أجمع عدد من مسئولى شركات خدمات التعهيد ومراكز الاتصال المحلية والعالمية على أن التوترات التى تشهدها أوروبا حاليا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية قد يكون لها أثر سلبى على أعداد العملاء الوافدين من أسواق القارة البيضاء للسوق المحلية حال تفاقم -الأزمة بين موسكو وكييف.
وقالوا إن مصر مازالت الجهة الاستثمارية الأكثر استقرارا بالمنطقة والمفضلة لدى أغلب الشركات الأوروبية، مقارنة مع الأسواق المجاورة الأخرى التى تمتلك مقومات طبيعة وبشرية على رأسها توافر كفاءات مؤهلة وتعدد اللغات التى يتقنها العاملون فى صناعة الكول سنتر مما يقلل من تداعيات الغزو الروسى لأوكرانيا.
وتستهدف هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» استقطاب استثمارات جديدة فى مجال خدمات التعهيد العابرة للحدود «الأوف شورينج» من الأسواق الأوروبية الناطقة باللغة الألمانية مثل برلين.
وقال مصدر مسئول بـ «إيتيدا» فى تصريحات سابقة لـ”المال” إن الهيئة تسعى لمساعدة شركات التعهيد المصرية على جلب تعاقدات جديدة من شركات أوروبا فى 3 قطاعات وهى مراكز الاتصال، وخدمات تطوير وتكامل البرمجيات والبرمجيات المدمجة والأبحاث والتطوير، مؤكدا أن حجم سوق خدمات صناعة التعهيد العابرة للحدود (الأوف شورينج) فى دول أوروبا، خاصة الناطقة بالألمانية يتراوح بين 12 إلى 17 مليار دولار.
ورأى علاء الخشن، الرئيس التنفيذى لشركة «webhelp»، أن الأزمة الروسية الأوكرانية تنعكس بالإيجاب على صناعة التعهيد المحلية، موضحا أن مصر مازالت تعد الملاذ الآمن للاستثمار رغم ما يشهده العالم من توترات وصراعات سياسية نتيجة توافر الكفاءات المؤهلة وتعدد اللغات الأمر مما يزيد مهارة التعامل مع العملاء بشكل احترافى.
وقال الخشن إن الفترة المقبلة ستشهد نموا ملحوظا فى معدل استقطاب شركات الكول سنتر الأجنبية ومن ثم جلب عملة صعبة للبلاد.
وأضاف أحمد رفقى الرئيس التنفيذى لشركة راية لخدمات مراكز الاتصالات أن طبيعة المناخ الآمن التى تتميز بها مصر يجعلها مركزا استراتيجيا لتقديم خدمات التعهيد فى ظل تصاعد التوترات بالأسواق الأوروبية بشكل مستمر، وفى مقدمتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأوضح أن مصر تمتلك المقومات الطبيعية والبشرية التى تمكنها من تقديم خدمات التعهيد للأسواق الأوروبية على رأسها اتقان خريجى الجامعات أكثر من لغة بطلاقة، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاعا فى معدل العملاء الوافدين من دول أوروبا والخليج.
وأشار إلى أن المستثمر يتجه دائما للأسواق الآمنة حفاظا على حجم أعماله على غرار تجربة الهند والفلبين خلال الموجة الأولى من انتشار جائحة كورونا واللذان يعدان مراكزاً قوية لخدمات التعهيد.
وأشاد بجهود وزارة الاتصالات فى الارتقاء وتطوير صناعة التعهيد من خلال المضى قدماً لتدريب الشباب وتطوير قدراتهم، مبينا أن راية على استعداد كامل لاستقبال العملاء الذى من المتوقع قدومهم من أوروبا والذى بدأ يظهر بصورة واضحة منذ بداية العام الحالى.
وفى سياق متصل، قال سعيد رياض نائب رئيس شعبة التعهيد فى جمعية اتصال لتكنولوجيا المعلومات، إن حجم الأعمال الواردة من أوروبا لمصر قد تشهد تأثرا حال تفاقم الحرب الروسية الأوكرانية وانضمام باقى دول القارة للصراع بشكل مباشر، لافتا إلى أن أوروبا تمثل سوق مستهدفا لمصر فى مجال التعهيد.
وثمن رياض الدور الذى تقوم به وزارة الاتصالات فى العمل على تطوير البنية التحتية للدولة المصرية بشكل كبير مما ينعكس بالإيجاب على استيعاب عملاء جدد للسوق المصرية بالصناعة، متفقا مع الآراء السابقة فى التأكيد على أن مصر تعد سوقا واعدا بدعم من امتلاك كوادر شابة تتقن أكثر من لغة كالأنجليزية والفرنسية والايطالية.
وأشار الدكتور محمد عيسى، الرئيس التنفيذى لمجموعة اتصال إلى أن أوروبا تعد إحدى الركائز الأساسية لسوق التعهيد المصرية، معتبرا أن طبيعة الأزمة الحالية تتسم بالضبابية وعدم الوضوح، مما ينعكس على صعوبة توقع الأثار المتوقعة بالإيجاب أو السلب على الصناعة عموما.
ولفت عيسى إلى أنه فى حالة استمرار الحرب بين موسكو وكييف والتى يمكن أن تطال كابلات الإنترنت سيتسبب ذلك فى خلق موجة ركود تضرب العالم أجمع الأمر الذى سينعكس بالسلب على الصناعة.
وتوقع عيسى أن يكون هناك توجه عالمى تدريجيا للتركيز على استخدام الأقمار الصناعية كوسيلة بديلة لتقديم خدمات الإنترنت بشكل أوسع مما هو متوافر حاليا، موضحا أن يكون هناك دور ملموس للشركات العاملة فى هذا المجال مثل إسبيس إكس المملوكة للملياردير الأمريكى إيلون ماسك بهدف توفير الخدمة فى الظروف الطارئة إلى جانب الكابلات البحرية والأرضية.
وعلى صعيد آخر، أشار خالد نجم وزير الاتصالات السابق إلى أن شركات التعهيد المصرية لن تطولها أى تداعيات سلبية جراء التوترات التى تشهدها أوروبا فى الوقت الراهن، لافتا إلى أنه من المرجح أن تكون مصر وجه رئيسية لهذه البلدان فى ظل الأوضاع غير المستقرة، خاصة أنها المقصد الأكثر استقرارا بالمنطقة.
وأضاف نجم أن طبيعة البنية التحتية من كابلات بحرية، فضلا عن التطور الذى بدأت تشهده مصر فى سرعات الإنترنت ستمكنها من استقبال أعداد كبيرة من العملاء فى حالة تنامى حدة الأزمة فى أوروبا.
وكان الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات قد أطلق منذ أيام استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد (2026-2022) التى أعدتها هيئة «إيتيدا» بالتعاون مع شركة «إرنست آند يونج» الاستشارية، بمساهمة أكثر من 120 شركة عالمية ومحلية، وترتكز على مضاعفة حجم الصادرات من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود بنحو 3 أضعاف، وتقديم حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمارات، وتعزيز تنافسية مصر فى مجالات البحث والتطوير وخدمات القيمة المضافة بما يسهم فى تسريع نمو اقتصاد المعرفة.
وتتضمن الاستراتيجية 3 ركائز رئيسية، هى: تطوير قدرات الكوادر البشرية، وتطوير النظام البيئى للصناعة، والتسويق والترويج الدولى لمصر، وتشتمل تلك الركائز مجتمعة على تسع مبادرات، من أهمها تحقيق طفرة فى الصادرات المصرية من الخدمات العابرة للحدود بنمو سنوى يقدر بنسبة %19 وخلق ما يقرب من 215 ألف فرصة عمل خلال فترة تنفيذ الاستراتيجية.
إضافة إلى مجموعة من الحوافز والبرامج المصممة من منظور المستثمر، وتستهدف بالأساس تحسين القدرة التنافسية للتكلفة الإجمالية لصناعة التعهيد بمصر مقارنة مع الدول المنافسة، وأيضا جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع التوسع فى الأعمال الموجودة بالفعل.