عودة تلاحم مصر والسودان على بدء.. ضرورة إستراتيجية

عودة تلاحم مصر والسودان على بدء.. ضرورة إستراتيجية
شريف عطية

شريف عطية

7:03 ص, الخميس, 18 مارس 21

حسنًا، أن تستأنف العلاقات المصرية- السودانية مسارًا متجددًا.. يصل ما تباعد فى السابق من أواصر التكامل التاريخى بينهما، ذلك من بعد اختيار السودانيين الاستقلال بمصيرهم عن مصر منذ استفتاء 1956، ليعاصر البلدان منذ ذلك التاريخ حقبة من التحديات المشتركة- كان بالإمكان تجاوزها لو لم تتراوح علاقتهما خلال العقود الأخيرة ما بينمقاربات على استحياء، إلى الإعراض المتبادل أحيانًا.. وبين احتدام الخلافات بينهما فى أحيان أخرى، ولغير صالحهما، ذلك إلى أن شهدت الفترة الحالية ما يدفع زخم علاقتيهما إلى الأمام، من بعد تردّيها غير المسبوق منذ يونيو 1989(انقلاب «البشير»- «الترابى»)، إلى أن توازت حقبتاهما الانتقاليتان أعقاب ثورتيهما، 2013 و2019، ذات المكونين المدنى والعسكرى، إذ ألقت على البلدين مسئولية الارتقاء بأحوال أوضاعهما الداخلية- جنبًا إلى جنب- مع ضرورة مواجهة مخاطر الصراعات المطّردة على المستويين الإقليمى والدولى حول مناطق القرن الأفريقى والبحر الأحمر وحوض وادى النيل، ما سوف ينعكس بالضرورة- سلبًا أو إيجابًا- على مستويات قدرتهما للانفلات من توابع ما يتعرضان له من نكسة أيديولوجية (ظلامية)، يعتبر تلاحمهما بمواجهتها بمثابة فرض عين وكفاية لا يقبل التأخير، ربما على غرار ما كان من تآزرهما فى مواجهة تعرض مصر لنكسة عسكرية فى العام 1967 (بعد عشر سنوات من استقلالهما عن الاحتلال البريطاني)، حيث كانت للسودان وقتئذ مواقف مشهودة بوصفها الفناء الخلفى لمصر، سواء من الاستقبال الشعبى الهادر للرئيس المصرى فى الخرطوم أغسطس 1967.. إلى فتح أراضيه للقوات الجوية والكليات العسكرية المصرية.. ناهيك عن مشاركة وحدات عسكرية سودانية للقتال فى جبهة السويس.. إلخ، ذلك دون استثناء المتغير السوسيولوجى السودانى الداعم لمصر فى مايو 1968 (النميري)، لم يفتّ من عضد تأييده للقاهرة.. ليس خلال أحداث التمرد فى «جزيرة آبا 1970»، ولا خلال الانقلاب العسكرى (هاشم العطا) 1971، ولا إلى ما غير ذلك من تدفق مشاعر الحدب والتأييد السودانية المحيطة بمصر والمصريين إلى أن عبرت الهزيمة فى 1973إيذانًا بتوقيع اتفاقات التكامل بين البلدين عشية الثمانينيات، إلا أنها سرعان ما انفرط عقده منتصف العقد من قبل أن تنعقد ثماره، وصولًا إلى محاولة النظام السودانى اغتيال الرئيس المصرى فى أديس أبابا 1995ما أدى إلى تدنى العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها منذ تسعينيات القرن 19لولا أن تواصلت الثورة السودانية من العام 2020 مع الثورة المصرية 2013، ليفتتحا حقبة جديدة فى علاقة البلدين، وفى توقيت شديد الأهمية لما يجرى فى داخلهما أو لمحيطها الخارجى بسيان، سواء من خلال تبادل الزيارات بين كبار المسئولين أو ترتيب Think Tank بينالمفكرين والأكاديميين، أو نحو تطبيق المبادرة «المزدوجة» بينهما لتعزيز التعاون بالتبادل فى جميع المجالات، سواء على المستوى الرسمى أو على الصعيد الشعبى الذى طال إهمال تنشيط فاعلياته، على أهميتها البالغة، ناهيك عن التقدم الجارى فى مجال التعاون العسكرى، وعلى صعيد السياسة الخارجية للبلدين، بحيث يمكنهما التطلع فيما بعد إلى صيغة كونفدرالية مفترضة، من غير المستبعد إعادة ضم دولة «جنوب السودان» إليها بعدما تعرضت لمشاكل جسيمة مختلفة منذ انفصالها عن الشمال فى يوليو 2011، الأمر الذى سوف يدفع فى اتجاه تنشيط اتفاقية «الحريات الأربع» الموقّعة فى 2004 بين القاهرة والخرطوم.. بشأن «حرية التملك والتنقل والإقامة والعمل» فى البلدين، كما سوف ترسخ من حجم وكيفية التقارب بين مصر والسودان؛ ليس فقط كحالة ظرفية مؤقتة ربما تمليها ما يمر به البلدان من تحديات داخلية وخارجية، إنما أيضًا كضرورة إستراتيجية لتلاحم مصر والسودان.. عودًا على بدء