في أوائل الشتاء، تغمر أشعة الشمس الدافئة المناطق الصحراوية في مدينة كوم أمبو، الواقعة على بُعد حوالي 60 كيلومترًا شمال محافظة أسوان في صعيد مصر، وفي مقابل المناظر الطبيعية القاحلة الشاسعة، تبرز حقول القمح الخضراء المُورقة، في تناقض صارخ.
ونَمَت هذه الحقول بفضل جهود ستة فرق لحفر آبار المياه في هذه الصحراء القاحلة في كوم أمبو تابعة لشركة زونغمان للبترول والغاز المحدودة في مصر.
يقول أحمد السعدني، نائب مدير مشروع آبار المياه في أسوان، التابع لفرع شركة زونغمان، لوكالة أنباء شينخوا: “كان هذا المكان عبارة عن صحراء قاحلة بلا نباتات، لكنه الآن، ومع الري بمياه الآبار، نَمَت هنا محاصيل مثل القمح، وأصبح المكان مليئًا بالحيوية والأمل”.
وانضم السعدني إلى شركة زونغمان للبترول والغاز المحدودة في مصر عام 2018، وعمل مهندس اختبار مضخات المياه ومهندسًا ميدانيًّا، وهو المسئول عن إدارة ستة فرق لحفر آبار المياه في الموقع.
وأضاف السعدني، ابن الثلاثين عامًا، أنه اكتسب المزيد من الخبرة من خلال العمل في العديد من مشاريع حفر الآبار في الصحراء، خلال السنوات الست الماضية.
وقال: “في كل مرة نرى فيها مياهًا جوفية صافية تتدفق من البئر، أشعر أنا وزملائي بسعادة غامرة، لأننا نعلم أننا نجحنا في حفر بئر جديدة”.
وتكافح مصر، التي يسكنها أكثر من 100 مليون نسمة، من أجل تحقيق مهمة شاقة تتمثل في زراعة المزيد من الأراضي، حيث لا تتجاوز نسبة الأراضي الصالحة للزراعة حاليًّا 5% من مساحة البلاد.
ومن أجل تقليل الاعتماد على واردات الغذاء، سارعت البلاد إلى تسريع مبادرات استصلاح الصحراء منذ عام 2015.
ودعمًا لهذه الجهود، أنشأت شركة زونغمان الصينية فرعها في مصر عام 2016، في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.
ومنذ ذلك الحين، نجح الفريق، الذي يتألف من عمال صينيين ومصريين، في التعامل مع الظروف الصحراوية القاسية، وحفر أكثر من 540 بئرًا في مختلف أنحاء مصر؛ من شبه جزيرة سيناء، إلى محافظات المنيا ومطروح وأسوان.
وبفضل الري بالمياه الجوفية، تحولت الصحراء القاحلة تدريجيًّا إلى أرض خصبة.
وقال تشاو وو تاو، المدير العام لفرع الشركة بمصر، إن هناك ستة فرق حفر في موقع كوم أمبو تضم أكثر من 200 موظف صيني ومصري، مضيفًا أن الحفارات تعمل على مدار 24 ساعة في اليوم، ويتناوب العمال على فترتين.
وغالبًا ما تتجاوز درجات الحرارة في الصيف بأسوان 40 درجة مئوية، وتكون الظروف في الصحراء أكثر قسوة. ومع ذلك يلتزم الفريق ببروتوكولات السلامة الصارمة، ويرتدي الزي الرسمي الكامل ومعدات الحماية رغم ارتفاع درجات الحرارة.
ويقول عمرو محمد، أحد مهندسي الموقع، وهو المسئول عن إدارة أعضاء الفريق وتكنولوجيا الحفر: “تعد شركة زونغمان للبترول والغاز المحدودة من أفضل الشركات في مجال حفر آبار المياه في مصر”.
وانضم محمد الذي يبلغ من العمر (28 عامًا) وكان يعمل في إحدى شركات الحفر المصرية، إلى شركة زونغمان للبترول والغاز المحدودة، العام الماضي.
وتابع، وهو يشير إلى الصحراء بجانبه: “هذه المنطقة صفراء الآن، وستتحول إلى اللون الأخضر قريبًا… إن عملنا يجلب فوائد كبيرة لتنمية الزراعة في مصر”.
من جهته، قال تشاو إن حفر الآبار في الصحراء ليس بالمهمة السهلة، موضحًا أن تحديد مواقع الآبار يتطلب السير لمسافات طويلة عبر الصحراء غير الممهّدة لساعات باستخدام أجهزة تحديد المواقع العالمية، بالإضافة إلى نقل معدات الحفر، الأمر الذي يشكل تحديًا آخر.
وتابع تشاو: “أن قطعة من معدات الحفر الضخمة تزن 500 طن، ويجب تفكيكها إلى أجزاء قبل نقلها بواسطة 25 مركبة”، مضيفًا: “يستغرق نقلها إلى هنا من منطقة العمل في وسط وشمال مصر، على بُعد أكثر من 1000 كيلومتر، نحو 10 أيام”.
وأشار إلى أن الشركة تخلق فرص عمل وتسهم بجهودها المتواضعة في البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” بين الصين ومصر، معربًا عن سعادته برؤية السكان المحليين يستفيدون من مياه الآبار.
وفي إطار النظرة المستقبلية، قال تشاو إن الشركة تخطط لتعميق مشاركتها في التنمية الزراعية في مصر، وخلق المزيد من فرص العمل والمساهمة بشكل أكبر في الأمن الغذائي للبلاد.