يركز الفلسطينيون في حراكهم السياسي على طرح عقد مؤتمر دولي للسلام لكن الأمر يواجه عقبات كبيرة بحسب ما يؤكد مراقبون فلسطينيون.
انعقاد مؤتمر دولي للسلام محفوف بالمصاعب
ويبرز المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء (شينخوا)، واقع الرفض الأمريكي والإسرائيلي لفكرة المؤتمر الدولي للسلام بموازاة حالة التي تعيق حشد الدعم اللازم للمطلب الفلسطيني.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم 25 سبتمبر الماضي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعاتها السنوية رقم 75، الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيرش إلى التعاون مع اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الأمن في ترتيبات عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لحل القضية الفلسطينية ابتداء من مطلع العام القادم.
وحث عباس على إشراك الأطراف الدولية المعنية في عقد مؤتمر السلام بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس الشرعية الدولية والمرجعيات المحددة، بما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967.
البحث عن بديل
يبرز المحلل السياسي أشرف العجرمي أن المطلب الفلسطيني بعقد مؤتمر دولي للسلام يستهدف البحث عن بديل للاحتكار الأمريكي لعملية السلام في ظل رفض التعامل مع الإدارة الحالية.
ويقول العجرمي إن الولايات المتحدة كانت تاريخيا تحاول التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتتبنى حل الدولتين على أساس حدود 1967، رغم أنها كانت على تحالف مع إسرائيل وأقرب إليها.
ويضيف “لكن في ولاية الرئيس دونالد ترامب حصل انقلاب جذري في الموقف الأمريكي، فقد تنصلت إدارته من كل مواقف واشنطن التقليدية والتي عملياً تشكل جزءاً من المرجعيات الدولية للعملية السياسية”.
أي مؤتمر دولي للسلام مرفوض أمريكيا
ويشير العجرمي إلى أن إدارة ترامب “دخلت في عداء واضح وسافر مع الشعب الفلسطيني وقيادته بالإعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، ثم الإعلان عن خطة صفقة القرن”.
وينبه إلى أن “أخطر ما في الخطة الأمريكية ليس فقط أنها تتنكر لكل المرجعيات الدولية التي قامت عليها العملية السياسية بل في تبنيها الكامل للرواية الإسرائيلية وشطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني”.
وتوقفت آخر محادثات للسلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 2014 فيما يرفض الفلسطينيون القبول برعاية الإدارة الأمريكية لأي مفاوضات سلمية منذ إعلان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل نهاية عام 2017.
ظروف بالغة التعقيد
يشير المحلل السياسي أكرم عطا الله إلى أن الطرح الفلسطيني بعقد مؤتمر دولي للسلام يأتي في ظروف بالغة التعقيد بالنسبة للفلسطينيين وانسداد كافة الأفق المتاحة للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.
ويقول عطا الله إن الفلسطينيين يرغبون في التسلح بالإجماع الدولي الذي لا يزال يتمسك بحل الدولتين كأساس لحل الصراع الفلسطيني والإسرائيلي وينادي بحل سلمي للقضية الفلسطينية.
لكنه يشدد على وجود عقبات رئيسية أمام التنفيذ العملي لمقترح المؤتمر الدولي للسلام أبرزها الاحتكار الأمريكي لعملية التسوية وتهميش واشنطن الأطراف الدولية الأخرى عن هذا الملف.
وينبه إلى أن إسرائيل من جهتها تتجه لمزيد من القومية والتطرف في ظل ضعف شديد في الواقع العربي واستمرار العزوف الأوروبي عن التدخل الفاعل، ما يجعل الوضع الفلسطيني في “أسوأ مراحله”.
الحاجة لمبادرة دولية فاعلة
ويؤكد عطا الله أن القضية الفلسطينية بحاجة لمبادرة دولية فاعلة وجدية “إلا أن تحول مثل هذه المبادرة من مطالبات واقتراحات إلى خطوات عملية يبدو أمرا صعبا جدا في الظروف الإقليمية والدولية الراهنة”.
وكان مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور أعلن أن بعثة فلسطين بدأت الخطوات التمهيدية الأولى مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرتش في التهيئة والمشاورات لعقد المؤتمر الدولي للسلام.
وذكر منصور أن المشاورات تشمل الاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس الأمن الدولي دائمي العضوية بهدف تهيئة الأجواء من أجل العودة إلى أساس الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وهو حل القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة ستكثف جهودها خلال الأسابيع القادمة قبل بداية العام لإعادة التصويب الصحيح على أن المسألة الرئيسية هي حل قضية الفلسطينية وليست أية مسائل جانبية أو هامشية أخرى.
رفض إسرائيلي قاطع
في المقابل، يواجه الحراك السياسي الفلسطيني رفضا إسرائيليا قاطعا لفكرة عقد المؤتمر الدولي للسلام وإصرارا على إجراء مفاوضات ثنائية بحسب مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري.
ويقول المصري إن إمكانية عقد مؤتمر دولي للسلام غير ممكنة لأن اسرائيل تفضل المفاوضات الثنائية حتى تتمكن من فرض حلها على الفلسطينيين بالاستناد إلى قوتها وتفوقها العسكري والدعم الأمريكي المطلق لها.
ويضيف أن فرص عقد المؤتمر المنشود غير ممكنة كذلك بسبب غياب منافسة حقيقية دولية للدور الأمريكي إزاء منطقة الشرق الأوسط “في ظل الهيمنة الأمريكية الانفرادية على المنطقة والعالم بأسره”.
ويرى المصري أن ما يساعد إسرائيل على تفضيل واعتماد أسلوب المفاوضات الثنائية أن مرجعية هذه المفاوضات الوحيدة هي الأمن الإسرائيلي والمصالح والأهداف الإسرائيلية وما اتفق وما يمكن الاتفاق عليه بين الجانبين الفلسطيني-والاسرائيلي.
ويشير إلى أن إسرائيل يساعدها كذلك أن الفلسطينيين والعرب ساروا في طريق المسارات المنفصلة والمفاوضات الثنائية بعيدا، بحيث يصعب عليهم الآن العودة إلى طريق السلام الجماعي أو الاعتماد على أسلوب المؤتمر الدولي وبالمشاركة الفاعلة للأمم المتحدة والأطراف الفاعلة في القرار الدولي.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة “المال”.