلب على الفجوة الكبيرة التى يواجهها فى الإمكانيات المالية التى يحتاجها فى تنفيذ مشروعه أو فى نظم التقسيط المستخدمة فى عمليات البيع.
ولفت العسال إلى أن هناك فجوة كبيرة فى تمويل مشروعات العقارات، لأن شركات التمويل العقارى تحتاج إلى تعديل الأنظمة الخاصة بها بما يتوافق مع المتطلبات الحديثة للسوق العقارية، هذا إلى جانب عدم القدرة على إقناع البنوك بتمويل المشروعات العقارية، وذلك لأن أغلبها بنوك توريق وليست بنوك تصنيع.
وتابع أن السوق العقارية المصرية تحتاج إلى أكثر من 80 بنكا متخصصا فى تمويل العقارات، وذلك لأن السوق المصرية كبيرة جدا، وتستوعب الكثير من أنظمة التمويل المختلفة، وهى تحتاج إلى هذا العدد من البنوك وربما أكثر، إلا أنه حتى لا يوجد غير بنكين فقط متخصصين فى العقارات، مشيرًا إلى أن قرار البنك المركزى بتمويل الأراضى التى يتم شراؤها من الدولة.
ودعا إدارة العاصمة الإدارية الجديدة إلى أن تستوفى مستحقاتها وحدات من المطورين العقاريين لسد العجز الموجود لدى الدولة، وتقديم هذه الوحدات لمحدودى الدخل أو موظفين الدولة العاملين فى العاصمة أو مناطق قريبة منها على أن تقدمها لهم الدولة بنظم التقسيط التى تناسبها وتناسبهم.
وتابع: الشركة أو المطور العقارى هدفه الربح لذلك لا يستطيع أن يقدم وحدات تناسب محدود الدخل، لكن الدولة تستطيع أن تحصل على حصتها أو مستحقاتها وحدات وتعيد بيعها كيفما تشاء؛ موضحا أن هذا المقترح تم طرحه على الحكومة، وفى انتظار الموافقة عليه.
وأشار إلى أن القانون المنظم لقطاع العقارات والذى من المتوقع صدروه خلال فترة قريبة تضمن كل ما يتعلق بقطاع العقارات، وكل ما ينظم العمل بهذه المهنة.
وأفاد بأن هناك قرارات اقتصادية وأخرى سياسية، بتصدرها الدولة بهدف المساعدة فى استكمال نهضة وبناء مصر، منها على سبيل المثال قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بدعم السلع الاستهلاكية بـ10 مليارات جنيه، وقرار محافظ البنك المركزى لدعم العقار بـ50 مليارا.
وأيضًا قرار رئيس الوزراء، بتفعيل مبادرة المشاركة بين القطاع العام والخاص، وهذه المبادرة تبناها الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان، وتم تطبيقها من خلال شركة طلعت مصطفى التى حصلت على 5000 فدان فى حدائق العاصمة بعد مدينة بدر، بالمشاركة مع وزارة الإسكان بالأرض مقابل الوحدات.
وقال المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة، إن القطاع العقارى بدأ فى مرحلة التعافى الفترة الأخيرة، بعد أن استطاع تخطى أزمة انتشار فيروس كورونا التى أثرت سلبًا على كثير من الشركات العاملة فى المجال.
وتوقع البستاني، أن يشهد العام 2021 طفرة كبيرة فى الإنشاءات والمبيعات بعد أن استطاعت الدولة أن تتخطى أزمة كورونا من خلال الإجراءات الوقائية والاحترازية التى اتخذتها الجهات المعنية، والتى أشادت بها وزارة الصحة العالمية.
وأشار رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة، إلى أن قرار تقسيط العقارات بالعاصمة الإدارية الجديدة يعد من القرارات الصائبة التى اتخذتها الدولة، وتصب فى مصلحة المواطن، وهذا يؤكد مدى اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بمحدودى ومتوسط الدخل.
وأوضح أن الشركات التى تقدم أنظمة تقسيط حتى 13 سنة، بعضها لديها ملاءة مالية تسمح بهذا النظام، وذلك حسب قدرته على تمويل مشروعاته، سواء بالجهود الذاتية أو عن طرق البنوك أو من خلال الأقساط والدفعات المقدمة.
وأضاف أن بعض الشركات التى ليس لديها ملاءة مالية مناسبة أو القدرة على تمويل مثل هذه الأنظمة تلجأ إلى طرق وأساليب أخرى من خلال تسكين المشروع خلال 3 أو 4 سنوات، والاعتماد على الدفعات المقدمة وأقساط الوحدات، ولكن بنسبة كبيرة تستطيع من خلالها توفير تكاليف الإنشاءات وثمن الأرض، ثم أرباح المشروع يستطيع تحصيلها على سنوات طويلة حسب دخل الأقساط.
وأكد أن طول مدة التقسيط تزيد تكلفة إضافية على العملاء؛ لأنه كلما زادت عدد سنوات التقسيط ارتفع سعر الوحدة أو العقار، وزادت قيمة الفائدة المدفوعة على الأقساط، قائلا: إن المفيد للعميل والأوفر له أن يشترى بأنظمة تقسيط تشمل عدد سنوات أقل حتى يستطيع أن أن يستفيد من التخفيضات والخصومات المقدمة.
ومن جانب آخر، حذر من وجود خطر على العملاء من التعامل مع صغار المطورين والمسوقين الذين ليس لديهم المعرفة الكاملة بالسوق العقارية، وليس لديهم سابقة أعمال، مؤكدا أنه يجب على العميل أن لا ينساق وراء الدعاية الزائفة، وأن يصطحب معه محاميًا ومهندسًا للتأكد من الموقف القانونى والإنشائى للوحدة.
وحول تمويل البنوك للمشروعات قال، إنه يجب أن تبدأ البنوك تمويل العقار عن طريق التقدم فى الأعمال، من خلال تمويل الإنشاءات والمرافق، وأيضا التشطيبات، وليكن مثلا على ثلاث سنوات، ويشترط أن يكون التمويل يقابله إنشاءات على أرض الواقع، حتى لا يكون البنك ممولا لوحدات ليست موجودة.
وطالب البنوك بضرورة الدخول بتلك المشروعات، لأن لديها فائض أموال كبير جدا، ويجب أن تمول الوحدات خلال مرحلة الإنشاءات، وليس بعد تنفيذها لأن المطور ليس مستفيدا من تمويل الوحدة بعد الإنشاء.
وفيما يتعلق بالمنصات، كشف عن قيام جمعية مطورى القاهرة الجديدة بتأسيس تحالف يضم مجموعة من الشركات لتنفيذ عدد من المشروعات فى العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى تأسيس تحالفات أخرى للدخول أيضًا فى مشروعات العاصمة الإدارية.
وأضاف البستاني، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأ ينظر باهتمام من خلال المبادرات التى أطلقها من أجل دعم القطاع العقاري، ودعم المواطن من أجل الحصول على وحدة بتيسرات وتسهيلات تناسب دخله.
وأكد رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، أن المبادرة التى أوصى الرئيس محافظ البنك المركزى بإطلاقها، والتى تتضمن توفير وحدات لمحدودى الدخل بالتقسيط على 30 سنة، وبفائدة مخفضة لا تتجاوز الـ %3 تعد مبادرة غير مسبوقة فى تاريخ السوق العقارية.
وتابع البستاني: أن المبادرة سوف تنعش القطاع العقارى بصورة كبيرة، كما أنها ستسهم فى تلبية احتياجات تلك الشريحة فى الحصول على وحدة مناسبة بفائدة منخفضة، وعلى فترات سداد طويلة.
ولفت إلى أن المطور العقارى يجب أن يكون عنده سابقة خبرة وسابقة أعمال وملاءة مالية تناسب حجم المشروعات التى يريد تنفيذها وقدرته على تسليم الوحدات فى مواعيدها المحددة، قائلا: إنه يجب على عميل قبل شراء الوحدة أو العقار أن لا ينساق وراء إعلان المضللة والخادعة على مواقع السوشيال ميديا، وخاصة الشركات أو الكيانات التى تدعى أنها من أول الشركات العاملة فى المجال أو أن لها حجم أعمال مبالغ فيه.
وطالب الدولة بالتحرى عن الكيانات التى تمارس مهنة التطوير العقارى لمعرفة مدى الجدية، والالتزام فى تنفيذ المشروعات وفق المواصفات المعمول بها، وأيضا الالتزام بمواعيد التسليم، لحين صدور القانون المنظم للسوق العقارى ومهنة التطوير العقاري، داعيًا إسناد المشروعات وقطع الأراضى التابعة للدولة لشركات لديها الملاءة المالية، والقدرة على تنفيذ المشروعات.
من جهته، قال محمد الباسطي، المدير التنفيذى لمجموعة نون العقارية، إن فكرة التقسيط على سنوات طويلة غير مجدية أو مفيدة للعميل، لأن الشركات التى تقدم أنظمة تقسيط تصل إلى 13 سنة سوف تفقد أكثر من %50 من قيمة الوحدة قبل مرحلة التسليم خلال مدة 3 أو 4 سنوات، وهى المدة التى يتم خلالها إنشاء المشروع.
ولفت إلى أنه من ضمن الأضرار التى يتعرض لها العميل أن الفائدة على المدد الطويلة تكون مضاعفة، بالإضافة إلى أن العميل يفقد ميزة الدفع الكاش أو بالدفع بنظام تقسيط على سنوات أقل، والتى من خلالها يستطع الحصول على تخفيض يصل إلى %50.
وتابع أن أى تمويل لأنظمة السداد على مدد طويلة يتحملها العميل وحدة، قائلا: إن الاستفادة الوحيدة قد تكون فى قيام الشركة بتقديم جودة منافسة؛ لأن التقسيط لسنوات طويلة يجبرها على تقديم مواصفات جيدة.
ولفت إلى أن الشركات الصغيرة لا تستطيع الحصول على مشروعات فى العاصمة الإداية الجديدة، نظرًا لأن حجم الأعمال هناك يفوق قدراتها وملاءتها المالية، ولكن بعضها يدخل فى شراكات وتحالفات حتى تستطيع الحصول مشروعات هناك.
وأشاد بجميع القرارات التى اتخذتها الدولة خلال الفترة الأخيرة، والتى انعكست بشكل جيد على القطاع العقاري، وأيضا الشركات والمطورين العقاريين.
وفى سياق متصل، قال عمرو سليمان، عضو مجلس الإدارة ومدير التسويق بشركة «Scope» للتنمية العمرانية، إن تكاليف العقار تتكون من 4 عناصر، منها قيمة الأرض، وتكاليف وقيمة الإنشاءات، وقيمة الأرباح.
وأضاف أن هناك شركات لا يوجد عندها القدرة على إعداد دراسات جدوى، وهذا يمثل كارثة كبرى للسوق، وخاصة أنها تبيع بأنظمة سداد 13 سنة، قائلا إنها تعمل على تجميع جزء من هذه الأقساط لتمويل الإنشاءات، وهذه الأنظمة لا تتناسب مع الشركات الكبيرة، لأن أخر مدة للتقسيط عندها 10 سنوات فقط، بمقدم يصل إلى %40 و%70 عند الاستلام.
وحذر من خطورة التعامل مع الشركات التى تبيع بمقدم يصل إلى %5 قائلا: إن العميل فى هذه الشركات يواجه مشاكل منها، توفير وحدات ذات جودة أقل، ولا تتوافق مع المواصفات المعمول بها فى نظم البناء، إلى جانب عدم الاستفادة من مميزات الخصومات والتخفيضات التى تقدمها الشركات الكبرى.