يمثل حكام كرة القدم في مختلف دول العالم المادة الخاصة للنقد التي يستخدمها كل من وسائل الإعلام والجماهير، لإبداء غضبهم من المستوى الفني لهم، إضافة لتحميلهم سبب نتيجة مباراة ما دون النظر إلى الأداء الفني للاعبين، وهو واقع معروف على مستوى العالم لكنه في مصر أكثر قسوة.
ويُعد الجدل التحكيمي لمباريات كرة القدم هو صراع قائم على مر العصور، فرغم التحديثات التي شهدتها كرة القدم الحديثة، إلا أنّ الحكم ما زال بين موقفين إما جان أو مجني عليه، وفي كلتا الحالتين يظل الحكم صامتًا تجاه ما يحدث من حوله لأنه “قاض”، لا ينطق إلا بالحكم، ولا يعلق عليه.
ويُعد الحكم في رياضة كرة القدم، هو المشرف على الفعالية الرياضية، فله سلطة في اتخاذ قرارات وتطبيق القوانين وإعلان النتيجة، من وجهة نظر محايدة.
وعن عدد الحكام في الدوري المصري، علمت “المال” أن القائمة المُسجلة داخل لجنة التحكيم التابعة للاتحاد المصري لكرة القدم تضم أكثر من 29 حكمًا للساحة إضافة إلى نحو 40 حكمًا مساعدًا خلال الموسم الجاري.
7 آلاف جنيه للمباراة
ورغم كل هذه الانتقادات التي تنال من الحكم وفي بعض الأحيان تصل إلى السبّ لشخصه بسبب قرار ما خلال إحدى المباريات، لم يتسنَ لأحد أن يعرف كيف تدار المنظومة التحكيمية داخل مصر، وهل يتقاضى الحكم راتبًا كافيًا له أن يتفرغ لوظيفة التحكيم ويطّور من نفسه فنيًا وبدنيًا، أم أن الأمور المالية تدار بشكل ما غير ما تقوم به إدارات التحكيم في مختلف باقي دول العالم؟.
ووفقًا للائحة المالية للحكام في مصر والتي اطلع عليها “المال”، فإن حكم الساحة في بطولة الدوري المصري الممتاز يتقاضى نحو 7000 جنيهًا وذلك في المباراة الواحدة، مقابل 5 آلاف للحكم المساعد ومثلها لحكم تقنية الفيديو.
وبالنظر إلى ما يتحصل عليه الحكام في المنطقة العربية، وتحديدًا في المملكة العربية السعودية، فإن حكم الساحة يتقاضى نحو 31 ألف جنيه مصري تقريبًا، بينما يجني الحكم المساعد نحو 26 ألف جنيه وذلك وفقًا لتقرير صد عن صحيفة “الاقتصادية” السعودية.
الأجور متفاوتة بين الحكام.. وخبراء: “بياخدوا ملاليم مقابل ملايين للاعبين”
أكد الحكم الدولي السابق جهاد جريشة أن الحكم الرئيسي يتقاضى نحو 7000 جنيهًا، بينما يصل الحكم المساعد لنحو 5500 جنيهًا، أمّا حكم تقنية الفيديو يصل راتبه لنحو 4500 جنيهًا في المباراة الواحدة.
وأوضح جريشة خلال تصريحات خاصة لـ”المال” أنّ تلك الأرقام متقاربة للغاية بين حكام الدوري المصري، مُبينًا أن هذه الأجور “ضعيفة” مقارنة بتخصيص أجر ثابت للحكام، إلا أنّ الأمر الأخير يصعب تنفيذه في مصر، لذلك يتجه الحكام للبحث عن عمل إضافي من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم.
ويرى جريشة، أن التحكيم في مصر على المستوى الفني يحتاج إلى التطوير مثله مثل العديد من الجوانب الرياضية التي تحتاج إلى تطوير داخل الكرة المصرية، مُبينًا أن هناك الكثير من الأوقات الجيدة التي مر بها التحكيم ولكن كان هناك العديد من الإخفاقات التي شهدها التحكيم المصري، خاصة مع الموسم الأخير المنقضي.
واختتم جريشة حديثه: “الكل كان بيشتكي من التحكيم، تعاقدوا مع كلاتينبرج الخبير الأجنبي ولكن الأمور لم تسير حتى الآن على الطريقة التي يريدها الجميع، ولكن دعونا ننتظر جميعًا 9 أسابيع حتى نستطيع الحكم على التجربة بشكل جيد، ولكن إلى الآن لا زالت الأخطاء التحكيمية جسيمة داخل مباريات الدوري وتؤثر بشكل كبير على نتائج اللقاءات”.
من جهته؛ أشار الحكم محمد صلاح عبدالفتاح، إلى أنّ أجور الحكام في مصر متفاوتة وغير ثابتة، وترجع للدرجة التي يقوم بالتحكيم فيها، حيث إن هناك العديد من حكام قطاعات الناشئين بتقاضون ما يُسمى بالمكافآت المالية وليست رواتب مثل حكام الدرجة الأولى والثانية.
وأوضح أن أجور الحكام باختلاف مستوياتها لا تمثل ميزانية ضخمة مقارنة بما يحصل عليه اللاعبين المتواجدين داخل نفس أرضية الملعب، وبالتالي ليس هناك ميزان للعدالة في مثل هذه الأمور المهمة، والتي تؤثر بشكل كبير على الحكم المرتبط بالعديد من المسؤوليات الاجتماعية التي تفرض عليه ضرورة البحث عن مصدر للدخل آخر إلى جانب التحكيم.
وعن رأيه في مستوى التحكيم المصري، قال صلاح خلال تصريحات لـ”المال”: “التحكيم المصري تاريخه متميز على المستوى الدولي والقاري، ولكنه يمر بأزمات متعددة خلال الفترة الأخيرة”.
وعدد الحكم المصري المعتزل أسبابها تراجع الأداء والأزمات بـ”سوء تنظيم المسابقة، عدم حماية عدد كبير من الحكام من جانب اللجنة المعينة بذلك، وانخفاض معدلات اللياقة البدنية لدى بعض الحكام”.
ويتفق محمد رشدي الرُخ، أحد حكام منطقة القاهرة، مع رأي الحكم المصري المعتزل، إذ يرى أنّ أجور الحكام في مصر متعارفة للجميع وليس أمر سري، وتختلف وفقًا للمنافسات التي يظهر فيها الحكام، حيث يتقاضى حكم الساحة في الدوري الممتاز 7000 جنيهًا، ويختلف وفقًا للمسابقة، ويصل الأمر إلى تقاضي بعض حكام دوري الناشئين لنحو 200 جنيه في المباراة الواحدة.
واستطرد الرُخ خلال حديثه لـ”المال”: “قد يحصل حكم على مبلغ يصل إلى 10-15 ألف جنيه شهريًا، مقابل حكم أخر لم يتولى سوى مباراة واحدة على مدار الشهر فيتقاضى نحو 7000 جنيه كحد أقصى”.
وعن مستوى التحكيم في مصر، أضاف الرُخ: “هناك العديد من الحكام المتميزين في مصر، وعبر الأجيال السابقة شهدت المنظومة تواجد كوادر قوية وتتمتع بإمكانيات فنية عالية وفي مقدمتهم جمال الغندور، عصام عبدالفتاح ووجيه أحمد، إضافة إلى محمد معروف وأمين عمر من الجيل الحالي للحكام”.
وعن كلاتنبرج، أشار الرُخ أن الخبير الأجنبي قادر على تغيير الوضع بخبراته، وبالفعل هناك تغير ملموس الكثير من الأندية والجماهير تشعر به، وسيكون له أثرًا إيجابيًا على مدار الموسم الحالي، وخلال المواسم المتعاقبة.